ما هي طبيعة العلاقة الأمريكية الإسرائيلية ... ؟ ( 2 )

آدم الحسن

الحوار المتمدن-العدد: 6848 - 2021 / 3 / 22 - 08:04
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    

العلاقة الأمريكية الإسرائيلية مرت بثلاث مراحل رئيسية منذ بدأ الاستيطان اليهودي في فلسطين في بداية القرن العشرين ثم نشوء دولة اسرائيل و الى يومنا هذا .

المرحلة الأولى : تمتد من بدايات القرن العشرين التي بدأت فيها اولى موجات الهجرة الاستيطانية لليهود في فلسطين قادمين من شتى انحاء العالم و كان للدول الأوربية و خصوصا بريطانيا حين كانت فلسطين تحت سلطة الانتداب البريطاني الدور المحوري في تنظيم و تشجيع ذلك الاستيطان و كان وعد بلفور سنة 1917 هو الحجر الأساس لتلك الهجرة المنظمة .

لم يكن للولايات المتحدة الأمريكية اي دور ذو اهمية في تنظيم الهجرة الى فلسطين في تلك المرحلة بل بالعكس كانت امريكا مستقبلة لليهود للاستيطان في اراضيها .

و استمر مسلسل الهجرة بأشراف الحركة الصهيونية العالمية التي كانت تتخذ من بريطانيا مقرا لنشاطها , و كان يهود البلدان العربية يرحلون عن هذه البلدان التي كانت حكوماتها خاضعة لسلطة الاستعمار الأوربي , الفرنسي و البريطاني , للاستيطان في فلسطين بفعل فتن استهدفت اليهود في هذه البلدان و اجبارهم على الرحيل أو من خلال سياسة الأغراء في وطن بديل لهم و تحقيق الحلم الصهيوني لأنشاء وطن قومي و ديني لليهود و وفق مسار وعد بلفور .

مجريات الأحداث قادت بشكل تدريجي الى نشوب حرب أهلية في فلسطين بين اليهود و المسلمين من عرب فلسطين و كان مصدر الدعم الذي يتلقاه اليهود هو من الدول الأوربية تحديدا و على رأسهم بريطانيا و لم يكن لأمريكا اي دور ذو اهمية يمكن التعويل عليه في اي تحليل موضوعي لتلك الأحداث .

بعد أن تطورت الأحداث لتصل الى مستوى مأساوي و اقتراب موعد انتهاء الانتداب البريطاني الذي كان مقرر في سنة 1948 صدر قرار بتقسيم فلسطين من الجمعية العامة للأمم المتحدة تحت رقم 181 في سنة 1947 .

صحيح أن الولايات المتحدة الأمريكية قد وافقت على قرار تقسيم فلسطين لكن موثقها كان كموقف الاتحاد السوفيتي السابق تجاه هذه القضية لذا لا تعتبر تلك الموافقة تغيير في الموقف الأمريكي من هذه القضية ,

قررت بعض الدول العربية رفض قرار التقسيم و طرد المستوطنين اليهود من ارض فلسطين , و بعضهم رفع شعار رمي اليهود في البحر و تحركت جيوش هذه الدول العربية للسيطرة على فلسطين بمجرد انتهاء الانتداب البريطاني و اندلعت حرب 1948 بين تلك الجيوش العربية و دولة حديثة النشوء هي اسرائيل المدعومة دعما شاملا و متعدد الجوانب من دول اوربا الغربية و بالتحديد بريطانيا و ذلك من خلال تسليحها بما تحتاجه من سلاح و جهد مخابراتي و كذلك التأثير على الأنظمة العربية التي كانت في تلك المرحلة بمجملها خاضعة للنفوذ البريطاني أو الفرنسي , و لم يكن لأمريكا اي دور سلبي أو ايجابي في تلك الحرب .

و خسرت الجيوش العربية الحرب فأطلق الأعلام الرسمي للدول العربية على تلك الخسارة الفادحة ( نكبة 48 ) .

و استمر مسلسل العدوان و كان من ابرز حلقاته العدوان الثلاثي سنة 1956 الذي اشتركت فيه بريطانيا و فرنسا و اسرائيل في عدوانها على مصر بعد قرار مصر التاريخي بقيادة الرئيس المصري الراحل جمال عبد الناصر في تأميم قناة السويس .

اصدر الاتحاد السوفيتي السابق انذاره الشهير لدول العدوان الثلاثة مشفوعا بدعم امريكي واضح و كان لذلك الإنذار الدور الحاسم في اجبار القوات المعتدية على الانسحاب من الأراضي و المياه الإقليمية المصرية ,
و هنا لابد من التأكيد انه بفضل الإنذار السوفيتي المسنود من قبل امريكا تحقق أول نصر عربي على اسرائيل و حلفائها الأوربيين بريطانيا و فرنسا .

الموقف الأمريكي من العدوان الثلاثي هو دليل قاطع على أن امريكا لم تكن منحازة لإسرائيل و أنه لم يكن لها خلال تلك الحقبة التاريخية الممتدة من بدايات القرن العشرين و لغاية العدوان الثلاثي على مصر اي دور سلبي بارز ضد الدول العربية أو ضد الفلسطينيين و هذه هي السمة الأساسية لتلك المرحلة من العلاقة الأمريكية الإسرائيلية .

امتدت اثار الحرب الباردة بين المعسكر الشرقي المتمثل بدول حلف وارشو بقيادة الاتحاد السوفيتي السابق و المعسكر الغربي المتمثل بدول حلف الناتو بقيادة الولايات المتحدة الأمريكية الى منطقة الشرق الأوسط , و مع تصاعد وتيرة تلك الحرب الباردة اخذ الموقف الأمريكي ينحرف بشكل تدريجي باتجاه الانحياز لصالح اسرائيل .

لقد اختارت مصر التقارب مع الاتحاد السوفيتي و الابتعاد عن الولايات المتحدة الأمريكية و كانت النتيجة هو اختيار امريكا لإسرائيل كي تكون الحليف لها في منطقة الشرق الأوسط لمواجهة الخطر الشيوعي , كما يصفه الأعلام الغربي , و من هنا بدأت المرحلة الثانية من العلاقة الأمريكية الإسرائيلية .

(( يتبع ))

#آدم_الحسن (هاشتاغ)      

---

اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل	حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين

كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على:

الفيسبوك

التويتر

اليوتيوب

RSS

الانستغرام

لينكدإن

تيلكرام

بنترست

تمبلر

بلوكر

فليبورد

الموبايل

كيفية إشراك-إيصال مواضيعكم أو مواضيع تهمكم  إلى اكبر عدد ممكن من القراء والقارئات