أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - كتابات ساخرة - محمد الرديني - ميوشة تنذر للملا مطشر














المزيد.....

ميوشة تنذر للملا مطشر


محمد الرديني

الحوار المتمدن-العدد: 1625 - 2006 / 7 / 28 - 03:48
المحور: كتابات ساخرة
    


لم تنم "ميوشة" في تلك الليلة - وهذه هي كعادتها كلما راودتها رغبة السفر لزيارة قبور الاولياء والائمة والشيوخ الطيبين، تبقى ساهرة طول الليل تبحث عن الكلمات الجميلة التي سوف تقولها لهذا الامام او ذاك ونادرا ما كانت ترضى بما تقوله منذ الوهلة الاولى بل تظل تعيد في كلماتها وتصقل بعضها وتبدل الاخر حتى تستقر على كلمات مقنعة ويكون حينها قد انبلج الصباح واستعدت للسفر.
كانت "ميوشة" تعرف ان الزيارات لم تعد آمنة في الفترة الاخيرة ورغم انها تعرف الطريق جيدا الى قبر الملا " مطشر" الا انه لم تعد آمنة كما كان في السابق وهذا ما زاد في ارقها في تلك الليلة.
انها كانت ايام حلوة تتذكرها جيدا حيث كانت النسوة يتجمعن صباح كل خميس بانتظار "الباص" الخشبي الذي يقلهم الى قبر الملا مطشر القريب من نهر الطويلة جنوب العمارة.
انها تتذكر جيدا كيف كانت النسوة يتجمعن اول الامر في غرفتها ليعدن كبة "البرغل" و" الكليجة" والبيض المسلوق وخبز التنور. ولا ينسين حلاوة التمر والتمن البسمتي المعجون بالدهن الحر و"الجولة" التي يسخن عليها الطعام.
اما اليوم فالطريق محفوفة بالمخاطر ولم تعد النسوة تتحمسن لاستعدادات الزيارة في يوم الخميس. وخلال الشهور الماضية استمعت "ميوشة" الى قصص كثيرة لم تصدقها بادىء الامر وحين تكررت على مسامعها من اكثر من جارة لم يعد هناك مجال للشك في صدقها. كان هناك الكثير من قطاعي الطرق - كما تقول جاراتها - الذين يملكون الجرأة والوقاحة ليسلبوا طعام النسوة الزائرات ويأخذوا نقودهم ولايراعون كما تقول ام زهير بكاء الاطفال وصراخهم وهو يرونهم ملثمين لاتبان الا عيونهم التي لاتستقر على حال.
وتقسم "ام عبد الله" ، كما قالت ميوشة ذات يوم لاحدى جاراتها الجديدات انها لن تنسى احدهم حين اوقفت مجموعة من الملثمين سياراتهم الخشبية وهم في طريقهم لزيارة الملا مطشر، فقد توجه اليها احد الملثمين وانتزع من يديها حقيبتها الخوص، ولم يكتف بذلك بل سألها عن اسمها وهو يمد يده الى صدرها. ولم تتمالك اعصابها فدفعته الى الوراء بقوة صائحة في وجهه
- ما تستحي .. انا مثل امك.
سقط الملثم - كما تقول ام عبد الله - في حضن احدى العجائز القريبات منها والتي انهالت بدورها على وجهه تشبعه صفعات متتالية ادت الى سقوط قناعه وحينها رأت جميع الراكبات وجهه ومن بينهن ام عبد الله.
استيظت "ميوشة" في الصباح الباكر وتفقدت حاجياتها التي ستحملها معها وتأكدت انها ليست ثقيلة خوفا على يديها المصابتين بالروماتيزم المزمن وانطلقت مسرعة الى كراج "الماجدية" حيث سيأخذها الباص الخشبي من هناك الى قبر الملا مطشر.
آثرت وهي تستقل الباص الخشبي ان تختار مكانا منعزلا تجنبا لاسئلة العديد من الثرثارات اللواتي لاهم لهن سوى معرفة ماهو النذر وهل هو خروف ام عدد من الشموع ام دنانير ورقية ترميها داخل الضريح او "يلك" أخضر تشده على سياج القبر. كانت تتوقع ان النسوة اللواتي سيكونن معها سيضحكن حين يعرفن سبب النذر بل ربما يصفنها بالجنون ، وليس من المستبعد ان تصرخ احداهن بالسائق لكي يتوقف حتى تهرب من رؤية هذا "العفريت" الذي هو ميوشة وهي تسخر منهن بهذا النوع من النذر.
رغم انها كانت متعبة وتحس بشىء من العجز الا انها احست بحماس غريب حين اعلن السائق وصولهم الى قرية "الطويلة" التي يرقد فيها الملا مطشر.
لا تشتهر هذه القرية الا بنهرها الذي اخذ اسمها وقبر الملا مطشر وما عدا ذلك فالوجوه التي رأتها "ميوشة" في هذا النهار هي نفسها التي رأتها اخر مرة حين زارت الملا مطشر وكان ذلك منذ عدة سنوات.
تركت النسوة يتزاحمن للوصول الى سياج قبر الملا مطشر واخذت لها مكانا ظليلا تحت نخلة ليست بعيدة عن مزار القبر وصفنت.
همست "ميوشة كانها تخاف ان يسمعها أحد غير الملا:
"... اريد بجاهك وبجاه كل اللي تحبهم ويحبوك جيتك اليوم وناذرة نذر كبيراذا حققت لي هذه الامنية.. ما راح انذر الى حفيدي حتى يرجع بالسلامة ولا للروماتيزم الذي هد ضلوعي ولا الهداية لهؤلاء الناس اللي يقتلون من اجل الدولار الامريكي ولا الناس الذين عملوا لهم غسيل مخ واقنعوهم اذا قتلوا انفسهم سيتعشون مع الرسول(ص) ولا اولئك الناس الذين لم يروا "حورية" بالدنيا ففضلوا ان يروها بالجنة. لا ... لااريد منك الا شي واحد، بيان استنكار... شنو؟؟ ما افتهمت .. طيب، انت تدري قبل سنوات كان حفيدي شاب ومثله مثل بقية الشباب في عمره لايرضون باي شيء وكانوا يحتجون على حكامنا العرب اذا أصدروا بيان شجب او استنكارحين يرون على شاشات التلفزيون قتل عدد من الفلسطينيين على يد اليهود، ويقول حفيدي ان هذه الحكومات اصبحت مفلسة وليس لديها غير بيانات الشجب والاستنكار والتنديد. هسه افهمت ملا مطشر... شنو اقصد؟؟؟ بعدك ما افتهمت؟ زين، انا اريد بجاهك ان تقنع ذول اللي يشعرون بشوية ضمير من الحكام ان يصدروا بيان استنكار لكل ما يجري الان في لبنان، ان يقولوا شيئا . لانريد ان يبعثوا اموالا لعوائل الشهداء فانها لن تصل لانها ستنسى بعد اعلانها مباشرة ولا نريد ان يخصموا شيئا من ميزانيتهم السنوية المخصصة لشراء المقاتلات والدبابات والسيارات المحصنة وتلفونات "الجيب" المتصنتة. لانريدهم ان يقللوا من عدد السجون والسراديب النظيفة ولا نريد ان يوصلوا الماء والكهرباء والمدارس لسكان القرى البعيدة ولا نريدهم ان يستغنوا عن آلاف المخبرين الذين لاهم لهم سوى كتابة التقارير عن امهاتهم واخواتهم واعمامهم.
لانريد كل ذلك ... نريد فقط ياملا مطشر ان يصدروا بيان استنكار.. والله لانريد غير بيان شجب وتنديد، فهل هذا كثير ياملا "مطشر".



#محمد_الرديني (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- مازالوا يضحكون حتى اعداد هذا الخبر
- ميوشة تزور قبر الملا مطشر
- ميوشة تتفلسف على النسوان
- ميوشة تعترف امام ضابط مخابرا ت غير مؤهل
- ميوشة تبيع الثلج في كراج النهضة
- ميوشة تكتشف عذاب القبر
- اين هذا (الجن) من ذاك الجنون؟
- ميوشة تعتكف عن اللطم
- ميوشة تسأل في عيد ميلادها
- بعبع المخابرات
- هذا العصفور لا احبه
- الى محكمة العدل الدولية.... اني طالق ،طالق، طالق
- قاتل الله الجاجيك
- رسالة غير مكتوبة الى رب العزة


المزيد.....




- سوريا.. رحيل المطرب عصمت رشيد عن عمر ناهز 76 عاما
- -المتبقي- من أهم وأبرز الأفلام السينمائية التي تناولت القضية ...
- أموريم -الشاعر- وقدرته على التواصل مع لاعبي مانشستر يونايتد ...
- الكتب عنوان معركة جديدة بين شركات الذكاء الاصطناعي والناشرين ...
- -لي يدان لأكتب-.. باكورة مشروع -غزة تكتب- بأقلام غزية
- انطلاق النسخة السابعة من معرض الكتاب الفني
- مهرجان الأفلام الوثائقية لـRT -زمن أبطالنا- ينطلق في صربيا ب ...
- فوز الشاعر اللبناني شربل داغر بجائزة أبو القاسم الشابي في تو ...
- الموصل تحتضن مهرجان بابلون للأفلام الوثائقية للمرة الثانية
- متى وكيف يبدأ تعليم أطفالك فنون الطهي؟


المزيد.....

- فوقوا بقى .. الخرافات بالهبل والعبيط / سامى لبيب
- وَيُسَمُّوْنَهَا «كورُونا»، وَيُسَمُّوْنَهُ «كورُونا» (3-4) ... / غياث المرزوق
- التقنية والحداثة من منظور مدرسة فرانكفو رت / محمد فشفاشي
- سَلَامُ ليَـــــالِيك / مزوار محمد سعيد
- سور الأزبكية : مقامة أدبية / ماجد هاشم كيلاني
- مقامات الكيلاني / ماجد هاشم كيلاني
- االمجد للأرانب : إشارات الإغراء بالثقافة العربية والإرهاب / سامي عبدالعال
- تخاريف / أيمن زهري
- البنطلون لأ / خالد ابوعليو
- مشاركة المرأة العراقية في سوق العمل / نبيل جعفر عبد الرضا و مروة عبد الرحيم


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - كتابات ساخرة - محمد الرديني - ميوشة تنذر للملا مطشر