|
لبنان: المقاومة المسلحة تشير الى الطريق
ارا خاجادور
الحوار المتمدن-العدد: 1629 - 2006 / 8 / 1 - 11:58
المحور:
الارهاب, الحرب والسلام
لا أعلم لماذا تذكرت المناضل البلشفي ورفيق لينين (استيبان شاهوميان) الذي أعدمه البريطانيون مع 24 مناضلا من رفاقه أثناء حرب التدخل ضد ثورة اكتوبر 1917 وأنا أتابع المجد والشجاعة وانتصار الارادة على التقنية والتحدي والتضحيات الغالية والصبر على البلوى الذي يسطره مناضلو المقاومة الاسلامية اللبنانية والشعب اللبناني عامة ضد عدوان الآلة العسكرية الاسرائيلية المدعومة من كل قوى الاستغلال والانحطاط وأوهام الهيمنة وذل العبودية. ربما تذكرت هذا الرجل لانه قال لأبناء جلدته الأرمن في موقف مماثل، وهم يخوضون معركة غير متكافئة، مساندا دفاعهم عن النفس، وعن ما هو أبعد من النفس، قال: لا يقولن أحد أن هناك ظروفا يستحيل القتال فيها، او ان القتال سخافة، اذ ليس هناك علو يبلغ من القوة ما يجعل قتاله مستحيلا، وليس هناك استبداد او ظلم لا معنى للاحتجاج عليه، والمقاتل في هذه الحالة لا يقاتل عندما يكون واثقا من أنه سوف ينتصر فقط، فهو لا يقاتل لمجرد الانتصار بل يقاتل حيث لا خيار الا ان يقاتل، ويقاتل احيانا ليموت بكرامة وشرف اذا كان الموت ضرورة واجبة. وأضاف شاهوميان بسليقته الثورية قائلا: عندما يبدأ العدو القتال عليكم الاستمرار في مقاتلته لان استمرار معركة التحرير يخلق حالة من اعادة اصطفاف القوى، ويجبر العدو في لحظة ما على التراجع. يبدو أن وصايا كل الثوريين عبر تاريخ البشرية هي القوة التي لا تدركها دكتاتورية العولمة التي تكرر أخطاءها وأخطاء توابعها، ولهذا تندحر الاعتداءات التي تستهدف اذلال الشعوب وسلب ارادتها. ان بضاعتهم الجديدة اليوم هي الضرب بقوة على الأبرياء بهدف تحويلهم ضد ابناء وطنهم الاخرين الذين يؤمنون بالمقاومة المسلحة، وهم أنفسهم وصفوا أساليبهم المستخدمة بالصدمة والترويع، والجناح الثاني من سياستهم اختلاق وتعميم كلمات براقة، ومشاريع كبرى من الأوهام والمصطلحات الزائفة والغامضة: الشرق الأوسط الكبير، ولاحقا الجديد، وبينهما الشرق الواسع... الخ. ان النظام العالمي الجديد يقوم حتى اللحظة على انفراد "واشنطن" بقيادة العالم، ويستخدم في الوقت نفسه تحالفات مشبوهة في المجالات الاقليمية، مثل التحالف الامريكي مع اسرائيل والرجعية العربية من أجل هيمنة الاولى على مصادر الطاقة، وعلى النطاق الدولي حاولت واشنطن ايضا خلق عدو يحل محل النظام الاشتراكي الدولي السابق، ووجد ضالتها في الاسلام، وهذه غلطة قاتله للنظام الدولي الجديد، لان مواجهة الاديان غير مواجهة العقائد الاخرى.
وتجدر الاشارة هنا الى أن واشنطن والغرب عامة هو المساهم الاول في خلق حركات التطرف في حربه ضد الاتحاد السوفيتي خاصة والذي كان داعما قويا لحركة التحرر العربية، وضد الحركة الشيوعية عامة.
وتجسد ذلك بصورة سافرة في الحرب الافغانية، كما أن ما نراه اليوم من موجة صعود للاسلام السياسي قد جاء بفعل دكتاتورية العولمة، ومن جراء الفراغ الذي نشأ بعد انهيار الاتحاد السوفيتي، ومن أخطاء الحركات اليسارية والقومية وغيرهما. اضافة الى- وربما اولا – ان الامبريالية الامريكية شنت معظم حروبها الجديدة ضد الشعوب الاسلامية بصفة خاصة.
وفي مجال التكتيكات مازال النظام الدولي الجديد يستخدم كل اساليب الاستعمار القديم مثل: فرق تسد، شراء الذمم، الارهاب، القوة الغاشمة ويكررون أخطاءهم القديمة ذاتها، وهنا لا فرق بين الدكتاتوريين العولميين والمحليين بصدد تكرار الاخطاء الفادحة والمقززة والمؤلمة.
ان التورط الاسرائيلي - الامريكي في لبنان قام على وهم امكانية تعميق التناقض بين الاسلام نفسه اولا وبين الاسلام وبقية الاديان والطوائف والاقليات ظنا منهما ان لبنان أرض خصبة لكل السياسات الخطيرة التي حاولوا تجربتها في حالات اخرى.
ومن المعلوم ان القوى الدينية والقومية في البلاد العربية في الاطار العام ضد الهجمة الامبريالية، وان لبنان يقف في مقدمة الدول العربية على مختلف الاصعدة الحضارية والثقافية، وهو يختزن تجربة ديمقراطية هي الاعمق والاغنى والاقدم في المنطقة، وان لبنان ظل على الدوام موطنا لكل الاحرار والمناضلين من البلاد العربية كافة، وهو يحوي تنوعا اجتماعيا غنيا ورائعا، هذا الى جانب اختباره لاهوال الحرب الاهلية الموجعة والمريرة. ان حرب اسرائيل الراهنة على لبنان قد اكدت ما يلي: *انتهاء وقت او عهد الحروب الخاطفة، وهذا درس ثمين لكل الشعوب المناضلة من اجل الحرية. ورغم ان الاعتداءات الامريكية السابقة المتمثلة باحتلال افغانستان والعراق قد أشارت الى هذه الحقيقة، ولكن الاعتداء الاسرائيلي الحالي على لبنان قدم دليلا اكثر سطوعا. ان اسرائيل المدعومة من الغرب كانت تخوض حروبها لأيام ضد جيوش نظامية لا تملك القيادة التي هي على استعداد لخوض المعارك بين صفوف الشعب، ولا هي تملك نوعية السلاح المطلوب في الحرب الخاطفة، وان اسرائيل لاول مرة تعيش الحرب وتحس بها ولفترة طويلة نسبيا. *في البدء حققت امريكا في افغانستان والعراق؛ وفي لبنان اسرائيل معها، بعض النجاح في محاولة اللعب على التوازنات الاجتماعية الأدنى من الوطنية، في محاولة للايحاء بأن المقاومة في افغانستان بشتونية- سنية، وفي العراق عربية- سنية، وفي لبنان شيعية- عربية. ولكن هامش اللعب بدأ يتقلص، وللصمود اللبناني دور هام في هذا الصدد. *ان غرور القوة فضح المخطط الامريكي، لأن امريكا اليوم تخوض الحرب ضد الجميع في وقت واحد، ان واشنطن تريد ان تضرب طرفا بآخر، وبعد ذلك تستبدل الأطراف على أمل ان يبقى الجميع ضعفاء وتحت رحمتها. ان تجربة لبنان أكدت بأن الدفاع عن الوطن لا يتم عن طريق الاستسلام، بل بمزيد من التسلح، وبانضمام قوى جديدة يتعرى العدوان ويجرد من معظم اسلحته. *ان استمرار الكفاح ضد المعتدي هو الذي يوحد الشعب حتى اذا بدأت المقاومة في منطقة جغرافية محددة، او عند طائفة ما، ولاسباب معروفة. فاليوم حزب الله وحركة حماس يخوضان معركة واحدة في وقت واحد ومن موقعين ولكن باتجاه واحد، وهذا الوضع قد يلعب دورا ايجابيا ضد محاولات التأزيم الطائفي في منطقتنا، ونرى في الحالة اللبنانية ضرورة عدم الاكتفاء بنقد ايران، رغم علمنا ببعض التدخلات الايرانية في المنطقة وفي جوارها، فالاهم ان تجري الدعوة الى تسليح المقاومة، واعادة بناء لبنان بجزء من عوائد البترول العربي. ان لبنان اذا استمر في العمل على تسليح الشعب والجيش معا، وفي طريق الابتعاد عن اتهام وتخويف الاخر، سوف ينتصر ويقدم تجربة مرموقة لكل البلاد العربية، و عليه ان يسعى الى عدم الانجرار وراء معاداة سوريا الى جانب عدم تجاهل تجارب الماضي ومسائل ومشاكل الديمقراطية السياسية فيها. *على قوى اليسار والقوى الديموقراطية التي تعيش بمجملها حالة من الانحسار خاصة في الشرق العربي والاسلامي ان لا تقلق من مد الحركات الاسلامية، خاصة تلك التي تحمل السلاح ضد الامبريالية الامريكية لأن صراع هذه الحركات الذي يقوم على اسس عادلة سوف ينضج تجاربها، ويشذب اخطاءها، ويفجر الغامها. كما ان لبنان يمكن ان يلعب دورا اساسيا في حركة التحرر الوطني العربية التي تضم بين صفوفها دون تمييز كل الاقليات القومية والدينية، وان التعاون مع هذه المكونات كمواطنين وحلفاء واصدقاء والاستفادة من امتداداتهم العالمية يخدم مهمات النضال العام في لبنان وكل البلاد العربية. *ان الخطر الحقيقي نجده عند القوى الاسلامية والعربية والعلمانية التي وضعت نفسها تحت تصرف الغزاة، ونفخت في كل قربة فاسدة. ان العامل والمواطن المسلم لا يجد مصلحته مع المسلم الحاكم الذي يوظف أموال البترودولار في تحالف أمريكي-اسرائيلي- عربي خارج العالم العربي والاسلامي بل يجدها عند شريكه في طموح. وأخيرا، ان القتال في جنوب لبنان عادل ومشروع بكل المعايير، وان اسرائيل هاجمت لبنان بأكمله ضمن مخطط مرسوم سلفا، وان الأسلوب الذي يوقف العدوان هو حمل السلاح الى جانب المقاومة، وليس من خلال القاء اللوم عليها، وان العمل على تطوير اهدافها لصالح جميع فئات الشعب، هو الاسلوب الامثل على طريق الخدمة الحقيقية لكل الشعب اللبناني والشعوب المستباحة الاخرى. ان معركة لبنان الحالية، رغم الخلل في موازين القوى، جعلت العدو يدرك بأنه غير بعيد عن ساحة الحرب التي أثارها بنفسه، وانه يشرب من نفس الكأس الذي يفرضه علينا عن دون وجه حق. كما ان الفظائع التي ارتكبتها القوات الاسرائيلية في "قانا" وغيرها جردت المعتدين الغزاة من اهم اسلحتهم امام الرأي العام العالمي الذي اكتشف ان الجرائم التي ترتكب ضد الشعب اللبناني هي من طراز تلك الجرائم التي ارتكبتها النازية خلال الحرب العالمية الثانية. وما هي الا ايام ويعرف الجميع ان العدو يكره الجميع وضد الجميع، علينا واجب ان نعلم بأن مفهوم لبنان أكبر من طوائفه كل على حده، كما الحال في العراق وافغانستان وغيرهما، ولكن ينبغي ان يعمل الجميع من أجل ان يشعر الكل بالأمن والاحترام في وطنهم، ومن أجل قطع الطريق على استغلال العدو أيا منا ان نوضح المواقف في هذا المجال، مع العلم مسبقا ان ذلك حق وواجب وليس لأهداف المعركة الراهنة فقط. يجب الا ندفع الأقليات او أية فئة الى صف العدو، ان الشراكة العادلة في الوطن هي اللقاح المضاد لامراض اليوم التي زرعها الاحتلال وكل معتد آثم. وفي الوقت نفسه علينا ان نرسخ القناعة بأن الجميع لهم كل الحقوق، وهي حقوق ما كانت يوما تأتي عبر المحتل، وهذا الموقف هو مرتكز حقنا في الحياة اصلا. ان امريكا اليوم تفقد حتى قدرتها على التستر على برامجها السرية، انه غرور القوة الرعناء، انها تقصف شعوب الشرق بالقنابل الديمقراطية، وبات السؤال: من هو الارهابي؟ مشروعا وعمليا. وشعوب العالم تسأل ما هي النتيجة لو ان حروب بوش وحلفائه على "الارهاب" تحولت لصالح القضاء على الفقر او المرض في العالم؟
#ارا_خاجادور (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
حركة التضامن مع الشعب العراقي
-
أسئلة حول الوحدة العمالية النقابية في ظل الاحتلال
-
بعض من عبر الأول من ايار
-
لا للحرب الأهلية... انها حرب التحرير
-
النقابات العمالية رافعة قوية في معركة التحرير
-
قراءة في صفحة من سفر كفاحنا المسلح
-
نراجع الماضي بثقة من اجل المستقبل
-
مزامير الانتخابات الامريكية في العراق
-
هل النقابات العراقية الاساسية تدعم الاحتلال ؟
-
من عوامل الجزر في التنظيم الثوري
-
لماذا الان يجري الاحتكام للشعب؟
-
نقطة واحدة للمفاوضات: انسحبوا ايها الغزاة من بلادنا
-
نعي المناضل هادي أحمد علي
المزيد.....
-
-نيويورك تايمز-: المهاجرون في الولايات المتحدة يستعدون للترح
...
-
الإمارات تعتقل ثلاثة أشخاص بشبهة مقتل حاخام إسرائيلي في ظروف
...
-
حزب الله يمطر إسرائيل بالصواريخ والضاحية الجنوبية تتعرض لقصف
...
-
محادثات -نووية- جديدة.. إيران تسابق الزمن بتكتيك -خطير-
-
لماذا كثفت إسرائيل وحزب الله الهجمات المتبادلة؟
-
خبراء عسكريون يدرسون حطام صاروخ -أوريشنيك- في أوكرانيا
-
النيجر تطالب الاتحاد الأوروبي بسحب سفيره الحالي وتغييره في أ
...
-
أكبر عدد في يوم واحد.. -حزب الله- ينشر -الحصاد اليومي- لعملي
...
-
-هروب مستوطنين وآثار دمار واندلاع حرائق-.. -حزب الله- يعرض م
...
-
عالم سياسة نرويجي: الدعاية الغربية المعادية لروسيا قد تقود ا
...
المزيد.....
-
لمحات من تاريخ اتفاقات السلام
/ المنصور جعفر
-
كراسات شيوعية( الحركة العمالية في مواجهة الحربين العالميتين)
...
/ عبدالرؤوف بطيخ
-
علاقات قوى السلطة في روسيا اليوم / النص الكامل
/ رشيد غويلب
-
الانتحاريون ..او كلاب النار ...المتوهمون بجنة لم يحصلوا عليه
...
/ عباس عبود سالم
-
البيئة الفكرية الحاضنة للتطرّف والإرهاب ودور الجامعات في الت
...
/ عبد الحسين شعبان
-
المعلومات التفصيلية ل850 ارهابي من ارهابيي الدول العربية
/ خالد الخالدي
-
إشكالية العلاقة بين الدين والعنف
/ محمد عمارة تقي الدين
-
سيناء حيث أنا . سنوات التيه
/ أشرف العناني
-
الجدلية الاجتماعية لممارسة العنف المسلح والإرهاب بالتطبيق عل
...
/ محمد عبد الشفيع عيسى
-
الأمر بالمعروف و النهي عن المنكرأوالمقولة التي تأدلجت لتصير
...
/ محمد الحنفي
المزيد.....
|