أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - يزيد الديراوي - خيط دخان خيط نور














المزيد.....


خيط دخان خيط نور


يزيد الديراوي

الحوار المتمدن-العدد: 1627 - 2006 / 7 / 30 - 09:26
المحور: الادب والفن
    


"لم يكن الأمرُ سهلا" هكذا قالت الهاربات من القصيدة حين عُدْنَ إليها،ثم أردفنَ: "لا مفرّ من قسوة المعنى".
في الخارجِ كان المعنى مبعثرا كأنوار المدينةِ. كلّما غفونا على جناحِ فراشةٍ تقتربُ من مصباحٍ؛ ليضيءَ الحبُّ في قلبٍ عابرٍ احترقتْ، و سقطنا مرةً أخرى على حرارةِ النهار الفوضويِّ، و احترقَ القلبُ، و ظلّ الحبُّ يلعقُ العتمةَ عن المشهد؛ ربما سيُطلُّ قلبٌّ آخرٌ بعدَ قافيتينِ بمقاييس الشعراء.
وكان هناك أملٌ ينتظرُنا على ناصيةٍ تبعدُ جرحين بمقاييس العشاقِ في هذه المرةْ. رأيناه ينظرُ إلينا من بعيدٍ و يكمل قراءةَ صحف الأمس قال: "ليَدخلَ الغدَ مطمئنا"، و لكنّه عندما اقتربنا منه و ابتسمنا في وجهه:" هو أنت؟ " و لم نكملْ حتى ذابَ كخيطِ دخانٍ و ظلتِ الصحفُ تومئُ لنا بالقراءةِ، لكننا لم نطمئنّ لها. و اتجهنا إلى ناصيةٍ أخرى يكثرُ فيها زجاجٌ لامعٌ تظهرُ من خلفه كراسيٌّ منفوخةٌ مغطاةٌ بالكتانِ و الحريرِ أطرافها مذهبةٌ كأمانينا، اقتربنا أكثر كي تتضحَ الرؤيةُ و تقتربُ الأمانيُّ من أعيننا، و في آخر الأمر لم نقتربْ إلا من الزجاجِ تاركين عليه أنفاسَنا الرطبة، رغم جفافِ ألسنتنا، و بعضَ الحروفْ.
قلنا سندنو من السماءِ كي نبتعدَ عن هذا الهدوء المملِ، فربما تعلقنا بخيط نورٍ على هيئة تنهيدةٍ أو دعاءٍ. صعدنا قليلا، كنا نتقلّبُ مع البردِ و الشمسِ، تذكرْنا ما قيل عن طائرٍ يقفزُ إلى عين حمئةٍ؛ كي تذوبَ جناحاه و تحلقُ روحُه؛ بحثا عن حياةٍ لا موت فيها، ثم يعود إلى نبعِ ماءٍ باردٍ يكحلُ به عينيه ليرى القصيدةَ بتفعيلةٍ أخرى. و رأينا ما قيل عن برابرةٍ يكتسون بالشمسِ.. و جماعةٍ يتقلبون ذات اليمين و ذات الشمالِ.. رأينا الشمسَ تطمئن إلى سطوة البحرِ.. و حين وصلنا قفزنا معها إلى البحر مطمئنينَ، فقَذَفَنا البحرُ على شاطئِ القصيدةِ ذاتها.
رأينا هناك بحّارا عاريا يستفزُ أنوثتنا بقميصٍ مشدودٍ على خصرهِ، لا شيءَ قلنا، و لكنّ شيء ما، يحكّ أضلعنا لنقتربَ من جسدٍ ينيرُ، كدفء الغروبِ حينها. حاولنا أن نلعق رذاذ الملحِ عنه فاستبدل به عرقا ساخنا امتصّ رمل البحر.. و في الصباح لم نجدْه كان القميصُ فقط مشدودا على نهدِ أكبرنا سنا، فعرفنا أنه لن يعودَ.. و افترقنا قليلا ثم اتفقنا أن نصبحَ جسدا واحدا فاستعصتِ القافيةُ: "بين الحياةِ و الموتِ جنونٌ".
تسامرنا مع الخريف ووعدناه أن نستردَ بعضا من ربيعهِ، كي يستغرقَ في الحزنِ، هكذا يعلمُ الصوفيُ المريدَ: "أولُ الطاعةِ حزنْ" و نداءُ الطاعةِ: "يا روح روحي".
قيل هناكَ نهرٌ جليديٌ يذوبُ كل سبع سنين مرةً، يقفزُ منه رجلٌ أبيضٌ نصفهُ السفلي على هيئة الثورِ.. تحولنا إلى حباتِ ملحٍ و ذبنا فيهِ..و حين أتى الربيعُ للمرة السابعةِ ظلّ جليديا و شدّنا خببٌ قريبٌ من النفسِ خارجَ النهرِ، ربما غيرنا خاصيةَ النهر بما تشاءُ القافيةْ.
" أرواحنا تورثُ الحزنَ " هكذا تهمسُ القوافي شامتةً بعودتنا مبللينَ و واثقين أن إلهًا لم يكن في النهرِ و لا رجلا. و أردفنَ: "لم يكن الأمرُ سهلا".



#يزيد_الديراوي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- قليل من الورد يكفي
- أكثرُ من لا شيء
- الدور على الغرباء ..


المزيد.....




- مكانة اللغة العربية وفرص العمل بها في العالم..
- اختيار فيلم فلسطيني بالقائمة الطويلة لترشيحات جوائز الأوسكار ...
- كيف تحافظ العائلات المغتربة على اللغة العربية لأبنائها في بل ...
- -الهوية الوطنية الإماراتية: بين ثوابت الماضي ومعايير الحاضر- ...
- الإبداع القصصي بين كتابة الواقع، وواقع الكتابة، نماذج قصصية ...
- بعد سقوط الأسد.. نقابة الفنانين السوريين تعيد -الزملاء المفص ...
- عــرض مسلسل البراعم الحمراء الحلقة 31 مترجمة قصة عشق
- بالتزامن مع اختيار بغداد عاصمة للسياحة العربية.. العراق يقرر ...
- كيف غيّر التيك توك شكل السينما في العالم؟ ريتا تجيب
- المتحف الوطني بسلطنة عمان يستضيف فعاليات ثقافية لنشر اللغة ا ...


المزيد.....

- تجربة الميج 21 الأولي لفاطمة ياسين / محمد دوير
- مذكرات -آل پاتشينو- عن -العرّاب- / جلال نعيم
- التجريب والتأسيس في مسرح السيد حافظ / عبد الكريم برشيد
- مداخل أوليّة إلى عوالم السيد حافظ السرديّة / د. أمل درويش
- التلاحم الدلالي والبلاغي في معلقة امريء القيس والأرض اليباب ... / حسين علوان حسين
- التجريب في الرواية والمسرح عند السيد حافظ في عيون كتاب ونقا ... / نواف يونس وآخرون
- دلالة المفارقات الموضوعاتية في أعمال السيد حافظ الروائية - و ... / نادية سعدوني
- المرأة بين التسلط والقهر في مسرح الطفل للسيد حافظ وآخرين / د. راندا حلمى السعيد
- سراب مختلف ألوانه / خالد علي سليفاني
- جماليات الكتابة المسرحية الموجهة للطفل في مسرحية سندس للسيد ... / أمال قندوز - فاطنة بوكركب


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - يزيد الديراوي - خيط دخان خيط نور