|
جمهورية الكلب.. رواية تقارب قضايا اللجوء السوري بأسلوب مختلف!
إبراهيم اليوسف
الحوار المتمدن-العدد: 6875 - 2021 / 4 / 21 - 09:17
المحور:
الادب والفن
علاء جمعة- المهاجر نيوز تتمحور حبكة رواية "جمهورية الكلب" حول التقاء لاجئ سوري مصادفة بأرملة ألمانية تعتني بكلبها، لتجلس إلى جواره على مقعد خشبي في حديقة مخصصة للكلاب بعد ممارسته رياضة المشي. تقوم علاقة معقدة بينهما لا تخلو من الصراع والخلاف. تتحدث رواية "جمهورية الكلب" عن لاجئ سوري يلتقي بالصدفة في حديقة مخصصة للكلاب بأرملة تجلس إلى جواره على المقعد الخشبي وهو يستريح أثناء ممارسته رياضته المفضلة المشي. ولتنشأ بعدها علاقة معقدة وطيدة بينهما، لكن لا تخلو من صراع وخلاف بينهم. فلهذه المرأة خطوطها الرئيسية في الحياة التي لا تود أن تحيد عنها، وهو ما قد يبين طبيعة الألمان، واللاجئ العصيّ على الاندماج. وتبلغ الحكاية الذروة عندما يكتشف البطل أن صديقته هي حفيدة لأحد المقربين من هتلر، ما يجعله يتخوف منها. ولعل طرافة الموضوع وأصالته جعلتا الكلاب هي المنفذ للصراع الذي قد يدور في ذهن كل لاجئ يتغرب عن بلده، ويبدأ ذهنه في المقارنة بين ما يشاهد من عناية ورعاية للكلاب وبين حياته السابقة، ففي أحد المقاطع يقول بطل الرواية: "ذات مرة قالت لي صديقتي الألمانية كلابكم دربتموها على المذلة أما كلابنا فدربناها على الكبرياء". كان كلامها صاعقًا فقلت لها "في الشرق كانت أوائل البيوت التابعة للأوقاف والجمعيات للعناية بالكلاب، كان هناك عسكر وطباخون يطبخون للكلاب" كما قال مستشرق فرنسي هو جيراردي نيرفا". قالت: "أنتم استثمرتم الكلاب، جعلتموها درعا لكم، فخختموها. ملايين الكلاب قتلت في حروبكم، كلابنا متعاونة، الكلب الجائع لا يقدم صيده لصاحبه إلا إذا كان شبعانا". ويعتقد الكاتب إبراهيم اليوسف في حوار مع مهاجر نيوز أن هذا الكتاب ما كان ليخرج بهذه الصورة، دون تأثره بالحياة الألمانية، ومعايشته لواقع اللجوء فيها. فاليوسف القادم مع عائلته إلى ألمانيا منذ عام 2014 كان شاهدا على بداية أحداث اللجوء السوري، وموجاته التي بلغت ذروتها في عامي 2015 و2016. ويرى الكاتب أن الرواية تستفيد في جزء قليل منها من المذكرة والسيرة الشخصية. ولكن ضمن لعبة فنية ومعادلة مرسومة، تطرح قضية مهمة لم يتم تناولها في السابق، وهي المفارقة بين الشرق والغرب من خلال استحضار العلاقة مع عالم الكلاب الذي لم يطرح من قبل. ولعل الملاحظة الأولى التي عايشها كانت "أهمية الكلاب في هذا البلد، والعناية الفائقة التي تحصل عليها، وحب الناس لها، وتخصيص الدولة حدائق لها" وليبدأ بمقارنة "حال الكلاب في ألمانيا وبين حالها في بلده". استغراب الكاتب ازداد بعدها، حين اكتشف أن حب الكلب وملاعبته قد يكونا مفتاح اندماجه في هذا البلد أو البقاء غريبا عن عادات السكان وطباعهم!
الكاتب إبراهيم اليوسف: أرغب أن أعود وقد تغيرت الأوضاع هناك، وخطت سوريا طريقها الفعلي نحو الديمقراطية واحترام كافة مكوناتها الكاتب إبراهيم اليوسف: أرغب أن أعود وقد تغيرت الأوضاع هناك، وخطت سوريا طريقها الفعلي نحو الديمقراطية واحترام كافة مكوناتها
صعوبات الاندماج كبيرة
ويرى الكاتب أن اللغة قد تكون واحدة من شروط الاندماج الجيدة، وهو ما يؤكده في حواره مع مهاجر نيوز، لكنه يرى أن جيل الأبناء بات أكثر قدرة على الاندماج مع الواقع الجديد، بعكس جيل الآباء الذي ما زال حنين العودة يراوده. ويقول إن الأكبر سنا غير قادرين على اتقان لغة جديدة مثل الأصغر سنا، ما يجعلهم أكثر بعدا عن الواقع الجديد والعالم الذي يحيط بهم. ويطرح الكاتب هذه المشكلة على لسان بطل القصة عندما يطالب الألمان أيضا بتعلم العربية من أجل تواصل أفضل بين المواطنين واللاجئين وتعلم مخاطبتهم!
وينتقد اليوسف دورات اللغة التي تقدمها الدولة للاجئين من أجل تهيئتهم للاندماج في المجتمع ويرى أنها غير مناسبة للجميع، ويوضح "عندما تمزج في محاضرة اللغة بين كبار السن وبين الأصغر عمرا، فإنك تخلق نوعا من الإحباط للفئة الأكبر عمرا". ويتابع "الصغار عادة قادرون على التعلم بسرعة على عكسنا نحن الكبار. ما يجعل القدرة على المواءمة مع المعلم والدرس أكثر صعوبة. والحل هو فصل هذه الدورات، وتخصيص قسم منها لكبار السن فقط، وتعليم اللغة بطريقة مناسبة لهم".
ثقافة الشفقة دليل الإنسانية
بالرغم من الصراع الدائم في عقل اللاجئ بطل الرواية، واضطراره لمعايشة واقع غريب عنه قد لا يتقبله، إلا أن الرواية تظهر كذلك الجانب الإنساني للألمان، وقبولهم باللاجئين، وموافقتهم اقتسام العيش معهم لإنقاذهم من أهوال الحرب الدائرة في بلدهم. ويظهر هذا في الرواية على لسان السيدة الألمانية بيانكا وهي تخاطب اللاجئ بقولها:
"أعترف بأنني أحببتك، كانت علاقتي بك عادية. وجدتك غريبا لاجئا، وعلى الأرجح من سوريا. أحببت أن أسمعك، أن أشفق عليك، أن أقف معك، لا شيء ما قد جذبني إليك، كانت ملامحك كئيبة، ولكنها كانت من صنف الكآبة العرضية".
ويؤكد الكاتب في حواره مع مهاجر نيوز على أن الشفقة، تظهر حسا إنسانيا عاليا لدى الألمان، ويوضح "الشعب الألماني احتضننا ووفر لنا البدائل المناسبة وأنقذنا من آتون الحرب". ويتابع الكاتب "أظهرت في الرواية أيضا إنسانية الشرطة، حيث يضطر البطل للذهاب إلى الشرطة، وليبدأ في تذكر كيفية تعامل الشرطة السورية معه، وليتسلل الخوف إلى قلبه. فتقوم بيانكا التي أصبحت زوجته بتهدئة روعه، قائلة: ستعود مساء، وستضحك من الأمر. البوليس الألماني أذكى من أن يحملنا مسؤولية جريمة لم نرتكبها".
وبالرغم مما يراه الكاتب من فرص في ألمانيا، يمني نفسه بالرجوع إلى بلده سوريا، حين يقول لمهاجر نيوز "أتمنى فعلا الرجوع، بالرغم من كل الفرص والإمكانيات المتوفرة لي هنا" ويضيف "لكن أرغب أن أعود وقد تغيرت الأوضاع هناك، وخطت سوريا طريقها الفعلي نحو الديمقراطية، واحترام كافة مكوناتها". ويقول "بيد أن طول الصراع، وطول الغربة من قد يقتل هذا الحلم في مهده".
ولا تعتبر هذه الرواية هي الأولى للكاتب إبراهيم اليوسف فله العديد من المؤلفات الشعرية والروائية منها مزامير السبع العجاف، وهكذا أكتب قصديتي، وخارج سور الصين العظيم بالإضافة إلى العديد من كتب النقد والدراسات.
الكاتب: علاء جمعة
https://www.infomigrants.net/ar/post/31582/%D8%AC%D9%85%D9%87%D9%88%D8%B1%D9%8A%D8%A9-%D8%A7%D9%84%D9%83%D9%84%D8%A8-%D8%B1%D9%88%D8%A7%D9%8A%D8%A9-%D8%AA%D9%82%D8%A7%D8%B1%D8%A8-%D9%82%D8%B6%D8%A7%D9%8A%D8%A7-%D8%A7%D9%84%D9%84%D8%AC%D9%88%D8%A1-%D8%A7%D9%84%D8%B3%D9%88%D8%B1%D9%8A-%D8%A8%D8%A3%D8%B3%D9%84%D9%88%D8%A8-%D9%85%D8%AE%D8%AA%D9%84%D9%81?ref=wa
#إبراهيم_اليوسف (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
الكاتب-ة لايسمح
بالتعليق على هذا
الموضوع
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
متلازمة الحرب وكورونا والتجويع!
-
إلى المجلس الوطني الكردي - بالظرف المفتوح-
-
عشر سنوات على الثورة: إقصاء المثقف إخصاء الثقافة، محاكمة أول
...
-
الحاج عبدالكريم فرمان: أنموذج رجل استثنائي!
-
أسماء ووجوه تقرع باب الذاكرة!
-
حفيظ عبدالرحمن: حمداً على سلامتك
-
في اختلال المعايير: الخارج داخلاً والداخل خارجاً
-
من أطفأ هذا الضوء؟! إلى دهام حسن
-
الرواية السورية في مواجهة الاستبداد- أثرنا في مواجهة الزوال:
...
-
المفكرإبراهيم محمود أحد أغزر الكتاب المعاصرين يصدر ثلاثين كت
...
-
بعد تحويل وتحريف بوصلة الثورة محاولات- وأد- رئاتها الثقافية
...
-
صاحب نظرية «تأريض الإسلام» فيروس كورونا يضع حداً لحياته ومشر
...
-
في مواجهة شبح كوفيد التاسع عشر: كرسي فارغ في مجلس العزاء
-
من وراءهذا التناقض في ثنائية الموقف من الكردي؟ اعترافات أنشر
...
-
واحد وستون*- حكيماً -سورياً شهداء مواجهة كورونا النظام الحاك
...
-
التدرؤ وراء اسم نورالدن ظاظا من جديد! تعالوا نتحاور من دون ا
...
-
أطباء الوطن في مواجهة حربين كبريين! جاء دور رفع التحية لكم!
-
قانون الغاب
-
في لباس النقد ذلك الوباء الكريه!
-
حذار من انتهاكات الأرض والعرض! رسالة إلى- الإدارة- اللاذاتية
...
المزيد.....
-
-البحث عن منفذ لخروج السيد رامبو- في دور السينما مطلع 2025
-
مهرجان مراكش يكرم المخرج الكندي ديفيد كروننبرغ
-
أفلام تتناول المثلية الجنسية تطغى على النقاش في مهرجان مراكش
...
-
الروائي إبراهيم فرغلي: الذكاء الاصطناعي وسيلة محدودي الموهبة
...
-
المخرج الصربي أمير كوستوريتسا: أشعر أنني روسي
-
بوتين يعلق على فيلم -شعب المسيح في عصرنا-
-
من المسرح إلى -أم كلثوم-.. رحلة منى زكي بين المغامرة والتجدي
...
-
مهرجان العراق الدولي للأطفال.. رسالة أمل واستثمار في المستقب
...
-
بوراك أوزجيفيت في موسكو لتصوير مسلسل روسي
-
تبادل معارض للفن في فترة حكم السلالات الإمبراطورية بين روسيا
...
المزيد.....
-
تجربة الميج 21 الأولي لفاطمة ياسين
/ محمد دوير
-
مذكرات -آل پاتشينو- عن -العرّاب-
/ جلال نعيم
-
التجريب والتأسيس في مسرح السيد حافظ
/ عبد الكريم برشيد
-
مداخل أوليّة إلى عوالم السيد حافظ السرديّة
/ د. أمل درويش
-
التلاحم الدلالي والبلاغي في معلقة امريء القيس والأرض اليباب
...
/ حسين علوان حسين
-
التجريب في الرواية والمسرح عند السيد حافظ في عيون كتاب ونقا
...
/ نواف يونس وآخرون
-
دلالة المفارقات الموضوعاتية في أعمال السيد حافظ الروائية - و
...
/ نادية سعدوني
-
المرأة بين التسلط والقهر في مسرح الطفل للسيد حافظ وآخرين
/ د. راندا حلمى السعيد
-
سراب مختلف ألوانه
/ خالد علي سليفاني
-
جماليات الكتابة المسرحية الموجهة للطفل في مسرحية سندس للسيد
...
/ أمال قندوز - فاطنة بوكركب
المزيد.....
|