أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - القضية الفلسطينية - محمود كلّم - حين تغفو العين وتظل بانتظار الحلم !!














المزيد.....

حين تغفو العين وتظل بانتظار الحلم !!


محمود كلّم
(Mahmoud Kallam)


الحوار المتمدن-العدد: 6882 - 2021 / 4 / 28 - 10:41
المحور: القضية الفلسطينية
    


يغادر الفلسطيني حزنه العام الى حزنه الخاص، يفارق الاهل والحياة وهو بانتظار الامل . حين تودع الأم في غربة الليل،فلا فراق ولا نسيان ويكون الدمع رحيقا للموت وتغفو العين وتظل بانتظار الحلم .
نحن إزاء عالم صلدٍ متماسك يكاد يطبق علينا إلى حدّ الاختناق، يعصرنا ولا نملك إلا أن نقاوم.
ما أقسى أن تنغلق الأبواب باباً بعد بابٍ في ذلك البيت العزيز وهو يرتمي بعنادٍ فوق رابيةٍ، يصابحُ الجليل ويماسيه، ويحتضن وادي القرن من أمامه، يردّد أغاني الرعاة ومواويلهم. وتنغلق النوافذُ، نافذةً بعد أخرى، وتُسدل الستائرُ ويتعاقب انطفاء الأضواء في هدوء الليل، ويطوف ناسُه غرباء بلا زادٍ أو هوية.
ما أقسى أن تنعدمَ الأصواتُ صوتاً بعد صوتٍ ويلفّ الضبابُ بالحزن ساكنيه، وتستحيل الأرضُ التي كنّا ندبُ عليها إلى غيمةٍ من الشوق والدموع، غيمةٍ متبخرةٍ من دمانا ومن صور وشظايا السنوات الماضية.
ما أقسى أن تتحول الذكريات إلى كومة رمادٍ تذروها الرياح في صحراء الهزيمة والقهر، وأن نتحول إلى أشباح تخشى النور وضوء الشمس، تبحث عن وطن أو مبتغى.
ما أقسى أن يعطينا الوطن ظهره، ونعطيه ظهورنا، ثم نمضي كعاشقين قد اختصما، كلٍ في اتجاه، كخيطٍ من الدم قد اختصم، إلى الشمال، إلى الجنوب، ذلك انكفاء مرُّ وقاتل.
ما أقسى أن يتحول الأخ إلى خنجر، تُخيّر أين تتلقاه؟! في الصدر وأنت تواجهه؟! أم في الظهر وأنت تفرُّ من عينيه.
ما أقسى أن تدبَّ الكآبةُ كالخدر في النفوس ويتلوى شعرها المحلول فتحيل الألوان وبريق العيون إلى لون الرماد وتكفّ الفراشات عن الطيران، وترفض تقبيل خدود الزهر، ويغيّر وادي القرن في الجليل مجراه، وتخرس أصوات الرعاة وتشيخ مزاميرهم، ويتلوّى الليلُ كأفعى، وتشرق الشمسُ باهتة الألوان تعاني انكساراتٍ تثقلُها هموم الناس، وينفرط عقد الأصدقاء كما انفرطت حبّات سبحةٍ كلّ في اتجاهٍ وصوب.
ذلك الألق المشع في البيت انطفأ اليوم..
تبدّلت وجوه ساكنيه وتلاشت إلى الأبد. حركة الأقدام في باحته برحيل ندى لافي موسى كلّم 1933، فتاة النكبة من عرب السمنيّة، ابنة عكا في فلسطين المحتلة، رحلت شاهدة من غير أن تسجّل شهادتها وتوثق أحداث فترة كانت فيها هي الشاهد والراوية.
كان لديها مخزون من المعرفة برغم أمّيّتها والحسّ الوطني فيها. لم يثنها الخوف ولا التردد ولا تقاطع المصالح عن أن تسجل احتجاجاً على ما رأته تفريطاً وخيانةً.
ما أقسى أن يموت الإنسان بعيداً عن وطنه غريباً عنه.. وهو الشاهد على عصره والمؤرخ لأحداثه وباعثُ الجذوة في صغاره، فتاريخ فلسطين التي قُطعت أوصالها، وشعبها الذي توزعت قبور أبنائه في أصقاع الأرض تجدها حكاية طرية على لسانها، فكم حدثتني عن فلسطين وعن الجليل وعن وادي القرن، حكاياتها ظلت عالقة كالوشم في ذاكرتي.
. كانت نموذجاً للمرأة الكادحة المناضلة، تفتخر بانتمائها للشعب الجبار العظيم صاحب التضحيات، شعب فلسطين.
زارها الموت في مدينة صور فجر يوم الاثنين 9 آذار 2009، بعد أن غرقت في الصمت، ودفنت على عجل دون ضجيج في مقبرة جمجيم – أبو الأسود. كانت حياتها خزاناً من الحزن الدائم مملوءاً بأمل العودة إلى أرض الجليل. لم تخف من الموت يوماً، ذلك شأن الكثيرات من أمهاتنا، فليس الموت ما يقلق الإنسان ويخيفه، إنما الخوف من الرحيل بصمت في عالم يغفو على صوت المدافع وهدير المجنزرات ويصحو، ذلك أقسى أنواع الموت، رحلت ندى ولم تُمسك بطائرها الوردي، العودة إلى أرض الجليل .
المجد والخلود لابنة الشعب الفلسطيني..وداعاً ندى، لن ننساكِ أبداً!.



#محمود_كلّم (هاشتاغ)       Mahmoud_Kallam#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- عبدالله كلّم : خيط الدّم ، الأفق المُدمّى
- عشيرة عرب العرامشة: صمود وتشبث بالأرض
- الأوديةُ والينابيعُ في أرضِ عشيرةِ عربِ السَّمنيّة
- المُغتصبات الصُّهيونيَّة على أراضي عشيرة عرب السَّمنيّة
- ستيفانو كياريني : الإيطالي الذي أحيا ذكرى مجزرة صبرا وشاتيلا
- راوية شاتيلا.. دموع لا تجف
- أنيس صايغ... الغائب الحاضر
- فلسطينيو مخيمات لبنان... ذاكرةُ الألم !!!
- سليمان الشيخ - عناقٌ خلفَ أسلاك المخيم !!
- رنا بشارة : فتاة الصبّار الفلسطيني
- فلسطينيو المخيمات... ذاكرةُ الألم !!!
- أمير الشعراء والبدوية ريحانة مزعل
- مواقع مهمة في أرض عشائر قضاء عكا - فلسطين
- اللاجئون من سورية إلى أوروبا.. رحلة الموت لاكتشاف المجهول!!!
- المستوطنات الصهيونية التي أُقيمت في قضاء عكا قبل وبعد نكبة 1 ...
- مشاهدٌ من مجزرة عرب المواسي في عيلبون
- عن وداع( أبو ذياب ) من بعيد - خطفه الموت باكراً -
- من التراث الشعبي البدوي.. ثقافة القهوة التي نشربها
- ذاكرةُ الثّلجِ : أوراق من على رصيف الذاكرة!
- الشهيد مرعي حسن الحسين: أول شهيد فلسطيني من مخيمات جنوب لبنا ...


المزيد.....




- الجمهوريون يحذرون.. جلسات استماع مات غيتز قد تكون أسوأ من -ج ...
- روسيا تطلق أول صاروخ باليستي عابر للقارات على أوكرانيا منذ ب ...
- للمرة السابعة في عام.. ثوران بركان في شبه جزيرة ريكيانيس بآي ...
- ميقاتي: مصرّون رغم الظروف على إحياء ذكرى الاستقلال
- الدفاع الروسية تعلن القضاء على 150 عسكريا أوكرانيا في كورسك ...
- السيسي يوجه رسالة من مقر القيادة الاستراتجية للجيش
- موسكو تعلن انتهاء موسم الملاحة النهرية لهذا العام
- هنغاريا تنشر نظام دفاع جوي على الحدود مع أوكرانيا بعد قرار ب ...
- سوريا .. علماء الآثار يكتشفون أقدم أبجدية في مقبرة قديمة (صو ...
- إسرائيل.. إصدار لائحة اتهام ضد المتحدث باسم مكتب نتنياهو بتس ...


المزيد.....

- الحوار الوطني الفلسطيني 2020-2024 / فهد سليمانفهد سليمان
- تلخيص مكثف لمخطط -“إسرائيل” في عام 2020- / غازي الصوراني
- (إعادة) تسمية المشهد المكاني: تشكيل الخارطة العبرية لإسرائيل ... / محمود الصباغ
- عن الحرب في الشرق الأوسط / الحزب الشيوعي اليوناني
- حول استراتيجية وتكتيكات النضال التحريري الفلسطيني / أحزاب اليسار و الشيوعية في اوروبا
- الشرق الأوسط الإسرائيلي: وجهة نظر صهيونية / محمود الصباغ
- إستراتيجيات التحرير: جدالاتٌ قديمة وحديثة في اليسار الفلسطين ... / رمسيس كيلاني
- اعمار قطاع غزة خطة وطنية وليست شرعنة للاحتلال / غازي الصوراني
- القضية الفلسطينية بين المسألة اليهودية والحركة الصهيونية ال ... / موقع 30 عشت
- معركة الذاكرة الفلسطينية: تحولات المكان وتأصيل الهويات بمحو ... / محمود الصباغ


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - القضية الفلسطينية - محمود كلّم - حين تغفو العين وتظل بانتظار الحلم !!