أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - سعد الله مزرعاني - متى يبدأ النقاش الجدّي؟















المزيد.....

متى يبدأ النقاش الجدّي؟


سعد الله مزرعاني

الحوار المتمدن-العدد: 6826 - 2021 / 2 / 27 - 12:39
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    



لم يبدأ النقاش الجدّي بعد بشأن بدائل ناجعة لمعالجة الأزمة اللبنانية. ما قد بدأ لا يتجاوز مقدِّمات أو إرهاصات أولية لا ترتقي، بعد، إلى مستوى المشاريع المتكاملة، وبالتالي، إلى مستوى فداحة الأزمة ومخاطرها على كلّ صعيد. وهي، بالتأكيد، مخاطر مصيرية ووجودية في كلّ الأحوال. في أيّ وضع طبيعي وحيال تهديد وكوارث كالتي نعيش ونتوقع، كان ينبغي للطاقات، السياسية والفكرية والتنظيمية كلّها، أن تستنفر من أجل ابتكار معالجات وحلول وبدائل. لكنّ الوضع اللبناني ذو فرادة (فعلاً هذه المرة!) في الاستعصاء بمقدار ما تشكّلت وترسَّخت فيه منظومة مصالح وتوجهات وعلاقات وسياسات، داخلية وخارجية، أحكمت قبضتها وهيمنتها على مصير الشعب والوطن. لا يقلّل ذلك من أهمية بعض المساهمات التي تصدر بين حين وآخر. لكنّ القوى الأساسية الفاعلة في السلطة، وفي المجتمع، لم تغادر بعد خياراتها السابقة. ما يحاوله البعض منها، أو في نطاقها، لا يتعدّى التساؤلات أو استعراض الاحتمالات: وغالباً في نطاق الصيغة القائمة بشكل عام. هذا، حكماً، بالإضافة إلى ما هو ناشط ومتواصل من توجّهات ومشاريع محلية هي صدى للمشروع الأكبر الذي كانت تديره الإدارة الأميركية السابقة تحت عنوان «صفقة القرن». ذلك ما اندرج في نطاقه تحرك البطريرك بشارة الراعي والرئيس السابق فؤاد السنيورة، وسواهما ممّن تجنّبوا تناول مسؤولية منظومة المحاصصة للتركيز فقط على السياسة الخارجية.

يتّصل هذا العقم والاستنقاع والمراوحة في الخيارات، رغم فداحة الخسائر ووضوح الفشل ومخاطر العجز، بموازين القوى وبالتوازنات التي لم تهتزّ أو تتغيّر على النحو المطلوب (والطبيعي) في ظروف مشابهة. لقد ألحقت الأزمة خسائر مروّعة بالأكثرية الساحقة من اللبنانيين، وهي نقلت ملايين منهم (أكثر من 70%) من حالٍ إلى حال. الفقر يلاحق ثلثَي المواطنين من دون أن تستقر أضراره، بعد، على حالٍ أو قرار. دفع هذا الواقع المأساوي مئات الآلاف إلى الشوارع. لكنّه لم يحوِّل هؤلاء إلى قوة فعل وتأثير وتغيير متماسكة ومنظّمة وفق برنامج وأولويات وإدارة قيادية تطوِّر وتفعِّل وتوظِّف. ثم إنّ الانتفاضة الشعبية، قد اصطدمت بوحدة صلبة لقوى السلطة رغم النزاعات بين أطراف أساسية فيها: قوى استخدمت كلّ ما تملك من إمكانات وأجهزة وخبرات، في الحقول كافة، من أجل عدم انهيار سلطتها، ومن أجل إحباط حركة الاحتجاج ودفعها إلى الوهن والتبعثر واليأس.

في السياق، القوى الخارجية، بدورها، بكَّرت وبشكل مباشر واستفزازي، في محاولة استغلال الأزمة. جنَّدت لهذا، الغرض، إمكانات هائلة: سياسية وتعليمية وإعلامية ومالية وتنظيمية (ولا تزال)، من أجل منع الانتفاضة من بلورة قيادة وبرنامج وأولويات وخطة تحرّك موحَّد... هي، علناً، حاولت أن تتصدّر المشهد، وأن تُرهق الانتفاضة العفوية بمطالب وأولويات تتصل بالصراع الإقليمي والدولي. ذلك ما حاولته، خصوصاً، ولا تزال، الإدارة الأميركية، الناشطة من أجل استهداف المقاومة وتعطيل دورها ونزع بندقيتها خدمةً للعدو الصهيوني وبهدف، قديم جديد، هو بسط هيمنة واشنطن وحلفائها على المنطقة بكل مواردها وأسواقها وثرواتها ومصائرها...
نجحت الحملة الأميركية الصهيونية المدعومة من عدد من الدول العربية، في حرف مسار الانتفاضة الشعبية عن هدفها الأساسي. وهي قد اخترقت، بشكل خطير، على مستوى الإعلام والتحريض، المزاج العام، محاولة تشويه الوقائع وإبعاد للمسؤولية عن منظومة النهب والفساد التي تستظلّ الطائفية والمذهبية والتبعية، وحصر المشكلة وأسبابها في المقاومة وسلاحها. وفّر ذلك بالنسبة إلى الفريق اليميني التقليدي في السلطة، فرصة لركوب موجة الانتفاضة و»الثورة» متبنّياً الرواية الأميركية والصهيونية، ومردّداً أهدافها بشكل بالغ الوقاحة والصراحة. الواقع أنّ انقلاباً قد وُضع قيد التنفيذ، من خلال السياسة والتحالفات وتصعيد عنف الشارع وتدهور الأمن والخدمات وتعطيل المؤسّسات وتعميم الفوضى وصولاً إلى إسقاط السلطة. في مجرى ذلك، جرى أيضاً استغلال العقم الشامل للمنظومة ولفسادها وعجزها عن توليد مخارج للسيطرة على الأزمة أو للتخفيف من آثارها المدمّرة. لا شك أيضاً، في أنّ افتقار قوى التغيير إلى دينامية فاعلة ومؤثّرة عبر التوحُّد في تيار وطني واسع ذي برنامج وأولويات وإطار وخطة، قد ساهم بشكل غير مباشر، هو الآخر، في خلط الأوراق والأمور، وفي نجاح الحملة الأميركية التي طاولت بالإغراءات المالية وبالوعود السخية آلاف المنظمات المدنية الناشئة كالفطر، وعدداً لا بأس به من ناشطي الانتفاضة ممن انطلقوا من مواقع حزبية يسارية: راهناً أو في السابق.
طبعاً، ينبغي لنا تناول مواقف طرفَي السلطة الحالية الأساسيَّين، في سياق السعي لإحداث تحوّل إيجابي في مسار الأزمة، من أجل احتوائها من جهة، ولإضعاف الاستغلال الأميركي الصهيوني لها، من جهة ثانية. أوّل هذين الطرفين هو «التيار الوطني الحر» الذي ما زال منهمكاً في استرجاع «الحقوق» كأولوية، بعدما حوّلها إلى هدف بذاتها، فيما أن ما يطرحه، أحياناً، من الانتقال إلى الدولة المدنية، يبدو أقرب إلى المناورة. «حزب الله»، من جهته، يستكشف بحذر ملحوظ، وبشكل أولي إمكانية إدخال تحسينات على الصيغة القائمة، من خلال محاولة (متعذّرة كما نعتقد) لفصل الإدارة عن النفوذ السياسي (إذا ما استمرت المحاصصة)، أملاً في تقليص فاتورة النهب والفساد والزبائنية...
قوى التغيير التي تراوح، بدورها، في موقعها العاجز عن حجز مكان فاعل في المشهد السياسي هي، موضوعياً، وحدها القادرة على صياغة برنامج وطني اقتصادي اجتماعي متكامل. لذلك، هي مطالَبة بتقديم مقاربة جديدة تجتذب، من خلال مبادرة شاملة وموحَّدة، قطاعات واسعة، سياسية واجتماعية لا تتوفّر لها مرجعية في مرحلة حبلى بكلّ أنواع المخاطر والاحتمالات. من تلك المبادرة يمكن لتلك القوى أن ترتاد آفاقاً أوسع نحو دور فاعل طال انتظاره.
السؤال الكبير يبقى: من أين يبدأ النقاش؟! قد يكون الجواب بسيطاً ومعقّداً في آن معاً: يبدأ من تسوية «الطائف»، لتطبيقها، وبالتزامن، لتطويرها في الوقت عينه! كيف ذلك؟ هذا ما نتابعه في مقالة لاحقة.



#سعد_الله_مزرعاني (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الركائز الأربع ل«المشروع الوطني الجبهوي»
- منظومة المحاصَصة خطر على الكيان!
- المئوية الإشكالية والحزينة
- هجوم فاجر ودفاع مدمّر وقاصر
- فقط «المؤقت السلبي» يدوم!
- من دروس تجربة الاحتجاج الشعبي
- إطلاق العميل الفاخوري: صراع بأدوات المحاصصة والحرب الأهلية.. ...
- الأزمة مستمرّة: ماذا عن المشروع الوطني؟ [2/2]
- الأزمة مستمرة ماذا عن المشروع الوطني؟ [1/2]
- الانتفاضة بروفة أولى نحو إنضاج مشروع التغيير
- مواجهة... لكن أكثر جذرية واتساعاً
- إفلاس منظومة المحاصَصة تعاقد وطني جديد
- جانبا الصراع... والتوازن المطلوب وطنياً
- المشهد الموضوعي في الساحات والأهداف
- مانيفست الحكم الوطني الديموقراطي
- تطبيق المادة 95 لا تعديلها
- الوصاية الأميركية على لبنان
- مئوية «لبنان الكبير» والمتغيرات الأكبر!
- أبعد من حملة نتنياهو
- فرج الله الحلو في ذكرى اغتياله الستين [2/2]


المزيد.....




- باع معلومات عسكرية للصين.. محلل في الجيش الأمريكي يعترف بـ-خ ...
- تونس: مظاهرة للمطالبة بإطلاق سراح نساء اعتقلن بعد انتقادهن ل ...
- غزة بعيون RT
- الكويت.. القبض على -الغول المصري-
- بعد جدل في الكونغرس.... إدارة بايدن توافق على صفقة أسلحة بقي ...
- بايدن: اتفاق هدنة في غزة قد يمنع هجوما إيرانيا على إسرائيل
- شحنة قنابل أمريكية بقيمة 750 مليون دولار في طريقها إلى السعو ...
- سفير روسي يوضح سبب إصرار حكومة بريطانيا على الاستعداد للحرب ...
- -بيت الرعب-.. العثور على 5 جثث داخل منزل في لبنان (فيديو + ص ...
- روسيا تكشف عن مركبة -بيك آب- مدرعة خفيفة في منتدى -الجيش – 2 ...


المزيد.....

- لا تُعارضْ / ياسر يونس
- التجربة المغربية في بناء الحزب الثوري / عبد السلام أديب
- فكرة تدخل الدولة في السوق عند (جون رولز) و(روبرت نوزيك) (درا ... / نجم الدين فارس
- The Unseen Flames: How World War III Has Already Begun / سامي القسيمي
- تأملات في كتاب (راتب شعبو): قصة حزب العمل الشيوعي في سوريا 1 ... / نصار يحيى
- الكتاب الأول / مقاربات ورؤى / في عرين البوتقة // في مسار الت ... / عيسى بن ضيف الله حداد
- هواجس ثقافية 188 / آرام كربيت
- قبو الثلاثين / السماح عبد الله
- والتر رودني: السلطة للشعب لا للديكتاتور / وليد الخشاب
- ورقات من دفاتر ناظم العربي - الكتاب الأول / بشير الحامدي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - سعد الله مزرعاني - متى يبدأ النقاش الجدّي؟