أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - كتابات ساخرة - جمال محمد تقي - عراق الازل بين الجد والهزل















المزيد.....

عراق الازل بين الجد والهزل


جمال محمد تقي

الحوار المتمدن-العدد: 1625 - 2006 / 7 / 28 - 09:03
المحور: كتابات ساخرة
    


"الحلقة الاولى"

ابو الشمقمق ، يطوف بالاسواق ، بطرطوره المرقع وكانه تاج يفاخر به عمائم التجار ، يمشي متقرمطا ، لا يتسول من احد ، المارة من رواد السوق من يتسولون منه دعابة او حكمة او لعنة او همزة ولمزة ، طبعا بعد ان ينقطوه بما يتناسب ومقامه وشهرته .
اضافة الى كل مواهبه المعروفة بصنع وخلق وابداع المواقف والطرائف والوظائف وربط ما بين الطوائف من تجار وحرافيش ومتصوفة ومعارضين وموالين ، وجعل المخيف سخيف ، والبعيد قريب ، والحاجة ميزة ، ومن التهكم على المصائب بلسم شافي يصنع العجائب ، لديه موهبة الشم المتخصصة والفائقة والنافذة في تفحص الهويات ، من العامة او الخاصة ، رجال او نساء ، مسافرون ام مقيمون ، حتى انها احيانا تساعده بعد جهد تنفسي خاص على معرفة دقائق صفات ونوايا من يقترب منه ، وهذه الخصلة ساعدته على التملص من الاخطار المحدقة به ، والتي غالبا مايكون مصدرها اللصوص ، او عسس الوالي ، او البخلاء .
فيه هوى للشعر ، نظما وحفظا وتجويدا وترخيما ، فيه مس من جن الحكمة يسكبه كلما فاض به الجوع والهم والوحشة ، فيه ميل للنساء لا يعادله ميل فيه عشق لهن كعشق رابعة العدوية الى الله .
مرة داعب ابو نؤاس قائلا : مهلا يا حكيم الخمر ، وهل يقدر ابوطوق على تسديد ماتسدده الحسان لك ؟
فرد عليه ابو نؤاس ضاحكا : في وهج عزمه على مغالبتهن يكون قد حقق ما يعجزن عنه !
فقال له ابو الشمقمق : والله ما غلبك شاعر ، ولكن كيف كان وقع التدحرج من تحت الى فوق ؟
فاجابه ابو نؤاس : كان كمغامرة مملوك لانتزعاع الملك كله !
اي مجنون انا حين اعجب بواحد بمثل جنونك ، قالها ابو الشمقمق وهو يقبل عليه ليقبل عمامته .
فهمس ابو نؤاس في اذنه ، جنوني هذا لا يشكل ذرة دقيق في حقول وبساتين جنون الخليفة ، وانت وانا من يعرفا جيدا ان مجونهم لا يعلوه مجون ، وما مجوني الا لتعرية مجونهم ، فهز ابو الشمقمق راسه وصاح وهو يودعه حي حي فينا من هو حي حي !
اختارت العناية الالهية ان يكون ابو الشمقمق شاهدا حيا على كل الدهور والعصور لما يتمتع به من حضور وقبول وذاكرة قوية ، وحكمة شهية ، وقدرة فائقة على شمشمة المخاطر ، ونفس طويل للتحاور وتحديد اولويات مايفيد الناس وما يضر بها ، وعليه فهو رجل يعيش زمانه ومكانه لكن العناية الالهية منحته قدرة اختراق كل الازمنة والامكنة !
اخذ ابوالشمقمق يعمل وراقا باحدى تكايا سوق السراي ، ووفقه الله ووسع عليه فاصبح صاحب مكتبة عامرة في السوق ، وتزوج من امرأة طيبة مكافحة كانت تتردد عليه للحصول على اعمال ثانوية كالتجليد ولوازمه من خياطة وتصميغ ، المهم عرف عنها الكثير فتقدم لامها وتزوجها ، اسمها بروين وهي بغدادية من اصول كردية ، وقد عرف ابو الشمقمق باسم متكامل ودون مكنيات ، فاصبح اسمه حمرين ابراهيم الخليل .
وقد رزقهم الله بطفل اسموه كاوة ، لم يكمل من عمره الا سنتين حين حلت بهم كارثة الموت التي اخذت الام وابنها حينما كانوا بطريقهم نحو سوق السراي حيث يعمل ابو الشمقمق ، كانت سيارتهم قد صدمتها احدى دبابات الامريكان ومات كل من فيها ، ومن يومها وابو الشمقمق قد توحدت لديه باطنيا في عقله الباطن وظاهريا في سلوكه وتصرفاته ، همومه الشخصيه وسعيه نحو الخير بالهم العام الذي يمثله شر الاحتلال وما جره على البلاد والعباد من فتن طائفية وانعزالية قومية وتفتيت المجتمع والدولة وتغريبهما ، وصار شرسا في فضح المحتلين واعوانهم ، بكل قواه العقلية ومقدرته الفذة في ادارة فن التعبئة والتحريض وصار لسانه سوطا يلهب به ظهور الجلادين !

ابو الشمقمق يسافر الى مصيف صلاح الدين :
لقد نصحه بعض المقربين منه ان يسافر ليرتاح قليلا ويبتعد عن هذا الجو المشحون ، والتكن سفرة زيارة وتجارة الى اربيل في شمال العراق ، حيث ياخذ معه بضاعة مكتبية عسى ان يصرفها هناك وايضا يرتاح من صيف بغداد وهمومها ليقضي ايام متعة في جو الشمال الذي يقل حرارة عن بغداد ، واقتنع ابو الشمقمق بالفكرة وجهز حاله وماله لها ، فاختار مجاميع مختارة من الكتب التي يحبها هو، وكان من بينها ، مقدمة ابن خلدون ، العراق السومري لطه باقر ، وملحمة كلكامش ، ودواوين المتنبي وابو نؤاس وابو تمام ، والمتشائل لاميل حبيبي ، والاغاني لابي فرج الاسفهاني ، وتاريخ الوزارات العراقية ، وكتاب كتبه هو تحت اسم مستعار، اسمه ، العراق فوق الميول والاتجاهات العراق فوق الطوائف والقوميات .
لقد شد رحاله واجر سيارة اجرة نحو اربيل . .
في نقطة التفتيش عند مدخل اربيل كان هناك تفتيش له حلة اخرى غير التفتيش الامني في مخارج بغداد ومداخل كركوك ومخارجها ، حلة يحاول اصحابها اظهار انفسهم وكانهم دولة اخرى !
المهم سلم حمرين ابراهيم الخليل " ابو الشمقمق " اوراقه لرجال السيطرة ، فساله احدهم : هل انت عربي ، فرد عليه ابو الشمقمق : يا فخر ما قلت !
فصاح احدهم به ، اذن لماذا تريد ان تدخل اربيل ؟
فقال له وهل هناك ما يمنعني لانني عربي من دخول ارض اجدادي !
فقال له ضابط السيطرة هذه ارض الاكراد واجدادك العرب لايدخلوها لان جمالهم لا تستطيع العيش بها !
فضحك ابو الشمقمق وقال له : والله انتم مغفلون عفوا طيبون ، اسمع العرب دخلوها بخيولهم العربية الاصيلة التي يتباهى بها اجدادكم قبل اجدادي ، ثم الاتعرف ان منطقة ابراهيم الخليل على حدود زاخو مع تركيا هي من ممتلكات اجدادي لان نسبي انا يرجع له واسمي على اسمه ، ثم انني انوي شراء دار هناك فهل تمنعوني ؟
نعم نمنعك لانه لا يحق للعربي استملاك ارض وعقار في ارضنا حتى لا تستعرب !
ضحك ابو الشمقمق مرة اخرى وقال له : ياسيدي الاستعراب ليس تملك وانما هواية وانتم وحتى انا نهوى الاستعراب فاليس للافكار والمعتقدات والاسماء وطن ، انا ساذهب الى مصيف صلاح الدين الذي ولد في تكريت ، وهو انسان مستعرب وعظيم لكرديته وعربيته واسلاميته ، فهل فيكم لوثة دونية تريدكم ان تسلخون جلودكم ، لقد فعلها غيركم وتشوه !
ثم ساله الضابط هل انت شيوعي ؟ فاجابه : لا ولكن انا لست عدوا لهم .
وساله هل تحب البارزاني ؟ فاجابه ابو الشمقمق لااحبه ولا اكرهه ، لكنه لو كان هو وراء فكرة استعداء كل ما هو عربي فانني سوف اكرهه !
فقال الضابط : لالا نحن لا نستعدي العرب ، فالقران عربي والنبي عربي !
وعاجله ابو الشمقمق والارض تتكلم عربي ، رغم ان في ارض جدي ابراهيم الخليل من يتكلم كردي لما لا ، ارضنا تسع لكل اللغات !
فاشر الضابط قائلا لجنود السيطرة بالكردية :ادخلوه هذا فضيحة !
فضحك ابوالشمقمق قائلا بالكردية : من الاول سامحك الله .
فتعجب الضابط وحياه بالعربية قائلا : عمي من زاخو للبصرة هذا البلد ما انبيعة .



#جمال_محمد_تقي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- اجتثاث مكارثي في العراق
- فدرالية العراق مهيج حيوي للانعزال القومي والطائفي
- قول الحقيقة لا يغضب احدا سوى اعدائها يا طالباني
- انظمة عربية لا تحترم نفسها
- لقطات ليست بريئة
- كارت احمر للفصائل المقاومة في مونديال المصالحة الوهمية
- مطابقات شعبية ترتقي لفعل مقاومة الاحتلال الاجتثاثي
- هبوا ضحايا الاغتصاب
- خازوق الاحتلال لا يستثني احد
- الاحتلال الغائب الحاضر في مبادرة المالكي
- الصومال تتناطح للتخلص من قبضة الشر الاوسط الكبير
- دولة الناس ودولة الله
- أرهابيون لكن ظرفاء
- كذب الامريكان وان صدقوا ! يريدون الزرقاوي قميص عثمان لجرائمه ...
- هجوم امريكي مضاد لتثبيت افرازات الاحتلال ! خمس ساعات من التو ...
- عصيان مدني على الموت
- ماذا بعد الزرقاوي ؟
- عراقيات مع سبق الاصرار
- مجانين امريكا وبريطانيا يقاتلون في العراق
- هولوكست اطفال العراق


المزيد.....




- انطلاق النسخة السابعة من معرض الكتاب الفني
- مهرجان الأفلام الوثائقية لـRT -زمن أبطالنا- ينطلق في صربيا ب ...
- فوز الشاعر اللبناني شربل داغر بجائزة أبو القاسم الشابي في تو ...
- الموصل تحتضن مهرجان بابلون للأفلام الوثائقية للمرة الثانية
- متى وكيف يبدأ تعليم أطفالك فنون الطهي؟
- فنان أمريكي شهير يكشف عن مثليته الجنسية
- موسكو.. انطلاق أيام الثقافة البحرينية
- مسلسل الطائر الرفراف الحلقة 84 مترجمة بجودة عالية قصة عشق
- إبراهيم نصر الله: عمر الرجال أطول من الإمبراطوريات
- الفلسطينية لينا خلف تفاحة تفوز بجائزة الكتاب الوطني للشعر


المزيد.....

- فوقوا بقى .. الخرافات بالهبل والعبيط / سامى لبيب
- وَيُسَمُّوْنَهَا «كورُونا»، وَيُسَمُّوْنَهُ «كورُونا» (3-4) ... / غياث المرزوق
- التقنية والحداثة من منظور مدرسة فرانكفو رت / محمد فشفاشي
- سَلَامُ ليَـــــالِيك / مزوار محمد سعيد
- سور الأزبكية : مقامة أدبية / ماجد هاشم كيلاني
- مقامات الكيلاني / ماجد هاشم كيلاني
- االمجد للأرانب : إشارات الإغراء بالثقافة العربية والإرهاب / سامي عبدالعال
- تخاريف / أيمن زهري
- البنطلون لأ / خالد ابوعليو
- مشاركة المرأة العراقية في سوق العمل / نبيل جعفر عبد الرضا و مروة عبد الرحيم


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - كتابات ساخرة - جمال محمد تقي - عراق الازل بين الجد والهزل