|
سبعة عشر عاما على هبة الربيع الدفاعية في القامشلي
صلاح بدرالدين
الحوار المتمدن-العدد: 6837 - 2021 / 3 / 11 - 18:35
المحور:
الثورات والانتفاضات الجماهيرية
لم يكن الكرد السورييون بمناطقهم بحاجة الى من يدفعهم الى الاحتجاج ضد نظام الاستبداد ، فهم وبكلمة ادق غالبيتهم بمثابة مشروع مستمر وقائم للانتفاض والثورة على النظم والحكومات المتعاقبة خصوصا بعد تسلط حزب البعث على مقاليد السلطة منذ ١٩٦٣ ، ومعاناتهم في التهميش ، والحرمان ، والتميز العنصري ، واستهدافهم بمخططات شوفينية ( مثل الإحصاء الاستثنائي في محافظة الحسكة ، والحزام العربي فيها ) وتغيير التركيب الديموغرافي في كافة مناطقهم ، ومعاملتهم كمواطنين من الدرجات الثالثة واكثر ، وعدم الاعتراف الرسمي بوجودهم وحقوقهم ، لا في الدستور ، ولافي القوانين .
ومن السياسات المتبعة عادة تجاه الكرد السوريين ومناطقهم من جانب الأوساط الشوفينية الأمنية الحاكمة ، التلويح بالقوة وممارسة القمع ، والقيام بين فترة وأخرى باختلاق أسباب للقيام بحملات التأديب والاعتقال والاذلال وذلك لكسر شوكتهم ، وقطع الطريق على أي دور للكرد في المعادلة السورية خصوصا باتجاه التفاعل مع الحركة الديموقراطية السورية المعارضة للنظام .
في الثاني عشر من آذار ٢٠٠٤ كان المواطنون الكرد المسالمون بالقامشلي على موعد مع مخطط محبوك بعناية من جانب أفرع أجهزة المخابرات ، ومحافظ الحسكة ، لاثارة فتنة ، وإيجاد ذريعة لتوجيه ضربات تأديبية لمواطني مدينة القامشلي المعروفة بكونها تشكل النموذج في تآخي الاقوام والأديان ، واحدى المراكز الرئيسية للفكر القومي الديموقراطي الكردي السوري ، والساحة التي أنجبت العديد من المناضلين الشجعان ، والمكان الذي شاهد انعقاد القسم الأول التمهيدي للمؤتمر التاسيسي لحركة خويبون ، ونشاطات الحركة الوطنية الكردية .
كانت الخطة تقضي بجلب مجموعات فوضوية من خارج محافظة الحسكة ، تابعة لتوجيهات الأجهزة ومعبأة لرفع شعارات استفزازية وعنصرية ضد الكرد لخلق فتنة عربية كردية ثم لتشكل ذريعة لتدخل السلطة وتوجيه الرصاص نحو الجموع الكردية المحتشدة لتشجيع فريق الجهاد الرياضي – القامشلوكي – حيث قاوم الشباب الكرد بصدورهم العارية وقدموا عشرات الشهداء ، ولكن الامر لم يتوقف في هذا الحد بل تنادى أهالي القامشلي لتنظيم مسيرات سلمية ضد النظام ومخططه التخريبي ، فكان التجاوب منقطع النظير مما ارعب السلطة ، خشية ان تتطور الأمور وتخرج عن السيطرة ، فكان حضور عدد من جنرالات المخابرات السورية على جناح السرعة الى القامشلي ، كخلية ازمة من ( محمد منصورة وبختيار والمملوك ) مع تواجد ماهر الأسد في دير الزور للاشراف على غرفة عمليات خاصة بالموضوع .
ماحصل ان " مجموع الأحزاب الكردية " كانوا سندا لجنرالات خلية الازمة ومطية بايديهم لاحتواء الهبة الدفاعية التي كانت باتجاه ان تتحول الى انتفاضة كردية – وطنية شاملة ، واستطاع هؤلاء اخماد تلك الهبة الشجاعة التي تمددت الى عفرين وكوباني وحلب ودمشق بسبب اختلال موازين القوى بين إرادة الجمهور الوطني المستقل من جهة وقوى النظام واعوانه من الجهة الأخرى ، وكان يمكن ان تكون فاتحة ثو،رة ربيعية سورية في وجه نظام الاستبداد ولكن لا الأحزاب الكردية ، ولا الأحزاب السورية كانت مهيأة لدور قيادي في تطوير وتوجيه هذا التحرك نحو مشروع ثوري ببرنامج وخارطة طريق بل كانت أداة رادعة ضد تحولها وتوسعها .
وهكذا نتجت عن تسارع الاحداث حينذاك حقائق ودروس ستبقى ماِثلة بالاذهان أولها – طبيعة المنظومة الأمنية الحاكمة التي تدير شؤون البلاد عبر اثارة الفتن والأزمات وتوجيه الصراعات حسب ماتقتضيه سلامة وامن النظام الحاكم وثانيها – الجمهور الكردي عموما ، والقطاعات الوطنية المستقلة أكثر صمودا وتعبيرا عن مطامح الشعب في مختلف الظروف ، وثالثا – يوم الثاني عشر من آذار ٢٠٠٤ كان حدا فاصلا بين مرحلتي تصدر الأحزاب الكردية للمشهد وافولها ، وتاريخا رسم بالدم ببدء نهاية الدور الحزبي في الحركة الكردية السورية ، وعجزها بتركيبتها ، وبرامجها ،وطبيعة قياداتها ، وعدم شرعيتها عن قيادة النضال الوطني الكردي ، ورابعا – بسبب الإخفاق في إعادة بناء الحركة الكردية ، وترك المجال لاستمرارية هذه الأحزاب بكل امراضها فان الكرد السوريين يواجهون أعمق ازمة بتاريخهم الحديث ، أزمة متعددة الجوانب تتعلق بالهوية ، والتعريف ، والدور ، والوطن ، والجغرافيا ، والمشروع السياسي بشقيه القومي والوطني ، إضافة الى آثار الهجرة ، والضائقة الاقتصادية ، وحتى العلاقات الإنسانية .
لذلك فان الحاجة ماسة الان وباسرع وقت ممكن الى انتفاضة فكرية سياسية ثقافية ، من اجل إعادة بناء الحركة الوطنية الكردية بالطرق الديموقراطية والاعتماد على الشعب ، ونخبه المتنورة المناضلة ، مصدر الشرعيتين القومية والوطنية ، بانتخاب ممثليه وصياغة وإقرار مشروعه السياسي ، من خلال المؤتمر الكردي الجامع ، حتى يكون شعبنا بمأمن من شرور الدسائس والمخططات العنصرية ، وجاهزا لمواجهة كل التحديات ، وتقوم حركتنا بدورها النضالي في الحركة الديموقراطية السورية ، كشريك في عملية التغيير الديموقراطي وإعادة بناء سوريا الجديدة التعددية ، وتحمل مسؤوليات السلطة ، والقرار والبناء ، وتؤدي واجباتها القومية بالتنسيق والتعاون مع قوى الحركة الكردستانية بالمنطقة ، على قاعدة ترسيخ الشخصية الوطنية الكردية السورية ، وصيانة القرار المستقل لحركتنا ، واحترام خصوصيات البعض الاخر . ولنستوعب دروس الهبة الاذارية الدفاعية المجيدة في مسيرتنا النضالية الراهنة والمستقبيلية .
#صلاح_بدرالدين (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
مشروع البرنامج الوطني المقدم من حراك – بزاف –
-
كل الدعم للنشطاء الحقوقيين السوريين بالخارج
-
مجلس عسكري سوري : كيف ؟ ولماذا ؟ ومتى ؟
-
عندما يستنجد الغريق بقشة - المجلس العسكري -
-
عندما تكون مراكز البحث في خدمة الحزب
-
مصير أمازيغ ليبيا خارج مشاريع المتحاربين
-
حوار الشركاء
-
الأسد : مجموعة كردية سورية انفصالية منذ الثمانينات
-
من الذاكرة الثقافية : رابطة كاوا
-
بعد نصف قرن رابطة كاوا تعود الى الوطن الجريح
-
المسلمات العشر
-
تعقيب على مقترح المعارض السوري كمال اللبواني
-
في خصوصية اليسار الكردي السوري
-
شهادة للتاريخ
-
قراءة في تصريحات السيد – جيمس جفري –
-
بعد عقد من الثورات المغدورة
-
تصحيحا لتوصيفات خاطئة : الكرد السورييون ليسوا بارز
...
-
شعب واحد من دون حركة كردية موحدة
-
حول معارضي - كيانات المعارضة الرسمية - السورية
-
كارثة عفرين من منظور آخر
المزيد.....
-
استأنفت نيابة العبور على قرار إخلاء سبيل عمال شركة “تي أند س
...
-
استمرار إضراب عمال “سيراميك اينوفا” لليوم السابع
-
جنح مستأنف الخانكةترفض استئناف النيابة وتؤيد قرار إخلاء سبيل
...
-
إخلاء سبيل شباب وأطفال المطرية في قضية “حادث الاستثمار”
-
إضراب عمال “النساجون الشرقيون”
-
تسعة شهور من الحبس الاحتياطي.. والتهمة “بانر فلسطين”
-
العدد 590 من جريدة النهج الديمقراطي
-
اليمين المتطرف يحتفل برحيل أونروا من إسرائيل
-
الفصائل الفلسطينية تفرج عن دفعة جديدة من الأسرى بينهم أربيل
...
-
تسع خطوات عاجلة لـ 10 نقابات مهنية مصرية ضد تهجير ترامب للفل
...
المزيد.....
-
ثورة تشرين
/ مظاهر ريسان
-
كراسات شيوعية (إيطاليا،سبتمبر 1920: وإحتلال المصانع) دائرة ل
...
/ عبدالرؤوف بطيخ
-
ورقة سياسية حول تطورات الوضع السياسي
/ الحزب الشيوعي السوداني
-
كتاب تجربة ثورة ديسمبر ودروسها
/ تاج السر عثمان
-
غاندي عرّاب الثورة السلمية وملهمها: (اللاعنف) ضد العنف منهجا
...
/ علي أسعد وطفة
-
يناير المصري.. والأفق ما بعد الحداثي
/ محمد دوير
-
احتجاجات تشرين 2019 في العراق من منظور المشاركين فيها
/ فارس كمال نظمي و مازن حاتم
-
أكتوبر 1917: مفارقة انتصار -البلشفية القديمة-
/ دلير زنكنة
-
ماهية الوضع الثورى وسماته السياسية - مقالات نظرية -لينين ، ت
...
/ سعيد العليمى
-
عفرين تقاوم عفرين تنتصر - ملفّ طريق الثورة
/ حزب الكادحين
المزيد.....
|