عبداللطيف الحسيني
:(شاعر سوري مقيم في برلين).
الحوار المتمدن-العدد: 6841 - 2021 / 3 / 15 - 22:36
المحور:
الادب والفن
هو العرّابُ أينما ولّيتَ وجهَكَ , أو أينما ولّيتَ بوجوه الأرض جنوباً أو شمالا لتجدَ الوجْهَ العَرّابيّ , إلى درجةٍ أنكَ تكرهُ أديمَ الأرض حيث احتضنَ وغذّى وجهَ العَرّاب الذي كان -فيما سبقَ من عقود - يختفي ساعاتٍ ليظهرَ ساعة , فيعكّر صفوَ الحياة أو ما لذَّ وطابَ من عيشٍ -أو ما سُمّيَ بالعيش جدلاً ليس إلا- .
العَرّاب الذي أعنيه مختلفٌ وكثيرٌ , فهو الغامضُ – الواضح , كانَ غامضاً , فباتَ وامضاً ومكشوفاً .حيث أطلّ عمرٌ جديد , فما على العَرّاب أنْ يتزيّى بطقم عرّابيٍّ ينبهرُ به العرّابون الصغار (وسوف يكبرون ليصبحوا : العرّابين الكبار) , وتنبهر به أشكالُه أو ما ملكتْ أيمانُهم من قيح وصديد أو سخف القول ثانياً و سخف العمل أوّلاً , و من نَكَدِ الدنيا و سخريتها المرّة المريضة أنْ أجدَ العَرّاب يتبوّأَ الصدارة – المكانة – الصفّ الأماميّ كلما اجتمع القومُ وافترش كرسيّاً , أوافترش جلسةً تعيدُني – و تعيدُ بعض المهمّشين من أبناء جيلي الهادر والكسيح بنفس الوقت- إلى خمسينيّات القرن حيث يتحدّث العرّابُ و يسبقه الجهلُ والأميّةُ قبلَ العجرفة أو الأميّة و العجرفة معاً قبل التحدّث من خلال الوجه (لا ماءَ يطهّرُه )واليد (لا تُخفي إلا البذاءات)وبلسانٍ لا حياءَ فيه .
.....
لن أدلّكم على العَرّاب بعلامته الفاضحة أو الغامضة , فالتعرّف عليه سهلٌ , و الحديثُ معَه أصعب , أنْ تعرفَ العَرّابَ , فما عليك إلا أنْ تسمعَه لدقيقةٍ كي تعرفَ الباطن من حديثه الممجوج قبل ظاهره المجترّ.
فعلاً :يا حسرةً على العباد .
___________________
عبداللطيف الحسيني.:شاعر سوري مقيم في مدينة هانوفر الألمانيّة.
#عبداللطيف_الحسيني (هاشتاغ)
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟