أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات - محمد زكريا توفيق - قصة الولايات المتحدة (13) – رعاة البقر















المزيد.....

قصة الولايات المتحدة (13) – رعاة البقر


محمد زكريا توفيق

الحوار المتمدن-العدد: 6861 - 2021 / 4 / 6 - 21:41
المحور: دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات
    


السكك الحديدية ورعاة البقر

في مارس عام 1848، كانت مجموعة عمال تبني ورشة أخشاب بجوار نهر جار في كاليفورنيا لرجل أعمال يدعى جون سوتر. في أحد الأيام، رأى رئيس العمال في قاع النهر بعض النقاط تتوهج في الماء. عندما التقط حفنة من الطمي من قاع النهر وفحصها مليا، تبين أنها تبر ذهب مختلطا بالحصى والرمل والطمي.

هرع رئيس العمال ليخبر سوتر صاحب العمل. لم تمض فترة طويلة على هذا الاكتشاف قبل أن تجتاح هذه الأخبار كل كاليفورنيا. في منتصف الصيف التالي، بدأ اندفاع الذهب. محافظ كاليفورنيا، بعث برسالة إلى واشنطن تفيد: "ورشة الخشب مغلقة، مزارع القمح متروكة مفتوحة للماشية والخيول. المنازل خاوية على عروشها. الرجال والنساء، تركوا كل شيء، وخرجوا يبحثون عن الذهب في حقول كاليفورنيا، طلبا للثراء السريع.

بحلول الربيع وتفتح الزهور عام 1849، كانت الناس من جميع أنحاء العالم تهرع إلى كاليفورنيا للبحث عن الذهب. في عام 1848، كان عدد سكان كاليفورنيا 15 ألف نسمة. بحلول عام 1852، وصل تعدادها أكثر من 250 ألف نسمة. بعض الوافدين الجدد، كانوا يأتون بالمراكب إلى ميناء سان فرانسيسكو. آخرون يذهبون بالطرق البرية، متكبدين نفس الصعاب التي واجهها المستوطنون الأوائل وهم في طريقهم إلى أماكن البحث.

في السنوات العشرين القادمة، جذب البحث عن الذهب صائدي الكنوز والربح السريع من أجزاء بعيدة في الغرب الأمريكي. مع قدوم خمسينيات القرن التاسع عشر، امتد التنقيب عن المعادن إلى جبال نيفادا وكولورادو. وفي الستينيات، ذهبوا إلى مونتانا ووايومنج. وفي السبعينيات، كانوا يحفرون في التلال السوداء في داكوتا.

مستوطنات التعدين الأولى، كانت مجموعة مؤقتة من الأكواخ المؤجرة. متناثرة حول مسارات متعرجة ضيقة، ترابية في الصيف، وطينية في الشتاء. لكن بعضها قد تحول لاحقا إلى مجتمعات دائمة. مدينة دينفر بولاية كولورادو، بدأت بهذا الشكل.

آلاف الأميال، كانت تفصل أماكن مستوطنات التعدين في الغرب، عن بقية الولايات المتحدة. عند النظر إلى الخريطة، سنجد أن المستوطنات البيضاء في الشرق، قد توقف تمددها عند غرب نهري مسيسيبي وميسوري. بعد ذلك، ولمسافة آلاف الأميال، تمتد أراض مستوية مغطاة بحشائش طويلة إلى أن نصل إلى جبال روكي (الجبال الصخرية).

الرحالة السابقون كانوا يصفون هذه الأراضي ببحار الحشائش المترامية. لأنها حشائش بدون أشجار أو شجيرات تذكر. الجغرافيون يسمون هذه المراعي ب السهول الكبرى، أو براري شمال أمريكا.

السهول الكبرى عموما، أكثر جفافا من الأراضي الواقعة شرق المسيسيبي. معدل هطول الأمطار حوالي أربعين بوصة في السنة في الأجزاء الشرقية، تقل بالتدريج إلى أقل من ثماني عشرة بوصة في السنة في الأجزاء الغربية.

الأمطار الصيفية غالبا ما تتدفق مصحوبة بعواصف رعدية شرسة، تسبب في الغالب فيضانات مدمرة فجأة. الجفاف يحدث مرات أكثر من الفيضانات. نوبات الجفاف المتكررة، قد تسبب حرائق في البراري، تكتسح كل شيء في طريقها. في الشتاء، تصبح السهول باردة جدا. عواصف ثلجية رهيبة، وقد تصل درجات الحرارة بها إلى (-40)، أربعون درجة مئوية بالسالب.

في منتصف القرن التاسع عشر، كانت السهول الكبرى هذه هي مأوى الهنود الحمر، الهائمون في البراري يتبعون الصيد، مثل قبيلة سيوكس. حياتهم تعتمد على قطعان كبيرة من الجاموس البري، الذي يرعى في بحر الحشائش الكبير. الجاموس يعطي الهنود الحمر كل شيء يحتاجونه. يمدهم باللحوم والكساء. من جلودها يبنون خيامهم. من عظامها يصنعون آلاتهم وسكاكينهم وحلي نسائهم وزينة رجالهم.

في 1840s و 1850s، عبر آلاف المستوطنون البيض السهول الكبرى للوصول إلى مزارع ولاية أوريجون وحقول الذهب في كاليفورنيا. المنطقة بالنسبة لهم، ليست للإقامة الدائمة وبناء المنازل والمدن، بل يمرون بها مرور الكرام ويتركونها بأسرع ما يمكن. من يريد أن يسكن في بقاع مثل هذه؟

لقد رأوها أراض خطرة لا تستحق التملك والقتال من أجلها. لذلك كانوا سعداء بتركها للهنود الحمر. اسم هذه الأراضي في خرائط ذلك الوقت ب الصحراء الأمريكية العظمى، أو السهول الكبرى.

في غضون خمسة وعشرين عاما من نهاية الحرب الأهلية، تقسمت كل السهول الكبرى إلى ولايات ومناطق. مربي الماشية كانوا يطلقون قطعانهم كبيرة العدد، لكي تتغذى على بحر الحشائش المترامي. الفلاحون كانوا يحرثون الصحراء الأمريكية العظمى، لكي يزرعوا القمح. رعاة الأغنام، كانوا يرعون أغنامهم في سفوح جبال روكي.

بحلول عام 1890، مناطق الاستيطان المنفصلة على ساحل المحيط الهادئ، وكذلك المناطق على طول نهر المسيسيبي، تم ضمها إلى بعضها. واختفت الحدود المتحركة التي كانت تفصل بين المستوطنين البيض والهنود الحمر.

لعبت السكك الحديدية دورا هاما في تحديد الحدود. خلال الحرب الأهلية، كان الكونجرس منحازا إلى المستوطنات الغنية بالذهب على طول ساحل المحيط الهادي. في عام 1862، منح الأرض والأموال إلى شركة الاتحاد الباسيفيكي للسكة الحديد، لكي تقوم بمد خط سكة حديد من غرب المسيسيبي إلى المحيط الهادي. في الوقت نفسه، قدم الكونجرس منحة متساوية إلى شركة وسط المحيط الهادي للسكك الحديدية لمد خط شرقا من كاليفورنيا.

طوال 1860s، مجموعات من العمال، تحمل المعاول والبارود، لكي تمد الخطين المطلوبين. معظم العمال في شركة الاتحاد الباسيفيكي كانوا إيرلنديين أو مهاجرين حديثا من أوروبا. أما عمال شركة وسط الباسيفيكي، فكانوا في الغالب صينيين تم إحضارهم بالجملة إلى أمريكا بموجب عقد خاص للقيام بهذه المهمة.

تقدم عمال السكك الحديدية في العمل، كان يعتمد في الأساس على طبيعة الأرض التي يعملون عليها. أرض السهول الكبرى منبسطة، يسهل تقدم العمل عليها بسرعة. كانوا يمدون ما يقرب من 6 أميال قضبان سكة حديد في اليوم. في منطقة الصخور والمنحدرات من جبال سييرا نيفادا، كان التقدم بطيئا. في بعض الأحيان، كان يستغرق الأمر أياما لفحت أنفاق صعبة وخطرة حتى يستطيعوا التقدم بضع مترات.

الولايات المتحدة كلها كانت تراقب بحماس شديد، خطي السكة الحديد وهما يقتربان من بعضهما. كلاهما كان يتقدم بسرعة كما ينبغي. الأموال الممنوحة للشركتين كانت تتوقف على طول القضبان الممتدة. أخيرا، في 10 مايو 1869، تقابل الخطان في برومونتوري بولاية يوتا. أول خط سكة حديد في الولايات المتحدة، قد تم بنجاح.

سرعان ما انضمت إلى خطي السكك الحديدية الجديدة خطوط أخرى. في عام 1884، أربعة خطوط كبرى، عبرت القارة لكي تصل وادي المسيسيبي إلى ساحل المحيط الهادي. هذه الخطوط، التي تعبر قارة أمريكا الشمالية، خفضت وقت السفر في الولايات المتحدة من أسابيع، إلى أيام.

السكة الحديد الجديدة، جعلت مربي الماشية في ولاية تكساس، ترى طريقة جديدة لكسب المال. يمكنهم الآن إطعام ماشيتهم بثمن بخس على المراعي، التي ليس لها أصحاب، بين ولاية مسيسيبي وجبال روكي. ثم يقومون باستخدام السكك الحديدية الجديدة لنقل الماشية إلى المدن الشرقية، حيث يوجد المشترون المتلهفون لأكل اللحوم.

في السنوات التي تلت الحرب الأهلية، أصحاب الماشية في تكساس، قاموا باستئجار رعاة بقر لكي تسوق ماشيتهم شمالا نحو خطوط السكك الحديدية. راعي البقر كان يعيش حياة بائسة. هو بطل في السينما بس.

عمل مرهق، غذاء رديء وأجر زهيد. لكنها كانت وظيفة مثيرة للشباب. كان العديد من رعاة البقر جنودا كونفدراليين سابقين يحاربون مع الجنوب. انتقلوا غربا بعد الحرب الأهلية. بعضهم كانوا عبيدا في ولايات الجنوب وتم تحريرهم. وأيضا شبان تبحث على وظيفة أكثر إثارة من مجرد عامل في مزرعة.

تُنقل الماشية عبر طرق عادية، تسمى "مسارات". في بداية الطريق، يسوق رعاة البقر الماشية بسرعة لتوفير الوقت. وعنما يقتربوا من السكك الحديدية، يتباطؤوا في السير، 12 ميلا في اليوم تقريبا. لماذا؟

لأن هذا يعطي الماشية الكثير من الوقت للرعي، بذلك تكون زائدة في الوزن عند بيعها وشحنها بالرطل. التقاء مسارات الماشية بالسكك الحديدية، نتجت عنه مدن جديدة. أول مدن الماشية هذه هي أبيلين في كنساس.

سرعان ما كانت اللحوم من السهول الكبرى بالولايات المتحدة، تغذى الناس في أوروبا وكذلك شرق الولايات المتحدة. بحلول عام 1881، أكثر من 110 مليون رطل لحوم بقر من أمريكا، تم شحنها عبر المحيط الأطلسي. حشائش السهول الكبرى كانت تدر دخلا للولايات المتحدة، يفوق ما كانت تدره مناجم الذهب في جبالها الغربية.



#محمد_زكريا_توفيق (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- قصة الولايات المتحدة (12) – اغتيال الرئيس لنكولن
- قصة الولايات المتحدة (11) – الحرب الأهلية
- قصة الولايات المتحدة (10) – العبودية بين الشمال والجنوب
- قصة الولايات المتحدة (09) – التمدد غربا
- قصة الولايات المتحدة (08) – سنوات النمو
- قصة الولايات المتحدة (07) – حكومة جديدة ودستور جديد
- قصة الولايات المتحدة (06) – القتال من أجل الاستقلال
- قصة الولايات المتحدة (05) - جذور الثورة
- قصة الولايات المتحدة (04)
- قصة الولايات المتحدة (03)
- قصة الولايات المتحدة (02)
- قصة الولايات المتحدة (01)
- زوجات ستيبفورد -صرخة ضد عبودية الرجل للمرأة
- أن تقتل طائرا محاكيا
- عناقيد الغضب - جون ستاينبيك
- دعوة لقراءة الأفق المفقود
- دعوة لمشاهدة راشومون
- دعوة لمشاهدة الساموراي السبعة
- حكم وحكايات صوفية
- كم من الأرض يحتاجها الإنسان؟


المزيد.....




- رجل وزوجته يهاجمان شرطية داخل مدرسة ويطرحانها أرضًا أمام ابن ...
- وزير الخارجية المصري يؤكد لنظيره الإيراني أهمية دعم اللبناني ...
- الكويت.. سحب الجنسية من أكثر من 1600 شخص
- وزير خارجية هنغاريا: راضون عن إمدادات الطاقة الروسية ولن نتخ ...
- -بينها قاعدة تبعد 150 كلم وتستهدف للمرة الأولى-..-حزب الله- ...
- كتاب طبول الحرب: -المغرب جار مزعج والجزائر تهدد إسبانيا والغ ...
- فيروز: -جارة القمر- تحتفل بذكرى ميلادها التسعين
- نظرة خلف الجدران ـ أدوات منزلية لا يتخلى عنها الألمان
- طائرة مساعدات روسية رابعة إلى بيروت
- أطفال غزة.. موت وتشرد وحرمان من الحقوق


المزيد.....

- الانسان في فجر الحضارة / مالك ابوعليا
- مسألة أصل ثقافات العصر الحجري في شمال القسم الأوروبي من الات ... / مالك ابوعليا
- مسرح الطفل وفنتازيا التكوين المعرفي بين الخيال الاسترجاعي وا ... / أبو الحسن سلام
- تاريخ البشرية القديم / مالك ابوعليا
- تراث بحزاني النسخة الاخيرة / ممتاز حسين خلو
- فى الأسطورة العرقية اليهودية / سعيد العليمى
- غورباتشوف والانهيار السوفيتي / دلير زنكنة
- الكيمياء الصوفيّة وصناعة الدُّعاة / نايف سلوم
- الشعر البدوي في مصر قراءة تأويلية / زينب محمد عبد الرحيم
- عبد الله العروي.. المفكر العربي المعاصر / أحمد رباص


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات - محمد زكريا توفيق - قصة الولايات المتحدة (13) – رعاة البقر