أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - زهير كاظم عبود - زمن المقابر العربية














المزيد.....


زمن المقابر العربية


زهير كاظم عبود

الحوار المتمدن-العدد: 1630 - 2006 / 8 / 2 - 11:32
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    



(( فقال له يسوع: امضِ فإن ابنك حي، فآمن الرجل بالكلمة التي قالها له يسوع ومضى. وفيما هو منحدر، استقبله غلمانه قائلين ان ابنك حي )) . ...
ولكن من يعيد لنا أطفال ( قانا ) ؟ ومن يستذكر ضحكاتهم وسط حقول التين والزيتون والبلد الأمين ؟
من يعيد لأطفال لبنان الآمان الذي فقده قبلهم اخوتهم في العراق ؟ ومن يطمئنهم ليبقوا تحت شجرة التين الكبيرة التي تضلل مقدم المدينة الجنوبية ، أو عند جدران معصرة الزيتون العتيقة ، أو على عتبة بقالة ابو علي .
ولكنهم لايحملون سوى العابهم البريئة ، وتعتني البنات بعرائسها وتحلم معها بليل صاف تتساقط فيه النجوم على أثياب اهل الجنوب ، فتطرزها بالمحبة والقناعة ، ما بال كل الجنوب مظلوما ومهتوكاً ومستباحاً !!
ولكنهم لايعرفون لعبة الحرب ولايشنون غاراتهم ولايوقعون على الصواريخ التي تنطلق من بين بيوت المستعمرات القريبة ، ولكنهم لاينتظرون قرارات الأمم المتحدة حتى يمكن إن تتوقف الحرب ، ويؤجل الجحيم الأنساني حتى يمكن إن يضاف لهم عمراً آخر ، فما عاد ذلك السيد المسيح المسالم الكبير يقدم لنا النبيذ الاحمر بديلاً عن الماء ، فقد صارت كل مياه ( قانا ) حمراء ، وما عاد للنبيذ طعم ، فقد اختلط الدم بالتراب ، ندية كانت الأرض ليس بفعل معصرة الزيتون أنما بفعل الأجساد المهروسة والممزقة ، وتمزقت ليس فقط العرائس ، وانما أيادي ورؤوس وأرجل وبقايا ممزقة ومنهرسة وممزوجة بملوحة التراب ، وأجساد أنقطع عنها الهواء فطمرتها البنايات وصارت قسم منها جزء من ترابها .
منشغل ياسيدي المسيح ببكاء يقطع انياط القلب على ما يصير علينا من مجازر يقترفها الوحش الكاسر ، لم تزل دماؤنا في العراق تسيل من بين شدقيه ، ولم تزل بقايا قطع من اللحم معلقة بين اسنانة لم تكن له الفرصة ليزيلها .
قوافل تمشي الى قدرها سواء بصواريخ منفلقة وموشومة بتوقيع اطفال اسرائيل مع تحياتهم لأطفالنا ، أو بقذائف الدبابات ، أو برصاص عوزي الكوماندوس .
ليل داج وموت ليس له أبراج ، وأغماضة عين تتناثر بعدها اجساد طرية لم تكن تعرف أنواع السلاح ولادخلت المعارك البرية والجوية والبحرية ، ولا أصدرت البيانات .
اختلطت الجثث وماعادت لنا القدرة أن نعيد الأشلاء ونتعرف على اصحابها ، في كربلاء أو النجف أو الفلوجة أو سامراء أو غزة ورفح ، في قانا أو النبطية أو الضاحية الجنوبية وبنت جبيل ، كيف لنا إن نقيم لهم عرساً ترافقه الموسيقى ، فنحن جيل الموت وقوافل الأطفال الذين كتب عليهم إن يموتوا بصمت ، لن نقيم لهم العزاء ، ولن نصرخ خلف نعوشهم ، فقد تعودنا على مقابر جماعية تضم رفات احبتنا ، وصارت لنا معلماً من معالم هذه الأمة الخانعة والخائفة والمرعوبة ليس من اعدائها انما من نفسها ، فكل واحد من ابناء هذه الأمة يحمل في داخل روحه ما يضادها ويتعارض معها .
موت أطفالنا معلماً سياحياً سيتفرج عليه العالم ، وموت اطفالنا ينتهي مع صراخ النسوة وعويل الشيوخ ودموع الرجال الصامتة ، فنحن جيل سلاحنا الصمت ، وسندين ونستنكر العمل ونطلق الاوصاف التي تعجز القواميس إن تجمعها ، وسنتوعد ايضا غير إننا امة تنسى بسرعة ، وتتتنكر بسرعة وتبرر بسرعة .
سترد هذه الأمة وترسل ( البهائم المفخخة ) الى أطفال العراق ليفجروا انفسهم في الاسواق الشعبية وفي تجمعات العمال الفقراء ووسط حشود المسافرين في السيارات العامة لأغاضة العدو الصهيوني ، وستتكاثر المنح والعطايا والتبرعات لأطفال لبنان ، وسنرسل لمن تبقى منهم الحلوى والالعاب التي حرموا منها وسنعمل على فتح الملاجيء للأيتام ، ونوزع الباقين على من يريد إن يتبنى اليتامى ، وستقوم مجموعات الرعاية الأجتماعية والمنظمات الانسانية برعايتهم حتى يمكن إن يكبروا دون أهل ودون إن يعرفوا الى أين رحلت الامهات ، واين صار الآباء ؟
ولكن اطفال قانا ستضمهم مقبرة جماعية واحدة يطلق عليها مقبرة قانا ( 2 ) ، بعد إن صارت لنا مقبرة قانا ( 1 ) ، وقبلها كانت لنا مقابر جماعية في العراق بلغ عددها لحد اليوم ( 133 ) مقبرة ولم تزل ببركة الأكتشافات الاثارية والحفريات تبشرنا بالعديد من المقابر ، وسواء في قانا أو فلسطين أو العراق أو أي مكان من هذا الوطن الممتد فاتحا فمه ببلاده قل مثيلها في التاريخ الحديث ، فقد تميزنا بمقابر جماعية تضم جثث اطفالنا وخيباتنا العربية .



#زهير_كاظم_عبود (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الحكم بأعدام صدام شنقاً أو رمياً بالرصاص
- النار لاتطفيء النار
- تفعيل دور القضاة في محاكمة القتلة والأرهابيين
- طهارة المندائيين وخسة الملثمين
- النبش والتنقيب في التأريخ الأيزيدي القديم -
- تسليم المتهمين
- فكرة التسامح
- الخلل في النظرة الى أستقلال السلطة القضائية
- غداً يستعيد العراق وجهه المشرق
- بعد توجيه الأتهام في قضية المتهم صدام
- خطوات في المصالحة الوطنية
- كيف سقطت ( قناة العربية ) في حبائل وائل عصام ؟
- دمعة الطفلة الاردنية مرح ودموع اطفال العراق
- النبش والتنقيب في التأريخ الأيزيدي القديم - القسم السابع
- شلت اليد التي تريد السوء بالمندائي
- وبرغم كل هذا سيقوم فينا العراق
- النبش والتنقيب في التأريخ الأيزيدي القديم- القسم السادس
- جدوى بقاء الهيئات المستقلة في الدستور العراقي
- النبش والتنقيب في التأريخ الأيزيدي القديم - القسم الخامس
- النبش والتنقيب في التأريخ الأيزيدي القديم - القسم الرابع


المزيد.....




- نخب -صداقة العمر-..4 صديقات يُعدن إحياء صورة لهنّ بعد 35 عام ...
- السعودية تتقدم على مصر ودولة عربية تلحق بهما.. ترتيب القوة ا ...
- -الكتاب الأبيض-.. استثمارات الصناعة العسكرية والدفاع في أورو ...
- اليوم العالمي للنوم: إليك خمس نصائح إن فعلتها في الصباح تمنح ...
- كالاس: واشنطن وعدتنا بعدم قبول أي شروط روسية حول أوكرانيا إل ...
- علاج بطعم الموت لمدة 10 دقائق
- مصري يدخل موسوعة غينيس ويحطم رقما جديدا خلال صيامه
- عاصفة مدمرة في كاليفورنيا (فيديو)
- المجلس الوطني الكردي يرفض الإعلان الدستوري السوري المؤقت
- أرمينيا وأذربيجان تتوصلان إلى -اتفاق سلام- بعد نحو 40 عاما م ...


المزيد.....

- العولمة المتوحشة / فلاح أمين الرهيمي
- تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ / غنية ولهي- - - سمية حملاوي
- الخروج للنهار (كتاب الموتى) / شريف الصيفي
- قراءة في الحال والأداء الوطني خلال العدوان الإسرائيلي وحرب ا ... / صلاح محمد عبد العاطي
- لبنان: أزمة غذاء في ظل الحرب والاستغلال الرأسمالي / غسان مكارم
- إرادة الشعوب ستسقط مشروع الشرق الأوسط الجديد الصهيو- أمريكي- ... / محمد حسن خليل
- المجلد العشرون - دراسات ومقالات- منشورة بين عامي 2023 و 2024 / غازي الصوراني
- المجلد الثامن عشر - دراسات ومقالات - منشورة عام 2021 / غازي الصوراني
- المجلد السابع عشر - دراسات ومقالات- منشورة عام 2020 / غازي الصوراني
- المجلد السادس عشر " دراسات ومقالات" منشورة بين عامي 2015 و ... / غازي الصوراني


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - زهير كاظم عبود - زمن المقابر العربية