|
نوال السعداوي امرأة من طراز آخر
سفيان وانزة
الحوار المتمدن-العدد: 6855 - 2021 / 3 / 31 - 22:27
المحور:
حقوق المراة ومساواتها الكاملة في كافة المجالات
غيّب الموت الكاتبة الأديبة المصرية الدكتورة نوال السعداوي عن عمر ناهز التسعين عاماً، ليرتبط تاريخ وفاتها باحتفالات المرأة في شهر مارس (آذار)، بل أنها رحلت في 21 مارس، يوم الأمهات وكأنها أم لكل التنويريين والمثقفين الذين يؤمنون بأفكارها الجريئة، هي التي كرّست حياتها ومشروعها الفكري لقضايا تحريرالمرأة، بما جعل اسمها يرتبط بكثير من المواقف الفكرية النسوية المثيرة للجدل. نوال السعداوي، المولودة في شهر أكتوبر/ تشرين الأولمن عام 1931، في قرية كفر طلحة بمركز بنها بمحافظة القليوبية (دلتا مصر)، تخرجت في كلية الطب بجامعة القاهرة، في العام 1955 متخصصة في الأمراض الصدرية، وبدأ شغفها بالكتابة منذ الصغر وجمعت بين الطب والكتابة، ولكن ميولها الأدبية طغت على عملها كطبيبة، وقدّمت ألواناً أدبية شتى، كالقصة والرواية، علاوة على كتبها الفكرية التي كرّستها للدفاع عن حقوق الإنسان بشكل عام، وحقوق المرأة بشكل خاص، لا سيما مناداتها بالمساواة، وتجريم ختان الإناث، “دعت الى محاربة الختان منذ شبابها. وعلقت في عام 2007 على وفاة الطفلة صاحبة الاثني عشر ربيعاً بدور شاكر أثناء إجراء هذه العملية قائلة :هل كان يجب عليك الموت لتنيري هذه العقول المظلمة؟ هل كان يجب دفع هذا الثمن بحياتك؟ يجب على الأطباء ورجال الدين أن يعلموا أن الدين الصحيح لا يأمر بقطع الأعضاء التناسلية”. وشاءت الصدف أن تلفظ أنفاسها الأخيرة في نفس توقيت صدورقرارعن مجلس الشيوخ المصري لقانون يغلظ عقوبة جريمة ختان الإناث، وهي التى كانت من أوائل المطالبات بوقف هذه الجريمة ومنذ عقود طويلة منذ أن كانت هذه المطالبة بحد ذاتها جريمة ولا أحد يجرؤ على التحدث فيها. الدكتورة نوال السعداوي صاحبة مشروع تنويري ثقافي نسوي، خصوصاً فيما يتعلق بمفاهيم الشرف، والمساواة المفقودة بين الرجل والمرأة في مجتمعاتنا، تحدثت عن عبودية النساء والفقراء من قبل الرجل والدولة، وكررت على الدوام أنه إذا تحررت المرأة سيتحرر المجتمع، وجسدت ذلك في كتبها، ومن بينها “المرأة والجنس”، “مذكرات طبيبة” وغيرها. أثارت آرائها حفيظة المؤسسة الدينية والسياسية، التي قادتها للسجن في زمن السادات عام 1981، بتهمة التآمر على الوطن ولكنها وكما تقول في مقابلاتها: “كسرت قضبان السجن الحديدية بالكتابة، وكتبت وأنا كلي سعادة باستغلال الوقت وإستغلال ورق التواليت وقلم رسم الحواجب التي سربتها لي إحدى السجانات وبدأت في كتابة “سقوط الإمام”، وتوالت مؤلفاتها التى كانت تربط بين تحرير المرأة والوطن من الفاشية الدينية والتابوهات التى حاول المتشددون والظلاميون غرسها في عقول المجتمع، وقد وضع اسمها على قوائم الإغتيالات، وكانت تخاطب النساء قائلة: “حطمن الأغلال وعشن حُرّات. لا تحدث الثورات في الخفاء والكتابة لاتعرف السرية .. حطمي قفل الدرج وأكتبي في النور، اغضبي وثوري ولا تستكيني”. وقد كرمت بكثير من الجوائز المهمة من عدد من المؤسسات الحقوقية والنسوية والثقافية، بينها جائزة «لشبونة بين الشمال والجنوب» و«إينانا الدولية» من بلجيكا، و«ستيغ داغيرمان» من السويد، و«رابطة الأدب الأفريقي»، و«جبران» الأدبية، وجائزة من جمعية الصداقة العربية – الفرنسية، وأخرى من المجلس الأعلى للفنون والعلوم الاجتماعية. وفي مثل هذا الشهر من العام الماضي، اختارت مجلة «تايم» الأميركية السعداوي، مع أخريات، في يوم المرأة العالمي، ضمن قائمة الـ 100 امرأة الأكثر تأثيراً في العالم لعام 2020. ولم يكن احتفاء «تايم» بالسعداوي هو الأول بالنسبة للمجلة، فقد سبق أن أفردت غلافها لصورتها عام 1981، في مواكبة لتعرضها للسجن بسبب آرائها التي أثارت جدلاً واسعاً مصرياً وعربياً، وإعلانها رفض اتفاقية «كامب ديفيد» مع إسرائيل، الأمر الذي كلفها وقتها إقالتها من عملها، إذ كانت مديرة لإدارة الصحة العامة في مصر، وأطلق سراحها عقب شهرين من اغتيال السادات. كما سبق أن اختارتها صحيفة «الغارديان» البريطانية واحدة من أهم الكاتبات في إفريقيا في المجال الاجتماعي والسياسي، ومن بين أفضل 5 روائيات وأديبات من القارة السمراء عام 2018. هناك الكثير مما يقال عن هذه المرأة الحديدية الصلبة القوية الجريئة الشجاعة التي لم تثنها السنين ولا كل المغريات عن صمودها بنفس آرائها حتى آخر نفس ورمق، وفي الختام سأورد خاطرة أعجبتني تجسد كل الآراء والأفكار الجريئة التى كانت تتبناها الراحلة وتدافع عنها بضراوة، أهدتها الشاعرة كنزة بن ملاح لروح الراحلة الملهمة الدكتورة نوال السعداوي عشية وفاتها: “أبكيك اليوم دموع المستعبدات، المقهورات، المختونات، الخاضعات/ أبكيك وأبكي شعباً/ يخال كل الأديان معادية للمرأة/ أبكي تلك التي تضرب كل ليلة وتجبرعلى الجماع/ أبكي نساء لايعرفن قيمة النساء ورجال لايعرفن معنى أن يكونوا رجالاً/ أبكي كل أم وكل زوجة/ وكل ابنة خضعت لنظام أبوي عجرفي/ أبكي من تتلذذ كونها ناقصة عقلا ودين/ ابكيك سيدتي، أودع ذلك الحنين الذى خلت أنه سيشفى بلقياك ذات يوم/ أشيعك لسماء آمنة لك ولمن يعرف قيمة النساء/ نامي في سلام وصلي لنا دائماً نحن الإناث/ كوني قديستنا واحرسينا من بعيد/ لاتتركينا دون رشد أو طريق/ كوني معنا كما كنت قبل حين/ أبكيك سيدتي وأبكي زمناً يجعل من المرأة عورة/ يجعل منها أنصاف الأشياء رغم أنها الكمال والكل/ دمتِ أمنا/ دمتِ روحنا/ دامت روحك منبثقة في أرواحنا/ دمتِ الحنين/ وأنا أقول دمتِ أمنا/ نامي في هدوء وسلام/ تسعون عاما وأنتِ لأجلن نحن النساء/ ثائرة على الدوام/ دامت روحك ملهمة وثّابة”.
#سفيان_وانزة (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
صلاة العاشق
-
مغناطيسية عطر
-
ذاكرة من خشب
-
الحب والقدر
-
رسالة الى ميت
-
الهوية والصراع الاجتماعي في السودان
-
عام على الكورونا
-
العنف ضد النساء
-
مقاربة عبد الله العروي لمفهوم الحداثة
-
تاريخ المغرب القديم
-
النشاط الاقتصادي بوليلي خلال الفترة القديمة
-
تدبدب نظام الحكم المغربي
-
معاناة تلميذ ( الجزء 2 )
-
البنية الإقتصادية والاستغلال الثقافي
-
معاناة تلميذ
-
سحر التأمل
-
فلسطين المحتلة
المزيد.....
-
قوات الدعم السريع تقتل الصحفية السودانية حنان آدم
-
اليمن: عشر سنوات من المأساة
-
ما نصيحة رائدة أعمال إماراتية بمجال العافية للنساء العربيات
...
-
عائلة امرأة تركية أمريكية قتلتها إسرائيل ستلتقي بلينكن
-
أطعمة طبيعية لتسكين آلام تعاني منها النساء
-
نساء كركوك يقدمن مسرحية صامتة عن زواج القاصرات
-
اسمه باتمان ولم تغنه 20 زوجة عن اغتصاب بنات 9 سنين.. الحكم ب
...
-
الشرطة الكينية تفرق احتجاجات ضد ارتفاع حالات قتل النساء.. مس
...
-
كيفية التسجيل في منحة المرأة الماكثة لعام 2024 وشروط التقديم
...
-
بعد زيادة قيمة منحة السياحة حقيقة زيادة منحة المرأة الماكثة
...
المزيد.....
-
الحركة النسوية الإسلامية: المناهج والتحديات
/ ريتا فرج
-
واقع المرأة في إفريقيا جنوب الصحراء
/ ابراهيم محمد جبريل
-
الساحرات، القابلات والممرضات: تاريخ المعالِجات
/ بربارة أيرينريش
-
المرأة الإفريقية والآسيوية وتحديات العصر الرقمي
/ ابراهيم محمد جبريل
-
بعد عقدين من التغيير.. المرأة أسيرة السلطة ألذكورية
/ حنان سالم
-
قرنٌ على ميلاد النسوية في العراق: وكأننا في أول الطريق
/ بلسم مصطفى
-
مشاركة النساء والفتيات في الشأن العام دراسة إستطلاعية
/ رابطة المرأة العراقية
-
اضطهاد النساء مقاربة نقدية
/ رضا الظاهر
-
تأثير جائحة كورونا في الواقع الاقتصادي والاجتماعي والنفسي لل
...
/ رابطة المرأة العراقية
-
وضع النساء في منطقتنا وآفاق التحرر، المنظور الماركسي ضد المن
...
/ أنس رحيمي
المزيد.....
|