|
التنازل عن المعتقد والحقوق مقابل الانخراط بالعقد الاجتماعي للدولة ...
مروان صباح
الحوار المتمدن-العدد: 6852 - 2021 / 3 / 28 - 15:12
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
/ بل ربما في يقيني ، كانت قصيدة أحمد نجم التى لحنها وقدمها بصوته وعلى عوده الشهير الشيخ إمام ابو الأغنية الملتزمة ، لا تقل أهمية ، تدبيجاً للمراحل التى حملت انساقاً وسلوكاً ردود الأفعال ، منها التخوف والاغفال ، الاقامة التفطن في وسط الغيبوبة ، وعي الدهشة ودهشة الوعي ، المرتبط بشعور الضعف والغضب ، إذنً يوماً ما قال الشيخ أمام من على خشبة الغناء المعارض لكل شيء ، ( شرفت يا نلسون بابا ) هي قصيدة تنفع هذه الأيام ايضاً مع الحج ابو يائير ، وعلى ايقاع الشيخ نردد نحن أيضاً ( شرفت يا حج ابو يائير يا بتاع السلام مقابل الاستسلام ، عملولك قيمة زيطة وزمبليطه أبناء الخط الأخضر ، وكمان فرشولك أوسع سكة من المثلث على يافا وهناك تنفد على القدس ويقولوا حجيت / ؤاهو مولد ساير / داير / شيء لله / يا صاحب البيت ) ، أما المدقق لمشهد الانبساطي التى تحلت به القوى السياسية الفلسطينية داخل الخط الأخضر ، دولة إسرائيل 🇮🇱 ، في جوانبه الابتكارية والطفولية معاً ، سيكتشف المرء خلاصة ، حكايتها شعبية ، لكنها تُعتبر أعلى درجات🪜 التبرير ، تلك التى تستخدمها من فقدت بعلها لسببً ما ، فحضور الرجال عندها أو بالاحرى في بيتها يندرج تحت القاعدة الشهيرة ، ظل راجل ولا ظل حيطة .
أيا كان أفق الأيام والاسباب ، لقد تغير حال الناس تدريجياً ، لكن بانضباط عن ذلك الطور التحريري ، لم تعد المفاهيم القديمة هي نفسها اليوم ، فحياة المواطنون في فلسطين🇵🇸 التاريخية تشابكت لدرجة الانصهار مع مقررات الدولة الإسرائيلية🇮🇱 الحديثة ، ولأن الصهيونية تُعتبر في معناها الأعمق والادق والحرفي ، هي أيديولوجيا عرقية ، فإن هنا 👈 التطابق كبير جداً مع النازية أو الحركة التطهيرية التى حصلت في الأندلس ، فالهتلرية في جوهرها هدفت في حركتها التنقئية إلى تنقية العرق بالعرق ، أي إيجاد مجتمع أبيض خالص ، لهذا ، أُعتبرت الحركة النازية حدثاً متجدداً لذلك الاعتقاد اليهودي ✡ ، ولأن الفكر الصهيوني بالأصل قائم على هذا الاعتقاد ، وهذا الظهور الاعتقادي بدأ يطل برأسه تحديداً ، بعد سقوط الأندلس ومع تمدد الاستعمار في العالم تشكل شيء ، أطلق عليه مسمى بالمنظومة المتفوقة ، ثم تصاعدت عظمته إلى أن وصلت الهتلرية إلى سدة الحكم ، وأُعتبرت آنذاك بالضربة✊للكيان والركائز الإمبريالية الاستعمارية ، ولأن يهود أوروبا ، لم تكن اعدادهم كبيرة ، واجهوا مصير الإبادة والانقراض الذي دفعهم لعقد إتفاق مع النظام النازي ، يقتضي من خلاله السماح لهم الحصول على أموالهم المحجوزة ونقلها مع عائلاتهم إلى فلسطين🇵🇸 ، الذي أتاح لهم وضع اللبنة الأولى للفكر التفوقي ، بالطبع بعد سقوط المشروع النازي ورحيل هتلر ، تشكلت أول رواية صهيونية ، رواية الهولوكوست والسامية ، التى بها يعاقب كل من ينتقد اليهودي واليهودية ، أصبح المساس بالرواية وأصحابها بالجرم ، جرم يدافع عنه جيل كامل كان قد عاش تفاصيل الحرب العالمية الثانية ، وهو لا سواه كان الشاهد على المحرقة الكبرى لليهود ، لكن ، الاحوال تغيرت مع تعاقب الأجيال ، لم يعد جيل اليوم يشعر بالذنب كما كان الاجداد يشعرون به ، وباتت الهولوكوست شيء صغير من الذاكرة الكبرى للغرب ، لكن انتصار✌ الجيش الاسرائيلي في القرن الماضي من عام 1967م على الجيوش العربية ، واحتلال القدس ، تمهيداً لإعلانها عاصمة أبدية لدولة إسرائيل 🇮🇱 ، في هذه اللحظة تحديداً ، صنعت الصهيونية العالمية روايتين جديتين ، الأولى ، بالطبع مع دخول القدس عسكرياً ، أحيا ذلك عند الكثير من المتدينين الغربيين مشاعر موروثة ، وبالتالي باتت فرصة🌤 لإحياء المشروع القديم والمركون ، أما الرواية الأخرى ، تبدل استعطاف 🙏 الغربي من المحرقة الشهيرة بالهولوكوست إلى التضامن مع الدولة الديمقراطية والتى تعيش بين محيط استبدادي ومتخلف رجعي .
الآن ، ستقف هذه السطور عند خطبة كان في الماضي ألقاها الرئيس التونسي السابق حبيب بورقيبة وأحدثت تجاذب وسجالات لدرجة أن البعض شكك في وطنية الراحل ، لكن ما قاله كان له بُعد غائر ، بصراحة😶 لا يلتقطه سوى شخص يتمتع ببصيرة ، لأن واحد مثل بورقيبة لم يُحرم عقله من التفكير وممارسة التمييز بين الأشياء ، والذي جعله يفكر بشكل برهاني دون أن يسمح لبصيرته أن تتبخر ، وهذا بالطبع أعطاه موهبة النظر في المسائل بعمق ، التى سمحت لقدراته الكامنة الظهور في أحلك الظروف واقساها ، إذنً ، خلاصة بورقية أشارت وبعد معاينة للحياة الفلسطيني في الخط الاخضر والضفة الغربية والقدس على وجه التحديد ، أن هذا الشعب لا يحمل في تكوينه العام مشروع جذري لاقتلاع الاحتلال ، باستثناء حالات خاصة ، لكنه في المقابل ، يرغب في تحسين شروط حياته ، وهذا بالفعل حصل في تاريخ البشرية ، نستحضر منها ، المهاجرون السود إلى الولايات المتحدة 🇺🇸 والمهاجرين الروس🇷🇺 إلى إسرائيل🇮🇱 ، الطرفان كانوا قد تنازلوا عن الحقوق العقائدية وبشكل تدريجي عن الحقوق الثقافية ، مقابل الانخراط في العيش بالنظام الاجتماعي .
وبالمنطق إياه ، وبحكم الخبرة الممتدة من التجربة التاريخية ، كان قبل ذلك بعقود ، وهكذا رجح المؤرخون ، أن التعرف أو التلمس لمفهوم حقوق الإنسان ، بدأ في الغرب اوائل القرن الثالث عشر ، بالفعل أبرمت أول وثيقة حقوقية عام 1215م في عهد الملك جون الانجليزي ، وعرفت بوثيقة النبلاء الذين وثقوا بها ميثاق الحريات ، ثم توجت لاحقاً بالثورة البيضاء المجيدة التى إنتزعت قرار تاريخي من الحاكم لصالح الشعب ، فأصبح الشعب الوحيد من يعطي الحق للملك بتتويجه بالتاج ، بالطبع عبر ممثليه في البرلمان ، لكن ذلك لم يرضي أبدأ الملكيين ، لأن كانوا يعتبرون أن أغلبية الشعب البريطاني أصولهم من المهاجرين ، وعلى الأغلب ، كان هناك أعتقاد بأن القبائل المهاجرة من فرنسا 🇫🇷 أو الدول الاسكندنافية يشكلان الشرائح الأوسع في المجتمع ، وبالتالي ، ستكون لهم السيطرة والحكم لاحقاً ، لهذا انقسمت أوروبا إلى مربعين ، بين ديمقراطيين ينادون بحقوق الرأي والإنسان والعدالة وسيادة القانون ، مقابل ، الملكييون الذين رفضوا هذه الأفكار جملةً وتفصيلاً ، وبالفعل الغرب عموماً ، بل تحديداً الولايات المتحدة 🇺🇸 ، حققت من خلال العقد الاجتماعي تغييراً جوهرياً ، كان ذلك له علامة🪧خاصة بالأمريكان وبالأخص بعد إعلان وثيقة الاستقلال عام 1776م لتوماس جيفرسون الذي قال بها ( نحن نرى أن هذه الحقائق بديهية ، إن جميع البشر خلقوا متساوين ، وأنهم وهبوا من خالقهم حقوق غير قابلة للتصرف ، وأن من بين هذه الحقوق حق الحياة والحرية والسعي وراء السعادة ) بالفعل ومن على عتبة هذه الوثيقة تم صناعة مفاهيم التى سمحت بانتخاب حكومات شعبية مع امكانية تغيرها طالما وجد الشعب سعادته في حكومة أخرى ، وهذا الاختزال جاء عكس المفهوم الذي طرحه أرسطو ، بأن الإنسان في تكوينه اجتماعياً ، أي أن انسانيته غير منقوصة على فئة معينة ، وبالتالي الديمقراطية الأمريكية 🇺🇸 فُصلت في البداية على المجتمع الأبيض ، أي على المؤسسين والأبناء والأحفاد ، وبعد مرور عقود طويلة ، شمل العقد الاجتماعي المكونات الأخرى ، مثل المهاجرون السود واللاتيين وغيرهما من الأقليات ، لقد تنازلت الأغلبية عن حقوقها الخاصة ، مقابل العيش في نظام إجتماعي .
يصح القول أن اليوم الولايات المتحدة 🇺🇸، تُعتبر الحياة في داخلها أفضل بكثير عما كانت عليه في البدايات ، وذلك ليس في يقيني فحسب بل في يقين الرأي العام ، لكن نظرة الإنسان للآخر مازالت هي / هي / ، فالنظرة بين الدول الكبرى على سبيل المثال ، تُصنف بالنظرة الذئبية ، فالصينيون يخضون حرباً مع الأمريكان ، إقتصادية وأخرى تنافسية على المواقع الإستراتيجية في العالم ، فالحرب الدائرة تندرج تحت قانون ( أن الإنسان ليس سوى ذئب للآخر ) ، وهذا بالطبع ، ما لا يدركه الإنسان الفلسطيني الذي يرغب في المشاركة بالعقد الاجتماعي الإسرائيلي طالما قرر بخجل منذ البداية بالمشاركة في الديمقراطية الاسرائيلية ، دون أن يتنازل عن حقوقه التاريخية وهويته ، كما فعلوا أغلبية المهاجرين السود ، لقد وجدت الأغلبية في الولايات المتحدة 🇺🇸 حل جذري عندما تركت معتقداتها وهويتها بالكامل ، مقابل الانخراط بحياة الرجل الأبيض بالكامل ، وهذا ينطبق تماماً على المهاجرين الروس في إسرائيل 🇮🇱 ، لأن الاغلبية التى جاءت من الاتحاد السوفياتي لم تكن يهودية ، لكنهم وجدوا أنهم سيبقون غرباء إذ لم يتبعون عقيدة وهوية وثقافة مؤسسين الدولة ، وبالتالي اتاح لهم التنازل والاندماج ، موقعاً مؤثراً وعريضاً في الدولة الاسرائيلية .
إذنً ، توالت الاحداث التهويدية والتمييزية والعنصرية حتى أصبحت المحصلة ليست فقط فقيرة ، بل هزلية وضيقة ، وعلى الأغلب فاشلة ، أنتقلت الحرب في اسرائيل من موقعها الاحتلالي إلى موقعها السياسي والاجتماعي 🇮🇱 ، لم تعد محصورة بين الفلسطينيين والإسرائيليون ، بقدر أن اليوم كثير من رجال الأعمال الاسرائيليين مع طبقات مختلفة من اليسار أو المنظومة الهستدروتية ، يعيشون في قلق كبير ، خوفاً من المستقبل المجهول ، الذي يقوده اليمين المتشدد ، وهؤلاء يجتمعون مع الفلسطينين في قضية الحقوق السياسية والاجتماعية ، لأنهم باتوا يبحثون عن أساليب وطرق جديدة تجنبهم خسارة ديمقراطيتهم وحريتهم ، إذنً ، يبقى السؤال المطروح ، هل سيشاهد المراقب في المنظور القريب أو البعيد ثورة داخلية بين الفلسطينين الداخل ، تؤدي إلى تنازلهم عن معتقداتهم وحقوقهم التاريخية ، مقابل الانخراط بالعقد الاجتماعي للدولة الإسرائيلية ، ربما ، كل شيء ممكن ، طالما الرأسمالية أصبحت دين الناس . والسلام ✍
#مروان_صباح (هاشتاغ)
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
بين السيف والعائدين من منتصف الطريق ، تكثر الجلجلة والهرججة
...
-
ذات صباح ، صوتاً هز الكنيسة الكاثوليكية ...
-
مصر 🇪🇬 تستطيع خلق هوامش المناورة والمفاجأة م
...
-
كيف ما فيش أوكسجين ، قالها ونقولها ...
-
من جحيم ستالين الاسود ، مروراً بجحيم غوانتناموا المصغر إلى ج
...
-
قصف العمق السعودي يقابله قصف العمق الإيراني...
-
ايعقل هذا ...
-
مفهومية العلاقة بين الإنسان والحقيقة / يوسف شعبان من فيلم (
...
-
المسألة الفلسطينية من الصراع المفتوح إلى العجز الكامل ...
-
المسألة الفرنسية الجزائري ، من المعقد إلى المركب ...
-
إدارة بايدن إزدواجية التعامل ...
-
إدارة بايدن ازدواجية التعامل ...
-
من كان السباق في أبتكار الرقص / البشرية أم الطيور ...
-
الثورجيون السابقون واللاحقيًن ، أتباع روبسبيار ...
-
المعنى الحقيقي للسيادة عند رسول الاستقلال ( خوسيه مارتي ) ..
...
-
الحزن العراقي / انعكس ذلك على الشعر والحنجرة .
-
شريكة الحكم والدم / ميانمار الجغرافيا العصية على الإتحاد .
-
الصراع المتواصل بين الديمقراطية الليبرالية والاستقراطية اليم
...
-
تونس الجديدة / صراع بين الاخوة الديمقراطيون على مراكز القوى
...
-
ماذا يريد نتنياهو من الهند ... بعد الشرق الاوسط والمغرب العر
...
المزيد.....
-
سيارة غارقة وجثة مجهولة.. حادث غامض بلا شهود ولا أثر يشعل تس
...
-
مصر.. سياسيون يردون على تصريحات ترامب بشأن قناة السويس
-
لافروف: الشركات التي غادرت روسيا قد تجد مكانها مشغولا عند عو
...
-
لحظات مرعبة في بحيرة بأمريكا بعد انقلاب قارب بسرعة جنونية (ف
...
-
ماكرون: لن يكون للعنصرية والكراهية القائمة على الدين مكان بف
...
-
ارتفاع حصيلة ضحايا انفجار ميناء -الشهيد رجائي- في إيران
-
لافروف: أوروبا وزيلينسكي يريدون استغلال خطة ترامب لتعزيز قوة
...
-
بوتين يهنئ في اتصال هاتفي قادة الوحدات العسكرية التي حررت مق
...
-
مصر.. الحكومة تحسم مصير تخفيف أحمال الكهرباء في الصيف
-
نتنياهو يرد على رئيس الشاباك في المحكمة: 7 أكتوبر أعظم فشل ا
...
المزيد.....
-
دونالد ترامب - النص الكامل
/ جيلاني الهمامي
-
حَرب سِرِّيَة بَين المَلَكِيّات وَالجُمهوريّات 3/4
/ عبد الرحمان النوضة
-
فهم حضارة العالم المعاصر
/ د. لبيب سلطان
-
حَرب سِرِّيَة بَين المَلَكِيّات وَالجُمهوريّات 1/3
/ عبد الرحمان النوضة
-
سلطة غير شرعية مواجهة تحديات عصرنا-
/ نعوم تشومسكي
-
العولمة المتوحشة
/ فلاح أمين الرهيمي
-
أمريكا وأوروبا: ملامح علاقات جديدة في عالم متحوّل (النص الكا
...
/ جيلاني الهمامي
-
قراءة جديدة للتاريخ المبكر للاسلام
/ شريف عبد الرزاق
-
الفاشية الجديدة وصعود اليمين المتطرف
/ هاشم نعمة
-
كتاب: هل الربيع العربي ثورة؟
/ محمد علي مقلد
المزيد.....
|