علي طه النوباني
الحوار المتمدن-العدد: 6880 - 2021 / 4 / 26 - 04:34
المحور:
كتابات ساخرة
لبسنا الكمامات، وانحبسنا في بيوتنا أكثر من عام، وتحملنا ما لا يحتمل من ارتجال وتعسف في مواجهة كورونا. ولكنَّ الحكومة لا تتحدث أبدا عن مواجهة جائحة النقص الحاد في المياه والتي قد تتسبب في جائحة الطاعون أو الجرب.
لافتات في كل مكان تتحدث عن غسل الأيدي جيدا وعن النظافة الشخصية للحد من انتشار المرض؛ لكن الحكومة لا تشرح كيف تكون النظافة وغسيل الأيدي دون مياه.
موظف يسمونه " موزع المياه" يتجول في الشوارع في سيارة بكب يغلق محبسا ويفتح آخر، وتصل المياه إلى الحارات المنخفضة فيغسلون السيارات والحرامات والسجاد ويسقون حدائقهم بينما سكان المناطق المرتفعة ينظرون عن سطوح بيوتهم وهم يتميزون غيظا ويهرشون جلودهم غير عابئين بجائحة كورونا وهم أمام جائحة الجرب الصيفي القادم.
استطاع قانون الطوارئ أن يضع الكمامات على أفواهنا وأن يحبسنا في بيوتنا؛ لكنه لا يتدخل في توزيع أهم مادة للحياة وهي المياه، فالموزع عندما يغلق المحبس لا يسأل أبدا بمن لم تصله المياه، ولا يرد على هاتفه أبدا، كما أن هاتف الشكاوى يجيب ببرود شديد "لقد سجلنا الشكوى" دون أن يتخذ أي إجراء.
الحكومة تتعامل بانتقائية ومزاجية فهي تشعر بخطورة كورونا، وتعدِّل كل تفاصيل الحياة من أجل مواجهتها، لكنها تكتفي بإخبار الناس بأن المياه شحيحة جدا وأن بعضهم لن يتمكن من الاستحمام ولا حتى غسل يده ولا الحفاظ على نظافة مرافقه الصحية، ولكن عليه أن يرتدي الكمامة على وجهٍ لم يجد ماء لغسله.
أي عبثية هذه؟
ليس هناك خطة على الإطلاق؛ فقد انتظروا المطر، ولم يأتِ! وليس هنالك أي بدائل!
أذكر عندما كنت أعمل في إحدى الدوائر الحكومية أن حنفية كسرت وبقيت تسكب المياه في المجاري أكثر من ثلاثة أيام وأنا أطالب المسئول بإصلاحها حتى خجل وأصلحها، وكم من المرات رأيت المياه تهدر بالطريقة نفسها في حمامات الدوائر الحكومية دون أي مبالاة أو اهتمام.
ماذا ينتج عن عدم توفر المياه لغايات النظافة الشخصية؟
قد يصاب سكان المناطق الأقل حظا بالمياه بالجرب، وقد يصابون بالزحار الأميبي، وقد يصاب بعضهم بانفصام الشخصية؛ فمواجهة الأمراض تحتاج إلى مياه وحظر ليلي ونهاري وكمامات. ومواجهة أزمة المياه تحتاج إلى السكوت على عشوائية ومزاجية الموزع التي تؤدي إلى الإخلال بشروط النظافة الشخصية التي لا يمكن تحقيقها دون مياه.
أخيرا، ستقف أمام الحنفية متسائلا: نغسل الملابس أم نستحم؟ نغسل وجوهنا أم أيدينا؟ نستجيب لنداء وزير الصحة أم لنداء وزير المياه؟
إنه زمن الأمراض بكل أنواعها وأشكالها وعليك أن تجد مكانا يحتمل جمع المتناقضات مثل أن تكون طويلا وقصيرا في آن معا، أو أن توجد في جرش وفي عمان في الساعة ذاتها. ومثل أن تستجيب لنداء وزير الصحة ونداء وزير المياه في الوقت نفسه!
#علي_طه_النوباني (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟