ما حقيقة معاناة الأيكور في الصين ... ؟ ( 2 )

آدم الحسن

الحوار المتمدن-العدد: 6837 - 2021 / 3 / 11 - 12:21
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    

مع استمرار و تصاعد الضجة الإعلامية عن ما يسمى معاناة المسلمين الايكور الذين يعيشون في اقليم شينجيانغ الصيني لابد من تحديد اسباب و دوافع هذه الضجة كي يمكن معرفة ما ستؤول اليها الأمور اثر هذه الضجة التي اخذت شكلا جديدا من النشاط حيث انتقلت من الضجة عبر وسائل الأعلام و خصوصا عبر وسائل التواصل الاجتماعي الى تحركات و ردود افعال دبلوماسية و قرارات من برلمانات بعض الدول الليبرالية و يمكن تصنيف الأسباب و الدوافع الى عدة اصناف أو مجاميع :

الصنف الأول مرتبط بالتنافس الشديد بين الصين و الولايات المتحدة الأمريكية فالصين اصبحت في نظر الكثير من القادة الأمريكان و معهم البعض من حلفائهم الخطر رقم واحد لأربعة اسباب رئيسية هي :

اولا : تصاعد قدرات الصين التجارية مع دول العالم المختلفة و لأن طريق الحرير الجديد سيزيد بشكل هائل هذه القدرات و خصوصا التبادل التجاري و المنافع المشتركة بين الصين و دول في القارات الثلاث اسيا و اوربا و افريقيا و ما سينتج عن ذلك من انقلاب شديد في المعادلات السياسية السائدة حاليا التي تطغى عليها الهيمنة الأمريكية و لغرض تعطيل مشروع طريق الحرير الجديد توجهت انظار الساسة الأمريكان الى اقليم شينجيانغ الصيني الذي يشكل عقدة مواصلات رئيسية لطريق الحرير الجديد حيث تلتقي فيه الطرق البرية لأقاليم الصين المختلفة للارتباط بطريق الحرير المار الى دول الشرق الأوسط عبر دول اواسط اسيا و يمكن القول أن اقليم شينجيانغ يشكل نقطة الانطلاق من الصين الى باقي الدول عبر المسار البري لطريق الحرير الجديد .
و الصين تعول كثيرا على احياء طريق الحرير من جديد لذلك رصدت له مئات مليارات الدولارات لتنفيذه وعقدت اتفاقيات للتعاون المشترك مع العديد من الدول التي لها مصلحة مباشرة في انشاء هذا المشروع العملاق و من بين هذه الدول العديد من الدول الإسلامية اذ بدون اشتراك الدول الإسلامية في هذا المشروع لا يمكن للصين انشائه اطلاقا .

ان خلق عداء بين الدول الإسلامية و الصين هو احد اركان المؤامرة الأمريكية لتعطيل مشروع طريق الحرير الجديد لذا كان الترويح لموضوع اسمه (( معاناة المسلمين الأيكور )) هو احد مفاتيح خلق هذه الفتنة , الا أن بوادر فشل هذه المؤامرة الأمريكية اصبح واضحا فدول اسيا الوسطى و باكستان و تركيا و ايران و الأمارات و الكويت و العراق و مصر و غيرها من الدول الإسلامية تتنافس في سباق مكثف ليكون لهم مكانة مميزة في مشروع طريق الحرير الجديد .

ثانيا : لأن الصين اخذت تدفع بهيمنة الدولار الأمريكي على النظام النقدي العالمي الى الوراء حيث بدأ الدولار الأمريكي يفقد هيمنته على سوق النقد العالمي بشكل تدريجي من خلال اعتماد الصين للعملات الوطنية في التبادل التجاري البيني بينها و بين بعض الدول دون المرور بالدولار كوسيط نقدي لتحديد القيمة التبادلية للسلع .
و أن استمرار دفع الدولار الأمريكي الى الوراء سيفقد امريكا اهم اسلوب لسرقة ثروات و خيرات شعوب العالم الأخرى اذ أن امريكا لازالت تستطيع ضخ مئات مليارات الدولارات في سوق النقد العالمي دون اي غطاء و دون اي ضوابط متى ما شاءت و بالقدر الذي تشاء .

فمن خلال دراسة الاتفاقيات التي عقدتها الصين مع دول منظمة شنغهاي أو مع دول خارج هذه المنظمة يمكن معرفة توجه الصين في ايجاد نظام نقدي عالمي جديد لا تهيمن عليه عملة دولة ما , اي ان الصين لا تسعى لإزاحة الولايات المتحدة الأمريكية من كرسي الهيمنة و الجلوس عليه بدلا عنها و انما الغاء وجود هذا الكرسي كي لا تكون هنالك هيمنة لدولة ما على النظام النقد العالمي الجديد و بذللك تتحرر العولمة بمختلف اتجاهاتها و خصوصا العولمة التجارية و ايجاد سوق عالمية مشتركة خالية من هيمنة اي دولة ,

و بانتهاء هيمنة الدولار الأمريكي على النظام النقدي العالمي ستطوي البشرية أحر شكل من اشكال الهيمنة و الاستعمار , و ستدخل العلاقات بين الدول كافة مرحلة المنافع المتبادلة العادلة و نهاية لآخر نوع من انواع الاستعمار .

ثالثا : لأن الصين اخذت تخطو خطوات متسارعة نحو مزيد من التطور العلمي و التكنولوجي مقارنة بالولايات المتحدة الأمريكية أو مع باقي الدول المتطورة و هذا يعني أننا امام مستقبل تكون فيه الصين هي في قمة هذا التطور و ليست امريكا أو اي دولة اخرى .

رابعا : و بسبب تطور التقنية العسكرية لدى الصين بشكل متسارع مما سيجعل الصين مع مرور الزمن لأن تصبح هي القوة العسكرية الأولى في العالم و هذا سيغير كل المعادلات السياسية السائدة حاليا , قد يكون هذا السبب هو الأهم و الأخطر من بين الأسباب و الدوافع الأخرى وراء الحملة الإعلامية المعادية للصين بحجة الدفاع عن حقوق المسلمين الأيكور .

(( يتبع ))

#آدم_الحسن (هاشتاغ)      

---

اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل	حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين

كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على:

الفيسبوك

التويتر

اليوتيوب

RSS

الانستغرام

لينكدإن

تيلكرام

بنترست

تمبلر

بلوكر

فليبورد

الموبايل

كيفية إشراك-إيصال مواضيعكم أو مواضيع تهمكم  إلى اكبر عدد ممكن من القراء والقارئات