أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - سعود سالم - الديموقراطية في فأرستان














المزيد.....

الديموقراطية في فأرستان


سعود سالم
كاتب وفنان تشكيلي

(Saoud Salem)


الحوار المتمدن-العدد: 6834 - 2021 / 3 / 7 - 16:27
المحور: الادب والفن
    


حكاية

كانت ماوسلاند Mouseland أو بلاد الفئران مكانًا جميلا وغنيا بوسائل الحياة، تعيش فيه جميع الفئران الصغيرة بأمان وسعادة، تأكل وتشرب، تعمل وتلعب وتحتفل وتولد وتموت. وقد عاشوا حياة روتينية ومملة تمامًا كما تعيش أأغلب الكائنات على كوكب الأرض.
حتى جاء ذلك اليوم الذي اكتشف فيه أحد القطط المغامرة أحد مداخل هذه البلاد وبدأ في إستكشافها والتلصص على سكانها وثرواتها. ومنذ ذلك اليوم بدأ حضور القطط يزداد يوما بعد يوم في شوارع البلاد وأزقتها وأصبحت القطط تتحكم في كل كبيرة وصغيرة تتعلق بحياة الفئران وأحالت حياتهم الوديعة إلى جحيم من الخوف والذعر. غير أن الفئران لم تتقبل هذا الأمر وبدأت في المقاومة ومحاولة إيجاد مخرج من سلطة القطط التعسفية والعنصرية. وبعد مفاوضات طويلة ومؤتمرات ولقائات وإجتماعات متعددة ووساطة من العديد من الجهات، توصلت الفئران والقطط لمشروع مجتمع "ديموقراطي"، يكفل الحياة للجميع عن طريق ما سموه بـ "البرلمان" وتكوين حكومة توافقية تدير أمور ماوسلاند.
أول ما أتفقوا علىه هو إجراء انتخابات برلمانية مرة في كل عام. واعتادت الفئران التوجه مسرورة إلى صناديق الاقتراع والقيام بواجبهم والإدلاء بأصواتهم، وفي كل عام، في يوم الانتخابات الموعود، كانت جميع الفئران الصغيرة تذهب إلى صناديق الاقتراع وتشارك في إنتخاب الحكومة، وكانت الحكومة في العادة مكونة من قطط سوداء كبيرة وسمينة.
وليس هناك ما يمكن أن يقال ضد القطط السوداء السمينة، فلقد أدارت حكومتهم بشجاعة وبراعة وذكاء، وأصدروا عدة قوانين جيدة وافق عليها البرلمان بالإجماع - أي قوانين جيدة للقطط بطبيعة الحال. لكن القوانين التي كانت جيدة للقطط لم تكن بالضرورة جيدة للفئران. يقر أحد هذه القوانين على سبيل المثال أن تكون فتحات حفر الفئران كبيرة بما يكفي حتى تتمكن القطة أو القط من إدخال مخلب من مخالبها. وينص قانون آخر على تحديد سرعة الفئران، أي ان الفئران لا يمكنها التحرك أو الجري إلا بسرعات محدودة معينة، بحيث يمكن للقط أن يحصل على فطوره دون بذل الكثير من الجهد، كما حرم على الفئران تسلق الأسطح الملساء أو الدخول في الشقوق الضيقة التي لا تتسع لمخالب القطط. كل القوانين كانت قوانين جيدة للقطط، لكن أغلبها كانت قاسية وظالمة للفئران. وأصبحت الحياة تزداد صعوبة ومأساوية. وفي النهاية وعندما لم تعد الفئران قادرة على تحمل كل هذا القهر، قرروا أنه يجب الثورة والقيام بشيء ما حيال ذلك الوضع. فذهبوا في الإنتخابات التالية بأعداد كبيرة إلى صناديق الاقتراع، وبدل التصويت للقطط السوداء كما هي العادة، صوتوا للقطط البيضاء وكلفوها بتشكيل الحكومة. وللحق فقد قامت القطط البيضاء بحملة إنتخابية رائعة بطريقة جديدة ومبدعة، قالوا: "كل ما تحتاجه ماوس لاند هو " الرؤية المستقبلية " وقالوا: "المشكلة مع ماوسلاند هي تلك الثقوب الدائرية الصغيرة أمام بيوت الفئران. إذا أنتخبنا ووصلنا للسلطة، أول ما سنقوم به هو تشريع يفرض الفتحات المربعة في كل البيوت التابعة للماوسلاند ". وقد نفذوا فعلا وعودهم الإنتخابية، وكانت فجوات الفئران المربعة أكبر بمرتين من الفتحات المستديرة، مما يمكن للقط أن يدخل مخلبيه الإثنين، وحتى رأسه في بعض الحالات. وأصبحت الحياة أكثر رعبا وأشد قساوة وأصعب من أي وقت مضى في التاريخ الطويل لبلد الفئران. وعندما وصلت المعاناة حدها الأقصى، ولم يعد بالإمكان أحتمال هذا الوضع بعد الآن، قاموا، في الإنتخابات الجديدة، بالتصويت ضد القطط البيضاء وأعادوا القطط السوداء للحكم مرة أخرى، ثم عادوا إلى القطط البيضاء، ثم إلى القطط السوداء وهو ما سموه بالتبادل السلمي للسلطة. حتى أنهم جربوا القطط التي نصفها أسود ونصفها أبيض، وقد أطلقوا على هذا إسم "حكومة التحالف". لقد جربوا جميع الإحتمالات لدرجة أنهم انتخبوا حكومة مكونة من قطط مرقطة ببقع بيضاء وسوداء وهي نوع فريد من القطط التي تتكلم مثل الفئران وتأكل مثل القطط.
وذات يوم بينما كانت الفئران في إجتماع كبير تتشاور وتتدبر في كيفية حل هذه الأزمة، رفعت فأرة صغيرة يدها قائلة بصوت مرتعش : لدي فكرة، لدي فكرة. وعندما سمحوا لها في النهاية، قبل نهاية الإجتماع بإدلاء رأيها، قالت : "انظروا أيها الرفاق، الحل في منتهى البساطة، لماذا نستمر في انتخاب حكومة مكونة من القطط ؟ لماذا لا ننتخب حكومة مكونة من الفئران؟ " في البداية عم صمت كصمت الأموات استمر لعدة لخظات، ثم همهمة خفيفة، ثم صاحوا بصوت واحد : بولشيفية .. شيوعية .. شيوعية. وانقضوا عليها كالقطط وقادوها إلى السجن.
كما ترون، أيها الرفاق والرفيقات، لم تكن المشكلة في لون القطط. المشكلة أنهم كانوا قطط. ولأنهم كانوا قطط ، فقد اعتادوا الإهتمام بأمور القطط بشكل طبيعي بدلاً من الفئران.

هذه القصة مستوحاة من حكاية سياسية كتبها السياسي الكندي Clarence Gillis، ثم تلاها Tommy Douglas ١٩٠٤١٩٨٦، الإشتراكي الكندي بصوته في عدة لقاءات إنتخابية وإجتماعات سياسية ابتداء من سنة ١٩٤٤ ..



#سعود_سالم (هاشتاغ)       Saoud_Salem#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- العقل الإرتيابي
- السوبرمان
- الكمبيوتر المصاب بالكورونا
- الله والبق بانق
- ليبيا .. ضرورة رؤية يسارية للمستقبل
- قلق دراكولا
- تمطط الكون
- مطاردة الذئاب
- اللغة - اللوغوس
- صحراء الملح
- الفراغ بين الكلمة والكائن
- اللغة المقعرة
- فيض الكينونة
- من الكلام ما يقتل
- ليبيا والإختيار الإجباري
- تجري السمكة من محطة لمحطة
- ليبيا : كارثة فبراير المجيدة
- الدال والمدلول وما بينهما
- علاقة اللغة بالأشياء
- هل كلمة -كلب- تنبح ؟


المزيد.....




- واخيرا.. موعد إعلان مسلسل قيامة عثمان الحلقة 165 الموسم السا ...
- الحلقة الاولى مترجمة : متي يعرض مسلسل عثمان الجزء السادس الح ...
- مهرجان أفينيون المسرحي: اللغة العربية ضيفة الشرف في نسخة الع ...
- أصيلة تناقش دور الخبرة في التمييز بين الأصلي والمزيف في سوق ...
- محاولة اغتيال ترامب، مسرحية ام واقع؟ مواقع التواصل تحكم..
- الجليلة وأنّتها الشعرية!
- نزل اغنية البندورة الحمرا.. تردد قناة طيور الجنه الجديد 2024 ...
- الشاب المصفوع من -محمد رمضان- يعلق على اعتذار الفنان له (فيد ...
- رأي.. سامية عايش تكتب لـCNN: فيلم -نورة- مقاربة بين البداوة ...
- ماذا نريد.. الحضارة أم منتجاتها؟


المزيد.....

- الرفيق أبو خمرة والشيخ ابو نهدة / محمد الهلالي
- أسواق الحقيقة / محمد الهلالي
- نظرية التداخلات الأجناسية في رواية كل من عليها خان للسيد ح ... / روباش عليمة
- خواطر الشيطان / عدنان رضوان
- إتقان الذات / عدنان رضوان
- الكتابة المسرحية للأطفال بين الواقع والتجريب أعمال السيد ... / الويزة جبابلية
- تمثلات التجريب في المسرح العربي : السيد حافظ أنموذجاً / عبدالستار عبد ثابت البيضاني
- الصراع الدرامى فى مسرح السيد حافظ التجريبى مسرحية بوابة الم ... / محمد السيد عبدالعاطي دحريجة
- سأُحاولُكِ مرَّة أُخرى/ ديوان / ريتا عودة
- أنا جنونُكَ--- مجموعة قصصيّة / ريتا عودة


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - سعود سالم - الديموقراطية في فأرستان