أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الارهاب, الحرب والسلام - محمد الماجد - التعصّب من أوسع أبوابه














المزيد.....

التعصّب من أوسع أبوابه


محمد الماجد

الحوار المتمدن-العدد: 6827 - 2021 / 2 / 28 - 23:24
المحور: الارهاب, الحرب والسلام
    


ان حالة الجمود الفكري والثقافي التي تعيشها بلدان العالم الثالث لم تكن وليدة الصدفة بل هي نتيجة تراكميّة و أسس هرميّة لها أصولها الدينيّة والعرقيّة و الاثنيّة التي اندمجت – في فترةٍ ما- لتكوّن لنا العقليّة المتعصّبة للموروثات و الأفكار التي تصبّ كلها في النهاية في نهر وجهات النظر , فإن كل الآيديولوجيّات الدينيّة أو السياسيّة او الاقتصاديّة هي كانت مجرّد اطروحات نضجت في فترات زمنيّة كانت بحاجة فعليّة لها لعبور مرحلة معيّنة .
عن صناعة المتعصّب , ففي بلداننا العربيّة , من أهم ما يطوّر التعصّب و يسقي بذوره الكامنة في العقول هي المنظومات التربويّة و الأسريّة , لاسيّما المرحلة الابتدائيّة في الدّراسة ,تلك المرحلة العمريّة المهمّة في حياة الإنسان ما بين السادسة وحتى الثانية عشر من العمر .. حيث يستجيب العقل في هذه المرحلة لكل الأفكار المطروحة و يعتنقها اعتناقاً شديداً , حيثّ يُعلّم الطفل في هذه المرحلة الحسّاسة خيارين لا ثالث لهما , إمّا أن يحب أو يكره , يقول الدكتور سامي عبد العزيز , أستاذ الاعلام, " ان الأسرة العربيّة لا تضع الأشياء على مقياس متدرّج ، فهي تعلم أولادها فقط الحب والكراهية، وليس التدرج أي لا تستخدم كلمات (أعجب.. أقدر.. أحب.. أعشق.. أعبد) لكن تعلمهم وتتعامل معهم فقط بكلمتين هما: الحب والكراهية.. وللأسف الشديد نحن في البلاد العربية ليس عندنا فقط إلا الكراهية أو الحب، والكراهية هي نوع من الكفر .

حريّ بنا أن نفهم جيّداً أنّ التعصّب جزء من منظومة التكوين الإنساني نفسيّاً , و برأيي , ما يعمّق مفهوم التعصّب هو نسبيّة الصّواب , حيثُ يمكن قولبة عجينة الصّواب بما يخدم الفكرة التّي يتعصّب الإنسان لأجلها ..
مثلاً , عام 1800 في أمريكا , يطرد عمدة المدينة الأبيض جميع السّود المتواجدين في ذات المدينة , وبهذا فهو قد أصبح بطلاً في أعين بقيّة البيض و في عين نفسه مما يجعله ينحت هذا العمل لشيءٍ إيجابيّ بحت , في حين إنه يدعو للتطرّف و التعصّب وهو من أقبح أنواع التعصّب العنصري , لكنّ الموضوع يختلف تماماً في نظرهم آنذاك حيث يرونه قمّة الصّواب , هذا ما أعنيه بنسبيّة الصواب و إمكانيّة إحالتهُ لخدمة التعصّب .
دعنا لا نتعمّق أكثر في مسألة الصّواب و الخطيئة كونها تحملُ أبعاداً فلسفيّة كبيرة و قد تخرجنا عن صلب الموضوع , يقول برنارد راتسل , العالم والفيلسوف البريطاني : " أنا غير مستعد للموت في سبيل أفكاري , لأني ببساطة غير واثق من صحّتها "
مما تجدر الإشارة إليه و التركيز فيه هو حينما يكون الإنسان قادراً على الاعتراف بخطئه و شجاعاً بما فيه الكفاية لتبديد المعتقدات و الآراء الّتي تسيطر على اسلوب حياته و اسلوب كلامه فهو متمكن و بصورة كبيرة على مقاومة شبح التعصّب و التطرّف , لذا فإن مقياس قدرتك لأن تكون إنساناً مرتبط بشكلٍ مباشر بمقدار شجاعتك الفكريّة و مقدار التّراكم الثّقافي في تكوين شخصيّتك .
يقول جان جاك روسو : " الفلسفة المغتّرة بتفوّقها تقود إلى التعصّب " , هنا يشير روسو لأحد أهم الأسمدة الّتي تساهم في إنضاج آيديولوجيات متعصّبة , ألا وهي الإيمان بفكرة التفوّق , سواء كان تفوّقاً عرقيّاً أم إثنيّاً أم ثقافيّاً , فكلّها على العموم أنتجت تعصبّاً أنتجَ بدورهِ إبادات و مجازر أغرقت تاريخنا " الإنساني " بالدّماء و العار , ابتداءً من فكرة تفوّق العرق الأبيض في أوروبا و أمريكا , إلى بروباغاندا الامبراطوريّة اليابانيّة بتفوّق عرق الياماتو وحقهم في حكم آسيا والمحيط الهادي. والياماتو هم مجموعة عرقية من شرق آسيا، وهم السكان الأصليون لأرخبيل اليابان , إلى النازية و فكرة العرق الآري النقي و صولاً إلى مسألة تفوّق الأديان , فإنّ الإيمان بفكرة التفوّق المسيحي كان الدافع الرئيسي لبدء الحملات الصليبية , و كذلك أيضاً محاولة السلطان العثماني عبد الحميد الثاني فرض سياسة الاتحاد الإسلامي بدلاً من القومية العربية ما هيّ إلا أيماناً منه بالتفوّق الإسلامي كذلك المشاركة في تجارة العبيد الأفارقة , و ما كتبته مينا روزن عن ممارسات اليهود الذين عاشوا في فلسطين في القرن السابع عشر, وأوضحت أنهم اعتبروا أنفسهم عرقاً متفوقاً ليس على العرب فحسب، بل على اليهود الآخرين أيضاً , هذه و غيرها من الممارسات كالتعقيم القسري لضمان النقاء العرقي و الإبادات الجّماعية وعمليّات عرض المسوخ و خطابات الكراهيّة و ما يعرف بدحرجة الهنود الحمر و الإبادات الثّقافية كاضطهاد البهائيين في إيران و تدمير الثقافة البولنديّة وما حدث في اسبانيا فترة حكم فرانسيسكو فرانكو حيث منع فيها استخدام لغات الأقليات , و محاولات الحزب الشيوعي الصّيني لقمع استخدام اللغة الكانتونية ، وكذلك اللغة الأويغورية في شينغيانغ , و تدمير التراث الأرمني في تركيا والكثير من الأمثلة عن الإبادات الثّقافيّة , كل هذه الأمثلة الواضحة للجّميع , ما هي إلّا لمحة بسيطة عن كارثة الإيمان بالتفوّق , حيث تعبّر الجماعات المؤمنة بتفوّقها عن نفسها بأبشع صور التطرّف و التعصّب .
ان الجانب الّذي تطرّقت اليه هو برأيي أخطر الجّوانب التي تخلق أرواحاً و أجساداً متعصّبة , أن تدخل التعصّب من أوسع أبوابه وهو الباب العنصريّ , فكلّما شعر الإنسان بأفضليّته - غير المبررة – و بأن له الحقيقة الكاملة فهذا الشّعور يُنمّي وحشاً خطيراً جداً و مجرماً بالضّرورة , لذا فإنّ الأيمان بأحقيّتنا جميعاً بهذا الكوكب بأن نعيش حياةً مستقرّة بحياديّة و توافق أنساني , لهو حلٌّ بسيطٌ يختصر علينا – لو تم فهمه – قروناً طويلة من المجازر الماديّة و النفسيّة !



#محمد_الماجد (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الوطن الشهيد إلى سيدتي الشهيدة
- يا طفلتي


المزيد.....




- حاكم مصرف لبنان بالإنابة: نحن أمام مفترق طرق
- -تهديدات تثير القلق-... قضية مارين لوبان تفجر نقاشا سياسيا س ...
- الجيش الإسرائيلي يحقق في زيارة حاخامين قرية سورية دون تصريح ...
- نوفوستي: الولايات المتحدة تهدد باستخدام سلاحها الرئيسي وروسي ...
- حكم الاستئناف في قضية لوبن قد يصدر قبل الانتخابات الرئاسية
- قد يطرح في الصيدليات هذا العام.. القنب أساس دواء مسكن للآلام ...
- حظر ممارسة للجنس.. مدرب كرة ألماني يشارك أسرار غريبة عن حيات ...
- الدفاع الروسية تعلن استمرار تقدم قواتها وتكبيد العدو خسائر ف ...
- اكتشاف آثار فيضانات هائلة قديمة في غرب أوروبا
- صحة غزة تنشر حصيلة جديدة لضحايا القصف الإسرائيلي


المزيد.....

- حين مشينا للحرب / ملهم الملائكة
- لمحات من تاريخ اتفاقات السلام / المنصور جعفر
- كراسات شيوعية( الحركة العمالية في مواجهة الحربين العالميتين) ... / عبدالرؤوف بطيخ
- علاقات قوى السلطة في روسيا اليوم / النص الكامل / رشيد غويلب
- الانتحاريون ..او كلاب النار ...المتوهمون بجنة لم يحصلوا عليه ... / عباس عبود سالم
- البيئة الفكرية الحاضنة للتطرّف والإرهاب ودور الجامعات في الت ... / عبد الحسين شعبان
- المعلومات التفصيلية ل850 ارهابي من ارهابيي الدول العربية / خالد الخالدي
- إشكالية العلاقة بين الدين والعنف / محمد عمارة تقي الدين
- سيناء حيث أنا . سنوات التيه / أشرف العناني
- الجدلية الاجتماعية لممارسة العنف المسلح والإرهاب بالتطبيق عل ... / محمد عبد الشفيع عيسى


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الارهاب, الحرب والسلام - محمد الماجد - التعصّب من أوسع أبوابه