وديع بكيطة
كاتب وباحث
(Bekkita Ouadie)
الحوار المتمدن-العدد: 6869 - 2021 / 4 / 14 - 17:42
المحور:
دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات
اعتقد المصري القديم أن هناك علاقة خفية بين الإنسان واسمه وأن الاسم هو الجزء الحي من الإنسان، فهو العنصر الذي يقوي شخصيته ويعطيه قوته، وسموا الشخص الواحد باسمين اثنين: الاسم الأكبر والاسم الأصغر، وقد اعتاد المصري أن يخفى اسمه الأكبر وأن يظهر اسمه الأصغر، كما اعتقدوا أن محو اسم الشخص من مقبرته هو عمل يؤدي إلى أن تُقتل روح الميت للأبد، ونجد في أسطورة "حيلة إيزيس" في حوارها مع الإله رع، كيف أن هذا الاله حاول إخفاء اسمه عن إيزيس، وبحيلة منها وصلت إلى معرفته.
كانت الاله إيزيس حكيمة في قولها، تعلم كل ما في السماء والأرض، مثل الاله رع الذي كان يعلم ما يحتاج إليه أهل الأرض، وأرادت أن تعلم اسم الإله الأعظم، فاستغلت شيخوخة رع، التي جعلت اللعاب يسيل من فمه، ويختلط بتراب الأرض، فصنعت منه ثعبانا ووضعته في طريقه، فعضه واهتز كيانه، فذهبت إليه إيزيس وأخبرته بأنها تستطيع بقوة سحرها أن تشفيه مما هو فيه بشرط أن يخبرها عن اسمه الخفي الأكبر، لأنه لو عولج به، فإنه يعيش.
أخذ رع يعدد مناقبه وأعماله: أنا الذي خلقت السماء والأرض، وأرسيت الجبال، وسويت ما عليها، أنا الذي خلقت الماء وجعلت الالهة تأتي إلى الوجود، أنا الذي خلقت الثور والبقرة، وجعلت التناسل في العالم، أنا الذي أنشأت السماء ووضعت أسرار الأفقين وأحللت فيهما أرواح الآلهة، أنا الذي فتح عينيه فكان الضوء وأغمضهما فكان الظلام، أنا الذي يأمر النيل فيفيض، أنا من لا يعرف الالهة اسمه، أنا خالق الساعات ومنشئ الأيام، أنا الذي أمرت بالأعياد وخلقت مجاري الماء، أنا خالق نار الحياة لأنشئ أعمال الكون، أنا الصباح والظهيرة والمساء. ولكن السم لم يغادر جسد الاله رع فتقدمت منه إيزيس وقالت له: إن اسمك الحقيقي لم يكن بين تلك الأسماء. فصمت واشتدت به الآلام ومع ذلك ظل يحتفظ باسمه، وأخيرا طلب منها أن تقترب منه وتضع أذنها على فمه ليهمس به، وابتعد عن الآلهة الآخرين حتى لا يسمعوه، فعرفت اسمه الأكبر، فعالجته به.
ترجع هذه الأسطورة "حيلة إيزيس" إلى أيام الأسرة التاسعة عشر وهي مكتوبة على بردية محفوظة إلى الآن في متحف تورين. ويعتبر كتاب الأدب المصري القديم، لمحمد إبراهيم علي، وأحمد محمد البربري، الصادر عن كلية الآداب عين شمس 2005 من أهم الكتب التي تناولت هذا الأدب.
#وديع_بكيطة (هاشتاغ)
Bekkita_Ouadie#
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟