أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - نبال شمس - لغز اليد الممدودة














المزيد.....

لغز اليد الممدودة


نبال شمس

الحوار المتمدن-العدد: 1630 - 2006 / 8 / 2 - 11:09
المحور: الادب والفن
    


لا أعرف مالذي ذكرني بنور الهدى ؟, أراها الان هنا قبالتي رغم إنها قضت قبل سنين. إنها تتحرك من مكان إلى مكان في أرجاء غرفتي, رغم شعوري بالخوف لكن قلمي لم يتوقف عن كتابة نصي, بل تابعت به دون الاكتراث لوقع أقدامها, فتلك ألليله كتبت لسيدة أخرى وليس لنور الهدى.


تلك السيدة اخترتها هي للكتابة رغم إنكاري مرارا وجودها خجلا وخوفا من اتهامي بالشذوذ, لكني اليوم لن اكتب سوى لها, سأكتب لتلك المرأة, امرأة مثلي, أحبها وابحث عنها. أريد الذهاب إليها لألمس يدها واجلس بجانبها. سأكتب لامرأة اعشقها, أعشق صمتها, صمودها, لونها ومفاتنها.

امرأة تعشق امرأة, أي مرض هذا انتابني وانتاب قلمي الذي يسابق السطور. امرأة تعشق امرأة, انه شذوذ وجنون ومرض في اغلب الأعراف. حتى إني احلم بها وبمفاتنها, مفاتن جسدها المغري. أرى فخذيها ونهديها وأكتافها العارية, أريد السفر إليها والذهاب إليها لأعطيها رسالتي واقرأ لها كلماتي, رغم إنها لن تسمعني ولن تفهمني ولن تحسني. سأذهب إليها لأشم رائحة الدفلى ورائحة حيفا, هوائها , صخورها بحرها وجنونها, سأذهب إليها مشيا على الأقدام, سأعبر جسرها واترك آثار أقدامي في شوارعها. أريد أن أصل لتلك المرأة القابعة في هناك. سأصل إليها وأتلو صلاة مبهمة من امرأة لامرأة سأصل إليها لأعيد ذكريات عزلتي دون أصدقاء ودون مشروبات غازيه.

تلك المرأة التي اعتدت لقائها أسبوعيا لأمارس وحدة مقصوده في افياء جسدها, كنت ألقاها في حديقة من حدائق حيفا التي انطبعت في فكري ومخيلتي. حديقة ما زلت أشم رائحة عشبها وحجارتها ورائحة اسماك الميناء التي تهب مع نسيمها. اخترت الكتابة إليها شوقا وحسرة انتابتني من حجرتي البعيدة .

أذكر يدها الممدودة نحو السماء, تنورتها القصيرة وشعرها المضموم, عندما كنت أصل إلى هناك كنت أتأملها وأتأمل حزنها, جسدها ووقفتها كان يخيل إلي إنها تصلّي حتى لا يفك احد قيدها.

امرأة مغلوبة مقهورة دون اسم ، دون عنوان دون هوية تجلس في تلك الحديقة منذ سنين, امرأة من حجر ، جسدها من حجر ، ملابسها حجر, لكنها امرأة حملت كل معاني الانوثه, المعاناة والحرمان, فمن سيمنع الريح من اغتصابها وسكارى الليل من لمسها ؟ من سيمنع القطط من التبول بجانبها؟

اكتب إليها لأنها غير عادية بل إلهية بصمودها. أسطورة من الأساطير فكم قاومت شموس حيفا يروقها ورعودها.!

لم يلبث أن ينتهي قلمي من خط الحرف الأخير وإذا بنور الهدى جالسة قربي تحاول قراءة ما كتبت. انتابني الفزع الشديد فهي لم تختف ، ولم تكن مجرد اضطراب أفكار , بل أنها حقيقة موجودة معي وبجانبي وبين أوراقي.

ماذا تفعل هنا؟ مع العلم أن أهلها دفنوها قبل سنين, هل ما زالت على قيد الحياة؟ نادينها باسمها لكنها لم تسمعني بل شعرتُ أنها تجاهلت سمعي, تأملتُ وجهها جيدا, ابتسمت لي فابتسمتُ لها. نعم إنها هي. أذكرها واذكر وجهها جيدا. كانت أجمل فتاة في قريتي. لكنهم لقبوها بالعاهرة.

أردت أن اكلمها لكنها لم تكلمني فقط ابتسمت لي دون أن تتفوه بأي حرف. ترى ما معنى العهر؟ وما المقصود بالعهر اهو انحراف؟ أم النزوح عن قانون وضعته البشرية للفئات الضعيفة؟

وجودها ذكرني بقصص الخوف, عن الحياة ما بعد الموت. لقد قالت لي جدتي يوما أن نور الهدى دخلت جهنم لأنها امرأة زانية. كم أردت أن أفهم قولها لكنها لم تفسر لي خوفا من دخولها في متاهات من استطلاعاتي الطفو ليه, فاكتفت بالقول أن نور الهدى كانت تهرب ليلا إلى شاطئ البحيرة وتعود عند الفجر سعيدة. لم أفهم وقتها لماذا كانوا يحرمون خروج النساء؟ ولماذا يمنعون اعتزالهن ؟. لم أستطع أن أفهم علاقة البحيرة بالزنا وسعادة المرأة بالعهر. هل هي قوانين شرقية ؟ أم إنها قوانين جدتي المسكينة؟

ليلتها لم أنم من فزعي وخوفي وأحاديث جدتي المخيفة عن جهنم والنار.

مسكينة جدتي لقد أرادت أن تعلمني مخافة الله, لكنها لم تدرك ما فعلته لي, فلو تركتني يومها أتعلم وحدي دون أن تزرع في داخلي خوف النار لكانت طقوس المخافة أجمل.

تلك الليلة ما زالت في ذاكرتي, ليلة فزع وخوف. ربما كان علي الكتابة لنور الهدى وليس لامرأة حجريه. كان علي الكتابة "لزانية" عشقت الجلوس على البحيرة ليلا. فسعادة المرأة في أعراف معينة, هي الخطيئة والعهر. لم يقل احدا أن نور الهدى كانت تحب سكون الليل, وأمواج البحيرة, لم اسمع احدا يقول أن تلك السيدة أحبت الوحدة والرمال, بل قالوا "عاهرة", لأنها كانت تخرج ليلا.

شعرت أنها تريد اخذي معها إلى عالمها الآخر. صرخت لكني لم أٍسمع سوى صوتي يختلط بنبرات صوتها,لكن نور كانت تبكي بدموع غزيرة وتتأوه بآهات طويلة. ضغطت على يدي اليمنى أخذت قلمي ووقعّت نصي باسمها واختفت من غرفتي تاركة اياني استعيد بذاكرتي ما حصل معي في تلك الليلة. لقد أيقنت الآن ماذا كانت تفعل نور الهدى على شاطئ تلك البحيرة. فهمت لماذا كانت تعود عند الفجر سعيدة وراضية.



#نبال_شمس (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- نساء من نبيذ ونار
- مزامير ثقافية
- حفر في التعري,قبل قدوم البحر
- -جوانب أخرى للمرأة في أدب -زياد خداش
- عري القناديل: امرأة, قصيده ووطن
- النرجس لا ينبت في نيسان
- ضرورة انتقاد المسئولين
- العسر التعليمي الاكاديمي
- العسر التعليمي التطوري
- مذكرات متعسر


المزيد.....




- -ثقوب-.. الفكرة وحدها لا تكفي لصنع فيلم سينمائي
- -قصتنا من دون تشفير-.. رحلة رونالدو في فيلم وثائقي
- مصر.. وفاة الفنان عادل الفار والكشف عن لحظات حياته الأخيرة
- فيلم -سلمى- يوجه تحية للراحل عبداللطيف عبدالحميد من القاهرة ...
- جيل -زد- والأدب.. كاتب مغربي يتحدث عن تجربته في تيك توك وفيس ...
- أدبه ما زال حاضرا.. 51 عاما على رحيل تيسير السبول
- طالبان تحظر هذه الأعمال الأدبية..وتلاحق صور الكائنات الحية
- ظاهرة الدروس الخصوصية.. ترسيخ للفوارق الاجتماعية والثقافية ف ...
- 24ساعه افلام.. تردد روتانا سينما الجديد 2024 على النايل سات ...
- معجب يفاجئ نجما مصريا بطلب غريب في الشارع (فيديو)


المزيد.....

- مداخل أوليّة إلى عوالم السيد حافظ السرديّة / د. أمل درويش
- التلاحم الدلالي والبلاغي في معلقة امريء القيس والأرض اليباب ... / حسين علوان حسين
- التجريب في الرواية والمسرح عند السيد حافظ في عيون كتاب ونقا ... / نواف يونس وآخرون
- دلالة المفارقات الموضوعاتية في أعمال السيد حافظ الروائية - و ... / نادية سعدوني
- المرأة بين التسلط والقهر في مسرح الطفل للسيد حافظ وآخرين / د. راندا حلمى السعيد
- سراب مختلف ألوانه / خالد علي سليفاني
- جماليات الكتابة المسرحية الموجهة للطفل في مسرحية سندس للسيد ... / أمال قندوز - فاطنة بوكركب
- السيد حافظ أيقونة دراما الطفل / د. أحمد محمود أحمد سعيد
- اللغة الشعرية فى مسرح الطفل عند السيد حافظ / صبرينة نصري نجود نصري
- ببليوغرافيا الكاتب السيد الحافظ وأهم أعماله في المسرح والرو ... / السيد حافظ


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - نبال شمس - لغز اليد الممدودة