|
ماكس هوركهايمر (1895 - 1973)
غازي الصوراني
مفكر وباحث فلسطيني
الحوار المتمدن-العدد: 6843 - 2021 / 3 / 17 - 14:58
المحور:
الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
فيلسوف وعالم اجتماع الماني، ترأس مع أدورنو المدرسة التي تعرف بمدرسة فرانكفورت([1]) التي كانت نقطة انطلاقها تأسيس "معهد البحوث الاجتماعية" في تلك المدينة عام 1924، وكان في رأس برنامج هذا المعهد، النقد الجذري للوضعية ولعلمي النفس والاجتماع السائدين عصرئذ انطلاقاً من فرضية تقول إن ثمة تضامناً بين العلم الجامعي وبين الحاجات الايديولوجية للطبقات السائدة في البلدان الرأسمالية المتقدمة.
صب هوركهايمر، المنظّر الأول لفلسفة النقد، اهتمامه الأساسي على الجانب المعرفي لهذه الفلسفة من منطلق أن العقلانية كإيديولوجيا تستند إلى يقين معرفي محدد يجب التصدي له واكتشاف تهافته وتسلطه وهو ما دعاه إلى اقتراح مهام أربع أساسية لهذه الفلسفة هي:
1- الكشف في كل نظرية عن المصلحة الاجتماعية التي ولدتها عن طريق استخدام التحليل الناقد من أجل النفاذ إلى اعماقها في العلاقات الاجتماعية التي تضمنها.
2- تأسيس فهم جدلي للذات الإنسانية لا يتوقف عند وصف الصيرورة التاريخية للحاضر فحسب، بل يقوم أيضا على إدراك قوتها الحقيقية المتحولة وتأثيرها في الصراعات الواقعية لعصرنا الراهن.
3- والمهمة الثالثة لنظرية النقد عند هوركهايمر هي أن تظل هذه النظرية على وعي بكونها لا تمثل مذهبا خارج التطور الاجتماعي التاريخي.
4- أما المهمة الأخيرة فتكمن في التصدي لمختلف الأشكال اللاعقلانية التي حاولت المصالح الطبقية السائدة أن تُلبِسها للعقل، وأن تؤسس اليقين بها على اعتبار أنها هي التي تجسده، في حين أن هذه الأشكال من العقلانية المزيفة ليست سوى أدوات لاستخدام العقل في تدعيم النظم الاجتماعية القائمة.
لقد فهم هوركهايمر مع سائر فلاسفة فرانكفورت الماركسية –كما يقول الراحل جورج طرابيشي- "على أنها العلم النقدي للمجتمع، وأن مهمة الفلسفة بالتالي متابعة العملية النقدية والتحري عن أشكال الاستلاب الجديدة، وقد أخذت مساهمته الخاصة شكل تحليل نقدي للعقل.
فقد كتب بالاشتراك مع أدورنو "جدل العقل المستنير" (1947)، كما كتب "أفول العقل" و"نقد العقل الأداتي" (1967)، فلئن يكن العقل قد صاغ في الماضي مُثُلْ العدالة والحرية والديموقراطية، فإن هذه المُثُل حل بها الفساد في ظل هيمنة البورجوازية التي تأدت إلى تحلل حقيقي للعقل، ومن هنا كانت الحاجة إلى نظرية نقدية جدلية تستطيع أن تتعقل استلاب العقل بالذات"([2]).
أضخم كتاب لهوركهايمر يحمل على وجه التحديد هذا العنوان: "النظرية النقدية" (1968) وصدر في مجلدين ويعتبر –كما يقول سامي خشبة- "الجامع لأهم كتاباته، التي كانت تحمل الفكر الرائد لمدرسة فرانكفورت في نقدها لعلم المعرفة والعلوم الانسانية الحديثة وللحضارة الصناعية الغربية المعاصرة، وهي أيضاً الكتابات التي تبلورت فيها فكرة "النظرية النقدية" الفلسفية الاجتماعية، كما يقوم فكره على القول بان الحضارة الحديثة حضارة مريضة، وأن علاجها يجب أن يعتمد على تحول جذرى على كل من المستوى الفكرى (النظرى) والعملي التطبيقي، ولا يمكن علاجها بشكل جزئي، كما أكد هوركهايمر في كتابه المذكور على "خطأ تفسير التاريخ من خلال العوامل المادية وحدها وبضرورة الاهتمام بالفكر الانساني الواعي، ويضيف أيضاً إن "الفكر النظري" يعد إحدى وظائف الحياة الاجتماعية، ولكنه مستقل نسبياً عنها؛ ووظيفة "النظرية النقدية" اظهار الأصول الاجتماعية للمعرفة بهدف تحقيق "تحرير الانسان" من قبضة الأفكار السابقة القطعية والجزئية والجامدة ومن سيطرة التكنولوجيا المتضخمة التي تستند إلى العلوم التجريبية وحدها دون اعتبار للقيم الانسانية"([3]).
ومن كل كتبه لم يترجم إلى اللغة العربية سوى مؤلف واحد هو: بدايات فلسفة التاريخ البرجوازية، ترجمة محمد علي اليوسفي، دارالتنوير، بيروت،1981م.
([1]) مدرسة فرانكفورت: هي حركة فلسفية نقدية اجتماعية انطلقت وفق أسس ومفاهيم الفلسفة الماركسية، نشأت بمدينة فرانكفورت سنة 1923 عندما أسس كارل جرونبرج معهدا للعلوم الاجتماعية التابع لجامعة فرانكفورت التي اصبحت فيما بعد تيارا فكريا من بين اكثر ممثليه شهرة ماكس هوركهايمر (1895-1973) وتيودر أدورنو (1903-1969) وهربرت ماركيوزه (1898-1978)، الذي برز نجمه اللامع في ستينيات القرن العشرين، كذلك اريك فروم (1900-1980) ويورغن هابرماس (1929 - ) وصولاً إلى اكسيل هونيت (1949- ). (توم بوتومور، مدرسة فرانكفورت، ترجمة: سعد هجرس، ط1؛ ليبيا، أويا للنشر، 1998م، ص 99)
([2]) جورج طرابيشي – معجم الفلاسفة – دار الطليعة – بيروت – ط1 – أيار (مايو) 1987.– ص 711
([3]) سامى خشبة – مفكرون من عصرنا – الهيئة المصرية العامة للكتاب – القاهرة - 2008– ص 914
#غازي_الصوراني (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
رودولف كارناب (1891 - 1970)
-
أنطونيو جرامشي (1891 – 1937)
-
مارتن هايدغر (1889- 1976 )
-
لودفيغ فتغنشتاين (1889 - 1951)
-
جورج لوكاتش (1885 - 1971)
-
غاستون باشلار (1884- 1962)
-
كارل ياسبرز (1883 – 1969)
-
ازفلد شبنجلر([1]) (1880 – 1936)
-
إميل برهييه (1876 – 1953 م)
-
برتراند راسل (1872 – 1970)
-
الفلسفة الماركسية
-
مقالات ودراسات ومحاضرات في الفكر والسياسة والاقتصاد والمجتمع
...
-
عصر التنوير – العقل والتقدم
-
الفلسفة البنيويه([1])
-
الرؤية المطلوبة في مجابهة مرحلة الانحطاط العربي
-
الوضعية المنطقية ([1])
-
نظرة على فلسفة القرن العشرين
-
بندتو كروتشه (1866 – 1952 )
-
ماكس فيبر (1864 - 1920)
-
جورج سنتيانا (1863 - 1952)
المزيد.....
-
-مندهش من الأمور التي يبدي الآراء بها-.. بيل غيتس يناقش دور
...
-
الذكاء الاصطناعي يكتشف الأمراض من خلال فحص شبكية العين
-
إضافة هذا المكون للقهوة يضعف تأثيرها الوقائي ضد السكري
-
DeepSeek تحذر المستخدمين من انتشار معلومات كاذبة عنها
-
تكشف واحدة من أروع قصص الحب في التاريخ.. بيع رسالة مكتوبة لإ
...
-
ترامب يفرض عقوبات على موظفي الجنائية الدولية والمحكمة تندد
-
-حار جاف صيفا دافئ ممطر شتاء-.. دراسة لتغيير وصف مناخ مصر
-
الجنائية الدولية ترد على قرار ترامب بفرض عقوبات عليها
-
-تاس-: القوات الروسية حررت بالكامل ثلاثة أحياء سكنية في دوني
...
-
مسؤول في -طالبان- يعلق على إعلان سفارة أفغانستان إغلاق مقرها
...
المزيد.....
-
حوار مع صديقي الشات (ج ب ت)
/ أحمد التاوتي
-
قتل الأب عند دوستويفسكي
/ محمود الصباغ
-
العلاقة التاريخية والمفاهيمية لترابط وتعاضد عالم الفيزياء وا
...
/ محمد احمد الغريب عبدربه
-
تداولية المسؤولية الأخلاقية
/ زهير الخويلدي
-
كتاب رينيه ديكارت، خطاب حول المنهج
/ زهير الخويلدي
-
معالجة القضايا الاجتماعية بواسطة المقاربات العلمية
/ زهير الخويلدي
-
الثقافة تحجب المعنى أومعضلة الترجمة في البلاد العربية الإسلا
...
/ قاسم المحبشي
-
الفلسفة القديمة وفلسفة العصور الوسطى ( الاقطاعية )والفلسفة ا
...
/ غازي الصوراني
-
حقوق الإنسان من سقراط إلى ماركس
/ محمد الهلالي
-
حقوق الإنسان من منظور نقدي
/ محمد الهلالي وخديجة رياضي
المزيد.....
|