|
كتابات مندلاوية 58/ نوروز المحبَّة/1
احمد الحمد المندلاوي
الحوار المتمدن-العدد: 6860 - 2021 / 4 / 5 - 01:20
المحور:
الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
# وصلني من الاستاذ رستم البندنيجي مقالاً تراثياً بعنوان "نوروز يملأ الأرض محبَّة" نسرده هنا للفائدة : لا توجد مناسبة مثل نوروز، تجمع شعوبا ذات ثقافات مختلفة، حول معاني المحبة والتآخي والخير، الذي يعتبر عيدا مشتركا لشعوب عديدة، تختلف في اللغة والعرق والمذهب، تحتفل هذه الشعوب بهذه المناسبة يجمعها عيد نوروز وبداية العام الجديد لتقاويمها التاريخية. وقد اختلفت فلسفات الاحتفال بعيد النوروز من دولة الى أخرى، من طقوس وعادات اضافة الى المشتركات بين الدول المحتفلة بعيد (نوروز). والبلدان الواقعة بمحاذاة طرق الحرير الأكثر احتفالا بهذا العيد، يمتد الطريق من المراكز التجارية في شمال الصين، حيث ينقسم إلى فرعين شمالي وجنوبي، يمر الفرع الشمالي عبر شرق أوروبا بما فيها أفغانستان، وأذربيجان، والهند، وإيران، والعراق، وقيرغيزستان، وكازاخستان، وباكستان، وطاجيكستان، وتركيا، تركمنستان، وأوزبكستان. وشبه جزيرة القرم وحتى البحر الأسود وبحر مرمرة والبلقان ووصولاً للبندقية. أمّا الفرع الجنوبي فيمرّ من تركستان وخراسان وعبر بلاد ما بين النهرين والأناضول وسوريا عبر تدمر وأنطاكية إلى البحر الأبيض المتوسط أو عبر دمشق وبلاد الشام إلى مصر وشمال أفريقيا. طقوس نوروز في الدول المحتفلة: سمي السومريون عيد النوروز (زكموك) وكان ذلك قبل خمسة ألاف عام، وسماه البابليون (أجيتو) أي عيد رأس السنة، وكان الكهنة في يوم النوروز يصلون للإله مردوخ لينبثق الربيع ويعود تموز من أسره في الأرض السفلى إلى سطح الأرض ليتم الخصب، ويستمر العيد عند العراقيين القدامى عشرة أيام حيث تقام الأفراح وتزدهر المواكب، وقد انتشر هذا العيد العراقي لدى شعوب أخرى مثل الترك والفرس، ولكنه في عراقنا هو عيد الكرد الذين يحتفلون بـ (نوروز) باعتباره يوم انتصار كاوه الحداد على الطاغية الضحاك. ويعتبر أقدم الأعياد التاريخية على الإطلاق حيث ظل يحتفل به أسلافنا السابقون، بصورة رسمية وشعبية منذ خمسة آلاف عام وحتى الآن، مع اختلاف التسميات، وانه أكثر الأعياد شمولية لجميع فئات الأمة العراقية، كل هؤلاء يحتفلون بما لديهم من تقاليد حسب معتقداتهم وثقافاتهم، بتسمية معينة وحجة دينية وتاريخية مختلفة خاصة بهم، ولكن الجميع يحتفلون بهذه الفترة بانبثاق الخضرة والربيع وانتشار الخصب بمعانيه البيئية. مع احتفالات العالم بعيد الربيع المسمى (عيد الدخول) في الجنوب العراقي المرتبط بحكم توقيته في 21 /آذار حيث تدخل الشمس في برج الحمل وهو السبب في تسميتها لدى العراقيون بـ (الدخول). تولي العوائل العراقية اهمية كبيره، بدءا بالأسواق حيث تظهر الاباريق الخزفية الملونة، والشموع وخلطات المكسرات والزبيب، فيما تطغي الالوان الصارخة على معروضات الملابس، وتشكل الاباريق الخزفية الملونة أعمالا فنية محلية ترمز لمعاني البركة والسعادة والتفاؤل، فيما يتم إعداد اكلات خاصة مثل (الزردة) و(البحت) وأنواع أخرى من الحلوى والفستق واللوز والدارسين فتكون الزردة صفراء اللون والبحت ابيضا مناصفة في كل اناء ويتركانها ليلا الى صبيحة 21 آذار محاطا بالشموع، واعواد الياس والزهور، وأطباق اخرى تحوي الحلويات الاخرى والمكسرات، والحناء وبعض الحبوب وغيرها. وبسطاء المجتمع العراقي يعتقدون ان ملكا صالحا يدخل البيوت الطاهرة، ويزور العوائل المؤمنة ويشاركهم الاحتفال بتذوقه هذه الأكلات، ويبارك لهم إيمانهم وأرزاقهم وصحتهم، أما حكاية صينية (السبع سينات) هي الأشهر في العراق، وتجمع عليها جميع النساء ويكون هَمْ اغلب الرجال لتوفير مستلزماتها قبل ليلة الحادي والعشرين من اذار، وإلا فان المرأة ستشعر بأن زوجها غير مهتم بسعادة العائلة، وهي عبارة عن صينية كبيرة تجمع فيها سبع اشياء تبدأ بحرف السين، أو تحتوي على هذا الحرف واولها سمكة صغيرة نوع (حرش) او ما يسمى عند الجنوب (الزوري او ابو خريزة) وهذه السمكة في صبيحة يوم عيد الدخول، تعلق على باب البيت الى العام القادم لطرد العين وجلب الرزق. اما باقي مكونات الصينية فهي (اعواد من نبات الياس، الملبس أي اللوز المغلف بالسكر، وسكر، وسمسم، وسلق، وخس) وغيرها وتوقد فيها الشموع في ليلة عيد الدخول الى ان تنطفئ لوحدها، اعتقادا من الاهالي أن هذه الصينية تبعد الارواح الشريرة عن ابناء البيت. وتبقى العادات والتقاليد المتوارثة امتداد تراثي يزرع الأمل والطمأنينة لدى الناس وتزيد من تواصلهم والفتهم وتفاهمهم. وعيد الدخول من الأعياد المتوارثة في العراق عموما والنجف خصوصا ولكن قل الاهتمام به في الوقت الحاضر ولم يتبق إلا القليل من العوائل التي تستعد له. والنجفيون يهيئون الشموع وأغصان الآس ومجموعة من الأطعمة التي تتضمن حرف السين، ومن بينها سمكة صغيرة تعلق يوم العيد بباب المنزل لطرد النحس حسب العادات المتوارثة. إذا كان للأسرة بنت صغيرة يتم شراء (شربة) أي قلة فخارية صغيرة الحجم، وإن كان للعائلة وصبي صغير يتم شراء إبريق فخاري صغير الحجم، ويتم تهيئتها منذ بداية الشهر بزراعة حبوب الحنطة أو الشعير بداخل خرقة قماش توضع في فوهة القلة أو الإبريق، وفي ليلة الدخول أو (النوروز) تكسر الفخاريات تلك الليلة باعتقاد أن ذلك يجلب الحظ للطفل. ومن التراث الشعبي في ميسان، أن أرياف المحافظة تحتفل أيضا بهذه المناسبة في 21 آذار، حيث يقومون بشراء الخس والشموع على عدد أفراد الأسرة، ثم يضعون الرز واللبن والسمسم والسكر والحناء في (صينية) كبيرة ويطلقون على هذه المواد (جوه السلة)، وبعد فترة من الهدوء والصمت يبدؤون بتناول ما في الصينية. وفي اليوم الثاني يخرجون للتنزه في البساتين عصرا ومعهم الأطعمة، ثم يعودون بعد الاحتفال إلى بيوتهم. ويحتفل سكان كركوك والقرى التركمانية بهذه المناسبة، حيث يجتمعون في ليلة نوروز في الأزقة والحارات، ويبدأ الأطفال بالغناء وهم يحملون المشاعل في الطرقات وفي سطوح منازلهم. وفي المساء يتم كسر الجرار القديمة، ويسمى العامة هذه الاحتفالات باحتفالات (هيلانا) وهو في الأصل احتفال خاص بـ (مسيحيي القلعة) التركمان الذين يحتفون به بذكرى إرسال (هيلانه) أم الملك قسطنطين من المسيحيين من استانبول إلى فلسطين للبحث عن الصليب الذي صلب عليه السيد المسيح(ع)، وبغية إضاءة الطريق طلبت إشعال المشاعل عبر التلال والجبال والطرق والمنافذ المؤدية من استانبول إلى فلسطين. ومع الزمن ونتيجة لمشاركة المسلمين التركمان جيرانهم من أبناء جلدتهم المسيحين في هذه الطقوس الاحتفالية، أصبح الاحتفال في نوروز بهذه المناسبة تقليدا عاما يحتفل به سكان كركوك من التركمان في أحياء مختلفة. في جمهورية قرغيزستان تم حظر الاحتفال بنوروز خلال الحقبة السوفيتية، يعتبر عيد النوروز أحد أهم الاحتفالات الرسمية، ويطلق القرغيزي اسم (نوروز) على أول أيام السنة الجديدة في نوروز يغادر السكان البدو خيامهم إلى السهول والمراعي حيث يرتدون أجمل ملابسهم، ويعدون أفضل أنواع المأكولات، ويقومون بتحطيم الجرار والأواني الفخارية كجزء من الاحتفال، ويشعلون النار ويطوفون حولها أو يقفزون من فوقها، يشعل صاحب المنزل شمعتين ويضعهما فوق منزله ثم يبدأ التنظيف ويعتقدون أن من ينظف منزله لن يصيبه مرض خلال السنة الجديدة، كذلك تقوم الفتيات في قرغيزيا بطبخ اكلة تسمى (اويقي آشار) من آخر ما تبقى من لحم الخيل الذي يسمى (سوقيم) وتدعو الفتيات من يحببن من الشباب لتناول الطعام، وفي المقابل يهدي الشاب مرآة ومشط وعطر للفتيات اللواتي يحبون الارتباط بهن ويسمون ذلك بـ (سلت اتكيتر). ويعد النوروز بالنسبة للقرغيزيين مقدس جداً، ويتفاءلون بالمطر ونزول الثلج في هذا اليوم، ويلبسون الملابس الجديدة البيضاء ويطبخون طعاماً خاصاً يسمى(نوروز غوجه) يعد من سبعة اشياء، وغوجة يعني شوربة من دقيق الذرة والبرغل، وهذا يعني توديع فصل الشتاء والاطعمة الشتوية. وتستمر الاحتفالات لمدة اسبوع. أما في سمرقند وبخاري وأنديجان في أوزبكستان فيتم الاحتفال أيضا بعيد نوروز حيث تكون العطلة الرسمية لمدة اسبوع. وينطلق فيها السكان إلى السهول القريبة من الينابيع، وتمتلئ مكان الاحتفالات بالعازفين والراقصين، وفي اليوم الأول يبدأ التهاني بين الحاضرين، ويقدم طعام العيد (آش) للضيوف وهو غالبا ما يكون وجبة من الرز (بيلاو) إلى جانب الشاي والفواكه، وتحتم التقاليد على الضيوف تناول شيئا من الطعام المقدم له حتى لو كانوا شبعان، ويتم في هذه المناسبة تنظيم سباقات الخيل والمصارعة، وفي مدينة (قازان) يصنع بالمناسبة كعكعة نوروز وحساء خاصا يسمى بـ (نوروز شوربه سي). كما يحتفل أتراك القرم بعيد نوروز كعيد للربيع، تتساوى فيه ساعات الليل مع ساعات النهار. ويقوم الأطفال بزيارة البيوت وهم محملين بباقات النرجس يوزعونها على البيوت مقابل الحصول على الحلوى والبيض الملون وبعض الهدايا، وتعد بمناسبة أكلة خاصة تسمى (نوروز آشي ـ طعام نوروز)، وفي المساء يقفز الشباب والفتيات بصورة زوجية من فوق أكوام التبن التي يضرمون فيها النيران. وفي تركستان الشرقية بالصين فان للأويغوريين تقليدا خاصا في الاحتفال بعيد نوروز يختلف عن بقية الأقوام التركية، حيث يبدأ الاحتفال بتلاوة من القرآن الكريم يتبعه قراءة لملحمة (أركينكون) )أركينكون أركينكون ....زالت الجدران ... وشاخ الرجال... ولا يزال طريقنا مجهولا...هل ثمة مسافة طويلة للبحر؟ أينعت الأزهار... وحل الصيف... اليوم يوم عيد... يوم العودة إلى أركينكون).للموضوع صلة..
#احمد_الحمد_المندلاوي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
الكاتب-ة لايسمح
بالتعليق على هذا
الموضوع
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
كتابات مندلاوية 56/فريق الصمود
-
كتابات مندلاوية 57/احمد غلام
-
عشيرة قره لوس في الوثائق البريطانية
-
كتابات مندلاوية 55/قصة خون
-
الباب في محلات بغداد
-
قصيدة العشق الأبدي
-
من شعراء المعارضة / الطائي
-
مع الشاعر الزبيدي
-
مع كلستان الشيرازي ..
-
من أرشيف حقوق الانسان /2
-
من أرشيف حقوق الانسان /3
-
كتابات مندلاوية – مجلة الهدى
-
ابراهيم ناجي و شعر من الوجدان
-
من أرشيف حقوق الإنسان /1
-
التهكم السياسي في الشعر العراقي المعاصر
-
كتابات مندلاوية 52/نساء 4
-
كتابات مندلاوية 50/نساء2
-
قصة مثل..29/2021م
-
حلبجة في ذاكرة المندلاوي/3
-
الصافي النجفي و رباعيات الخيام
المزيد.....
-
شركتا هوندا ونيسان تجريان محادثات اندماج.. ماذا نعلم للآن؟
-
تطورات هوية السجين الذي شهد فريق CNN إطلاق سراحه بسوريا.. مر
...
-
-إسرائيل تريد إقامة مستوطنات في مصر-.. الإعلام العبري يهاجم
...
-
كيف ستتغير الهجرة حول العالم في 2025؟
-
الجيش الإسرائيلي: إصابة سائق حافلة إسرائيلي في عملية إطلاق ن
...
-
قاض أمريكي يرفض طلب ترامب إلغاء إدانته بتهمة الرشوة.. -ليس ك
...
-
الحرب بيومها الـ439: اشتعال النار في مستشفى كمال عدوان وسمو
...
-
زيلينسكي يشتكي من ضعف المساعدات الغربية وتأثيرها على نفسية ج
...
-
زاخاروفا: هناك أدلة على استخدام أوكرانيا ذخائر الفسفور الأبي
...
-
علييف: بوريل كان يمكن أن يكون وزير خارجية جيد في عهد الديكتا
...
المزيد.....
-
تداولية المسؤولية الأخلاقية
/ زهير الخويلدي
-
كتاب رينيه ديكارت، خطاب حول المنهج
/ زهير الخويلدي
-
معالجة القضايا الاجتماعية بواسطة المقاربات العلمية
/ زهير الخويلدي
-
الثقافة تحجب المعنى أومعضلة الترجمة في البلاد العربية الإسلا
...
/ قاسم المحبشي
-
الفلسفة القديمة وفلسفة العصور الوسطى ( الاقطاعية )والفلسفة ا
...
/ غازي الصوراني
-
حقوق الإنسان من سقراط إلى ماركس
/ محمد الهلالي
-
حقوق الإنسان من منظور نقدي
/ محمد الهلالي وخديجة رياضي
-
فلسفات تسائل حياتنا
/ محمد الهلالي
-
المُعاناة، المَعنى، العِناية/ مقالة ضد تبرير الشر
/ ياسين الحاج صالح
-
الحلم جنين الواقع -الجزء التاسع
/ كريمة سلام
المزيد.....
|