عبداللطيف الحسيني
:(شاعر سوري مقيم في برلين).
الحوار المتمدن-العدد: 6849 - 2021 / 3 / 23 - 16:30
المحور:
الادب والفن
ظنّ الكثيرُ منّا أنّ العتمة التي عانى منها المرءُ طوالَ عقودٍ قد زالتْ بعدَ أنْ تراكمتْ واستفحلتْ و تأزّمتْ نتيجة أنْ لا تأويلَ إلا تأويلٌ أحاديُّ الفعل قبل القول , فطبيعيٌّ - تالياً- أنّ التخلّصَ منه سيكون سهلاً لأنّ ثمّة أخلاقيّات محمودة خلقها الواقعُ المرُّ , هكذا ظنّ الظانّون أنّ العتمة التي تقول جبروتها الآن تختلفُ وسائلُها و تتفاقم , فهي ليست الغشاوة التي يمكنُ إزالتُها بسهولة بل هي العتمةُ وقد غطّتْ العيون , بالأدق سجنتها بحيث لم تعد تسمع , وإنْ سمعت فعلى الأقل بتتفيهه وتحقيره , و على الأكثر بتمييعه (وقد كثرت الصفة هذه) و تقليل شأنه , وكأننا نعيشُ قبل عقود وكأنّ سنة كاملة لم تمرّ من عمر تسونامينا ولم نحمل نارها بأيدينا المرتجفة , وكأننا لم نحترق بها .
مَنْ غاب عنه أذكّرُه بأنّ تغيير مسارنا يأتي لوأد ما بدأناه ساعةً فشهراً حتى أكملنا سنة وُلِدَ خلالها جيلٌ تعلّمَ النقدَ وجاء ليمارسَه علناً لا اغتياباً , ولن يستطيع أيُّ أحدٍ إنكاره ولو مبطّناً مهما وضعَ أمام عينيه عتمات تعنيه وحدَه دونَ سواه , ذاك الذي أقصدُه يبتكرُ بخبثه الفاضح طرقاً ملتوية ليضعنا أمامَ أمرٍ يظنُّه واقعاً لنفكّر – مجدّداً - طبقيّاً .
ليسَ سرّاً مباحاً القولُ بأنني وكثيرون من أصدقائي ذو فكر يساريّ , حين كان ذاك اليسارُ محظوراً , كدنا – كدتُ أنْ أنسى بأنّ المدينة مدينتان , حيث المدينةُ التي تهمّني ازدادتْ فقراً وقحطاً وأكثرَ عتمة من ذي قبل , ولستُ مبالغاً إنْ قلتُ إنّ المدينة التي تهمّني أصبحتْ كائناتُها لا تسمعُ ولا تَرى (ولا تُرَى) ولا تنبض , دليلاً عليه , أمّا كان يُقالُ : إنّ السمع والبصروالفؤاد كان عنه مسؤولا ؟, إذن فليتحمّل المعنيُّ بالأمر المسؤوليّة مزدوجةً , و لو أني أعلمُ أنّه تهرّبَ منها حين كانتْ مفردةً , فكيف به سيواجهها وهي مزدوجةً ؟
سؤالٌ برسم الإجابة عليه من قِبل مَنْ نمّرَ وقوّى جهةً معلومةً , و مِنْ ثّمَّ استقوى بتلك الجهة على إنساننا الأكثر فقراً و تهميشاً و سحقاً .
يا حسرةً على العباد .
يا حسرة على العباد .
#عبداللطيف_الحسيني (هاشتاغ)
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟