أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - رائد عبد الكاظم الخزاعي - عزف على اوتار من رصاص














المزيد.....


عزف على اوتار من رصاص


رائد عبد الكاظم الخزاعي

الحوار المتمدن-العدد: 6847 - 2021 / 3 / 21 - 12:54
المحور: الادب والفن
    


من ذكريات عام ١٩٨٢ حينما كنت طالبا في كلية التربية جامعة الموصل كنت ضمن مجموعة من الطلبة نكتب الشعر في الجدار المخصص تحت اشراف د.عبد الرضا علي وفي يوم من الايام كتبت
قصيدة فاعجب بها د.عبد الرضا ايما اعجاب .
وبعد قليل ارسل بطلبي فحضرت الى المكتب
ووجدت د.سعيد عدنان فقال د.عبد الرضا موجها ً كلامه الى
د.سعيد عدنان : هذا الطالب يكتب حلو، يكتب شعر.
فالتفت الي الضيف وقال لي: اقرأ
فقرات له.
فقال:وقد تهلل (والله خوش تكتب).
هل سمعت بابي تمام ؟
قلت له:نعم اعرفه

فقال: هل تعرف حماسة ابي تمام ؟
قلت :لا اعرفها.
قال :هل تقبل النصيحة؟
فقلت : انا لك منصت.
قال: احفظ ديوان الحماسةلابي تمام.
وانتهى اللقاء لكن نصيحته اخذت اثرها في وجداني وذهبت الى مكتبات الموصل مفتشاً منقباً باحثاً عن حماسة ابي تمام وفتشت شارع الدواسة فلم اجد البغية وانتقلت الى شارع النجفي وقعت عيني على الكتاب فسالت عن السعر وكان على ما اتذكر (٣٥٠)فلساً فقط.
عدت الى القسم الداخلي وانا فرح وصرت احصي ابيات الديوان فبلغ عدده ثمان مائة بيت فكُبر في نفسي وثقل علي حملها وحفظها ولكن شددت ازري بعزمي وقررت ان أبدأ.
وبدأت مشوار الحفظ وكنت اقرا واترنم بابيات ابي تمام ممزوجة بنسائم الموصل التي تنعش الفؤاد وتحييه وانا اسير الهوينا فوق سطح القسم الداخلي
ذهاباً وجيئة الى ان جاء موعد انتهاء العام الدراسي .
عدت ادراجي واستقللت القطار الى البصرة نعم موعد الانطلاقة الساعة الخامسة فجرا وبدأ معها صرير عجلات القاطرات واصوات الركاب ممن لم يدركه الدور في الركوب واخرون لم يحصلوا على تذكرة سار القطار وسابقته روحي الى ارض الجنوب
وراحت تتنشق عطر النخيل وتستمع امواج مياه شط العرب واهتزازات السعيفات التي تخجل من مداعبة رياح( الشرقي ).
سار القطار من اقصى شمال بلادي الى اقصى الجنوب من موصل نازك الملائكة الى بصرة السياب وصل الى النقطة الاخيرة ركبت الحافلة وتوجهت الى بيت اهلي في( ابي الخصيب )وصلت الى دارنا والشوق يحدوني الى رؤية الاهل والاحباب
طرقت باب الدار طرقات متتالية وانتظرت ُ الجواب
ولكن لم يرجع الجواب الا صدى.
لم اسمع صوتاً ولم ار اثراً لاي شخص فداخلني شعور مريب ما الخبر؟ ما الذي حدث؟ تساؤلات محيرة هناك خطب ما !ورائحة رعب تحسستها وعلامات خوف رمادية تخيم على ابي الخصيب فلا لعب الاطفال ولا احاديث النساء القرويات الملمعة بطيبة القلب ونقاء الفطرة ولا علامة للحياة في مدينتي غير خضار النخيل .
كانت تلك الفترة ايام الحرب( العراقية الايرانية ) الهجمات متبادلة بين الدولتين ولم تزل ايام الشوش وديزفول ومعارك الفاو طرية بضحاياها من قتلى وجرحى وصراخ وعويل وحزن قاتم فكانت مدينتي تحت مرمى نيران مدافع العدو وقصف الطائرات وعلمت ان اسرتي انتقلت الى (ام قصر) طلباً للسلامة الى( بيت عمي) ووصلت الى هناك وانا احمل معي تحفة الادب والجمال كتابي (حماسة ابي تمام)لكن الوضع كان لا يحتمل فبيت عمي صغير ولايسع اسرتين بالكاد و الظرف الاستثنائي اجبرنا ورضخنا للواقع المرير .
وصرت اهرب من لحظات الضيق في البيت واشتداد وطأة القصف واصوات الطائرات الى كتابي لا افارقه امسكه بيدي امتع فيه ناظري واتمتم بابياته .
احمل (الزوادة من الاكل والماء)واخرج بمعية كتابي الى حدائق الميناء لاقرأ الشعر واحفظ مقطعاته تحت بروق اطلاق المدافع وزمجرة القصف الجوي ارقبها من بعيد واتحداها بقلب جريء انني ساكمل مسيرتي ساصل الى المبتغى مهما تكن الظروف.
لابد ان نشدوا بحب الحياة لانها تستحق
والنجاح هو طعم الحياة الجميلة فلابد ان انجح
وكأني بازيز الرصاص يصك سمعي وان لم يكن ففي مخيلتي دويه المستمر ورغم الحرب والخراب والتهجير وعدم الاستقرار كان الجد والمثابرة والاصرار.
مضت السنون وتوقفت الحرب وحفظت الديوان وكتبت الشعر واكملت دراستي وحققت ما اصبو اليه من حلم المستقبل ،
وفي يوم من الايام جمعتني مناقشة لاحد طلبة الماجستير مع استاذي الذي قدم لي النصيحة(احفظ ديوان الحماسة لابي تمام)
ولكنه لم يعرفني بسبب طول الفترة الفاصلة والتغيرات البيولوجية التى يشتغلها الزمان على الانسان
فاخذ بالاطراء علي لما راى من دقة مناقشتي العلمية
وما استمع من سيل الملاحظات الهامة والافكار الجوهرية حول مادة الرسالة.
فقلت له ان كل ما لدي هو من حماسة ابي تمام
كل ما لدي من جواهر نصيحتك فعند ذلك عرفته بنفسي وذكرته بالايام الخوالي والجلسة مع د.عبد الرضا علي صاحب كتاب الاسطورة في شعر السياب
في تلك الغرفة الضيقة هناك في الموصل.
نبتت نخلة ابي الخصيب واثمرت وتذوقنا الرطب الجني ، وكان من قطاف البصرة عقلا نقدياً
يقرأ المعرفة بشكل اخر، معلم الشعر في آداب البصرة مَن{ عزف على اوتار الرصاص} فكانت نغمته علماً
نافعاً يجود به بسلاسة وتمكين باسلوب اخاذ لا يمله من يصغي اليه .
(من يوميات استاذنا الدكتورDhyaa Dhyaa Althamry )بتصرف.



#رائد_عبد_الكاظم_الخزاعي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- احتكار العنف
- السرد الجديد
- هايكو الناصري مملكة القصب
- غرام بالكذب
- العراقيين كلنا اهل
- تحليل الخطاب
- المشرحة
- معاناتي
- قصة قصيرة
- قراءة اخرى في المعنى
- الترجمة قراءة اخرى
- عبد الواحد لؤلؤة قراءة اخرى
- قرآءة اخرى وتالية.


المزيد.....




- القائمة القصيرة لترشيحات جوائز الأوسكار 79
- فيلم صيني بيلاروسي مشترك عن الحرب العالمية الثانية
- -آثارها الجانبية الرقص-.. شركة تستخدم الموسيقى لعلاج الخرف
- سوريا.. نقابة الفنانين تعيد 100 نجم فصلوا إبان حكم الأسد (صو ...
- من برونر النازي معلم حافظ الأسد فنون القمع والتعذيب؟
- حماس تدعو لترجمة القرارات الأممية إلى خطوات تنهي الاحتلال وت ...
- محكمة برازيلية تتهم المغنية البريطانية أديل بسرقة أغنية
- نور الدين هواري: مستقبل واعد للذكاء الاصطناعي باللغة العربية ...
- دراسة تحليلية لتحديات -العمل الشعبي الفلسطيني في أوروبا- في ...
- مكانة اللغة العربية وفرص العمل بها في العالم..


المزيد.....

- تجربة الميج 21 الأولي لفاطمة ياسين / محمد دوير
- مذكرات -آل پاتشينو- عن -العرّاب- / جلال نعيم
- التجريب والتأسيس في مسرح السيد حافظ / عبد الكريم برشيد
- مداخل أوليّة إلى عوالم السيد حافظ السرديّة / د. أمل درويش
- التلاحم الدلالي والبلاغي في معلقة امريء القيس والأرض اليباب ... / حسين علوان حسين
- التجريب في الرواية والمسرح عند السيد حافظ في عيون كتاب ونقا ... / نواف يونس وآخرون
- دلالة المفارقات الموضوعاتية في أعمال السيد حافظ الروائية - و ... / نادية سعدوني
- المرأة بين التسلط والقهر في مسرح الطفل للسيد حافظ وآخرين / د. راندا حلمى السعيد
- سراب مختلف ألوانه / خالد علي سليفاني
- جماليات الكتابة المسرحية الموجهة للطفل في مسرحية سندس للسيد ... / أمال قندوز - فاطنة بوكركب


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - رائد عبد الكاظم الخزاعي - عزف على اوتار من رصاص