حسن مدن
الحوار المتمدن-العدد: 6829 - 2021 / 3 / 2 - 00:26
المحور:
العولمة وتطورات العالم المعاصر
لإدراك مسببات الكثير من التوترات في مناطق مختلفة من كوكبنا، علينا معرفة أنه في مطالع ستينات القرن العشرين كان دخل ما نسبته 20% من سكان العالم الذين يعيشون في البلدان الأكثر غنى يفوق بثلاثين مرة دخل ال20% الأكثر فقراً، أما في نهايات القرن نفسه فقد اتسعت الهوة لتصبح اثنتين وثمانين مرة، والمرجح أن الأمر، اليوم، قد ازداد سوءاً.
والأرقام تترى، فدخل الفرد في أكثر من سبعين دولة من دول العالم هو دون ما كان عليه قبل عشرين سنة، وفي العالم قرابة ثلاثة مليارات من البشر أي نصف البشرية بالتمام والكمال، أو بالتقريب إن شئنا، يعيشون بدخل يقل عن دولار واحد في اليوم.
يحدث كل هذا في الوقت الذي وصلت فيه وفرة السلع إلى مستويات لا سابق لها، والحبوب الغذائية لم تتوافر أبداً كما الحال الآن . المشكلة تكمن في التوزيع غير العادل للثروات الذي من جرائه يموت كل سنة ثلاثون مليون شخص بسبب الجوع، ويعاني ثمانمئة مليون آخرون سوء تغذية دائماً، ومن مجموع أربعة مليارات ونصف مليار نسمة هم سكان الدول النامية، فإن قرابة الثلث لا يشربون مياهاً صالحة للشرب، وأن أكثر من مليار شخص، يعانون سوء التغذية.
بعض الدراسات تقول إنه يكفي اقتطاع أقل من 4% من الثروة المتراكمة لما لا يزيد على 225 رجلاً فقط هم أثرى أثرياء العالم، للوصول إلى تلبية حاجات كل العالم في الصحة والتعليم والغذاء، والتي لا تزيد كلفتها على ثلاثة عشر مليار دولار، أي بالكاد ما يصرفه سكان الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي سنوياً على شراء العطور .
إن بدا أن ذلك يعني في الظاهر إخضاع العالم، فإنه في الجوهر يستنهض قوى عديدة على مدار الكوكب لن ترضى بأن يقاد العالم نحو هذا الخيار المدمر للبشرية وللبيئة، نتيجة استشراء نفوذ ما بات يدعى "الليبرالية الجديدة" التي تستعير الأدوات والأساليب القديمة القائمة على تسييد مبدأ الربحية كحاكم أوحد، وتعيد النظر في الضمانات الاجتماعية والمكتسبات التي نالتها الفئات الكادحة والوسطى بعد معارك اجتماعية وسياسية مديدة .
وتطول إعادة النظر هذه حقولاً مهمة كالتعليم والصحة والإعانات المعيشية والاجتماعية والخدمات الثقافية والترفيهية وإلغاء الدعم على الأسعار وتجميد الأجور وتحرير التجارة الخارجية وبيع القطاع العام
#حسن_مدن (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟