|
بايدن نقل كفالة السعودية من الكفيل الإسرائيلي إلى الكفيل الأمريكي
جمال عبد العظيم
الحوار المتمدن-العدد: 6830 - 2021 / 3 / 3 - 17:42
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
في بيانهما حول العلاقة مع السعودية وإدانة محمد بن سلمان في جريمة مقتل خاشقجي يوم 1 مارس ، كان الإرتباك مسيطراً على المتحدث باسم الخارجية الأمريكية والمتحدثة باسم البيت الأبيض . حيث لم يبررا للصحفيين إعفاء بن سلمان من الإدانة . والتراجع عن اللهجة الحادة والحاسمة التي كانت تتحدثت بها إدارة بايدن . والمشهد يشي بأن الإدارة الأمريكية إستخدمت تقرير المخابرات بخصوص مقتل خاشقجي كوسيلة إبتزاز للنظام السعودي ليوافق على أمر ما . فقد أعلن البيت الأبيض التقرير في يوم الجمعة 26/ 2 /2021 وبدا للعالم أنه بسبيله لمعاقبة بن سلمان ، وفي الإثنين 1 مارس تغيرت اللهجة الأمريكية تغيراً حاداً ، وراح الناطق باسم الخارجية الأمريكية يتحدث عن تعديل وتعيير للعلاقات بين أمريكا والسعودية . وهكذا إنتهت الضجة التي أحدثها جوبايدن حول السعودية إلى لا شئ ، والأمر على هذا النحو يشير بما لا يدع مجالاً للشك إلى أن بايدن قام بابتزاز سلمان وابنه . وانهما قد أذعنا لهذا الإبتزاز فتراجعت الإدارة الأمريكية عن العقوبات التي لوحت بها . وتعد هذه هي أولى سقطات الإدارة الأمريكية الجديدة ، حيث تَنَكر بايدن لوعوده الإنتخابية وتاجر بدماء الصحفي المغدور جمال خاشقجي . علماً بأنها جريمة تمثل إرهاب دولة ضد مواطنيها ، حيث تهددهم بتقطيعهم بالمنشار إذا إنتقدوا حكومتهم . وبهذا الموقف للإدارة الأمريكية الجديدة ، ينخفض سقف الطموحات والتوقعات لدى كثيرين في المنطقة . حيث علقوا آمالاً كبيرة على الإدارة الديمقراطية ، وانتظروا منها ضغوطاً كبيرة على أنظمة البدوقراطية العربية التي تقهر شعوبها . لكنها وكأي إدارة أمريكية مالت لتأييد الحكومات على حساب الشعوب ، وتخلت عن شعاراتها البراقة عن حماية الحقوق والحريات .
والآن يثور التساؤل عن ما جرى خلف الكواليس ، وما هي أرباح الهجمة الأمريكية التي هددت العرش السعودي بالعزل إن لم يؤدها صاغراً للولايات المتحدة ؟ بداية فتاريخ العلاقات بين السعودية والولايات المتحدة ، يخلو من هذه المواجهات الحادة ، لأن الأنظمة السعودية المتعاقبة أذعنت على الدوام للرغبات الأمريكية . بحيث لم يضطر البيت الأبيض أبداً إلى مثل هذه المواجهة الصاخبة ، وإلى هذا التركيع العلني لحكام المملكة . ويبدو من المشهد أن الإدارة الأمريكية كانت مستميتة في طلبها ، ولا تسمح بالرفض أو المناورة من الطرف السعودي . ووضعته بين خيارين فإما الإذعان وإما شن إنقلاباً عليه بمعرفة معارضيه من أمراء البيت السعودي ، وقدمت أمريكا بالفعل غطاءً سياسياً لهذا الإنقلاب . وحسب هذه الرؤية فإن سيناريو عزل بن سلمان كان قائماً بالفعل وقيد التنفيذ ، في حالة رفضه للطلبات الأمريكية . ولإستنتاج حقيقة هذه الإملاءات الأمريكية يجدر بنا الإشارة إلى التخريب الذي أحدثته إدارة ترامب في بنية العلاقات الأمريكية مع الدول العربية وخاصة الخليجية منها . وكان عراب هذا التخريب هو مستشار ترامب وصهره اليهودي جاريد كوشنر ، حيث طاف البلاد العربية الخليجية وأجرى لها نقل كفالة ، من الكفيل الأمريكي إلى الكفيل الإسرائيلي . وفي هذا الإطار كانت هرولة عرب الخليج إلى التطبيع ، وهو ما أحدث خللا في توازن القوى بالمنطقة لصالح العدو الصهيوني . وخلال فترة ترامب طورت إسرائيل علاقتها بالعرب ، فتقليدياً كانت تشجعهم على التقارب معها بوصفها قادرة على التأثير في القرار الأمريكي . وفي ظل حكم ترامب تصرفت إسرائيل على أنها قوي تهيمن بنفسها ولمصلحتها على المنطقة ، وليس إعتماداً على صلتها بأمريكا وقدرتها على التأثير في القرار الأمريكي . وأثمرت هذه السياسة نتائجها بلا شك حيث كان البيت الأبيض نفسه قد ترك لها منطقة الشرق الأوسط وبدت إسرائيل للعرب وكأنها تمتلك القرار الأمريكي فيما يخص المنطقة . وكانت هذه الترتيبات تستهدف تحويل إسرائيل إلى دولة كبرى تمتد من النيل إلى الفرات . والآن تسعى إدارة جوبايدن لإسترداد الشرق الأوسط من الهيمنة الإسرائيلية التي ضربت عليه في عهد ترامب . وتمارس على العرب ضغوط لإظهار هيبتها وإستقلالها عن إسرائيل ، وفي هذا الإطار قررت في أواخر يناير الماضي تجميداً مؤقتاً لصفقة الأسلحة للسعودية والإمارات ، يشمل ذلك 3000 قنبلة ذكية تعاقدت عليها السعودية بقيمة 290 مليار دولار . والطائرة F35 من الجيل الخامس والتي تعاقدت عليها الإمارات بقيمة 23 مليار دولار . كما وضحت ضغوط أمريكا على العرب من إلغاء عواصم عربية لزيارات ولقاءات مع بنيامين نيتانياهو ، بالتوازي مع عدم تواصل جوبايدن مع رئيس الوزراء الإسرائيلي . ونوضح هنا أن إدارة بايدن لازالت ملتزمة بأمن إسرائيل مثلها مثل أي إدارة أمريكية ، ولكنها ليست ملتزمة بتحويل إسرائيل إلى قوة عظمى تهيمن على مجمع بترول الشرق الأوسط ، بدءً من إستخراجه وإنتهاءً بتدوير عوائده . وتتحكم في مداخل ومخارج المنطقة وهو ما يعد خصماً من الرصيد الإمبراطوري الأمريكي . ووفق هذه الرؤية فإن الضغوط التي مورست على النظام السعودي خلال الساعات القليلة الماضية ، تعد إنذاراً شديد اللهجة لكل عرب الخليج بضرورة العودة إلى الحظيرة الأمريكية ، وعدم الإعتماد على الكفيل الإسرائيلي .
#جمال_عبد_العظيم (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
عودة الدور الأمريكي إلى ليبيا
-
مسبار الفضاء الإماراتي - خزعل 13 -
-
الحرب الباردة بين إيران وإسرائيل
-
إحترس من لقاحات كورونا
-
الفن المصري يتجه لصناعة حرب أهلية
-
حلف خليجي تركي إسرائيلي لتدشين إسرائيل الكبرى
-
هل إختارت إسرائيل الإسلام التركي
-
لواء أركان حرب / آدم عليه السلام
-
مصر الخامسة الغضباء ومزرعة الشيطان الصهيوني
-
السادات أطلق الحملة الصليبية الثامنة
-
قصة مسلم إفترسه الصليبيين في مصر
-
سرير الملك أحمد فؤاد الثاني
-
إنتظروا فرعنا القادم في تل أبيب
-
عودة المقاول وعملية تقسيم مصر
-
اللاهوت والناسوت عند جمال عبد الناصر
-
البيان التأسيسي ل حزب 25 يناير
-
رسائل إلى الموساد الإسرائيلي
-
هل إنضممت إلى الحزب الإشتراكي الديمقراطي
-
الجيش المصري في عهد عبد الفتاح السيسي
-
مواجهة بين كاتب مصري وكاتب إسرائيلي
المزيد.....
-
مشاهد جوية مثيرة لتدفق الحمم جراء ثوران بركان في إيطاليا
-
بايدن: لن أترك السباق الرئاسي
-
الجزائر.. استعدادات للانتخابات الرئاسية
-
بعد تعرضها لحادث سير.. وفاة المستشارة الإعلامية للرئيس السور
...
-
قضية تلقي هدايا من السعودية.. الشرطة البرازيلية توجه سلسلة ا
...
-
النتائج ستصدر السبت.. تمديد عملية الاقتراع بالانتخابات الرئا
...
-
مكتب نتنياهو: مفاوضات وقف إطلاق النار تستأنف خلال أيام
-
لماذا يرفض الغرب إنهاء النزاع الأوكراني؟
-
البيت الأبيض: قلقون بشأن زيارة أوربان إلى روسيا
-
بوتين: نسعى لإنهاء النزاع لا لتجميده
المزيد.....
-
فكرة تدخل الدولة في السوق عند (جون رولز) و(روبرت نوزيك) (درا
...
/ نجم الدين فارس
-
The Unseen Flames: How World War III Has Already Begun
/ سامي القسيمي
-
تأملات في كتاب (راتب شعبو): قصة حزب العمل الشيوعي في سوريا 1
...
/ نصار يحيى
-
الكتاب الأول / مقاربات ورؤى / في عرين البوتقة // في مسار الت
...
/ عيسى بن ضيف الله حداد
-
هواجس ثقافية 188
/ آرام كربيت
-
قبو الثلاثين
/ السماح عبد الله
-
والتر رودني: السلطة للشعب لا للديكتاتور
/ وليد الخشاب
-
ورقات من دفاتر ناظم العربي - الكتاب الأول
/ بشير الحامدي
-
ورقات من دفترناظم العربي - الكتاب الأول
/ بشير الحامدي
-
الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة
...
/ ماري سيغارا
المزيد.....
|