|
تشابه واختلاف : قصة قصيرة
صبيحة شبر
الحوار المتمدن-العدد: 1630 - 2006 / 8 / 2 - 11:32
المحور:
الادب والفن
ما زالت الذكريات تؤلمك ،، تشجيك ، وتسعدك معا ،مشاعر متناقضة تعيشين بها ، طوال حياتك ،تتراءى أمامك المشاهد ، وتتوالى معك الأحداث ،وأنت جالسة في مقعدك المعتاد ، قرب النافذة ، لا احد قربك ، يبادلك الحديث ، او تشاركينه لوا عج النفس ، وآلام الذكريات ، أنت غريبة هنا ،، مهملة ،، يطالبونك باستمرار ،، أن تعتني بهم ،، تنفذي رغباتهم ، وأنت جندي مجهول ، تعملين بصمت ، لا احد منهم يكلف نفسه عناء سؤالك عن رغباتك - ماذا تريدين سيدتي ؟ ولأي شيء تطمحين ؟ تركك المخلوق الوحيد الذي تعشقين ، لم يتركك مختارا ، بل اجبر على هجرك ، تعلق به قلبك المفعم بأشعة الحياة وسناها ، ازددت تعلقا به وهياما ،، ولم تصدقي أياما طويلة انه قد تخلى عنك ، لم ينفذ ما اتفقتما عليه ، وما تعاهدتما حوله ،، تحرقك اشعة الشمس المنبعثة من النافذة ، ولكن حرارة الذكريات أكثر وهجا وإحراقا ، فلم تتمكن الشمس منك تمكثين في مكانك المعتاد قرب النافذة ، يبدو عليك السكون و يحيط بك من كل الجوانب ، وأنت ظمأى تحترقين بحديث الذكريات وألمها الممض تعقدين المقارنات بينهما رغما عنك ، أنت لا ترغبين ، ولكن شيئا قويا يجبرك على القيام بها بسكون ، يخيل للرائي إليك انك ميتة ، من يدري انك مشغولة فكرا ، قلبك يئن ويتلوى ألما ، وأنت محبطة ، قد أصابتها السهام المصوبة اليها بالتعب ونالت منها مقتلا فكرك يمتليء بحوادث كثيرة تجعلك تقدمين على إجراء المقارنات ،، كانا صديقين ، يتشابهان بأمور كثيرة ، الأول احبك ، وقدم لك قلبا مملوءا إخلاصا وفهما ومودة ، شاركك طموحاته ومشاريعه ، أطلعك على آرائه وأفكاره ،، جعلك ندا له في نضالا ته وكفاحه الطويل ، تشهدين مناقشاته مع صحبه ، كنت صامتة في الأيام الأولى ، ولكن رغبتك القوية ان تكوني له شريكة ، وصديقة وزوجة مؤازرة ، جعلك تشتركين في الأحاديث وتبدين رأيك بها ، وان كانت تتناقض أحيانا مع ما يبديه هو من آراء ،، لم يكن يغضب او يرتعد ،، كما يفعل الثاني ، الذي جعله الجميع شبيها وقرينا ، وأنت على قربك بالأول ، وحبك له ، واعتزازك بعلاقتكما القوية المتينة ، قد صدقته بما ادعاه من حب وهيام تفكرين ، وتفكرين ،، تتراءى المشاهد أمامك ، وأنت وحيدة كالعهد بك دائما ، خرج الجميع ، وتركوك بمفردك ، تحاولين لم ما تبعثر من أشياء في منزلكم الصغير ، وإعادة كل امر الى مكانه المعهود ، يطالبونك باستمرار ، أن تنفذي رغباتهم المتزايدة ، كل ساعة ,وأنت من لك ؟؟ يسمع أوجاعك ؟ويهتم بآلامك ، ويحاول تخفيفها عن كاهلك - لا وقت لدي كي اسمع هراءك - انت صخرة سيدتي ، لا يمكنها ان تشكو او تتذمر ، ارسمي على ثغرك ابتسامة بلهاء ، طويلة ، تخبر الناس عن سعادتها المستمرة وسرورها المستديم صديقان يتشابهان في الوجه ، بشكل يدعو الى الاستغراب ، لون الشعر ،طول القامة ، طريقة السير ، حركات اليدين عند التحدث ، الاهتمامات مشتركة ، الاثنان تعلقا بك ، الأول بادلت حبه ، عشقته بقوة ، حاول ان يجعل منك امرأة قوية ، واثقة من نفسها ، تعرف ماذا تريد ، تسعى لتحقيق أحلامها ، والثاني سلب منك ما بناه الأول بمهارة ، وثقة وإصرار ، - ابتعدي ، الشمس ستحرق بشرتك الحساسة تنتبهين الى تحذير تطلقه إحدى جاراتك المقربات ، لا تكترثين ، لتحرق الشمس ما تريد من بشرة ،،كنت تطمحين ان تكون مشرقة لتعجبي من أحببت بعنفوانك القديم كيف يمكنك ان تعرفي منذ البداية ÷، ان الصديقين المتآزرين المتفقين ، في أمور شتى ، يختلفان ذلك الاختلاف الكبير أين الثرى من الثريا ؟ صديقتي المسكينة ،واحد يبني والآخر يهدم بكل ما لديه من رغبة في هدم الأشياء الجميلة على رؤوس الأحباب والأصحاب انت تجلسين ، في مكانك المعهود ، بعد ان تم تناول طعام الغداء ، تعبت في تحضيره لهم ، كما هو الشأن كل يوم ، ولا تسمعين كلمة تدل على الشكر او الاعجاب ، الست خادمة سيدتي ؟ تتعبين نفسك في إعداد الوجبات ، وتجتهدين ، فلا تسمعين كلمة واحدة تتراءى لك المشاهد عن رجلين ، في حياتك ، الأول تركك رغما عنه ، اغتالته بد المنون ، قبل ان يحين الأوان ، وقضت على زهرة شبابه ، التي طالما أثارتك ، وأعجبتك ، وأمدتك برغبة قوية ،، بالتمتع من زهراتها العابقات بالشذى والجمال ، الثاني لم بلتفت إليك ، ولم يسمعك كلمة إعجاب واحدة ، نروي ظمأك المتأصل ، تغنى بجمال كل النساء ، الا انت ،، أبعدك من قلبه ، قد لا يرى فيك امرأة سيدتي ؟؟ يظن انك مخلوقة للطبخ والكنس والكي ، وانك حافظة نقود ،، تصرفين عليهم أي وقت يريدون انك في كرسيك المعهود ، تتراءى أمامك المشاهد الأول اصطحبك في مسيرة سلمية ، مطالبين ببعض الحقوق ، الجميع سائرون بأمان ، فجأة ينطلق الرصاص ، مزمجرا هادرا ، كنت في الوسط سيدتي ، يد قوية تدفعك الى الخلف ، تتلقى بصدرها أزيز الرصاص المنهمر ، تتوالى أمامك الذكرى وتتمنين ان كل ما حدث مجرد أحلام شيطانية آن لك ان تفيقي منها أنت في مكانك المعهود ، ككل يوم بعد طعام الغداء ، تتراءى لك المشاهد ، الثاني يشبه الأول في كثير من الصفات ، جاءك معلنا حبا يستبد به حتى النخاع ، صدقته ، وكان الصديق الوفي ، لحبيبك الذي تعشقين ، وان لم يصدق القلب ، فانك رغبت بالتصديق ، من يتحمل حياة الوحدة سيدتي ؟؟ بعد ان اعتاد على حياة الألفة والوصال اختلفتما أول الأمر ، حين هاجم حبيبك الذي تعشقين ، هالك موقفه ، وهو الصديق الوفي الأمين - كان حالما كبيرا ،، ضحى بحياته من اجل لا شيء أنت لاشيء سيدتي ، تتراءى لك الذكريات تباعا ، وأنت جالسة وحيدة ، ككل الأيام ، تأتيك المشاهد صاغرة ، أنت تتألمين ، ماذا يمكنك ان تفعلي لتوقفي نزيف الذكريات من الاندلاع ؟ اثنان ، صديقان يتشابهان ،، تشابها يدعو الى العجب والاستغراب ، يقعان في حبك ، الآن بعد مضي الأعوام تتساءلين - احقا احبك الثاني ؟ - هجرك منذ الأيام الأولى متعللا انك ما زلت تتذكرين انت جالسة في مكانك المعهود ، وشريط من الذكريات السعيدة والمؤلمة ، تحيط بك ، تغمرك في يم متصارع الأمواج ، تتقاذفه الرياح - استشهد احمد مدافعا عن حياتك لم تعرفي منذ البداية ، الاختلاف الكبير بين الشخصيتين ، يبدوان صديقين متآلفين ، ولكن الأيام الأولى أثبتت لك التناقض الشاسع بينهما - احمق ، من يضحي في سبيل الآخرين يبعدك عن حياته ، يهجرك ، تتكلمين ، لا يسمع ما تقولين ، يحاول سلبك ايمانك ، كل ما تؤمنين به يهاجمه بقوة تتراكم عليك الذكريات ، تحيط بك ، صارخة تستغيثين
#صبيحة_شبر (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
تمنيات
-
حركات المراة للتحرر
-
لماذا تكتب المرأة ؟؟؟
-
لماذا تتحمل النساء سوء المعاملة ؟؟
-
الطيبون للطيبات
-
كل شيء متهم
-
من يوميات عظم : قصة قصيرة
-
القناعة كنز لايفنى
-
من أطفأ شعلة تموز ؟؟
-
تاثير الهجران الزوجي على الاولاد
-
لنبتسم
-
جاذبية الكتاب المطبوع
-
اشتياق
-
يوم لك ويوم علينا
-
مناجاة
-
المراة في سورة البقرة
-
ضاع عمري : قصة قصيرة
-
لماذا تنتحر النساء؟
-
المراة العربية في وسائل الاعلام
-
عمل المراة وازدواج المعايير
المزيد.....
-
الموصل تحتضن مهرجان بابلون للأفلام الوثائقية للمرة الثانية
-
متى وكيف يبدأ تعليم أطفالك فنون الطهي؟
-
فنان أمريكي شهير يكشف عن مثليته الجنسية
-
موسكو.. انطلاق أيام الثقافة البحرينية
-
مسلسل الطائر الرفراف الحلقة 84 مترجمة بجودة عالية قصة عشق
-
إبراهيم نصر الله: عمر الرجال أطول من الإمبراطوريات
-
الفلسطينية لينا خلف تفاحة تفوز بجائزة الكتاب الوطني للشعر
-
يفوز بيرسيفال إيفرت بجائزة الكتاب الوطني للرواية
-
معروف الدواليبي.. الشيخ الأحمر الذي لا يحب العسكر ولا يحبه ا
...
-
نائب أوكراني يكشف مسرحية زيلينسكي الفاشلة أمام البرلمان بعد
...
المزيد.....
-
التجريب والتأسيس في مسرح السيد حافظ
/ عبد الكريم برشيد
-
مداخل أوليّة إلى عوالم السيد حافظ السرديّة
/ د. أمل درويش
-
التلاحم الدلالي والبلاغي في معلقة امريء القيس والأرض اليباب
...
/ حسين علوان حسين
-
التجريب في الرواية والمسرح عند السيد حافظ في عيون كتاب ونقا
...
/ نواف يونس وآخرون
-
دلالة المفارقات الموضوعاتية في أعمال السيد حافظ الروائية - و
...
/ نادية سعدوني
-
المرأة بين التسلط والقهر في مسرح الطفل للسيد حافظ وآخرين
/ د. راندا حلمى السعيد
-
سراب مختلف ألوانه
/ خالد علي سليفاني
-
جماليات الكتابة المسرحية الموجهة للطفل في مسرحية سندس للسيد
...
/ أمال قندوز - فاطنة بوكركب
-
السيد حافظ أيقونة دراما الطفل
/ د. أحمد محمود أحمد سعيد
-
اللغة الشعرية فى مسرح الطفل عند السيد حافظ
/ صبرينة نصري نجود نصري
المزيد.....
|