سعود سالم
كاتب وفنان تشكيلي
(Saoud Salem)
الحوار المتمدن-العدد: 6863 - 2021 / 4 / 8 - 20:06
المحور:
الادب والفن
توقف المهرج فجأة عن النواح وأخذ كرسيا وجلس في مواجهة الجمهور القليل المبعثر في أنحاء مختلفة من المقهى حيث تتفجر شرايين الجدران مللا وكآبة تتشقق المرايا تتصاعد ابخرة وغازات ملونة تتقيح جروح الأرض تتقشر السماء تتساقط قطعا قطعا وينمو العدم في أحشاء اللا شيء وينزرع الصمت كائنا خرافيا هلاميا ينمو وينمو حتى يحتل الكون باسره ويتناهى إلى سمعه صوت غريب خافت كحشرجة وردة تنزف حمرتها ينفتح القبر قليلا فيظهر شق من النور وتبدو السماء فوق رأسه خطا شديد الزرقة والصفاء وينساب نهر بارد في خلايا جسده والصوت الخافت يبدو كأنه آت من أعماق الأرض ثم يستوي ليل داكن على قبره ويظهر القمر فضي اللون يشع وسط الأسود المطلق يبعث خيوطا دقيقة تلعب بها النسمات تتأرجح في الفراغ الأخرس وتتساقط في اذنه ألحان قديمة يغنيها الأطفال في مواسم المطر ويتردد في صدره صدى صرخات بشرية تلاحقه حينما كان طفلا جائعا يذرع الشوارع بحثا عن حزمة ضوء أزرق فكر مرارا أن يأخذ كرسيا ويجلس في مواجهة الجمهور القليل المبعثر في أنحاء مختلفة من المقهى ويحكي لهم أسطورة الإلهة الوحيدة التي نجت من المجزرة التي على إثرها انقرضت كل الآلهة كبيرها وصغيرها بعد أن أكلت بعضها البعض وفكر أحيانا أن يحكي لهم أسطورة ضياعه في شوارع مدينة فقدت وجهها ولم يتعرف على شوارعها حيث تغيرت الأشياء والناس وانتقلت البيوت والمباني من مكانها وهاجرت نحو أصقاع أخرى دون ترك عناوينها أم أنه هو الذي فقد الخريطة وتهرأ جسده وعقله والذاكرة وفقد طفولته بجوار بئر مردوم بالرمال وحزمة الضوء تزداد إبتعادا وصوت المغني يتردد في هذا الليل الهمجي الصفاء الحلم ربما ربما الحلم يتحول فكرة وزهرة ولكن يبدو أن ضحكة الطفل اختنقت في حلق العالم والأيام وباء يعذب البشر والأرض تفقد بشرتها الخشنة وتتداخل الأشياء ويختفي الحلم على رنين المنبه السابعة وعدة دقائق
#سعود_سالم (هاشتاغ)
Saoud_Salem#
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟