أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - عباس علي العلي - أَتْلُ مَا حَرَّمَ رَبُّكُمْ عَلَيْكُمْ ح1















المزيد.....


أَتْلُ مَا حَرَّمَ رَبُّكُمْ عَلَيْكُمْ ح1


عباس علي العلي
باحث في علم الأديان ومفكر يساري علماني

(Abbas Ali Al Ali)


الحوار المتمدن-العدد: 6866 - 2021 / 4 / 11 - 19:17
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


أَتْلُ مَا حَرَّمَ رَبُّكُمْ عَلَيْكُمْ
في كل النصوص القرأنية التي ضمها الكتاب المجيد لم نجد إلا ستة عشر عنوانا حرم الله فيها على الإنسان جملة من القضايا، النصف منها عام لكل الناس عمة على سبيل الإرشاد والإصلاح وللمؤمنين خاصة على سبيل التكليف والطاعة، ومثلها بالعدد جعل التحريم فيها مؤقتا أو مخصوصا لسبب أو علة مناسبة، وترك كل ما لا يكون مصداقا للعنوان تحت الحلية الأكثرية التي تنطبق مع قاعدة (كل ما هو غير حرام عند الله فهو حلال ومباح) مما ينفي أن يكون للإنسان حق في التقرير ما بين الحلية والحرمة وعده من الكذب الحرام أيضا (وَلَا تَقُولُوا لِمَا تَصِفُ أَلْسِنَتُكُمُ الْكَذِبَ هَٰذَا حَلَالٌ وَهَٰذَا حَرَامٌ) ١١٦ النحل، وعليه فقد نهى الله في أكثر من موضع هذا التدخل ليبقى حلال الله حلال وحرامه حرام إلى يوم الدين (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تُحَرِّمُوا طَيِّبَاتِ مَا أَحَلَّ اللَّهُ لَكُمْ) 87 المائدة.
الحرام هو منع من إتيان شيء محدد لعلة فيه أو لاتصالها بعلة أكبر تمس قانون الوجود الشمولي بالاعتداء والأنتهاك مما يؤثر بالنتيجة على أستمرارية هذا الوجود أو تعريضه للخطر كالقتل الحرام (أَنَّهُ مَن قَتَلَ نَفْسًا بِغَيْرِ نَفْسٍ أَوْ فَسَادٍ فِي الْأَرْضِ فَكَأَنَّمَا قَتَلَ النَّاسَ جَمِيعًا)، أو أنه أصلا لا يتوافق مع القيم الضابطة أو الملائمة التي تجعل من الوجود يسير في السيرورة الطبيعية ويحفظ التوازن فيه أو يرتقي بالذوق الإنساني (حُرِّمَتْ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةُ وَالدَّمُ وَلَحْمُ الْخِنْزِيرِ وَمَا أُهِلَّ لِغَيْرِ اللَّهِ بِهِ) ٣ المائدة، فليس الحرام إذا موقف من الله تجاه قضية محددة تحت بند الإشاءة الذاتية دون النظر إلى ما هو من سنة الله في الحفاظ على ما خلق، أو أحترام القيم التي جعل فيها الإنسان سويا، وفلسفة التحريم تقوم كلها على هذا الأساس ( أن لا تنتهك السوية والأعتدال والصورة الحسنى التي رتب الله بها الخلق ومنه الإنسان)، وبالتالي أي تحريم بشري خارج عن هذه القاعدة هو عمل مخالف لا أساس له ولا صحة لأنه يصدر من محتاج ليس بكامل والمحتاج لا يمكنه أن يضع قوانين كلية تناقض صفته التي هي بحاجة لمن يضع لها القوانين (وَحَرَّمُوا مَا رَزَقَهُمُ اللَّهُ افْتِرَاءً عَلَى اللَّهِ) 140 الأنعام.
وكل صيغ التحريم التي جاءت بلفظ حرمت أو حرام أو محرم هي بالدالة العامة قطعية ولا يمكن التأويل فيها على أي وجه حسب القاعدة الفقهية المتبعة عمليا وعلميا التي تقول (لا أجتهاد في مورد النص) بمعنى أن الأجتهاد والقراءة الذاتية لا يمكنها التعديل أو التغيير في حكم نص ثابت إلا في حالة واحدة هي حالة الإضطرار تحت شرطيها أن يكون مؤقت حسب ما تحتاج الحالة لعبورها وأن لا يطغى فيه بزيادة أو نقصان غير مستوجبين (فَمَنِ اضْطُرَّ غَيْرَ بَاغٍ وَلَا عَادٍ فَلَا إِثْمَ عَلَيْهِ ۚ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ) البقرة 173، وأحيانا يأت التحريم بصيغة النهي عن فعل أو الأمر بالفعل المنهي عنه (وما نهاكم عنه فانتهوا) الحشر7، هذا التحريم يأت من باب المخالفة القولية لأمر مطلوب بذاته وأي مخالفة له يعني عصيان أمر الله وهو من الكبائر، فالتحريم هنا ليس تحريما للمناسبة ذاتها وإنما لغاية أبعد منها وأعمق في الدليل كقوله سبحانه (ولا تسرفوا) الأنعام:141، أو (لا تقولوا على الله ما لا تعلمون) لأن التقول على الله حرام بذاته وحرام لأنه يرتب أوضاع كاذبة تضل الناس وتخرج بعض الحلال إلى الحرام وبالعكس (قُلْ أَرَأَيْتُمْ مَا أَنْزَلَ اللَّهُ لَكُمْ مِنْ رِزْقٍ فَجَعَلْتُمْ مِنْهُ حَرَامًا وَحَلَالًا قُلْ آللَّهُ أَذِنَ لَكُمْ) 59 يونس.
يبقى علينا أن نفرق بين النهي المجرد الموقوف على حدوثه وهو ليس محرما بذاته، فهو أما على سبيل الأستحباب وتزكية النفس مثلا (ولا تمدن عينيك إلى ما متعنا به أزواجا منهم زهرة الحياة الدنيا لنفتنهم فيه)، أو لأجل كراهية المنهي عنه كما في (ولا تيمموا الخبيث منه تنفقون) فالتيمم كقاعدة عامة لا بأس فيه في حياتنا اليومية، ولكن كراهية تيمم الخبيث لأنه في حالة غش في موضوع الإنفاق من خلال التدليس الغير منظور، وهنا موضوعية حرمة الخبيث التي نهى النص من أجلها، أما الأمر فهو واجب الإتباع مطلقا بمجرد صدوره، الفرق بين النهي للإستحباب أو الكراهية وبين الأمر، أن الأمر له حد ينتهي إليه (لا تسألوا عن أشياء إن تبد لكم تسؤكم) المائدة10)، فيقع الامتثال فيه بالمرة الواحدة وإن تكرر، أما الانتهاء عن المنهي عنه فهو حكم واجب الإتباع مطلقا سلبا أو إيجابا (واتقوا فتنة لا تصيبن الذين ظلموا منكم خاصة) الأنفال25، فلا يتحقق إلا باستيعابه في العمر فلا يتصور فيه تكرار بل بالاستمرار به يتحقق الكف (يا بني آدم لا يفتننكم الشيطان) الأعراف 27..
هناك شكل أخر من النهي الذي يفيد التحريم ليس بذاته أيضا ولكن لعواقب العمل بخلافه ويسمى نفي الكون أو نفي الحدوث، هذا التحريم يعود كما في النهي والأمر السابق للنتيجة المتحققة منه، فإذا تحققت النتيجة تحقق التحريم على الأصل المحرم وإن لم يتحقق المطلوب لا تحريم في المعروض، أي أنه نهي غير موضوعي ذاتي (ما كان للنبي والذين آمنوا أن يستغفروا للمشركين) التوبة 113، فالتحريم هنا ليس للإستغفار مطلقا، بل لكون المستغفر له قد نال تحريم الرحمة عليه مسبقا من خلال حكم ماضي في خلافه عصيان لأمر الله ورد على حكم واجب الطاعة والمتابعة (إِنَّهُ مَنْ يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَقَدْ حَرَّمَ اللَّهُ عَلَيْهِ الْجَنَّةَ وَمَأْوَاهُ النَّارُ) 72 المائدة، هذه الطائفة من أحكام الأمر والنهي هي التي وقع فيها اللغط والتشويش والتحريف كونها وعلى ظن الغالب متروكة في تقديرها للإنسان، والحقيقة أن التقرير بالحلية والحرمة ليس متاحا في هذه المواضيع ما لم يكن هناك ما يربط بين نتائجها كمصداق لا يقبل الأحتمال والتأويل وبين حكم التحريم، فالغناء والموسيقى ليست حراما لا بنص ولا بنهي أو أمر، ولكن من حرمها جعلها من طائفة اللغو واللهو وكلاهما ليس محرما لا بالأصل ولا بالنتيجة (اعْلَمُوا أَنَّمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا لَعِبٌ وَلَهْوٌ وَزِينَةٌ وَتَفَاخُرٌ بَيْنَكُمْ) ٢٠ الحديد، ولكن اللهو المحرم أو المنهي عنه لي هذا اللهو وإنما لهو بقضية أخرى يشكل اللهو بها حرمة (وَذَرِ الَّذِينَ اتَّخَذُوا دِينَهُمْ لَعِبًا وَلَهْوًا وَغَرَّتْهُمُ الْحَيَاةُ الدُّنْيَا) ٧٠ الأنعام، التحريم هنا ليس للهو المجرد بل لكل لهو يحول الدين إلى لعبة مما يشكل إهانة وأستخفاف بأمر الله أي عصيانه وجحد أمره وهو الحرام مطلقا (رِجَالٌ لَا تُلْهِيهِمْ تِجَارَةٌ وَلَا بَيْعٌ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ) ٣٧ النور.
عليه لا بد إذا نستعرض المحرم حسب طبيعته دائمي أبدي مطلق، أو مؤقت محدود له صفة خاصة لا يتعداها ولا يشمل غيرها بالتحريم وكالآتي:.
المحرمات العامة:
1. الظلم عامة والشرك بالله هو الظلم الأعظم. الظلم عكس العدل معنى وأصطلاحا ومفهوما وهو وضع الشيء في غير مكانه المناسب أو المخصص له أصلا، أو أشتقاقا معنويا من الظلام والظلمة حين لا يستطيع الإنسان أن يبصر بشكل طبيعي فيكون فعله وعمله لا يؤدي الغرض المطلوب منه (كَمَنْ مَثَلُهُ فِي الظُّلُمَاتِ لَيْسَ بِخَارِجٍ مِنْهَا) � الأنعام)، فيكون فعل الظلم عدوان على القياس والمقياس والمعيار الصحيح والعقلانية السليمة التي لا تنكر وحدانية الله أو تجعل الأمر متروكا سائبا من غير مسيطر أو متحكم سائب أو غير خاضع لقوة عاقل مطلق (يَا بُنَيَّ لَا تُشْرِكْ بِاللَّهِ إِنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ) � لقمان﴾، والظلم أسبابه وعلاته مختلفة لكنها تنضوي جميعا بما قلنا سابقا وكما في النص التالي وما بعده (فَبِظُلْمٍ مِنَ الَّذِينَ هَادُوا حَرَّمْنَا عَلَيْهِمْ طَيِّبَاتٍ أُحِلَّتْ لَهُمْ) � النساء﴾.(إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا وَظَلَمُوا لَمْ يَكُنِ اللَّهُ لِيَغْفِرَ لَهُمْ) � النساء﴾، (فَتَكُونَ مِنْ أَصْحَابِ النَّارِ وَذَٰلِكَ جَزَاءُ الظَّالِمِينَ) � المائدة﴾.
2. قتل النفس. واحدة من الممارسات التي تخرج الإنسان من قواعد وأليات ومعادلات الوجود بنظريته الشمولية، فالقانون الوجودي يقول لكل كائن الحق في الوجود طالما أنه وجد من غير إرادته، وأي مس بهذا الحق هو أنتهاك كامل لقانون الوجود وأعتداء على المقتول وعلى مسبب وجوده (وَلَا تَقْتُلُوا النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلَّا بِالْحَقِّ) � الأنعام﴾، والحق المشروط هنا الذي يبيح القتل هو كل أمر بذاته يحافظ على القانون الوجودي ويصونه كقتل القاتل ما لم يعفى عنه أو يجازى جزاء مناسب، والقتل المقابل بمفهوم الحق المقابل ليس مطلقا كما يتوهم البعض (إِنَّمَا جَزَاءُ الَّذِينَ يُحَارِبُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيَسْعَوْنَ فِي الْأَرْضِ فَسَادًا أَن يُقَتَّلُوا أَوْ يُصَلَّبُوا أَوْ تُقَطَّعَ أَيْدِيهِمْ وَأَرْجُلُهُم مِّنْ خِلَافٍ أَوْ يُنفَوْا مِنَ الْأَرْضِ ۚ)، فصور الحق لتي هنا مشروطة بالعودة عنها فيسقط الحق بالقتل المقابل (إِلَّا الَّذِينَ تَابُوا مِن قَبْلِ أَن تَقْدِرُوا عَلَيْهِمْ ۖ فَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ) المائدة 34، ومع تقرير الحق وتقرير حق الرجوع لدرء الجزاء أضاف النص شرطا أخلاقيا يحاول من خلاله التقليل من عمليات القتل المقابل (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَابْتَغُوا إِلَيْهِ الْوَسِيلَةَ وَجَاهِدُوا فِي سَبِيلِهِ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ) المائدة 35، على أن القاعدة الأساس تبقى (مِنْ أَجْلِ ذَٰلِكَ كَتَبْنَا عَلَىٰ بَنِي إِسْرَائِيلَ أَنَّهُ مَن قَتَلَ نَفْسًا بِغَيْرِ نَفْسٍ أَوْ فَسَادٍ فِي الْأَرْضِ فَكَأَنَّمَا قَتَلَ النَّاسَ جَمِيعًا وَمَنْ أَحْيَاهَا فَكَأَنَّمَا أَحْيَا النَّاسَ جَمِيعًا).
3. الفواحش والإثم والبغي بغير حق. الفاحشة هي كل سلوك من قول وفعل وممارسة وتقرير لا يستقيم مع معيارية أن الإنسان كائن سوي ينشد الإصلاح والأعمار والحياة الطيبة، والفحش أصلا في اللغة هو ما تستكره العقول لو خرج من الغير أو من النفس سرا أو علانية (قُلْ إِنَّمَا حَرَّمَ رَبِّيَ الْفَوَاحِشَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ) ﴿٣٣ الأعراف﴾، وتحت هذا العنوان جملة من القضايا التي حرمت بسبب فحشها وخروجها عن قواعد القانون الوجودي أو المس به منها (وَلُوطًا إِذْ قَالَ لِقَوْمِهِ أَتَأْتُونَ الْفَاحِشَةَ وَأَنْتُمْ تُبْصِرُونَ) ﴿٥٤ النمل﴾، (وَلَا تَقْرَبُوا الزِّنَا إِنَّهُ كَانَ فَاحِشَةً وَسَاءَ سَبِيلًا) ﴿٣٢ الإسراء﴾، (إِنَّمَا يَأْمُرُكُمْ بِالسُّوءِ وَالْفَحْشَاءِ وَأَنْ تَقُولُوا عَلَى اللَّهِ مَا لَا تَعْلَمُونَ) ﴿١٦٩ البقرة﴾.
الإثم شعور داخلي يجعل من النفس البشرية في صراع مع ذاتها يقودها للإضطراب وعدم التوازن وأصلها اللغوي (الإِثْمُ مَا حَاكَ فِي صَدْرِكَ وَكَرِهْتَ)، والآثم أيضا شعور بنتائج الخطيئة أو الإتيان بها بوجه لا يحق لك أن تفعلها (في الصحاح: الدّقُّ والكَسرُ) أي ما يدق على النفس ويكسرها (والمَطرُ يَثِمُ الأَرض وَثْماً: يَضْرِبُها؛ قال طرفة: جَعَلَتْه حَمَّ كَلْكَلِها، لِرَبيعٍ، دِيمة تَثِمُهْ فأَما قوله: فسقَى بلادَك، غيرَ مُفْسِدِها، صَوبُ الرَّبيع ودِيمةٌ تَثِم فإِنه على إِرادة التعدِّي، أَرادَ تَثِمُها فحذف، ومعناه أَي تؤثّر في الأَرض)، فالآثم هو كل ما يكسر النفس من خطيئة أو محرم أو ذنب يخرجها من الأستواء الطبيعي الذي يراد لها (يَسْأَلُونَكَ عَنِ الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ قُلْ فِيهِمَا إِثْمٌ كَبِيرٌ وَمَنَافِعُ لِلنَّاسِ وَإِثْمُهُمَآ أَكْبَرُ مِن نَّفْعِهِمَا )البقرة 219 ، فالخمر والميسر وإن كان فيهما نفع لكن هذا النفع لا يساوي ولا حتى يعادل وقع الشعور بالخطأ والخطيئة على النفس.
أما البغي فهو الإيغال بعمل الفاحشة والمستنكر من القول والفعل ويشترط فيها الإصرار والمادي في مخالفة ما هو أمر أو نهي واجب (لِمَ تَصُدُّونَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ مَنْ آمَنَ تَبْغُونَهَا عِوَجًا) ﴿٩٩ آل عمران﴾، (وَتَصُدُّونَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ مَنْ آمَنَ بِهِ وَتَبْغُونَهَا عِوَجًا) � الأعراف﴾، هذه جملة من أشكال البغي والأبتغاء التي نعتي العمل بها بإرادة حره دون ضغط وإكراه (فَمَنِ اضْطُرَّ غَيْرَ بَاغٍ وَلَا عَادٍ فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ) ﴿١١٥﴾.
4. نكاح المحارم. النكاح هو ما يعبر عنه اللغوين وأصحاب اللسانيات بالوطء أو المواقعة الجنسية بين ذكر وأنثى على الشرائط الشرعية، وبخلاف هذه الشرائط لا يسمى نكاحا بل زنا أو السفاح وغيرها من الألفاظ التي تدل على عدم الأستواء الطبيعي في ممارستها، وقد يكون النكاح ليس كذلك ومع ذلك فهو محرم ليس بسبب يتعلق به بل بما يتغدى الفعل إلى المفعول وهو نكاح المحارم التي لا تجوز أصلا (وَلَا تَنكِحُوا مَا نَكَحَ آبَاؤُكُم مِّنَ النِّسَاءِ إِلَّا مَا قَدْ سَلَفَ ۚ إِنَّهُ كَانَ فَاحِشَةً وَمَقْتًا وَسَاءَ سَبِيلًا) النساء 22، هذا النكاح محرم لأسباب كثيرة منها أنه أثم والآثم حرام، وهو ممقوت ذوقيا وأخلاقيا تأياه النفس البشرية كون المنكوحة هي بمقام الأم ونكاح الأم محرم، وأيضا لنتائجه حيث تختلط الأنساب ولا يعرف منها في النهاية ما هو محلل ومحرم، وهو في ذات العلة التي حرم الله فيها نكاح مجموعة من النساء (حُرِّمَتْ عَلَيْكُمْ أُمَّهَاتُكُمْ وَبَنَاتُكُمْ وَأَخَوَاتُكُمْ وَعَمَّاتُكُمْ وَخَالَاتُكُمْ وَبَنَاتُ الْأَخِ وَبَنَاتُ الْأُخْتِ وَأُمَّهَاتُكُمُ اللَّاتِي أَرْضَعْنَكُمْ وَأَخَوَاتُكُم مِّنَ الرَّضَاعَةِ وَأُمَّهَاتُ نِسَائِكُمْ وَرَبَائِبُكُمُ اللَّاتِي فِي حُجُورِكُم مِّن نِّسَائِكُمُ اللَّاتِي دَخَلْتُم بِهِنَّ فَإِن لَّمْ تَكُونُوا دَخَلْتُم بِهِنَّ فَلَا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ وَحَلَائِلُ أَبْنَائِكُمُ الَّذِينَ مِنْ أَصْلَابِكُمْ وَأَن تَجْمَعُوا بَيْنَ الْأُخْتَيْنِ إِلَّا مَا قَدْ سَلَفَ ۗ إِنَّ اللَّهَ كَانَ غَفُورًا رَّحِيمًا) النساء 23.
5. الربا. واحدة من أمراض المجتمع وأستغلال حاجات الفرد لمصلحة خاصة فردية في الغالب، والربا أصلا مأخوذ من التربية والنمو ولكن حينما يكون غير منضبطا بقواعد أصولية كالسرطان في الجسد، وقد عبر النص القرآني عن هذا المعنى بقوله (وَمَا آتَيْتُمْ مِنْ رِبًا لِيَرْبُوَ فِي أَمْوَالِ النَّاسِ فَلَا يَرْبُو عِنْدَ اللَّهِ) ﴿٣٩ الروم﴾، قاعدة الخير والشر في القرآن مبنية على النفع الأكبر الذي يصيب المجتمع، وبالتالي كل مخالفة لهذه القاعدة تواجه بالتحريم ليس لأنها بذاتها حراما لكنها تؤدي إلى نتائج تهز الأستقرار الأجتماعي لمصلحة فئة صغيرة مقابل الأعم الأعظم وأقترح بدلها مبدأ الطوعية النفعية التي تشد أزر المجتمع (يَمْحَقُ اللَّهُ الرِّبَا وَيُرْبِي الصَّدَقَاتِ) ﴿٢٧٦ البقرة﴾، فالربا سلوك أجتماعي أقتصادي طفيلي مخل بالتوازن ويعرض السلم والأمن المجتمعي للأهتزاز (وَأَخْذِهِمُ الرِّبَا وَقَدْ نُهُوا عَنْهُ وَأَكْلِهِمْ أَمْوَالَ النَّاسِ بِالْبَاطِلِ)﴿١٦١ النساء﴾، حتى لو أدعى المرابون أنه حلال (ذَٰلِكَ بِأَنَّهُمْ قَالُوا إِنَّمَا الْبَيْعُ مِثْلُ الرِّبَا وَأَحَلَّ اللَّهُ الْبَيْعَ وَحَرَّمَ الرِّبَا) ﴿٢٧٥ البقرة﴾، فالتحريم المعظم للربا لم ينتج عن فراغ أو لمجرد أنه نشاط كسبي يمارسه البعض بدون مشقة (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَأْكُلُوا الرِّبَا أَضْعَافًا مُضَاعَفَةً) ﴿١٣٠ آل عمران﴾، ولكنه حرب الفئة الصغيرة على المجتمع والذي قابله الله بحربه (فَإِنْ لَمْ تَفْعَلُوا فَأْذَنُوا بِحَرْبٍ مِنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ) ﴿٢٧٩ البقرة﴾، فعلة التحريم هنا فقدان المنفعة الجمعية أولا وللنتائج التي لا تعود لا على المرابي وعلى المجتمع بخير (الَّذِينَ يَأْكُلُونَ الرِّبَا لَا يَقُومُونَ إِلَّا كَمَا يَقُومُ الَّذِي يَتَخَبَّطُهُ الشَّيْطَانُ مِنَ الْمَسِّ ﴿٢٧٥ البقرة﴾، فالربا نهيه أيضا كونه مخالف للحق ومخالف للمعتاد من الأمر الطبيعي بين الناس (وَأَخْذِهِمُ الرِّبَا وَقَدْ نُهُوا عَنْهُ وَأَكْلِهِمْ أَمْوَالَ النَّاسِ بِالْبَاطِلِ) ﴿١٦١ النساء﴾.
6. الكذب والتقول على الله. من المحرمات الكبرى أن نقول على الله ما يقوله أو لم يقوله أو أنه أنكر أنه قاله، هذا السلوك المدان بذاته يجعل الأمور تختلط ببعضها ويضيع معها الحق والباطل والحلال بالحرام ولا نعرف بعدها ما هو حقيقي وما هو مزيف (وَأَنْ تَقُولُوا عَلَى اللَّهِ مَا لَا تَعْلَمُونَ) ﴿٣٣ الأعراف﴾، وهو أساسا شكل قبيح من أشكال الكذب والإدعاء بغير حق وأيضا نسيان وإنكار أن الله يعلم وأنتم لا تعلمون (وَمَا يَخْفَىٰ عَلَى اللَّهِ مِنْ شَيْءٍ فِي الْأَرْضِ وَلَا فِي السَّمَاءِ) ﴿٣٨ ابراهيم﴾، فالكذب على الله والتقول باسمه حرام من عدة نواحي أخرى لأن الكاذب والمتقول قد ينسب حلالا لحرام وحراما لحلال فيقع فيه المصدق به فيحمل الإثنان الذنب والمعصية خاصة إذا تحول هذا القول إلى ما يشبه التسليم (وَيَقُولُونَ عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ وَهُمْ يَعْلَمُونَ..... أُولَٰئِكَ لَا خَلَاقَ لَهُمْ فِي الْآخِرَةِ وَلَا يُكَلِّمُهُمُ اللَّهُ) � آل عمران﴾، الكاذب على الله ورسوله كالمكذب بالله وبما جاء منه على رسله وهم في ميزان واحد فتكذيب الله كفر عظيم والمكذب على الله أعظم منه فهو الأفتراء والتصدية عن طريق الحق والخير والعدل أيضا (وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ افْتَرَىٰ عَلَى اللَّهِ كَذِبًا أَوْ كَذَّبَ بِآيَاتِهِ � الأنعام﴾.



#عباس_علي_العلي (هاشتاغ)       Abbas_Ali_Al_Ali#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- أَتْلُ مَا حَرَّمَ رَبُّكُمْ عَلَيْكُمْ ح2
- هَذَا بَصَائِرُ لِلنَّاسِ
- القربان
- وَأْمُرْ قَوْمَكَ يَأْخُذُوا بِأَحْسَنِهَا
- وَهُمْ فِي فَجْوَةٍ مِّنْهُ
- سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَى بِعَبْدِهِ لَيْلًا
- ثُمَّ دَنَا فَتَدَلَّى
- هويتي
- وَكُلَّ إِنْسَانٍ أَلْزَمْنَاهُ طَائِرَهُ فِي عُنُقِهِ ح2
- وَكُلَّ إِنْسَانٍ أَلْزَمْنَاهُ طَائِرَهُ فِي عُنُقِهِ
- إِلَيْهِ يُرَدُّ عِلْمُ السَّاعَةِ
- وَكُنتُ عَلَيْهِمْ شَهِيدًا مَّا دُمْتُ فِيهِمْ
- الأخلاقيات الإيمانية في سورة الحجرات
- رسالة إلى شاعر
- ادْخُلُوهَا بِسَلَامٍ ذَلِكَ يَوْمُ الْخُلُودِ
- خائف أنا مني
- خرائط الغريب
- إِنَّ الْأَبْرَارَ يَشْرَبُونَ مِنْ كَأْسٍ كَانَ مِزَاجُهَا ...
- كلب الحقل
- أعترافي الأول والأخير


المزيد.....




- “من غير زن وصداع مع” تردد قناة طيور الجنة الجديد 2024 على نا ...
- فيديو خاص:كيف تسير رحلة أهالي الضفة إلى المسجد الأقصى؟
- الشريعة والحياة في رمضان- سمات المنافقين ودورهم الهدّام من ع ...
- أول مرة في التاريخ.. رفع الأذان في بيت هذا الوزير!
- أول مرة في تاريخ الـ-بوت هاوس-.. رفع الأذان في بيت الوزير ال ...
- قصة تعود إلى 2015.. علاقة -داعش- و-الإخوان- بهجوم موسكو
- صلاة الجمعة الثالثة من شهر رمضان.. الاحتلال يعيق وصول المواط ...
- السعودية.. الأمن العام يوجه دعوة للمواطنين والمقيمين بشأن ال ...
- صلاة راهبة مسيحية في لبنان من أجل مقاتلي حزب الله تٌثير ضجة ...
- الإفتاء المصرية تحسم الجدل حول فيديو إمام مسجد يتفحّص هاتفه ...


المزيد.....

- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل
- الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5 / جدو جبريل
- جمل أم حبل وثقب إبرة أم باب / جدو جبريل
- سورة الكهف كلب أم ملاك / جدو دبريل
- تقاطعات بين الأديان 26 إشكاليات الرسل والأنبياء 11 موسى الحل ... / عبد المجيد حمدان
- جيوسياسة الانقسامات الدينية / مرزوق الحلالي
- خطة الله / ضو ابو السعود
- فصول من فصلات التاريخ : الدول العلمانية والدين والإرهاب. / يوسف هشام محمد


المزيد.....

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - عباس علي العلي - أَتْلُ مَا حَرَّمَ رَبُّكُمْ عَلَيْكُمْ ح1