أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - فتجى سيد فرج - لماذا توقف العلم فى الحضارة العربية الإسلامية ؟ 6 من 8















المزيد.....


لماذا توقف العلم فى الحضارة العربية الإسلامية ؟ 6 من 8


فتجى سيد فرج

الحوار المتمدن-العدد: 1627 - 2006 / 7 / 30 - 09:18
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    



وعلوم القشر تخص كل ما يتعلق بقراءة النص وتفسيره الظاهر ، أما علوم الجوهر فهى التى ترمى الى معرفة الله ، حيث صارت معرفة الله هى غاية الغايات ، واًصبح الوصول اليه هو الهدف الأسمى من الحياة ومن المعرفة والعلم ، فصارت الأيات الدالة على معرفة الله هى سر القرآن ولبابه الأصفى ، ولم تعد الغاية من الوحى " نزولا من الله للانسان ، أو تنزيلا لأوامره ونواهيه هدفها تحقيق الوجود الأمثل للانسان ، بل صارت غاية الوحى التعريف بالمتكلم ، وكلما اقترب العلم من تحقيق هذه الغاية كلما تصاعدت قيمته ولا غرابة بعد ذلك أن يكون فى القرآن أيات فى الطبقة العليا من اللب واخرى فى الطبقة السفلى ، وأن تكون الأيات الدالة على معرفة الله هى الأيات التى تقع فى القسم الأول من الطبقة العليا من لباب القرآن ، وتنتمى علوم الدين عند الغزالى الى عالم الغيب والملكوت ، بينما تنتمى علوم الدنيا الى عالم الملك والشهادة .
هكذا أدى التوحيد بين القرآن وبين الصفات الألهية الى تحويل النص إلى بحر من الأسرار والعلوم لا يكاد العقل الإنسانى يلتقط منها سوى بعض السطحيات، وفى هذا الإطار يتم التقليل من شأن العلم الانسانى ، والتهوين من قدرة الانسان على اكتشاف قوانين الطبيعة والكون ، ولاشك أن هذا التحويل لطبيعة النص ولوظيفته يرتكز إلى مفهوم الأشعرى لماهية الكلام الإلهى من جهة ، كما أنه يرتكز إلى المفهوم الصوفى للخلاص الذاتى بالوصول على معانقة المطلق والفناء فيه من جهة آخرى ، لم تعد غاية الوحى تأسيس مجتمع وبناء واقع يقوم النص فيه بدور المرشد والهادى ، بل صارت الغاية هى الوصول إلى المطلق عبر فك شفرة النص ورموزه ، لم يعد الإنسان عضوا فى مجتمع حى متفاعل بل صار وحيدآ مع المطلق أما عارفآ متوحدآ ، أو جاهلآ محجوبآ ، وصارت حياة الانسان رحلة للوصول إلى المطلق ، وصارت الدنيا مجرد طريق للسفر ، ومعبر للأخرة .
وفى نهاية هذا السياق يمكن القول أنه لقد كان فى الزمن المتقدم للإسلام عقلانيون هم المعتزلة ، وكان هؤلاء مستعدين لمنح العقل كل القوى ، بل والفصل بين العقل والوحى ، وان العقل لديهم هو الصفة التى تجعل الإنسان خالق أفعاله وأن يميز بين الخير والشر ، ولكن هذا التوجه العقلانى قد هزمه انصار السنة بسبب تعاليم الأشعرى وتصورات الغزالى التى أضفت السلطة المطلقة للشريعة الى حد أن كل الممارسات العلمية والعملية والأخلاقية قد غدت من سلطة الشريعة ، فلم يعد يسمح لفكر خالص أن يطالب بالتنقيب عقلانيا سواء عن طبيعة الكون أو فى طبيعة الانسان ، بعد أن قيدت القدرات العقلية ومن ثم تم تقيد التطور فى العلوم الطبيعية ، والمثال واضح على ذلك تطور الطباعة عند العرب .لقد كانت النتيجة الطبيعية لوقف التطور فى العوم الطبيعية هو الرفض التام لآلة الطباعة ، فبالرغم من أن العرب قد نقلوا اختراع الطباعة من الصين وساهموا فى انتشارها باتجاه الغرب ، إلا أنهم رفضوا لأسباب دينية أن يطبعوا كتبهم المقدسة وعلومهم الدينية بوسائل ميكانيكية وذلك خشية أن تقع هذه الكتب فى أيد ضالة ، أو أن أسم "الله " الموجود فى كل صفحة يمكن أن يهان بهذه العملية . السياق العلمى فى أوروبا لمزيد من الإيضاح قام " توبى " بعمل مقارنة بين سياق العلم العربى وسياق العلم فى أوروبا ، وكيف توصلت إلى انجاب العلم الحديث : كانت محاورة " طيماوس " لأفلاطون أهم مصدر للدافع العقلانى لدى اليونان ، ومع أن العرب عرفوا " طيماوس " فأنه لم تكن لها نفس الشعبية ولم يتحمسوا لها بمثل ما فعل مسيحيو الغرب ، وكان من أكثر ما أثار اعجاب المفكرين الأوروبيين فى الفترة المبكرة من العصر الحديث تلك الصورة المنظمة المتكاملة عن الطبيعة ، فقد بدا العالم الطبيعى كنموذج من النظام العقلانى ، ومن الأسباب والنتائج ، بينما سما الإنسان وهو جزء من النظام العقلانى ، لقد أصبحت طيماوس مصدرا تاريخيا للاقتباس والتعليق (أن كل شىء يتغير أو يخلق بالضرورة من أجل علة ، لأنه إذا لم تكن هناك علة ما ما كان هناك خلق ، هل كانت السماء والأرض من الأزل موجودة ودون بداية ، أم أن لها بداية ) لقد أثرت الأفلاطونية فى كل مجال من بما يتضمن دراسة الطبيعة كتأثير الكتاب المقدس . وأنه لانجاز له وزنه حين اكتشفوا وفصلوا بين الطبيعة وما بعد الطبيعة ، فلقد حصر أفلاطون البحث فى العلة والمعلول ، وكان هذا التصور للطبيعة يتضمن فكرة النظام أو التسلسل ، وفكرة القانون الطبيعى . .
،
وكان هذا التصور للطبيعة يتضمن فكرة النظام أو التسلسل وفكرة القانون الطبيعى حيث يفترض فى قوانين الطبيعة أن تعمل جميع مستقلة عن أى مصدر خارجى .
خلاصة القول لقد شكل أفلاطون فى القرت الثانى عشر صورة للبحث تقوم على أن كل شىء طبيعى أو فوق الطبيعية لابد له من علل ، ولا بد أن نجد سببا لوجوده . وكان " وليم كونشيس " أكثر صراحة حين أكد أنه ليس من شأن الكتاب المقدس أن يدلنا على طبيعة الأشياء حيث أن ذلك من شأن الفلسفة ، وهكذا كانت عبارة
جاليليو " أن هدف الروح المقدس أن يعلمنا كيف يذهب المرء إلى السماء لا كيف تسي السماء " ولم يقف التحديث عند هذا الحد ، بل وصل إلى حد نقد الكتاب المقدس ذاته ، إذا ناهضت نصوص الكتاب المقدس العقل ونظامه فينبغى ألا يفهم النص على ظاهره ، ولكن وليم كونشيس ذهب إلى أبعد من ذلك حين أكد أولوية الاستدلال الفيزيقى عليه .
وهكذا وجدنا أفكار كثيرة عن تكوين الطبيعة وعن الوضع الفلسفى المعارض للدين وللكتاب المقدس ، كلها ظهرت مع النهضة وكانت هذه الرؤية على النقيض من التفكير الإسلامى سواء تعلق الأمر بالفلاسفة أو المتكلمين خاصة الرؤية الأشعرية عن الإنسان والطبيعة القائمة على فكرة الذرية الإسلامية والتى تعارض تماما النظام الكونى .
فى القرن الثانى عشر وضعت النهضة فى أوروبا أسس برنامج البحث العلمى بعد أن نقل وهذب عن اليونان والعرب ، وطورته الصفوة الدينية والعلمية التى سيطرت على الحياة الفكرية ، والتى تتضمن كما يرى " تينا ستيفال " القضايا الآتية :
· أن البحث العقلى والموضوعى للطبيعة من أجل فهم عملها ممكن ومرغوب فيه .
· أن مثل هذا البحث انما يوظف التقنية والرياضيات والاستدلال والاستنباط .
· أن الباحث عن معرفة سير الطبيعة وما يجرى فيها من عمليات عليه أن يفكر منهجيا ويتحلى بالرزانة .
· وعلى العالم أن يمارس الشك المنهجى ويتجنب كل أصوات السلطة والتقليد .
ومن ثم يمكن القول أن الفيصل انما يتكون من مقدرة علمية عليها أن تضع برنامج للبحث من خلال سياق علمى يفترض أن الطبيعة أنما يشرحها شرحا عقلانيا أناس يستخدمون أدوات المنطق والعقل ، فضلا عما تقتضيه خطة البحث من تسليم بالنظام السببى للطبيعة .
لقد تمكن أوربيو العصر الوسيط من ايجاد مؤسسات تعليمية لها استقلالها الذاتى مما مكنها من أن تضع علوما للكون قوية منهجيا ، غنية ميتافيزيقيا ، تحدت وتناقضت مع جوانب كثيرة من النظرة التقليدية المسيحية للعالم ، هدفها الأقصى وصف وتفسير العالم ككل بعلله وآلياته ، وبإدخال كتب أرسطو فى علوم الطبيعة فأن مفكرة غي منحازة من البحث فى الطبيعة قد تأسست ، تقوم على أساس أن أعلى صور المعرفة قائم على " المبادىء والعلل والعناصر " وأنه بإدراكها يتسنى تحصيل المعرفة والفهم ، لأننا لا نستطيع الادعاء بأننا نعرف شيئا حتى ندرك علله الأولية ومبادئه الأولى .
من هذا المنظور ، فأن الشك المنظم ، ونقد الكتب المقدسة قد ساد خلال هذه العصور ، وكانت أشد الأعمال الفكرية جرأة فى ذلك الوقت يقوم بها عدد من الدارسين الذين وضعوا الأسس المنهجية للعلم الطبيعى الجديد ، ومن هذه الأسس وتلك الصور نجد أن عقيدة هذا العصر هى أن الإنسان كائن عاقل حاصل على العقل والضمير ، وأنه بهذه الإمكانيات قادر على الفهم وفك رموز وأسرار الطبيعة بعون أو بدون عون من الكتاب المقدس .
لقد كانت الثورة الكوبرنيكية نقلة كبرى فى التصور الغربى للكون ووضع الإنسان فيه ، كما كانت الثورة العلمية فى القرن السادس عشر والسابع عشر ثورة عميقة ، ذلك أن ابتكار كوبرنيكوس كان تحولا جذريا فى الزمن الذى اعلن فيه ، وكان عرضة للانتقادات على مستويات عديدة ، وفى الواقع فأن وصف كوبرنيكوس للكون كان اقرب إلى الحقيقة من التصور البطلمى القائم على مركزية الأرض ، كما كان خرقا للفروض الاهوتية للمسيحية التى تبنت هذا الفرض ، من هنا كان الصدام بين هذا النظام الجديد وبين الآراء ألاهوتية المركبة من خليط الكتاب المقدس مع الأفكار الأرسطية التقليدية .
وهكذا يمكن القول أن كوبرنيكوس بحق من أكبر أعلام الثورة العلمية ، وأنه وضع المبادىء الأساسية لفروض أو مقدمات عن العالم لابد أن تكون صحيحة " وأنه يجب أن نذكر أنفسنا بالمنظورين الآتيين اللذان صاغهما " بنجامين نيلسون "
الأول : أن على الرواد فى العلم والفلسفة أن يكافحوا من أجل اليقين والحقيقة .
الثانى : أن معنى أن تكون عالم أو فيلسوفا مبتكرا هو أن تجازف بالدخول فى صرا عات خطيرة مع السلطات ألاهوتية إلى حد أن تضع حياتك فى كفة مقابل الفكرة التى اعتنقتها ، ولو أن الرواد لم يجازفوا بكل شىء فى صراعا تهم ضد الغيبيات ، لما أصبح علماء اليوم أحرار وكأبطال ضد الأوضاع الغيبية والظنية .



#فتجى_سيد_فرج (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- لماذا توقف العلم فى الحضارة العربية الإسلامية ؟ 5 من 8
- لماذا توقف العلم فى الحضارة العربية الإسلامية ؟4-8
- لماذا توقف العلم فى الحضارة العربية الإسلامية ؟ 3 من 8
- لماذا توقف العلم في الحضارة العربية ؟1 من 8
- حاضر الثقافة في مصر
- المسرح في مصر الفرعونية 2
- المسرح في مصر الفرعونية 3
- المسرح في مصر الفرعونية
- المسرح في مصر الفرعونية 4
- المسرح في مصر الفرعونية 5
- المسرح في مصر الفرعونية 6
- المسرح في مصر الفرعونية 7
- المسرح في مصر الفرعونية 8
- مؤتمر الاصلاح العربي
- التخاذل في مواجهة العنف
- التخاذل في مواجهة العنف 2
- الدروس الخصوصية
- قراءات ورؤى
- البدائل المقترحة لتمويل التعليم
- لغة واحدة ...ام لغات متعددة


المزيد.....




- وجهتكم الأولى للترفيه والتعليم للأطفال.. استقبلوا قناة طيور ...
- بابا الفاتيكان: تعرضت لمحاولة اغتيال في العراق
- ” فرح واغاني طول اليوم ” تردد قناة طيور الجنة الجديد 2025 اس ...
- قائد الثورة الإسلامية: توهم العدو بانتهاء المقاومة خطأ كامل ...
- نائب امين عام حركة الجهاد الاسلامي محمد الهندي: هناك تفاؤل ب ...
- اتصالات أوروبية مع -حكام سوريا الإسلاميين- وقسد تحذر من -هجو ...
- الرئيس التركي ينعى صاحب -روح الروح- (فيديوهات)
- صدمة بمواقع التواصل بعد استشهاد صاحب مقولة -روح الروح-
- بابا الفاتيكان يكشف: تعرضت لمحاولة اغتيال في العراق عام 2021 ...
- كاتدرائية نوتردام في باريس: هل تستعيد زخم السياح بعد انتهاء ...


المزيد.....

- شهداء الحرف والكلمة في الإسلام / المستنير الحازمي
- مأساة العرب: من حزب البعث العربي إلى حزب الله الإسلامي / حميد زناز
- العنف والحرية في الإسلام / محمد الهلالي وحنان قصبي
- هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا / محمد حسين يونس
- المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر ... / سامي الذيب
- مقالة الفكر السياسي الإسلامي من عصر النهضة إلى ثورات الربيع ... / فارس إيغو
- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - فتجى سيد فرج - لماذا توقف العلم فى الحضارة العربية الإسلامية ؟ 6 من 8