أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - سعيد سويسي - المجرم الضحية














المزيد.....


المجرم الضحية


سعيد سويسي

الحوار المتمدن-العدد: 6856 - 2021 / 4 / 1 - 00:36
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


في الوطن العربي أو بالأحرى في الدول الممزقة المتناحرة التي تجمعها لغة في طريقها إلى الإبادة الجماعية هي والناطقين بها، يستخف بالاعتداء الجنسي على الذكور القاصرين، يستخف به حد عدم التوقف عنده واعتباره أمرا عابرا دون إدراك حجم تأثيره على شخصية المعتدى عليه في طفولته. ويكاد يكون سليما أن يقال أن الاعتداء على الذكور القاصرين في الوطن العربي منتشر انتشار البطالة المقنعة لكن الوقوف عنده وتحليله واعتباره ظاهرة ذات تأثير مدمر أمور لا تطرح.

من جهة، المعتدى عليه لا يحمل آثارا تستدعي ما يسمى جريمة شرف، ومن جهة أخرى، المعتدي عادة ما يكون ذَا سلطة إجرامية تحول دون المساس به، من جهة ثالثة يغيب الإبلاغ عن الاعتداء لأن منظومة الشرف المشوه في العالم العربي ترى أن ذكورة الطفل الملتبسة بالرجولة ستنمحي إن هو أثير أمر الاعتداء الجنسي عليه، ومن جهة رابعة، يغيب تعامل القوانين مع جريمة الاعتداء الجنسي على الذكور القاصرين لأن الطلب غائب ولا يوجد عرض ولأن القوانين يسنها ويطبقها ذكور بين معتدي يستفيد من غياب تناول جريمته ومعتدى عليه غارق في شعوره بالعار والظلم وبينهما ثالث لا يريد أن يفكر مجرد تفكير في الأمر لأنه يجده معقد فيفضل التصرف كأنه لا يرى ولا يسمع.

يعاني الذكر القاصر المعتدى عليه معاناة مريرة منذ الاعتداء وحتى الموت، لا يخفف من معاناته إلا الانتقام، وبما أن هذا غير وارد للأسباب السابقة فهو يصب انتقامه على كل من حوله ومن يطاله أو ينطوي على نفسه حد الاختفاء ونادرا جدا ما يتحول للشذوذ الجنسي.

ما لا يدركه المشاهد هو أن المعتدى عليه يستحضر في كل لحظة من عمره تفاصيل الاعتداء وكأنه يحصل معه لأول مرة وأن الألم يحضر كل وجدانه ويعتبره في النوم والصحو ولا يسقط بالتقادم. ما لا يدركه الناجون من الذكران هو أن مقدار الغضب والسخط والشعور بالظلم المصاحب للطفل المعتدى عليه يزداد مع مرور الوقت ولا يقل وأنه في معظم الأحيان يبلغ حدا تنمحي معه الثوابت من إيمان بدين أو وطن أو صواب وخطأ، وأن المعتدى عليه ينقلب إعصارا يسحق كل من مر في طريقه لأن روحه سحقت ذات يوم ولم تجد من يحميها.

أكاد أجزم أن بعض القراء يعرفون تماما كيف يكون الحال عند الاعتداء. كطفل، هو لا يعي لماذا حصل هذا معي، هل أنا ملعون؟ هل قمت بشيء خاطئ؟ هل أنا عار يجب أن ينمحي؟ لماذا لا يرون حجم الألم في قلبي الصغير؟ لماذا لا يبالون بألمي؟

تستمر المرارة تكبر وتستحيل حقدا على المحيط الذي سمح بوقوع جريمة بشعة بحق طفولة بريئة، وقد يستحيل المعتدى عليه مبررا لمثل هذه الاعتداءات على آخرين من قبل من يسيطر عليهم لأنه يعرف أن ألم التجربة سيصيبهم في مقتل. تستحيل الرغبة في الانتقام نارا تريد إبادة المحيط الذي سمح بجريمة كهذه بكل تفاصيله وبكل ما يمثله، فمن الملام هنا؟

من ينظر إلى محمد دحلان لا يملك إلا أن يلاحظ ملامح المرض النفسي الذي ربما ولد عشية الاعتداء الذي تعرض له. بعيدا عن تصويره بصورة الشيطان، ليس فجوره وليد فطرته، فقد كان إنسانا طبيعيا، ولكن إصراره على تولي دفة القيادة الفلسطينية بإلقاء اللوم على قيادة فاسدة وتصوير بني شعبه كأنهم طلع الشياطين ومحاولته المستميتة القضاء عليهم في كل مناسبة دون أن يكون قد بقي في قلبه مكان لرب أو وطن أو مقدسات ودون أن تكون السلطة أو المال دافعه يشير إلى عوامل نفسية اجتمعت على انتقام لا يبقي ولا يذر. يتفق مع الإمارات الذراع العربي للاحتلال، وقد يكون مصيبا من وجهة نظره، فقد انتهكت قدس روحه ذات يوم دون أن يبالي بها احد، فلم تكون قدسهم فوق قدسي؟

ما لا يدركه في غضبه الأعمى هو أن أطفال الفلسطينيين الذكور يتعرضون لنفس الاعتداء في السجون الإسرائيلية على مدار الساعة وأنه إن لم يستطع إنقاذ نفسه، فيمكنه إنقاذ أطفال آخرين، ما لا يدركه هو أن سلطته يمكن أن تعينه على حماية أطفال آخرين في ذات المحيط الذي فشل فيه عن حماية نفسه.

عذرا ولا معذرة، فنحن السبب وأنت الأداة، كنت وما تزال.



#سعيد_سويسي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- أيها الناس الكرام...مسبار الأمل!
- الإماراتيون والغلال الفلسطينية المسروقة
- أسامة يماني ومحمد الساعد...
- محمد بن زايد إمام الإخوان
- هل ينتهي السيسي وحرمه نهاية لويس وحرمه؟
- الفلسطينيون أعداء أنفسهم
- بطريق شبه الجزيرة العربية...


المزيد.....




- السيسي وولي عهد الأردن: ضرورة البدء الفوري بإعمار غزة دون ته ...
- نداء عاجل لإنهاء الإخفاء القسري للشاعر عبد الرحمن يوسف والإف ...
- -الضمانات الأمنية أولاً-..زيلينسكي يرفض اتفاق المعادن النادر ...
- السلطات النمساوية: هجوم الطعن في فيلاخ دوافعه -إسلاموية-
- نتنياهو: انهيار نظام الأسد جاء بعد إضعاف إسرائيل لمحور إيران ...
- نتنياهو: ستفتح -أبواب الجحيم- في غزة وفق خطة مشتركة مع ترامب ...
- كيلوغ المسكين.. نذير الفشل
- تونس تستضيف الدورة 42 لمجلس وزراء الداخلية العرب (صور)
- -مصيركم لن يكون مختلفا-.. رسالة نارية من الإماراتي خلف الحبت ...
- مصر تعلن بدء إرسال 2000 طبيب إلى غزة


المزيد.....

- الخروج للنهار (كتاب الموتى) / شريف الصيفي
- قراءة في الحال والأداء الوطني خلال العدوان الإسرائيلي وحرب ا ... / صلاح محمد عبد العاطي
- لبنان: أزمة غذاء في ظل الحرب والاستغلال الرأسمالي / غسان مكارم
- إرادة الشعوب ستسقط مشروع الشرق الأوسط الجديد الصهيو- أمريكي- ... / محمد حسن خليل
- المجلد العشرون - دراسات ومقالات- منشورة بين عامي 2023 و 2024 / غازي الصوراني
- المجلد الثامن عشر - دراسات ومقالات - منشورة عام 2021 / غازي الصوراني
- المجلد السابع عشر - دراسات ومقالات- منشورة عام 2020 / غازي الصوراني
- المجلد السادس عشر " دراسات ومقالات" منشورة بين عامي 2015 و ... / غازي الصوراني
- دراسات ومقالات في الفكر والسياسة والاقتصاد والمجتمع - المجلد ... / غازي الصوراني
- تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ / غنية ولهي- - - سمية حملاوي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - سعيد سويسي - المجرم الضحية