أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - سعود سالم - فرانكنشتاين














المزيد.....


فرانكنشتاين


سعود سالم
كاتب وفنان تشكيلي

(Saoud Salem)


الحوار المتمدن-العدد: 6853 - 2021 / 3 / 29 - 22:48
المحور: الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
    


أركيولوجيا العدم
٣٢ - فرانكنشتاين

في بداية القرن التاسع عشر وتحديداً في العام ١٨١٨ دقّت ماري شيللي Mary Shelley ناقوس الخطر محذرة من خطورة الطريق التي بدأت تسير فيها البشرية ومعبرة عن مشاكل الإنسان الحداثي في روايتها الكبيرة فرانكشتاين Frankenstein. ففي يونيو 1816 تواجد مجموعة من الشباب الرومانسيين في سويسرا، من ضمنهم ماري ولستونكرافت جودوين Mary Wollstonecraft Godwin، ورفيقها وزوجها المستقبلي بيرسي شيلي Percy Shelley، وصديقهم لورد بايرون Lord Byron. ويقترح بايرون على المجوعة، لتمضية الوقت، أن يكتب كل واحد منهم قصة تحكي أحداثا مرعبة. يبدأ بايرون المسودة التي سيتبناها جون بوليدوري John Polidori ونشرت تحت عنوان The Vampire، وهي قصة قصيرة تتطرق إلى موضوع مصاص الدماء لأول مرة في الأدب. ومع ذلك ، فإن ماري - التي كانت تبلغ من العمر تسعة عشر عامًا في ذلك الوقت - هي التي كانت أوسع خيالا، حين ألفت هذا النص المريع" فرانكشتاين" أو بروميثيوس الحديث Frankenstein or, The Modern Prometheusالنص الأكثر تفصيلاً ونجاحًا والأكثر رعبا.
كانت شيلي تريد أن تقول للعالم وكذلك للعلماء الذين بدأت سلطتهم تزداد يوما بعد يوم، بأنهم باتجاهاتهم العلمية المُجرّدة كانوا يتجهون في طريق خاطيء وزقاق مسدود. لقد سبقت عصرها بعدة عقود وأشارت إلى عدم إمكانية تجاوز الطبيعة، وأن الإنسان لايمكن تكوينه في المعامل. فمهما حاولنا فلن نستطيع خلق "إنسان" بطريقة ميكانيكية أو صناعية مجرّدة، وحتى لو حدث ذلك فإن النتيجة لن تكون إنسانا بل مسخا. هذا ما أعتقده العديد من النقاد على الأرجح في ذلك الوقت. ولكن الحقيقة أن شخصية «فرنكنشتاين» لا ترتبط بفكرة الوحش ـ المسخ، ذلك أن الرواية التي تحمل هذا الاسم تحكي في الواقع قصة العالم السويسري فرانكنشتاين الذي يصنع شخصاً من أشلاء بشرية متفرقة ويكون الناتج كائنا في منتهى الغرابة حتى لا نقول البشاعة، إلا أنه يتمتع بصفات الإنسان كافة، بل ويتجاوزها إلى حد الكراهية لصانعه الذي تخلى عنه وتركه وحيدا معزولا ومنبوذا من بقية البشر. مما يقودهما إلى التهلكة معا في نهاية القصة. وحكاية الوحش ـ المسخ هذه ليست قصة رعب حسب الفكرة السائدة، بل تتضمن مدلولات رمزية عميقة الجذور؛ إذ يمكن النظر إلى هذا المخلوق الغريب على أنه يمثل فكرة الثورة أو إبليس وبروميثيوس أو ليليث أو سيزيف، فكرة التمرد والثورة عموما وعدم الخضوع للسلطة. كما أن الرواية تتطرق لمعالجة فكرة الإختلاف والخوف من الآخر - الغريب، فهذا المخلوق رفضه المجتمع لشكله الغريب والمختلف، مما جعله يهرب إلى الغابة ويعيش متخفيا قرب كوخ تسكنه عائلة فقيرة، والتي يساعدها سرا في تجميع الحطب وإشعال النار وتنظيف المكان من الثلج، ولكن ما أن يعلموا بوجوده حتى يتركوا البيت ويفرون هربا منه مما يجعله يفقد الأمل في البشرية وأنه لن يستطيع مطلقا أن يصبح واحدا منهم. بطريقة ما، شخصية الدكتور فيكتور فرانكنشتاين هي النقيض لشخصية الملك بغماليون Pygmalion الذي يعشق التمثال الذي نحته بيديه، تمثال غالاتي Galatée التي لا يوجد أجمل منها، القصة التي رواها أوفيد Ovide في الكتاب العاشر من التحولات les Métamorphoses. والرواية تبحث أيضاً في موضوعات متعددة مثل أصل الشر والإرادة الحرة وخروج الكائن عن سلطة الصانع والرغبة في الحياة مع الآخرين. ولا شك أن الوحش أو المسخ في الرواية هو الدكتور فرانكنشتاين نفسه وليس المخلوق الذي صنعه والذي لا تشير لإيه ماري شيللى سوى بإسم المخلوق The creature.



#سعود_سالم (هاشتاغ)       Saoud_Salem#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- لولبية العبث
- صخرة سيزيف
- الشيوعية الأناركية
- لماذا خلق الله آدم يوم الجمعة ؟
- الله والفرن
- من تمنطق فقد تزندق
- الحصار
- الله عدو الشعب
- وظيفة الله
- بمناسبة الثامن من مارس
- التأويل بدل الحقيقة
- الديموقراطية في فأرستان
- العقل الإرتيابي
- السوبرمان
- الكمبيوتر المصاب بالكورونا
- الله والبق بانق
- ليبيا .. ضرورة رؤية يسارية للمستقبل
- قلق دراكولا
- تمطط الكون
- مطاردة الذئاب


المزيد.....




- الملكة رانيا والأمير الحسين يهنئان ملك الأردن بعيد ميلاده
- بعد سجنه في -معسكر بوكا-.. ماذا نعلم عن أحمد الشرع الذي أصبح ...
- الجولة الثالثة.. بدء إطلاق سراح الرهائن في غزة و110 أسرى فلس ...
- من هي أغام بيرغر الرهينة التي أطلقت سراحها حماس الخميس؟
- هواية رونالدو وشركائه.. هذه مضار الاستحمام في الماء المثلج
- سقطتا في النهر.. قتلى في اصطدام طائرة ركاب بمروحية عسكرية قر ...
- مراسم تسليم الرهينة الإسرائيلية آغام بيرغر للصليب الأحمر في ...
- -كلاب و100 ضابط من أوروبا على حدود مصر-.. الإعلام العبري يكش ...
- أمير دولة قطر الشيخ تميم بن حمد آل ثاني يصل إلى دمشق في أول ...
- دقائق قبل الكارثة.. رجل يكشف آخر رسالة من زوجته قبل حادثة مط ...


المزيد.....

- حوار مع صديقي الشات (ج ب ت) / أحمد التاوتي
- قتل الأب عند دوستويفسكي / محمود الصباغ
- العلاقة التاريخية والمفاهيمية لترابط وتعاضد عالم الفيزياء وا ... / محمد احمد الغريب عبدربه
- تداولية المسؤولية الأخلاقية / زهير الخويلدي
- كتاب رينيه ديكارت، خطاب حول المنهج / زهير الخويلدي
- معالجة القضايا الاجتماعية بواسطة المقاربات العلمية / زهير الخويلدي
- الثقافة تحجب المعنى أومعضلة الترجمة في البلاد العربية الإسلا ... / قاسم المحبشي
- الفلسفة القديمة وفلسفة العصور الوسطى ( الاقطاعية )والفلسفة ا ... / غازي الصوراني
- حقوق الإنسان من سقراط إلى ماركس / محمد الهلالي
- حقوق الإنسان من منظور نقدي / محمد الهلالي وخديجة رياضي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - سعود سالم - فرانكنشتاين