|
لبنان وحزب الله في طور التحول
حبيب هنا
الحوار المتمدن-العدد: 1631 - 2006 / 8 / 3 - 03:14
المحور:
الارهاب, الحرب والسلام
بعـد أن أوشك الأسبوع الثالث على الانتهاء دون أن تحقق إسرائيل أدنى المكاسب العسكرية على الأرض، تحاول القيادة العسكرية إعادة النظر في الخطط التي لم تؤت ثمارها حتى هذه اللحظة، على أمل الخروج من المأزق الذي وضعت نفسها فيه جراء الإقدام على خطوة من الحماقة بمكان التعامل معها بنفس القياسات التي كانت تتعامل فيها قبل ربع قرن إبان وجود المقاومة الفلسطينية على الأراضي اللبنانية، الأمر الذي من شأنه إضافة أعباء جديدة على الجنود الذين أقنعتهم القيادة العسكرية أثناء التدريب بالتفوق على الجيوش العربية من خلال المحاضرات التي تلقى عليهم على هامش التعبئة السياسية وقبل تخرجهم من الكليات العسكرية وانخراطهم في العمـل العسكري وتبوء المواقع القيادية لاحقاً، لا سيما وأن العدو ما زال يتعامل على أنه الجيش الأقوى على مستوى الشرق أوسطي، وكأن الحروب التي يدخلها مع المقاومة تنطبق عليها نفس الشروط التي تحكم التعامل مع الجيوش النظامية وكلاسيكيات الحروب المعروفة، متجاهلين عن عمد معرفة الجندي الإسرائيلي لطبيعة اختلاف المعركة حتى لا يصاب بالفزع ويولي الأدباء عند بدءها، في وقت تقوم فيه قيادة حزب الله على تدريب مقاتليها بشكل مختلف تماماً عما يمكن أن يصلوا إلى معرفته حتى إذا ما بدأت المعركة كان شكل القتال مفاجأة إضافية إلى المفاجآت التي يرسم حدودها مكان المعركة والطريقة التي تصير عليها في استجابة لكل مستجد يتلاءم مع الوقائع على الأرض، فضلاً عن القضية العادلة وعدم تعاطف الرأي العام العالمي والسعي باتجاه إنصاف أصحابها. وما قيل قديماً ما زال يصلح حتى الآن: " المعركة تُحسم في ميدان التدريب" والشيخ نبيل قاوون الذي يشغل منصب قائد الجنوب لدى حزب الله قبل العام 2000 وما زال حتى هذه اللحظة، يُعد من أكثر القادة كفاءة وخبرة عملية
في ميدان القتال، بالإضافة إلى التجربة الطويلة التي زادته مراساً وبالتالي جعلت منه عن اقتدار جنرالاً يستحق وسام النصر إلى جانب جميع المقاتلين الذين يدافعون عن أرض الوطن بأجسادهم. صحيح أن حرب العصابات لم يكن ابتكار بنت اللحظة، غير أن التصدي لها بأفضل التقنيات الحديثة أثبت فشله في كل مرة، ليس فقط بسبب عامل المفاجأة التي تحدثها العمليات النوعية واختيار المكان والوقت المناسب،بل لأنها لا تعتمد على قواعد ثابتة معزولة عن السياق العام لتطور القتال على الأرض، ومن المفيد جداً الإطلال على تجارب الآخرين في هذا المجال بدءاً من أهم روادها الثوري الأيرلندي "مايكل كولينز" الذي شكل مصدر الهام لمقاتلي "الفيتكونغ" مروراً بالجنرال الفيتنامي "جياب" وصولاً إلى ما أضافته الثورة الفلسطينية وحركات التحرر العالمية من قواعد يمكن الاعتماد عليها في حرب العصابات. على أن الملاحظ الفطن لسير تطور طرق المواجهة مع العدو، لا يفوته التعرف على التقنيات الحديثة التي أدخلها حزب الله على مفهوم حرب العصابات التي كان سائداً قبلاً، آخذاً بعين الاعتبار المواءمة بين طبيعة الأرض التي يعرفها جيدا من جهة ومن الجهة المقابلة، حتمية المواجهة مع العدو مهما تأجلت، الأمر الذي دفعه نحو السباق مع الزمن خلال السنوات الست التي امتدت بين انسحاب عام 2000 والحرب الراهنة، فضلاً عن السعي نحو امتلاك تقنيات عسكرية حافظ على بقائها سراً وما ترافق معها من حرب استخباراتية لم ينقطع خلالها عن جمع المعلومات مهما كانت بسيطة عن تحركات العدو وحشوداته وتغلغله داخل المجتمع اللبناني عبر عملائه الذين لم ينفعوه في سير المعركة. وأغلب الظن أن حجم المواجهة وشراستها التي تفوق كل تصور مهما حاولت وسائل الإعلام التعاطي معه بإظهار فظائع المذابح الجماعية التي تُرتكب بحق المدنيين أمام العالم وصمته المطلق في بادئ الأمـر، يؤشر إلى حجم الخسائر في صفوف العدو وعدم إمكانية تحقيق أدنى المكاسب العسكرية على الأرض، الأمر الذي يعني فشل تحقيق أي من الأهـداف السياسية التي أعلنت
عنها وزيرة الخارجيـة الأمريكيـة عندما أعـربت عن آلام المخاض التي تسبق ميلاد شرق أوسط جديد. وأحسب أن الآلام التي أثكلت الشعب اللبناني جراء المجازر تشكل كابحاً لأي نظام عربي رسمي ما زاال يتعاطى بخجل مع تعابير الإدانة ضدها، وبالتالي تحول دون اللهاث وراء الإدارة الأمريكية بعد أن فشل العدو في تحقيق أهدافه، لاسيما وأننا فعلاً مقبلون على شرق أوسط جديد، ولكن نحو مزيداً من الالتفاف حول المقاومة بعد أن أثبتت إمكانية إلحاق الهزيمة بالعدو رغم تفوقه العسكري الذي لا يقارن بإمكانيات حزب الله. والحال، إن تعاظم دور حزب الله في الجنوب وتصديه للآلة العسكرية التي ما فتئت تتلقى الدعم من أمريكا،شكل أقوى العوامل المشتركة بين مختلف القوى اللبنانية، حتى المتردد منها، وبالتالي صلب موقفها، الأمر الذي يشي بإمكانية أن تغدو لبنان محل أنظار ثوريي العالم وخاصة العربي منه، الذي وصل مرحلة أوشك فيها على الوصول إلى قناعة باستحالة هزيمة العدو الإسرائيلي ما دامت أمريكا تقف خلفه وتسانده دون حدود حتى في المحافل الدولية، وهذا يعني أن بوادر وضع اللبنات الأولى في صرح الشرق الأوسط الجديد بدأت تلوح في الأفق، ولكن ليس بالمفهوم الأمريكي، وإنما نحو مزيداً من التصدي للعدو وللانحياز الأمريكي ورسم الخريطة التي تاق إليها سكان الشرق الأوسط الأصليين.
#حبيب_هنا (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
رسالة الى غسان كنفاني في الذكرى ال33 لاستشهاده
-
-17-مازال المسيح مصلوبا
-
مازال المسيح مصلوبا 15
-
-13- مازال المسيح مصلوبا
-
مازال المسيح مصلوبا 11
-
مازال المسيح مصلوبا
-
ما زال المسيح مصلوبا
-
ما زال المسيح مصلوباً
-
شهادة ابداعية
المزيد.....
-
تفجير جسم مشبوه بالقرب من السفارة الأمريكية في لندن.. ماذا ي
...
-
الرئيس الصيني يزور المغرب: خطوة جديدة لتعميق العلاقات الثنائ
...
-
بين الالتزام والرفض والتردد.. كيف تفاعلت أوروبا مع مذكرة توق
...
-
مأساة في لاوس: وفاة 6 سياح بعد تناول مشروبات ملوثة بالميثانو
...
-
ألمانيا: ندرس قرار -الجنائية الدولية- ولا تغير في موقف تسليم
...
-
إعلام إسرائيلي: دوي انفجارات في حيفا ونهاريا وانطلاق صفارات
...
-
هل تنهي مذكرة توقيف الجنائية الدولية مسيرة نتنياهو السياسية
...
-
مواجهة متصاعدة ومفتوحة بين إسرائيل وحزب الله.. ما مصير مفاوض
...
-
ألمانيا ضد إيطاليا وفرنسا تواجه كرواتيا... مواجهات من العيار
...
-
العنف ضد المرأة: -ابتزها رقميا فحاولت الانتحار-
المزيد.....
-
لمحات من تاريخ اتفاقات السلام
/ المنصور جعفر
-
كراسات شيوعية( الحركة العمالية في مواجهة الحربين العالميتين)
...
/ عبدالرؤوف بطيخ
-
علاقات قوى السلطة في روسيا اليوم / النص الكامل
/ رشيد غويلب
-
الانتحاريون ..او كلاب النار ...المتوهمون بجنة لم يحصلوا عليه
...
/ عباس عبود سالم
-
البيئة الفكرية الحاضنة للتطرّف والإرهاب ودور الجامعات في الت
...
/ عبد الحسين شعبان
-
المعلومات التفصيلية ل850 ارهابي من ارهابيي الدول العربية
/ خالد الخالدي
-
إشكالية العلاقة بين الدين والعنف
/ محمد عمارة تقي الدين
-
سيناء حيث أنا . سنوات التيه
/ أشرف العناني
-
الجدلية الاجتماعية لممارسة العنف المسلح والإرهاب بالتطبيق عل
...
/ محمد عبد الشفيع عيسى
-
الأمر بالمعروف و النهي عن المنكرأوالمقولة التي تأدلجت لتصير
...
/ محمد الحنفي
المزيد.....
|