الولايات المتحدة والشرق الاوسط: تغيرات سياسية

جواد الديوان

الحوار المتمدن-العدد: 6828 - 2021 / 3 / 1 - 11:07
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    

اكد الرئيس كارتر في 1980 اهمية نفط الشرق الاوسط، وان اي محاولة للسيطرة على الخليج هو اعتداء على المصالح الحيوية للولايات المتحدة، ويجب مقاومته باي طريقة وحتى بالسلاح. واصبحت هذه عقيدة كارتر وتحدد سياسة امريكا في الشرق الاوسط.
وقتها كانت امريكا تستورد 29% من احتياجها للنفط من الخليج، واستمرت هكذا لعقدين من الزمن. اما الان فانها تستورد 13% من احتياجها من الخليج. وتستورد النفط من المكسيك اكثر مما تستورده من المملكة السعودية. وبذلك عفا الزمن على عقيدة كارتر. واصبحت مجرد رمزية لصياغة السياسة الامريكية في الشرق الاوسط.
كثر الحديث عن تصورات بايدن حول العلاقات مع الخليج. وربما ترغب الولايات المتحدة الامريكية ان تبقى بعيدا التشابكات الخارجية الغير ضرورية، وتعطي الاولوية للسلام والاستقرار في الشرق الاوسط. وتنظر امريكا لعلاقات البحرين والامارات مع اسرائيل نتيجة التاثير الايجابي لها، ومنه دور الكويت وعمان للتعامل مع الازمات في المنطقة وحلحلتها.
للولايات المتحدة شراكة مع دول الخليج لمحاربة الارهاب، امر حاسم حيث تمتلك حكومات تلك الدول معلومات عن شبكات المتطرفين لا تستطيع اجهزة امريكا الامنية جمعها بسهولة. وتعمل امريكا على توسيع العلاقات بين الشعوب فهناك عشرات الالاف من شباب دول المنطقة يدرس في جامعات وكليات امريكا.
علاقات امريكا مع الخليج كانت تنحصر في المساعدات العسكرية من اجل الحروب بالوكالة واستمرار صمت امريكا على القمع السياسي الذي تمارسه تلك الدول. وسيشرح بايدن ان هذا النهج يسبب تدهور الخليج ودوله. ومن المحتمل ان يكون هدف امريكا في تقديم خليج مسالم يعج باقتصاديات وطنية مستقرة ومتنوعة، وحكومات مستجيبة بقيادات شابة. والعلاقات الامريكية الخليجية مبنية على على اساس اقتصادي ودبلوماسي والحكم بدلا من الشراكة الامنية، وهذه تتراكم لصالح الطرفين.
وربما خطوة بايدن الاولى الانسحاب من حروب الخليج بالوكالة مع ايران. فحكومة ايران خصم للولايات المتحدة وتثير دائما صراعات في المنطقة مثل العراق ولبنان وسوريا واليمن. وببساطة هذه الحروب بالوكالة دعمت تاثير ايران بالمنطقة، وزادت من معاناة المواطنين.
وبالتاكيد انسحاب امريكا من سوريا واليمن سيثير الرعب في الخليج. فهناك اعتقاد خاطيء بامكانيات امريكا في ادارة الصراع في سوريا واليمن بشكل غير مباشر، الا انه مكلف كثيرا. وفي المسرحين وجدت امريكا بان التدخل العسكري البسيط غير كافي، بل سبب في توسيع النزاع بدلا من الوصول للتوازن.
وواشنطن مصابة بثقة متغطرسة بامكانياتها على انهاء اي صراع، وتحقيق اهداف سياسية من تدخلاتها العسكرية. وعلى العكس تماما، فان مغامرات امريكا في الشرق الاوسط كانت وقود الحروب بالوكالة، وتوالدت منها الجماعات المتطرفة والحركات المعادية لامريكا.
ولامريكا امكانيات للعودة للشراكة الامنية مع الخليج، الا انها ستقلل من وجودها. فمن المسلمات ان امريكا كان بامكانها حماية المنطقة بدون القواعد في البحرين وقطر والكويت والسعودية، وبدون بلايين الدولارات من مبيعات الاسلحة. الا ان نشاط ساستها يؤكد على ان هذه التجهيزات الهائلة ضرورية لحماية مصالح امريكا في المنطقة.
القواعد الامريكية مكلفة ماديا، وتخلخل التركيز على مناطق اخرى في العالم مثل افريقيا واسيا، وكذلك تشكل ضغط على امريكا لاهمالها قضية حقوق الانسان، ويجعل القواعد اهدافا لايران او غيرها مثل القاعدة او داعش. وربما ستعيد ادارة بايدن النظر في القواعد العسكرية في المنطقة، واهمها الاسطول الخامس في البحرين. ويتم معايرة الكلفة مع الفائدة. ومن المؤكد استمرار الولايات المتحدة في بيع المعدات العسكرية للمنطقة الا انها دفاعية، ولا ننسى ان المنطقة فيها الكثير من السلاح.
التهدئة في اليمن خيار لادارة بايدن لبناء مفهوم جديد للامن في المنطقة. التهدئة للصراعات يتبعه خفض سعر النفط لتعليل عائدات دول المنطقة! لتبقى امام خيارين اصلاح الوضع الاقتصادي او الحرب. ومن ضمن التهدئة كذلك معالجة انتشار الوهابية في العالم الاسلامي، لان ذلك يقابله انتشار افكار اخرى، ويتوسع العنف.
ستثير ادارة بايدن قضية حقوق الانسان، وتعزيز الحياة المدنية ودور القانون في اعادة البناء. وهذه قضية تحتاج الى واقعية في اعادة البناء. ولن تتحول هذه الدول الى ديمقراطية بين ليلة وضحاها. الا انها ان رغبت بجلب الاستثمارات لتحقيق ازدهار اقتصادي فعليها ان تتجنب القمع الوحشي للمعارضة. وعلى دول المنطقة ان تتفهم الاثار السيئة لقمع المعارضة وممارسة التعذيب. وحقوق المراة (مثال ذلك تحديدات السفر) لها دور في هذا الاصلاح. وعدم التحرش بالمعارضين موضوع مهم جدا.
وربما ستثير ادارة بايدن، انه اذا تجاوز النمو السكاني عائدات النفط، فان العوائل المالكة لن تستطيع ان تفي بالتزاماتها المالية تجاه شعبها، وسيبقى العنف مظهرا للحكم، وان عاصفة من عدم الاستقرار ستهب على المنطقة.

#جواد_الديوان (هاشتاغ)      

---

اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل	حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين

كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على:

الفيسبوك

التويتر

اليوتيوب

RSS

الانستغرام

لينكدإن

تيلكرام

بنترست

تمبلر

بلوكر

فليبورد

الموبايل

كيفية إشراك-إيصال مواضيعكم أو مواضيع تهمكم  إلى اكبر عدد ممكن من القراء والقارئات