|
أبريل وأزمة الضمير!
بثينة تروس
(Buthina Terwis)
الحوار المتمدن-العدد: 6860 - 2021 / 4 / 5 - 11:15
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
(في سبيل بناء عالم مستدام قوامه المحبة والوئام لتحقيق التنمية المستدامة، وترسيخ ثقافة الضمير، دعم الجهود الدولية لإرساء السلام بين الدول، وتطويع العمل الجماعي الدولي والمؤسساتي لتحقيق الامن والاستقرار الدوليين، جعل الضمير وسيلة تعزيز التسامح والتعايش مع الاخر محاربة الفقر الاحتكار والبطالة وتشجيع الابتكار والابداع) هذه هي بنود مبادرة الأمير خليفة بن سلمان اَل خليفة رئيس وزراء البحرين والتي اعتمدتها الجمعية العمومية للأمم المتحدة في دورتها (73) في يوليو 2019 وبموجب ذلك تم تحديد يوم 5 ابريل يوماً دولياً (للضمير). والحوجة لمثل هذا اليوم حوجة ضرورية، في مقابل ازمة الاخلاق العالمية الحادثة، ومبادرة الأمير خليفة بن سلمان فيها تذكير عالمي بالدعوة لأصول الاخلاق والسلام وايقاظ موات ضمير الساسة في العالم، وكل ما فارقه ساسة العرب والمسلمين تخصيصاً. ان اختيار يوم الضمير في ابريل له دلالات ثورية تجعلنا كسودانيين معنيين به في المقام الاول، ففي 6 ابريل 1985 قاد الشعب انتفاضة عظيمة ضد دولة الهوس الديني وقوانين سبتمبر 1983، التي اطلق عليها الاخوان المسلمين بتحالفهم مع المخلوع جعفر نميري قوانين الشريعة الاسلامية، وكانت الديموقراطية التي لم ينعم بها الشعب طويلاً, لضعف ضمير الإسلاميين الذين كان انقلابهم علي الشرعية في البلاد، وساهم تاَمر رجال الدين واطماعهم في السلطة، مجدداً في استغلال الشعب المحب للدين بدعاوي تحكيم الدستور الإسلامي، وحكم الاخوان المسلمين البلاد لثلاث عقود، وفي ثورة من اعظم الثورات السلمية والملاحم البطولية في العالم قاطبة، كانت مشيئة الثوار رافضة للتطرف والردة الحضارية والفساد، في 6 ابريل 2019 تمدد غضب الشعب بركان، واعتصم بالقيادة العامة حتي اكتمال ثورة ديسمبر 2019، واليوم تمر علينا الذكري في جو تتعاظم فيه ازمة الضمير ويتقاسم وزرها الساسة في الانتقالية، وفلول الاخوان المسلمين وعلماء السلطان، والملاحظ ان تلك الثورات أجمعت علي رفض التطرف والارهاب الديني والتطلع للمدنية والحكم الديموقراطي، وللأسف الحكومة الانتقالية غارقة في محصصات كل يوم تزيد الشقة بينها والشعب، فلقد مرت علينا ذكري مجزرة طلبة العيلفون في 2 ابريل 1989، التي راح ضحيتها ما يقارب 172 طالباً، حصدتهم نيران رصاص حكومة الاخوان وغرقاً في النهر، حين خالفوا أوامر معسكرات التجنيد الاجباري الذي كانت الحكومة ترغمهم علي الالتحاق به بل تختطفهم من الشوارع، وهم صبية لم يدخلوا الجامعات وبعد اكتمال التدريب العسكري يدفع بهم لمحارق الجهاد الإسلامي في الجنوب! هؤلاء الشباب كانت مخالفتهم الأوامر من أجل قضاء أيام عيد الأضحي المبارك، مع امهاتهم واَبائهم في الدولة الإسلامية! وللأسف لم يسعف الضمير الثوري الحكومة في تصريحاً رسمياً تعتذر فيه لأهالي الشهداء، ومن لحق من شهداء ديسمبر الميامين، والتأكيد علي المحاسبة والقصاص، وتطمين الشعب بعدم تكرار مثل تلك الحوادث لأبنائهم. وبالطبع ازمة الضمير هي متلازمة أخلاقية لفلول الاخوان المسلمين ورجال الدين وعلماء السودان وفقهاء التطرف، الذين لم يعتزلوا الفتنة وحرف الثورة عن أهدافها، جزلين بعدم محاسبتهم علي جرائمهم، ولم تنفعهم عبادتهم لإيقاظ ضمائرهم، فهم يخافون الحكام ولا يخشون الله الذي (يعلم خائنة الأعين وما تخفي الصدور). فلو تم ردعهم بما يتناسب واجرامهم لتواروا خجلا من فساد الأوقاف، والحج والعمرة، وسرقة أموال الزكاة، وفساد منظمات الدعوة الإسلامية، وفتاويهم للحكام التي اطالت امدهم في السلطة. والمرجو من وزير شئون الأوقاف الدينية نصر الدين مفرح الذي دعم أعظم إنجازات الثورة بوقوف الدولة علي مسافة واحدة من جميع الأديان، ان يردع الدعاة وخطباء الجوامع وتوحيد لغة الخطاب الديني في المساجد! وان يستفتي (ضميره) قبل ان يصرح للأعلام برسائل متضاربة، من شاكلة دعمه لفصل الدين عن الدولة (بصدد بناء مشروع وطني لا يقوم على أساس ديني أو أساس إثني أو قبلي، بل على أساس المواطنة والحقوق والواجبات).. ثم حين سؤل عن حد الردة صرح بقوله (ان المذاهب الإسلامية تختلف حولها لذلك تم ارجاؤه حتى قيام المؤتمر الدستوري الجامع للبت فيه).. اول سؤال يتبادر للذهن هل لم يسمع السيد الوزير مفرح ان حكومته الغت حد الردة تماماً، وصرح وزير العدل نصرالدين عبد الباري في عقوبة حد الردة عن الإسلام (أن إلغاء النص حول الردة الوارد في القانون الجنائي، جاء اتساقاً مع الوثيقة الدستورية التي تحكم السودان الآن بعد التوصل إليها بين المجلس العسكري وقوى الحرية والتغيير العام الماضي، مشيراً إلى أن الوثيقة تمنح كل مواطن حرية في الاعتقاد والتدين، منوهاً إلى أنه "تم تبديل نص الردة بنص يمنع تكفير المواطنين) في 12 يوليو 2020 فاذا كان موقفه الصامت بالموافقة سابقاً مرجعيته الوسطية! هل يفهم الشعب انه تبني موقفاً مغايراً بسبب تمديد وزارته كحزب امة؟! ومزيد أسئلة هل يتصور مفرح انه سيتفق الفقهاء والمذاهب المختلفة في المؤتمر الدستوري القادم؟ ام يقصد الوزير حينئذ سوف يتم التصويت علي الدستور الإسلامي مجدداً؟ ويخرج فينا من يؤكد اجماع الامة على أسلمة الدولة! ان تصريح الوزير نصر الدين مفرح يؤكد على عدم فهم لمعني فصل الدين عن الدولة! ومعني سيادة الدستور! والحقوق الأساسية! وعليه ان يصدق الشعب النوايا او يستقيل عن منصبه!! ويضاف لازمة الضمير الابريلي هذا، ما تجلي في التغيير الوزاري الذي لم يراعي اهداف الثورة، واكد علي ان التفاحة لا تسقط بعيداً عن الشجرة، حيث لم تنفك مطالب الشعب في التغيير معلقة لم تري النور، في قضايا بأهمية التعليم وعدم اكتمال تغيير المناهج الاسلاموية، ومخالفة الوثيقة الدستورية، في الالتزام بتحسين الأوضاع المعيشية والاقتصادية، والتآمر حول تعطيل المجلس التشريعي في الوقت الذي خلق من العدم ما سمي ( بمجلس الشركاء) واحتلت الأحزاب مقاعدها فيه وبدأ مهامه كما يعلم الجميع، وظلت جماهير الثورة من الشباب والمرأة ولجان المقاومة واسر الشهداء ينتظرون حقهم في برلمان شعبي يتحقق من خلال المجلس التشريعي الذي يخول لهم حراسة مكتسبات الثورة، والمساهمة في اتخاذ القرارات! وخلق القوانين العادلة، والتأسيس للديموقراطية، والحرص على اتفاقية اعلان المبادئ، واستقلال القضاء، ولن يتأتى ذلك الا بإزالة التمكين، وهكذا فأن الدعوة للضمير تعني فيما تعني الحكم السياسي الرشيد الذي يقدم مصلحة الوطن والمواطن علي المصالح الحزبية الضيقة، وبلدان مثل ماليزيا وسنغافورا التي نهضت اقتصادياً، او تلك التي نفضت رماد الحريق كرواند، جميع تلك البلدان ليس شعوبها بأكثر صلابة من شعبنا ولكن قادتهم من أصحاب الضمائر الحية..
#بثينة_تروس (هاشتاغ)
Buthina_Terwis#
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
السلام (الحلو) وعجز القادرين على التمام!
-
لقد ولي خطاب (أضربوهن)!
-
نوال السعداوي! رؤية شجاعة للجنس والدين
-
إنها جناية الأخوان المسلمين!
-
يوم المرأة! الهوس الديني يعوق حقوقهن
-
إزالة التمكين والإخوان المجرمين!
-
حمدوك! أكلت يوم أكل الثور الأبيض
-
عودة (رامبو) وضعف القضاء!
-
الإنتقالية بين أحزاب وأفندية!
-
النساء ومواجهة (العهر السياسي)!
-
حمدوك: من يهن يسهل الهوان عليه !!
-
المناهج وتحرش رجل دين بلا أدب ولا دين!
-
في يومهن! يا جبريل عليك بالسلام!
-
كمالا..ماتركتي للفقهاء علي النساء سلطان!!
-
علام يكبر الأخوان المسلمون أيها القضاة؟
-
التطهير السياسي الباب للديموقراطية!
-
وزارة التربية بين التعليم والتمكين!
-
( تسقط بس) كرامة وليس إزعاج عام!
-
سلام حمدوك ولا شريعة ( الخال)
-
(شالوم).. يا قحت وحكومة!
المزيد.....
-
منشور يشعل فوضى في منتجع تزلّج إيطالي.. ماذا كتب فيه؟
-
-أم صوفيا-.. سلمى أبو ضيف تنجب طفلتها الأولى
-
رداً على تصريحات ترامب بشأن -تهجير- أهل غزة، دعوات إلى التظا
...
-
اللجنة المحلية للحزب في الديوانية: ندين الاعتداء على المحتجي
...
-
حادث مطار ريغان يربط موسكو وواشنطن في مباحثات إنسانية
-
غزة.. انتشال 520 جثة من تحت الأنقاض منذ وقف إطلاق النار
-
الدفاع الروسية تعلن تحرير 6 بلدات في كورسك ودونيتسك وخاركوف
...
-
وقفة صامتة أمام السفارة الأمريكية في تل أبيب للمطالبة بالإفر
...
-
بيسكوف: التعليق على تكهنات حول -قوات كوريا الشمالية في كورسك
...
-
فنلندا.. منع طالب من زيارة محطة نووية بسبب جنسيته الروسية
المزيد.....
-
الخروج للنهار (كتاب الموتى)
/ شريف الصيفي
-
قراءة في الحال والأداء الوطني خلال العدوان الإسرائيلي وحرب ا
...
/ صلاح محمد عبد العاطي
-
لبنان: أزمة غذاء في ظل الحرب والاستغلال الرأسمالي
/ غسان مكارم
-
إرادة الشعوب ستسقط مشروع الشرق الأوسط الجديد الصهيو- أمريكي-
...
/ محمد حسن خليل
-
المجلد العشرون - دراسات ومقالات- منشورة بين عامي 2023 و 2024
/ غازي الصوراني
-
المجلد الثامن عشر - دراسات ومقالات - منشورة عام 2021
/ غازي الصوراني
-
المجلد السابع عشر - دراسات ومقالات- منشورة عام 2020
/ غازي الصوراني
-
المجلد السادس عشر " دراسات ومقالات" منشورة بين عامي 2015 و
...
/ غازي الصوراني
-
دراسات ومقالات في الفكر والسياسة والاقتصاد والمجتمع - المجلد
...
/ غازي الصوراني
-
تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ
/ غنية ولهي- - - سمية حملاوي
المزيد.....
|