أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العولمة وتطورات العالم المعاصر - محمد عبد الكريم يوسف - هل مات التوازن بين العمل والحياة؟















المزيد.....

هل مات التوازن بين العمل والحياة؟


محمد عبد الكريم يوسف
مدرب ومترجم وباحث

(Mohammad Abdul-karem Yousef)


الحوار المتمدن-العدد: 6844 - 2021 / 3 / 18 - 17:36
المحور: العولمة وتطورات العالم المعاصر
    


لقد تحول مصطلح التوازن بين العمل والحياة ، وهو مصطلح نشأ لزيادة الوعي بظروف العمل المحسنة ، إلى ظاهرة ذات أهداف غير محددة بدقة ذات قيمة تجارية مشكوك فيها. و التوازن ، بالمعنى التقليدي للكلمة ، شيء جيد ، فقد تسلل المصطلح إلى قاموس "أفضل أماكن العمل" مما يضع قدرًا غير متوازن من المسؤولية على عاتق أصحاب العمل ومساءلة أقل للموظفين. نقترح سحب المصطلح من قاموس العمل واستبداله بمصطلح أكثر تكافؤًا وأكثر واقعية وهو: خيار العمل / الحياة.

لا يمكن لأي شخص في مجتمعنا المتحضر المعاصر أن يجادل بأننا لا نستحق جميعًا التوازن في حياتنا. ومع ذلك ، فإن مصطلح التوازن بين العمل والحياة معقد ومتنوع وقد اتخذ العديد من المعاني المختلفة في الحياة والواقع وعالم المال والأعمال.

ويختلف تعريف التوازن بين العمل والحياة باختلاف الفرد وواقعه واحتياجاته كما يتطلب التوازن أن يعرف المرء ما يريده من العمل ومن الحياة ، وأن يكون لديه العزم على اتخاذ الخيارات المناسبة التي تساعده على النجاح في كليهما. يمكن للإنسان أن يعيد صياغة الجملة المبتذلة عن التوازن بأن يعرف الإنسان أن يذهب حيث يريد وأن يتمكن من خياراته بحيث يكون راضيا عن عمله بغض النظر عن الطريق الذي يسلكه. وفي هذه الحالة يصير التوازن أو نقصه كبش فداء للتردد في الحياة والعمل.

التوازن بين العمل والحياة ليس دافعًا أساسيًا مثبتًا للرضا الوظيفي: فقد أظهرت إحدى الدراسات البحثية أن الحصول على وظيفة تحبها ، وشركة تثق بها ، واختيار أولويات عملك يخلق موظفًا أكثر ارتباطًا ورضا مقارنة بالحصول على عمل وتوازن الحياة بدون تلك العوامل. وبحثت دراسة أخرى في كيفية تقييم الموظفين "للرضا عن الحياة" من خلال إدراكهم للتوازن بين العمل والحياة كما أظهرت أن الحياة ، وليس العمل / الحياة ، هي المحدد المهيمن على تقييم الرضا .

إن تحسين التوازن بين العمل والحياة سيكون حتماً على حساب شيء آخر وهو مجموعة سياسات صارمة للتوازن بين العمل والحياة قد ترضي بعض الموظفين ، وتعيق بعض الموظفين ، وستخسر بالتأكيد الكثير من الإنتاجية التي يريدها الموظفون أنفسهم، و عندما نقيس هذه الإنتاجية المفقودة من الناحية المالية - مثل توفير التكاليف أو زيادة الإيرادات - فإننا نفقد مصدر دخل يدفع مقابل الفوائد والامتيازات والعلاوات الضرورية التي تحافظ على مشاركة الموظفين والشركات التنافسية. وهناك مثال واقعي ، في مجال الاستشارات الإدارية فيمكن أن نتساءل عمن سيحصل على النهاية القصيرة لعصا التوازن عندما تعلن الشركات الاستشارية "التوازن." والجواب؟ تأتينا الاجابة الشافية في نتائج استطلاع التوازن بين العمل والحياة المتناقصة والمتراجعة لعملاء الشركة الاستشارية. وعندما يكون الاستشاري "متوازنًا" ، فإن عميله يميل إلى الركود.

إن خيار العمل / الحياة يعني فيما يعنيه الإيمان بضرورة أن يقوم صاحب العمل بتمكين كل موظف بالدوافع المادية والمعنية التي تمكنهم من تحريك أولوياتهم وزيادتها أو تقليصها. ويعني هذا أيضًا أن كل شخص يقبل المكافآت والعواقب المرتبطة بأفعاله . إن خيار العمل / الحياة هو فلسفة عمل أفضل لأنه يوفر المرونة التي تحتاجها الشركة للتكيف مع القوى العاملة المتغيرة ومتطلبات الوظيفة . علينا أن نواجه الأمر وفق المتغيرات الجديدة. نحن نعيش في عالم من التغيير.

وعندما تنفذ الشركة أو المؤسسة خيار العمل / الحياة ، فلن يكون المرء أول من يطالب بفوائده. لقد غادر جاك ويلش ، الرئيس التنفيذي السابق لشركة جنرال إلكتريك ، مؤتمر جمعية إدارة الموارد البشرية وهو يقول:" لا يوجد شيء مثل التوازن ، إنه خيار ، وعندما نتخذه ، يكون له عواقب عديدة ومنافع جمة.". الطريف أن الكثيرين قرؤوا هذا على أنه لا يمكن أن يكون لدى المرء حياة جيدة ومهنة جيدة في نفس الوقت . إن مقولة جاك ويلش تصف بدقة أكبر الفلسفة التي يحتاج الموظفون ذوو الأداء العالي وأصحاب العمل على حد سواء إلى تنفيذها.

قد تكون هذه الصياغة فظة نوعا ما لأصحاب الشركات ، لكنها تستند إلى العلم. لكل فعل رد فعل. ويتطلب الوصول إلى مصاف الشركات الراقية المتميزة والمنتجة التضحية الكبيرة ، ومن المحتمل جدًا أن تكون التضحية في مربع الحياة الشخصية للفرد والعكس صحيح أيضا. قد لا يرغب الجميع في الوصول مصاف الشركات الراقية والمميزة ، ويسعد الكثيرون بإعطاء الأولوية لقضاء الوقت في المنزل مع العائلة ويفضلوه على نمط الحياة التنفيذية وضغوط العمل التي تصاحب ذلك.

هناك الكثير من المسؤوليات المشتركة التي يمكن العمل عليها ، إنه أمر جيد التكلم عن مواضيع كهذه ، لكن القيمة الحقيقية لخيار العمل / الحياة هي التطبيق العملي. ومفهوم التوازن بين العمل والحياة لا ينبغي أن يُنظر إليه على أنه مفهوم صاحب العمل فقط ، كما لا ينبغي النظر إلى اختيار العمل / الحياة على أنه مفهوم يقتصر على الموظف فقط. وبالنسبة للشركات التي ترغب في استكشاف خيار العمل / الحياة ، يعد وضع التزام كبير بالمسؤوليات المشتركة بين العامل والإدارة أمرًا بالغ الأهمية. هناك فرق كبير بين عقد العمل والعقد النفسي بين العامل ورب العمل ، ومن هنا نبدأ .
مسؤوليات رب العمل:
يجب أن يضع رب العمل توقعات واضحة وصريحة بدءا من عملية المقابلة بين العامل ورب العمل أو ممثليه . يحتاج الأشخاص الذين يعملون في الشركة إلى معرفة ما هو متوقع منهم في العمل. يجب أن يكون العمل واضحا بشأن متوسط ساعات العمل والمزايا والامتيازات ويجب أن يترك بعض الحرية للعمل لمعرفة ما يريده وكيفيه إدارة حياته المهنية للوصل إلى ما تريده المؤسسة من نجاح.

يحتاج الموظفون الذين يدخلون ثقافة اختيار العمل / الحياة إلى أنواع مختلفة من المهام التي تساعدهم على التخطيط لكل جزء من أجزاء العمل والحياة التي يختارونها. و يتطلب ذلك تخطيطًا متسقًا وتواصلًا رائعًا. هناك وظائف أو مشاريع أو عملاء ، في كل صناعة ، تتطلب وقتًا وجهدًا أكثر من وظائف أخرى. ويجب جعل هذه الناحية مرئية ليساعد الموظفين على اتخاذ القرار الذي يناسبهم بشكل أفضل.

يجب أن تحدد الالتزامات والمكافآت بصدق وشفافية . إن اختيار العمل لا يعني أن صاحب العمل سيسمح لك بالعمل حتى الموت. هذا لا يعني أن وضع ساعات سيكون بالضرورة مرتبطًا بالنتائج. وبالمثل ، لا يعني اختيار الحياة أداءً ضعيفًا في الوظيفة. يحتاج الموظفون إلى معرفة معلومات عن عوالم الشركات التي ينضمون إليها.

يجري تقييم الأداء من خلال الجهد والنتائج. لا يعمل الجميع بنفس السرعة أو مستوى الكفاءة، و تتمثل وظيفة رب العمل في إنشاء الهياكل التنظيمية والوظيفية التي تساعد الموظفين على الوصول إلى الأهداف التي يضعونها لأنفسهم.

مسؤوليات الموظف:

على الموظف أن يمتلك ناصية اتخاذ القرار المناسب. إن فلسفة خيار العمل / الحياة هي فلسفة المساءلة التي تنطبق على كل من العمل والحياة. ومن دون فهم العامل القوي والصادق لمكان وجوده ، والمكان الذي يريد الذهاب إليه والقرارات التي يحتاج إلى اتخاذها ، لن ينجح الموظف في هذا الهيكل التنظيمي والوظيفي.

يعد خيار العمل / الحياة بيئة تقوم على الأخذ والعطاء ، لذلك يحتاج كل من رب العمل والموظف إلى جمع البيانات التي يمكنهم الحصول عليها من التخطيط بشكل مناسب.
التركيز على الجهد والنتائج . هناك مسألة مثيرة للجدل في الكثير من المنظومات الوظيفية فبعض الموظفين يعملون لمدة 8 ساعات أو 14 ساعة في اليوم ، من مكتب أو من مقهى أو البيت ، ويحققون الإنتاجية العالية من دون القدوم إلى موقع العمل.

على الموظف الاهتمام بالكفاءة والخبرة. يجب أن يصبح الموظفون أكثر إنتاجية طوال حياتهم العملية. لا يعني اختيار الحياة على العمل بالضرورة مسارًا وظيفيًا متوقفًا. يمكن للفرد الفعال إنتاج المزيد من الأعمال في وقت أقل.

إن تطبيق فلسفة اختيار العمل / الحياة ليس مسعىً بسيطًا ، ومن المرجح أنها ستخلق القليل من الصدمة الثقافية. ويستغرق الأمر وقتًا والتزامًا ، ويحتاج إلى دعم شامل حتى يحدث تأثيرا وفعالية . ومع ذلك ، عندما تنجح هذه الفلسفة يمكن أن يكتشف رب العمل أن الانتاجية ارتفعت كثيرا ، وازداد الرضا الشخصي ، وتحققت الأرباح بعد فترة وجيزة.



#محمد_عبد_الكريم_يوسف (هاشتاغ)       Mohammad_Abdul-karem_Yousef#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- كيف نحافظ على وقتنا؟
- الخلافات الأمريكية التركية في عام 2021
- كيف نحافظ على ثقافتنا؟
- الشغف هبة سماوية أم لعنة أبدية؟
- خفايا دعوة الرئيس أردوغان لدستور تركي الجديد
- متى يموت الحب؟
- رسائل - كل إنسان-
- قضايا ابداعية
- لعنة الشهرة
- لعنة المعرفة
- لعنة الخلود
- التحديات الكبرى أمام السياسة الخارجية للرئيس جو بايدن
- القواعد العسكرية خارج الحدود- النشأة والأهداف والنوايا
- فكرت فيك اليوم
- إلى يد...للشاعر فرناندو بيسوا
- إلى ستي خضرا ، شمال القدس...للشاعرة الأمريكية من أصل فلسطيني ...
- حنان
- أبي وشجرة التين ...للشاعرة الأمريكية من أصل فلسطيني نعومي شه ...
- نشوة ...الشاعر بول إيلوار
- الحبيبة ...بول ايلوار


المزيد.....




- -عيد الدني-.. فيروز تبلغ عامها الـ90
- خبيرة في لغة الجسد تكشف حقيقة علاقة ترامب وماسك
- الكوفية الفلسطينية: حكاية رمز، وتاريخ شعب
- 71 قتيلا -موالين لإيران- بقصف على تدمر السورية نُسب لإسرائيل ...
- 20 ألف كيلومتر بالدراجة يقطعها الألماني إفريتس من أجل المناخ ...
- الدفاع الروسية تعلن تحرير بلدة جديدة في دونيتسك والقضاء على ...
- الكرملين يعلق على تصريح البنتاغون حول تبادل الضربات النووية ...
- روسيا.. اكتشاف جينات في فول الصويا يتم تنشيطها لتقليل خسائر ...
- هيئة بريطانية: حادث على بعد 74 ميلا جنوب غربي عدن
- عشرات القتلى والجرحى بينهم أطفال في قصف إسرائيلي على قطاع غز ...


المزيد.....

- النتائج الايتيقية والجمالية لما بعد الحداثة أو نزيف الخطاب ف ... / زهير الخويلدي
- قضايا جيوستراتيجية / مرزوق الحلالي
- ثلاثة صيغ للنظرية الجديدة ( مخطوطات ) ....تنتظر دار النشر ال ... / حسين عجيب
- الكتاب السادس _ المخطوط الكامل ( جاهز للنشر ) / حسين عجيب
- التآكل الخفي لهيمنة الدولار: عوامل التنويع النشطة وصعود احتي ... / محمود الصباغ
- هل الانسان الحالي ذكي أم غبي ؟ _ النص الكامل / حسين عجيب
- الهجرة والثقافة والهوية: حالة مصر / أيمن زهري
- المثقف السياسي بين تصفية السلطة و حاجة الواقع / عادل عبدالله
- الخطوط العريضة لعلم المستقبل للبشرية / زهير الخويلدي
- ما المقصود بفلسفة الذهن؟ / زهير الخويلدي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العولمة وتطورات العالم المعاصر - محمد عبد الكريم يوسف - هل مات التوازن بين العمل والحياة؟