|
تشنج العلاقات بين النظام المغربي وألمانيا الديمقراطية
سعيد الوجاني
كاتب ، محلل سياسي ، شاعر
(Oujjani Said)
الحوار المتمدن-العدد: 6830 - 2021 / 3 / 3 - 19:04
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
بشكل مفاجئ طفا على السطح تشنج للعلاقات بين المانيا الديمقراطية ، وبين النظام المغربي . واذا كان هناك ارتباك قد أصاب فهم قراءة رسالة بوريطة الى الوزير الأول المفروض انه رئيسه ، فان العديد من المواقع قد فهم الرسالة خطأ ، لانهم تحدثوا عن التشنج بين المانيا الدولة ، وبين النظام المغربي ، في حين ان توجيهات بوريطة تخص تعليق التعامل والعلاقات بين النظام المغربي ، وبين السفارة الألمانية ، والمؤسسات الألمانية العاملة في المغرب ، لا في خارجه .. لقد ذهب العديد من المتتبعين والمهتمين للسبق ، لاكتشاف أسباب تشنج العلاقات بين النظام وبين السفارة الألمانية ، وليس بين النظام وبين الدولة الألمانية التي منحت النظام ما مقداره مليار ونصف المليار كمساعدات ، منها حوالي ثلاثمائة ( 300 ) مليون دولار ذهبت لصندوق محمد السادس المسمى بصندوق كورونا ... ، ورغم ان جوهر مضمون رسالة بوريطة الى الوزير الأول غير واضح ، فقد حاول الجميع ارجاع أسباب التشنج الى الموقف الألماني من نزاع الصحراء الغربية ، المؤيد لأطروحة الاستفتاء الذي يفضي الى استقلال الصحراء عن المغرب ، خاصة رفع علم الجمهورية الصحراوية امام البوندستطاگ ( البرلمان الالماني ) .. وهنا فان الجميع اشاروا ، الى الموقف الالماني الذي دعا الى عقد دورة استثنائية لمجلس الامن ، بعد اعتراف الرئيس الامريكي السابق دونالد ترامب بمغربية الصحراء ... ، والى تجاوزة المانيا النظام المغربي ، عندما تجاهلته ولم توجه له دعوة لحضور مؤتمر بشان الازمة الليبية ببرلين ، رغم ان المغرب كان محط لقاء لاطراف النزاع الليبيين الذي تمخض عنه بيان مدينة الصخيرات ، فان تدعو المانيا الامارات وتركيا لحضور المؤتمر وتتجاهل المغرب ، فهي اهانة او عداء للنظام المغربي ، والسبب غياب الديمقراطية .... ، كما ان الاغلبية اعتبرت تواجد الرئيس الجزائري عبدالمجيد تبون لمدة ثلاثة اشهر بالمانيا للاستشفاء ، سببا في دفع المانيا الى معاداة مغربية الصحراء .. ومنهم من اعتبر اخراج العلاقت الدبلوماسية بين النظام المغربي وبين الدولة الصهيونية سببا اغضب المانيا ، لان هذه تكره اليهود ... ، ومن هم من اعتبر اعتراف دونالد ترامب بمغربية الصحراء ، هو سبب الموقف الالماني الذي تسبب في تشنج العلاقات مع النظام المغربي ... الى غير ذلك من التفسيرات والشروح التي لا علاقة لها بفحوى رسالة بوريطة الى الوزير الاول ، التي لم تشر الى سبب التشنج وتركت الامر للتعويم .. اعتقد ان سبب التشنج بين النظام المغربي وبين السفارة الالمانية بالرباط ، والدعوة لتعليق اي تعامل معها ، و مع المؤسسات الالمانية العاملة بالمغرب ، لا علاقة له بهذه الترهات والفبركات المشار اليها اعلاه ... ، ولو كان السبب في تشنج العلاقات هو الموقف الالماني من الصحراء ، لكان التشنج مع الدولة الالمانية الديمقراطية ، وليس مع سفارتها بالرباط . بل ان ما يستعبد طرح سبب الصحراء ، ان مواقف المانيا الديمقراطية هي نفسها مواقف كل دول الاتحاد الاوربي ، وبما فيها فرنسا التي لا تعترف بمغربية الصحراء ، وتصوت لصالح قرارات مجلس الامن ، وقرارات الجمعية العامة للامم المتحدة ، التي تدعو الى الاستفتاء .. بل انّ السؤال هنا ، وهذا اذا افترضنا ان الصحراء هي السبب ، وهذا يبقى مستبعدا ، لماذا لم يحصل نفس ردة الفعل مع اسبانيا التي توجهت وزيرة خارجيتها مباشرة الى John Biden ، تدعوه الى سحب اعتراف الرئيس Donald Trump بمغربية الصحراء .. لكن المرجح وهو الاحتمال الصواب ، ان سبب تشنج العلاقات بين النظام المغربي والسفارة الالمانية بالرباط ، وليس مع دولة المانيا الديمقراطية ، هو وصول جهاز المخابرات المدني المغربي DGST لإرسالية ، او مكالمة ، او وشاية من بعض المسؤولين الرئيسيين الالمان حول قضية الصحراء ، أي ان السبب ليس هو الموقف الألماني من الصحراء وهو موقف كل الاتحاد الأوربي ، لكن ان السبب هو التدخل خارج الالتزام والبروتوكول الدبلوماسي في قضايا تضر بالمصالح المغربية في قضية الصحراء .. او قيام مسؤولين بالسفارة عن طريق البعثات التي تأخذ اوجها مختلفة ، باسم الثقافة ، او باسم التجارة ... ،وهم من المخابرات الالمانية ، بتحصيل معلومة ، او بعض المعلومات حول الصحراء ، وبعثها الى جهة قد تكون معادية لاطروحة مغربية الصحراء .. فقضية الصحراء مطروحة ، لكن كيفية الاشتغال على الموضوع ، هو السبب في تشنج العلاقات مع السفارة الالمانية ، وليس مع الدولة الالمانية .. والاّ لكان النظام قد تصرف نفس التصرف حين اقبر وابطل John Biden اعتراف Donald Trump بمغربية الصحراء ، لان ما قام به Biden كان ضربة موجعة للنظام ، وموجعة اكثر لشخص محمد السادس كملك ، بحيث رمى بكل أحلامه في قعر البحر .. ولكان رد فعل النظام اقوى من الموقف الخطير الذي تتخذه كل الدول الاسكندنافية من مغربية الصحراء ، وتوشك بعض دولها كالسويد ، وفنلندا ، والدنمارك .. من الاعتراف الصريح بالجمهورية الصحراوية .. وهو موقف ابعد واخطر من الموقف الألماني ، الذي يبقى موقفا لا يختلف عن المواقف التي يتخذها الاتحاد الأوربي بخصوص نزاع الصحراء الغربية .. اما عن اعتبر محمد حجيب هو الواقف وراء هذا التشنج ، او ان المخابرات الألمانية قد تكون قد توصلت باذلة عن مسؤولية DGST بتنظيم تفجيرات بألمانيا ، وخوفا من رد الفعل الألماني العنيف ، سارع النظام المغربي الى خلق وصناعة هذه التشنج لإبعاد التهمة عنه .. فتلك ضروب أحلام وتفسيرات لا قيمة لها ، لان في مثل هذه الحالة سينصب التشنج مع الدولة الألمانية ، وليس مع سفارتها ومؤسساتها العاملة بالمغرب .. لكن المثير للشفقة عن رسالة ناصر بوريطة الى الوزير الأول ، انها فضحت حقيقة النظام المغربي ، وعلاقاته مع دستوره الممنوح ، الذي هو دستور الملك .. فالرسالة ، وطريقة تحريرها ، والمبادرة في توجيهها الى الوزير الأول .. هي لا دستورية ، او انها ضد الدستور ، من جهة ان بوريطة كتبها باللغة الفرنسية كلغة استعمار ثقافي ، ولم يكتبها باللغة العربية ، او باللغة البربرية التي ينص عليهما الدستور .. وفي هذه الحالة يمكن الطعن في اللغة التي تم بها تحرير الرسالة ... ومن جهة فالرسالة سجلت اكبر خرق للفصل الثامن والثمانين ( 88 ) من الدستور ، لان بوريطة برسالته اللاّدستورية ، تصرف كسلطة قائمة الذات ، ومستقلة ، بل وتعلو على الحكومة التي من المفروض ان تمارس جماعة السلطة التنفيذية .. ، وتكون رسالة بوريطة رسالة آمرة ، ورسالة أمر من بوريطة وزير الخارجية الى ( رئيسه ) الوزير الأول، يأمره فيها ، / ( اصبح بوريطة رئيسا للوزير الأول العثماني الذي تلقف الرسالة بصدر رحب ) /... بتنفيذ التعليمات بالحرف .. ، وهذا عرى عن حقيقة النظام المغربي الذي عندما يريد تجاوز حتى دستوره الممنوح ، فهو يلجأ الى اصل السلطة ، التي تمتح من لبّ اصل سلطة امير المؤمنين ، في الامارة التي يحكمها سيف الجبر والقهر ، ولا يحكمها قانون .. فعندما يتم تجاوز الدستور في اصدار الامر عبر قنوات السلطة ، فأكيد ان الحكومة هي حكومة الملك تسهر على تنفيذ برنامج الملك ، وتنفيذ أوامره المطاعة ، بدون الحق في طلب الاستفسار ، او الشروحات حول مطابقة الامر مع الدستور .. وهنا فان العثماني تلقى امرا من بوريطة لتنفيذ تعليمات عليا ، يقف من وراءها البوليسي المقدس عبداللطيف الحموشي .. فالملك يثق في الحموشي ، ولا يثق في العثماني ، ومن يقول بالحموشي اكيد سيقول برئيسه فؤاد الهمة مستشار الملك ، الذي يخضع له بوريطة الموظف السامي برتبة وزير للخارجية .. وهذا يذكرنا كيف كان العثماني الغلبان يرتعد ، وهو يوقع اتفاق اخراج العلاقات الدبلوماسية بين النظام المغربي ، وبين آل صهيون ، والاوامر تنهال عليه بشكل مهين غير مؤدب ، من قبل المشرفين على التوقيع الذي كان يجهل فحواه ونصه ..
إضافة الى خرق مقتضيات الفصل ( 88 ) من دستور الملك ، فان رسالة بوريطة ضربت سلطة التفويض ، التي يفوض بمقتضاها الوزير الأول بعض سلطاته الى الوزراء الاخرين ، لينفذوها في مجال الاختصاصات المستندة الى تلك الوزارات .. فالرسالة ضرب صارخ للفصل التسعين ( 90 ) من الدستور، الذي يتكلم عن التفويض الذي ينقل الوزراء الى مقتضيات الفصل 93 من نفس الدستور، الذي يجعل الموظفون السامون برتبة وزراء ، مفوضين لتنفيذ سياسة الحكومة في القطاعات التابعة لهم .. فالرسالة وقعها بوريطة كسلطة عليا لا تخضع للوزير الأول .. لأنها لا تحمل طابع التفويض بالعطف ، بل رسالة تحمل سياسة المخزن التي تبنى كل شيء على الاوامر التي تنفذ بدون نقاش ، أي رسالة أمر بتنفيذ مهمة بالسرعة المطلوبة .. ولو كنا في دولة ذات نظام ديمقراطي ، واحتراما لما ينص عليها دستورها الذي هو دستور الملك ، فان رسالة بوريطة اللادستورية ، تقتضي حصول ازمة سياسية حكومية ، تنتهي امّا بالاستقالة ، او بالتحكيم من قبل اعلى سلطة التي هي الملك .. وبما ان الدستور صريح ، فتصرف بوريطة الطبيعي في نظام مخزنولوجي ، ثيوقراطي ، اثوقراطي ، تقتضي المسائلة في الأنظمة الديمقراطية ، يبقى امرا طبيعيا ، لان لا فرق بين أي وزير ، والفرق فقط في التسمية والوزرارات ، والواقع يشهد انهم موظفون سامون عند الملك .. المهم ان غاية وغرض الملك يتحقق ، والمنفذ يبقى زيد او عمر ، لا اشكالاً ، ولا مشكلة ... ان الرسالة خرقت الفصل ( 90 ) من دستور الملك الذي ينص على ان رئيس الحكومة يمارس السلطة التنظيمية .. ويمكن ان يفوض بعض سلطاته للوزراء ... فاين التفويض بالعطف ، الذي كان يجب على بوريطة ان يشير اليه في رسالته ، التي وقعها كمخزني ، وكسلطة قائمة الذات ، ومستقلة ، وتعلو سلطة الحكومة ... فمن يحكم في المغرب ... الملك ... والباقي مسرحية ..
#سعيد_الوجاني (هاشتاغ)
Oujjani_Said#
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
الكاتب-ة لايسمح
بالتعليق على هذا
الموضوع
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
ذكرى تأسيس ( الجمهورية العربية الصحراوية الديمقراطية )
-
بين رشيد الغنوشي الإخواني رئيس البرلمان ، وقيس سعيد رئيس الج
...
-
القضاء الكوني يبدأ النظر في جرائم التعذيب وانتهاكات حقوق الا
...
-
هل حددت إدارة جون بايدن موقفها من اعتراف دونالد ترامب بمغربي
...
-
خطاب الرئيس الجزائري عبدالمجيد تبون
-
إتحاد المغرب العربي
-
ذكرى انتفاضة يناير 1984
-
ذكرى حركة 20 فبراير / بأية عيد عدت يا عيد / بما مضى ام في ام
...
-
إختطاف شفيق العمراني من المطار
-
اختطاف معارض من مطار الرباط سلا
-
المعارضة
-
ماذا يحضر للصحراء ؟ - وثيقة عقيدة الاتحاد الافريقي - ..
-
هل ستندلع حرب امريكية ، اسرائيلية ، ايرانية ؟
-
توزيع وتشتيت سجناء حراك الريف الستة
-
المناضل الديمقراطي
-
المؤامرة الكبرى ضد الشعب المغربي
-
ماذا تريد جبهة البوليساريو ؟
-
حين يصبح رئيس أكبر دولة في العالم ، بلطجي شمْكارْ -- السقوط
...
-
هل رفعت اجهزة البوليس المغربي ، دعوى محلية ، ضد مغاربة معارض
...
-
الديمقراطية
المزيد.....
-
شاهد.. -غابة راقصة- تدعوك لإطلاق العنان لمخيلتك في دبي
-
بعد مكاسب الجيش في الخرطوم.. هل تحسم معركة الفاشر مآل الحرب؟
...
-
هواية رونالدو وشركاه .. هذه مضار الاستحمام في الماء المثلج
-
أكثر من 20 مرتزقا أمريكيا في عداد المفقودين بأوكرانيا
-
باكستان قلقة من الأسلحة الأمريكية المتروكة في أفغانستان وتحذ
...
-
وزير الدفاع السوري يتفقد ثكنات الجيش بصحبة وفد عسكري تركي (ص
...
-
تركيا.. شاورما تنقذ حياة -مسافر الانتحار- (صور)
-
من أمام منزل السنوار.. تحضيرات إطلاق سراح 3 رهائن إسرائيليين
...
-
سوريا.. من هم القادة العسكريون الذين شاركوا الشرع -خطاب النص
...
-
وارسو.. اجتماع وزاري أوروبي لبحث الهجرة والأمن الداخلي وترحي
...
المزيد.....
-
الخروج للنهار (كتاب الموتى)
/ شريف الصيفي
-
قراءة في الحال والأداء الوطني خلال العدوان الإسرائيلي وحرب ا
...
/ صلاح محمد عبد العاطي
-
لبنان: أزمة غذاء في ظل الحرب والاستغلال الرأسمالي
/ غسان مكارم
-
إرادة الشعوب ستسقط مشروع الشرق الأوسط الجديد الصهيو- أمريكي-
...
/ محمد حسن خليل
-
المجلد العشرون - دراسات ومقالات- منشورة بين عامي 2023 و 2024
/ غازي الصوراني
-
المجلد الثامن عشر - دراسات ومقالات - منشورة عام 2021
/ غازي الصوراني
-
المجلد السابع عشر - دراسات ومقالات- منشورة عام 2020
/ غازي الصوراني
-
المجلد السادس عشر " دراسات ومقالات" منشورة بين عامي 2015 و
...
/ غازي الصوراني
-
دراسات ومقالات في الفكر والسياسة والاقتصاد والمجتمع - المجلد
...
/ غازي الصوراني
-
تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ
/ غنية ولهي- - - سمية حملاوي
المزيد.....
|