|
في اشكالية الثورة
حسام تيمور
الحوار المتمدن-العدد: 6870 - 2021 / 4 / 16 - 08:39
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
لا توجد استراتيجيات محددة او حتى خطوة اولى نحو النجاح، يكذب مهرجوا التنمية الذاتية، و كذلك تجار الدين و الحداثة و اليسار و اليمين و ما بينهما .. نحن كما يقول العروي، مازلنا في عصر ما قبل الثورة الكوبيرنيكية، اي عندما انطلق العقل الاوروبي فعليا نحو احداث القطيعة المعرفية التي اسست لذلك التحول في النظرية المعرفية، و بالمعنى الايبيستيمي نقول التحول، و ليس التطور، و هو جوهر "التاريخانية"، او اساسها العلمي، نكاية في "دياليكتيك ماركس"، و هو ما شكل ازعاجا للمعبد اليساري العربي، الشيوعي و الاممي و حتى الليبرالي المتسامح مع البغاء الاودلوجي و عبادة بعض الزعماء، من باب التكتيك الثوري و مراكمة النقاط .. و بمفكريه و مثقفيه، يستثمر هذا المعبد في "الماركسية"، كاصل معرفي جامد، تراثي متحجر، قابل للتطوير بالمعنى الايديولوجي و حتى التاريخي، و ليس التحويل بالمعنى النظري المعرفي/العلمي ! و هم هؤلاء، الذي يعيشون و يعتاشون حول بقايا صنم ل "زعيم" ثوري هناك او مخفر كبير على هيئة تنين بتسعة عشر راسا، كأنها رؤوس الشياطين ! في ازمة المثقفين العرب يسائل العروي هذا النسق، و هو ربما يدخل في سجال ايبيستيمولوجي غير معلن، مع الفيلسوف السوري "الطيب التيزيني" .. عضو حزب البعث، و الفيلسوف الثوري، بالمعنى المعرفي عموما و السياسي ضمنا و مضمونا !
"يلزم المثقف العربي جيل او جيلان، لانجاز الثورة الثقافية، بينما يلزم هذه الثورة حقبة باكملها لكي تصير امتدادا ثقافيا داخل نفس الانساق الاجتماعية" ؟! يعادل الجيل الواحد قرنا زمنيا/ في ادبيات التأريخ، بينما الحقبة هنا، معادل لفناء الحضارة او احد مراحل دورتها نحو الاندثار، بالمفهوم الخلدوني .. هل كانت النهضة الأوروبية بهذا المعنى، نتاجا لتطور مادي تاريخي في البنيات و الانماط، ام انها كانت بالضرورة مرتبطة تاريخيا، بالتحول في نظرية المعرفة، او الثورة العلمية المعرفية ؟! تعني "الثورة الكوبرنيكية" الجزم بكون ان الشمس ثابث، و الارض متحرك، يدور حول الشمس، و بمعنى ان الادراك الوجودي هنا، واهم من اساسه، او ليس "اودلوجة"، تستوهم أن الارض ثابث، و ما يحيط بها متحرك ؟! هنا بالذات، مازال الفكر اليساري الثوري العربي، رهين هذا المدخل النظري، و منذ بداياته و تاريخ انتصاراته الواهمة و بداية تحطم مفرزاته على صخرة الجمود و اليأس و البؤس، وصولا الى مرحلة التشظي و البغاء كتفاعل منطقي، ذاتي و موضوعي مع ما أسماه "الطيب تيزيني" في آخر كتاباته، بمرحلة او "نطاق الاستباحة الشاملة" ! التقويم الايديولوجي حسب العروي يسائل نقطة الانطلاق، او هذا المدخل النظري، و امتداده الايديولوجي الذي يسائل بدوره عناصر هذا الاستقطاب القائم، بمعنى الفرز الايديولوجي و تحديد مكامن التناقض و التوافق و اللامعنى و اللاجدوى احيانا !! هل يكون هذا الاستقطاب محيلا الى "اللا-استمرار" في التاريخ، ام انه غير دقيق منذ بدايته اي من اساسه، من حيث ادوات المقاربة معرفيا و منهجيا ؟! سؤال ربما طرحه العروي مطلع سبعينات القرن الماضي، و ناقشه كذلك "الطيب تيزيني" مطولا، في رد معلن مباشر، و اخرى مضمنة في كتابات منفصلة، لكن الجواب ربما لم يظهر الا في سياق "الازمة الثورية"، او ساعة الصفر، بمفهوم التاريخ، و مواعيد التاريخ ! يحكي طيب تيزيني، في احدى زياراته للمغرب، بعيد احداث سوريا بثلاث سنوات، باكيا .. و في جزء من مداخلته يتحدث عن نظرية "افساد الدولة" و جعل المجتمع، مطبعا بشكل او بآخر مع فساد هذه الدولة، و ذلك عموما، بحمله على ارتكاب تلك "الخطيئة" التي تجعله مدينا للدولة و سلطة الدولة، او حتى نقيضها السياسي و الايديولوجي، و حيث تتوحش النظرية الاغريقية هنا، و تتغول، اكثر من بطش السلطة قائلة، "لا يمكنك السباحة في نفس النهر مرتين" ! تعرض الفيلسوف العملاق، "ذ.تيزيني" للاعتقال بداية احداث سوريا، و ذلك في سياق مظاهرة ودية، شارك فيها حصرا كما يقال، اعضاء و نخب الحزب الحاكم، مطالبة بالافراج عن معتقلين، من نفس الانتماء، حيث كان الجميع يطالب الدولة بفض "الثورة" و سلوك مسلك العقل و التعقل، و قطع الطريق عن المؤامرة الكونية على هذا الاساس ! لكن ربما، كان لأجهزة الدولة راي آخر، ربما هو ضد راي الحزب و سوريا، و نظام البعث، و قد يكون نفس تفعيل المخطط، او المؤامرة الكونية، حيث تم تعنيف الفيلسوف، رغم قربه من دوائر القرار و الحكم، و رغم اشهاره لتلك الهوية التي هي بمثابة "كارت ابيض" في منظومة البعث و الزعيم الالاه و المقربين منه .. لكن الجواب كان "كلاما نابيا" على شكل الاحتجاج من جهة و هوية المحتج و وضعه الاعتباري من جهة اخرى، من منظور نفس السلطة و الاجهزة ! و حيث يعيش و يعتاش "المفكر" و "المثقف" على عبادة "زعيم" يسجد بدوره لاسياده هناك في الشرق او الغرب، متوهما انه بالغ أعالي المقاومة و الممانعة، و قمم الشموخ و الصمود، يستحيل بزوغ شيء اسمه "ثورة كوبيرنيكية"، او حتى ثورة بالمفهوم القديم، اي شمس الحرية او طلع البدر، التي ستطلع على عبدة الاصنام، من المراوحين للاسرة و مراحيض الزعماء و القادة يمينا و يسارا !!
و حيث يحكي البعض من باب الكوميديا السوداء، عن فروع تنين البعث الامنية، التسعة عشر، و فرع فلسطين، حيث يسلخ الجلد عن اللحم دون المساس بصحة المعتقل، و عن فرع المخابرات الجوية، حيث كل شيء يبدوا كل شيء و كانه رحلة ربيعية في منتزه دمشقي انيق، باغصانه و عصافيره ..، و حيث تستعمل هذه الاخيرة كوسيلة لانتزاع اعترافات مكتوبة، و ذلك بوضعها حية في فم المعتقل، مع اغلاقه بلاصق بلاستيكي، و تركه امام مجزرة دموية، يقوم بها عصفور صغير، داخل فمه الذي تكلم اكثر من اللزوم ! عليه نفهم قول المظفر، عن هؤلاء الثوريين من شيعة البعث و الممانعة و المقاومة، انه يزنى بهم اكثر من عاهرة الحانة، و يرضون طبعا !!
و هنا طبعا، في الختام، يستحيل على المثقف العربي انجاز تلك الثورة الكوبيرنيكية، لان اساسها النظري، او التحول الذي اسست له في نظرية المعرفة و القطيعة في التاريخ و تاريخ العلوم و الحضارة، هو الانتقال من الذات الى الموضوع، أو فصل الذات عن الموضوع، و حيث كان المستفيد الاول و الحصري و الوحيد من نفي الميتافيزيقا و تعظيم الطبيعة و الوجود المادي الملموس، في عالمنا العربي، هو ضباط المخابرات الجوية، و الفرقة الرابعة، التي تعمل تحت الارض، و تخاطب اليسار و اليمين، لا الاه هنا و لا ماركس هناك، هذا هو الاله، و في ايام البعث السوداء الاخيرة، طبق نفس البند على ضباط وسائط الدفاع الجوي السورية، الذين اجتهدوا قليلا في صد العدوان الصهيوني و اسقطوا طائرة ايليوشن الروسية بالخطأ، حيث تم وضعهم فورا في اكياس و اقتيادهم الى مكان مجهول !!
#حسام_تيمور (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
انقلاب في الاردن !
-
خواطر صباحية.. -مصر و تركيا و الثورة-
-
حدث الآن و الأمس، و يحدث دائما
-
تفكيكات بنيوية، على هامش التطبيع و الوطنية
-
بين التيه و التيه المركب
-
من ذاكرة الربيع
-
بعد عشر سنوات .. اين حركة 20 فبراير ؟
-
ظاهرة التصحر، من منظور التاريخ و الايديولوجيا
-
التطبيع و -تامغرابيت-
-
امريكا و الديمقراطية الوسخة..
-
تأملات سوسيوثقافية بأثر رجعي
-
التطبيع مقابل الصحراء، أم -الصحراء مقابل التطبيع- ؟!
-
في موقف النهج الديمقراطي من تطورات الصحراء، و الموقف منه
-
بخصوص اللقاح الصيني ..
-
الولايات المتحدة الامريكية .. ماذا بعد ؟
-
لقاح كورونا، بين المؤامرة و المقامرة
-
على هامش تصريحات الازمي.. او صراخ الازمة- ..
-
بمناسبة اليوم العالمي للمدرس، نظرتان متقابلتان من موقع الفن
-
عيد الغفران اليهودي، قرن و تفاح ، قرد بقرة برتقال ..
-
مهزلة دولة .. او محاكمة -عمر الراضي- ..
المزيد.....
-
بعد زيارة وزير خارجية أمريكا.. بنما لن تجدد اتفاق -الحزام وا
...
-
اتهامات بالتحريض وترهيب الشهود.. النيابة الإسرائيلية تفتح تح
...
-
سوريا تحت قيادة الشرع تفتح صفحة جديدة مع الخليج، فهل تنجح بإ
...
-
إسرائيل تصعد عملياتها العسكرية في جنين: نسف 21 منزلا وسقوط خ
...
-
لقطات جوية تكشف حجم الكارثة.. أحياء بأكملها تغرق في كوينزلان
...
-
كيف تتلاعب روسيا بالرأي العام في أفريقيا؟
-
هل نجح نتنياهو بتغيير ملامح الشرق الأوسط؟
-
الأطفال الفلسطينيون المرضى والجرحى يصلون إلى مصر بعد فتح معب
...
-
المتمردون من حركة -إم 23- يدعون حكومة الكونغو الديمقراطية لل
...
-
مصر.. خطاب للسفارة الأمريكية اعتراضا على تصريحات ترامب
المزيد.....
-
الخروج للنهار (كتاب الموتى)
/ شريف الصيفي
-
قراءة في الحال والأداء الوطني خلال العدوان الإسرائيلي وحرب ا
...
/ صلاح محمد عبد العاطي
-
لبنان: أزمة غذاء في ظل الحرب والاستغلال الرأسمالي
/ غسان مكارم
-
إرادة الشعوب ستسقط مشروع الشرق الأوسط الجديد الصهيو- أمريكي-
...
/ محمد حسن خليل
-
المجلد العشرون - دراسات ومقالات- منشورة بين عامي 2023 و 2024
/ غازي الصوراني
-
المجلد الثامن عشر - دراسات ومقالات - منشورة عام 2021
/ غازي الصوراني
-
المجلد السابع عشر - دراسات ومقالات- منشورة عام 2020
/ غازي الصوراني
-
المجلد السادس عشر " دراسات ومقالات" منشورة بين عامي 2015 و
...
/ غازي الصوراني
-
دراسات ومقالات في الفكر والسياسة والاقتصاد والمجتمع - المجلد
...
/ غازي الصوراني
-
تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ
/ غنية ولهي- - - سمية حملاوي
المزيد.....
|