أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - سعدي يوسف - منطقُ الطَّـيْـطَــوَى














المزيد.....

منطقُ الطَّـيْـطَــوَى


سعدي يوسف

الحوار المتمدن-العدد: 480 - 2003 / 5 / 7 - 05:01
المحور: الادب والفن
    


 

                                                                      

حينَ قُـلْـنا : " بَـعُـدْنا عن النخلِ ..." ، كانت بحارٌ تصفِّـقُ بالطيرِ والموجِ ؛ كانت ســـــماءٌ ســماويّـةٌ تحتَ أهدابِـنا . لن يكونَ السبيلُ إلى حانةِ الشاطيءِ ، المستحيلَ .القميصُ الذي كان يخفقُ في الريحِ بَـيْـرَقُـنا ذو النجومِ .اقتربْـنا من الوهمِ حتى لمسْـنا الرواقَ وراووقَـهُ ، بل فرشْـنا بساطَ السواقي لنهــنأ بالساقيةْ .

ليست الأرضُ عادلةً ، فلْــنكُنْ مع أسئلةِ البحرِ .في الليلِ نســري ، وفي الفجرِ نلقي المراسي.المرافيءُ
ما زالَ فيها الندى ، والمقاهي تَـبَـرَّجُ مزهوّةً بثيابٍ من السمكِ المتواثبِ والشّـبَكِ . الطُّـحلُبُ الحـيُّ
ما زال حيّـاً على الصخرِ ، والكأسُ قهــوتُـها بالكحولِ .وفي البُــعدِ ، في غَـبَـشٍ من رذاذٍ تلوحُ
زوارقُ صيدٍ ، وفي القُربِ قُـبّـعةٌ طافيةْ .

نحن لم نألفِ البحرَ . تلك البراري تُـلَـوِّحُ في دمنا كالمناديلِ . في هدأةِ النومِ تصحو لتســكنَ أحــلامَنا،
كي تقولَ : إلى أينَ هذا الفرارُ ؟ ومثلَ الفُـجاءةِ نلمحُ قافلةً من جِـمالٍ تسيرُ على الماءِ ، نسمعُ جرْسَ الجلاجلِ
لكننا سوف نأوي إلى هدأةِ الوهمِ ، ثم نَـلُـوْثُ الـمُـلاءةَ مثلَ العمامةِ . بحّــارةٌ بعمائمَ نحنُ . حُــداةٌ
على البحرِ . زاويةٌ قاســيةْ .

يا إله الضواحي ، ادَّخرتَ لنا منطقَ الطّيطوى ، صيحةَ الطيرِ: شِــيلوا ! لماذا تصيرُ المدائنُ في لحظةٍ غيمـةً ؟
يا إله الضواحي، أ مستكثَـرٌ أن يكون لنا منزلٌ ؟ أنت تمنحُ حتى الأوابدَ حقَّ النعاسِ إذا أطبقَ الليلُ ، تمنحُ حتى النباتَ السُّـجُــوَّ ، العصافيرَ هدأةَ غَـيْـضـتِـها في الأصيلِ المبارَكِ .يا والدِي ، يا إلهَ الضواحــي ، التفتْ ؛ أنت لن تخطيءَ الناحيةْ .

نحن صرنا شيوخاً ، وأحفادُنا يَدْرجون ، على الثلج حيناً ، على الرمل حيناً ؛ وأبناؤنا يُقتَــلون . المعاركُ خاسرةٌ يا إلهي ...  ألـمْ تستطعْ منعَها؟ أنت أنت القديرُ على كل شـيءٍ ، فهل نحن خارج قدرتكَ ؟ اليومَ أمرٌ ، وفي
الغدِ أمرٌ ، وبعدَ غدٍ ...هل تقومُ الصلاةُ إذاً ؟ أنا في المنزل الآنَ ، في القرية الإنجليزيةِ . الثلجُ يسقطُ، والقـطُّ
يأوي ، وخمريَ في الخابيةْ .

كانت الأرضُ بيتاً لنا ( نحن أبناؤها ). قيلَ : من يحرثِ الأرضَ ينعمْ بها .كم حرثنا إلى أن تقَـرَّحَ منّا الأديمُ،
وكم ضاقت الأرضُ! رُبّـتَـما فـرَّ ذاك الملاكُ ، وربّـتما قنِـعتْ بالصلاةِ الخلائقُ . كانت قرانا عــلى الماءِ.أكواخُـنا من جريدٍ وطينٍ . وأثوابُـنا من غليظِ النسيجِ . هي الأرضُ . لكنّ أصواتنا في أقاصــي
الغناءِ  ، وقاماتنا عاليةْ .

هل تعودُ لنا الأرضُ؟ قُلْ : إننا العائدونَ إلى الأرضِ . نخلُ السماوةِ طَـرّتْـهُ سمراءُ .سمراءُ! سمــراءُ! يا نجمةً
في الأعالي : أحبُّكِ سمراء .إني هنا ، في الضواحي الغريباتِ . لا منزلي منزلي . ليس أهلي همو الأهلَ . أطبِـقْ إذاً
يا مســاءُ ، ويا بردُ غلغِـلْ حُبَـيباتِ ثلجِـكَ تحتَ العظامِ . المدينةُ ترسلُ أضواءَها من بعيدٍ. سـلامٌ لقنديلنا في الظلامِ . الســلامُ على مَـن يردُّ الســلام ...

 

                                                          لندن 21 / 2 / 2003
ـــــــــــــــــ
*  طائر الطيطوى ( الطّـطْـوة بالدارجة العراقية ) ، يطلق صيحته منذراً بالرحيل : شــيلوا ... شيلوا !



#سعدي_يوسف (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- أجوبةٌ إلى - أخبار الأدب- القاهريّــة
- قلتُ : أعودُ إلى الألوانِ المائيّــةِ
- توضيــــح
- الخوَنةُ ، خدمُ الجنرال المتقاعد غارنر مسؤولون عن مذبحة الفل ...
- آيةُ الله … كنعان مكّــية
- الجــــمعـــة اليتـــيمـــة
- ابتدأت معركة التحرير
- الجـــنرال الأصلع و طابورُه
- الفالاشا العراقية ودرس الخوئي
- أنا العراقيّ ، كيف أستعينُ بنفسي …
- الطّــوافُ بالمقاهي الثلاثة
- مصـطــفى
- يومٌ في منتهى الغرابة
- - العراقيون C.I.A - مثقفو الـ
- بغداد ON / OFF
- أوراقُ التينِ اليابسةُ
- عن العراق الذي لم يكنْ
- نشــيدٌ شــخصــيٌّ
- بــيــزنــطــة
- بانوراما الشعر العراقي في الفضــاء الأميركي


المزيد.....




- افتتاح التدريب العملي لطلاب الجامعات الروسية الدارسين باللغة ...
- “فنان” في ألمانيا عمره عامين فقط.. يبيع لوحاته بأكثر من 7500 ...
- -جرأة وفجور- .. فنانة مصرية تهدد بمقاضاة صفحة موثقة على -إكس ...
- RT العربية توقع مذكرة تعاون في مجال التفاعل الإعلامي مع جمهو ...
- عاجل | معاريف عن وزير الثقافة الإسرائيلي: نأمل التوصل إلى صف ...
- نزلها سريعًا!!.. واتساب يُطلق ميزة الترجمة الحية في الدردشة ...
- أعلان الموسم 2… موعد عرض مسلسل المتوحش الموسم 2 الحلقة 37 عل ...
- من كام السنادي؟؟ توقعات تنسيق الدبلومات الفنية 2025 للالتحاق ...
- الغاوون:قصيدة (نصف آخر) الشاعر عادل التوني.مصر.
- واخيرا.. موعد إعلان مسلسل قيامة عثمان الحلقة 165 الموسم السا ...


المزيد.....

- الرفيق أبو خمرة والشيخ ابو نهدة / محمد الهلالي
- أسواق الحقيقة / محمد الهلالي
- نظرية التداخلات الأجناسية في رواية كل من عليها خان للسيد ح ... / روباش عليمة
- خواطر الشيطان / عدنان رضوان
- إتقان الذات / عدنان رضوان
- الكتابة المسرحية للأطفال بين الواقع والتجريب أعمال السيد ... / الويزة جبابلية
- تمثلات التجريب في المسرح العربي : السيد حافظ أنموذجاً / عبدالستار عبد ثابت البيضاني
- الصراع الدرامى فى مسرح السيد حافظ التجريبى مسرحية بوابة الم ... / محمد السيد عبدالعاطي دحريجة
- سأُحاولُكِ مرَّة أُخرى/ ديوان / ريتا عودة
- أنا جنونُكَ--- مجموعة قصصيّة / ريتا عودة


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - سعدي يوسف - منطقُ الطَّـيْـطَــوَى