|
أحلام بسبسة والشرق الأوسط الجديد
محمد أيوب
الحوار المتمدن-العدد: 1624 - 2006 / 7 / 27 - 11:24
المحور:
كتابات ساخرة
في مكتبات المدارس الابتدائية قصة للأطفال تحمل عنوان أحلام بسبسة ، وبسبسة هذه قطة جائعة غلبها الجوع والنعاس فنامت ، وقد رأت أن فأرا سمينا يتحرك بلقرب منها ، منت نفسها بوجبة دسمة ، طاردت الفأر في المنام ، ولكن الفأر الذكي دخل من عنق زجاجة واختبأ داخلها ، صارت بسبسة تدحرج الزجاجة محاولة الإمساك بالفأر ، وصل الفأر إلى مؤخرة الزجاج فحاولت بسبسة الإمساك به ، استغل الفأر فرصة انشغالها وخرج من عنق الزجاجة ليدخل جحره وينجو من القطة . جونزاليزا رايس تحلم بوجبة دسمة ، تحلم بشرق أوسط جديد يأتمر بأوامر رب البيت الأبيض ، يأمره فيأتمر وينهاه فينتهي ، ومن المؤسف أن أمريكا لم تتعلم من ورطتها في العراق فتورطت وورطت إسرائي في لبنان وغزة على أمل أن تنجحا معا في إعادة رسم خريطة الشرق الأوسط دون أدنى اعتبار لإرادة شعوب المنطقة وأن هذه الشعوب تنتمي إلى امة واحدة هي الأمة العربية التي يربط بين غالبية أبنائها الدين الإسلامي بغض النظر عن التمايزات المذهبية ، وهناك جزء من هذه الأمة من المسيحيين المنتمين إلى العروبة والأمة والعربية ويقاتلون جنبا إلى جنب مع إخوانهم المسلمين ضد الغزاة أيا كانت ديانتهم . فكرة تقسيم الوطن العربي ليست جديدة وقد تطرقت إلى هذا الموضوع بعد حرب الخليج الأولى ، ولكن أمريكا رأت أن تكشف عن فكرة إعادة رسم خريطة الشرق الأوسط في هذه الفترة لتجعل منها فزاعة تخيف الحكام الخائفين على مصالحهم والذين قد يفكرون بالوقوف إلى جانب لبنان ، ولكن الأنظمة التي تراهن عليها أمريكا في وضع حد لنشاطات حزب الله والقضاء على روح المقاومة بعد نزع سلاح الحزب وإقصائه عن الحدود الشمالية لإسرائيل بحجة أنه حزب شيعي موال لإيران ، وقد وصل الأمر بوسائل الإعلام الغربية إلى درجة بث فكرة أن الإيرانيين هم الذين يقاتلون في لبنان ، وكأنهم يريدون تكريس فكرة أن العربي لا يجيد القتال وأنه لولا تدخل إيران لما استطاع حزب الله الصمود ، ولكن العسكريين الإسرائيليين باتوا يعترفون بالقدرة القتالية العالية عند عناصر حزب وأنهم يقاتلون على طريقة الفيتكونغ . إن استمرار الاستهانة بإرادة شعوب المنطقة يدفع هذه الشعوب إلى خندق المقاومة ثأرا لكرامتها ممن يعتدون على أراضيها ومقدساتها ويستبيحون حرماتها ، القوة العسكرية لن تحل المشكلة ولن تستطيع القضاء على خميرة المقاومة ، لأنها ستدفع المزيد من الأطفال الذين عانوا من هذه الحرب إلى الالتحاق بالمقاومة بعد أن يكبروا ، لأن ضرب المدنيين يزرع الحقد في النفوس ويزيد من مساحة الكراهية لأمريكا وحلفائها داخل وخارج المنطقة . كان من المفروض ألا يركب أولمرت رأسه وألا يبدأ بضرب غزة بدلا من معاقبة ضباطه وجنوده على إهمالهم وتقصيرهم لأن الإهمال في الجيوش يرقى إلى درجة الخيانة ، وما دام جنوده قد أهملوا فإنهم يتحملون مسئولية إهمالهم وليس السكان المدنيين في غزة هم من يتحملون المسئولية ، تصرف أولمرت بعنجهية معتقدا أنه يستطيع أن يكسر ذراع شعب غزة ، هذا الشعب الذي تآخى مع كل الظروف الصعبة وما عادت تفرق عنده ، على رأي المثل القائل : " ضربوا الأعور على عينه فقال : اضرب لما تزهق ، ما هي خربانة خربانة ، ضرب المدنيين ينسجم مع المثل الفلسطيني القائل : " ما قدر على الحمار نط على البردعة ، " وفي غمرة نشوة أولمرت بضرباته في غزة جاءت ضربة حزب الله الموجعة ، ولكن أولمرت ووزير دفاعه ركبا رأسيهما مرة ثانية وتعاملا مع لبنان كما يتعاملون مع غزة بمساحتها التي لا تزيد عن الكف إلا قليلا ، حشدوا قوات كبيرة ، وذهبوا باستهتار إلى لبنان ظانين أن باستطاعتهم القضاء على حزب الله وتقليم أظافره في مدة أقصاها يومين ، ولكنهم تراجعوا ومدد المدة إلى أسبوع فأسبوعين فعدة أسابيع وربما تمتد الحرب إلى أشهر . إسرائيل تحتاج إلى من ينزلها عن الشجرة التي صعدت إلى قمتها ، وهي تأمل في قرار سياسي يحفظ لها ما تبقى من ماء وجهها بعد أن فقد الجيش الإسرائيلي هيبته أمام حزب صغير ، وسقطت ورقة التوت عن أنظمة الحكم العربية في المنطقة وظهرت على حقيقتها وأنها لا تريد فعل أي شيء أكثر من التمسك بكراسي الحكم ، ترى هل تستطيع أمريكا أن تنزل إسرائيل عن الشجرة أم أن حزب الله سيستطيع قص هذه الشجرة بصموده أطول فترة ممكنة دون أن يتيح لإسرائيل فرصة تحقيق أهدافها المعلنة وغير المعلنة في هذه الحرب ، الأيام والأسابيع القادمة كفيلة بكشف المستور وبيان أن نظرية الأمن الإسرائيلية قد سقطت أمام ضربات حزب الله وأن الشعب الإسرائيلي أصبح في أتون المعركة لأول مرة في تاريخ إسرائيل ، حيث يعيش معظم سكان الشمال في الملاجئ بعد أن تعطلت أعمالهم وتوقفت الحياة الاقتصادية ، وهل يستطيع سكان إسرائيل تحمل مثل هذا الوضع لفترة طويلة أم أنهم سيخرجون إلى الشوارع ضد حكومة أولمرت مطالبين بوقف هذه الحرب البشعة ضد المدنيين في الطرفين اللبناني والفلسطيني وإتمام عملية تبادل الأسرى ، لقد تذوق الشعب الإسرائيلي طعم القصف والحرب بعد أن كان مجرد مشاهد لما يحدث أثناء الاعتداءات الإسرائيلية على جيرانها ، لقد فات الوقت على وجودهم في مقاعد المتفرجين وأصبحوا لاعبين على خشبة المسرح فهل يمارسون دورهم الحقيقي أم أنهم سيركبون رءوسهم ويطالبون باستمرار الحرب من أجل تحقيق مصالح أمريكا في المنطقة . أعتقد انه آن الأوان ليقظة حقيقية في المنطقة بحيث تسترد شعوب المنطقة زمام المبادرة وتنخرط في عملية الكفاح ضد العدوان والمعتدين ومن أجل بناء صرح السلام القائم على العدل وكنس كل دعاة الحرب والاستغلال وكل الخانعين المستسلمين لمصالحهم على حساب مصلحة شعوبهم .
#محمد_أيوب (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
الكف تناطح المخرز - رواية / 7
-
ثورة يوليو شكلت ضمير الأمة
-
إسرائيل والهداف غير المعلنة في لبنان والمنطقة
-
الكف تناطح المخرز - رواية ، بقلم : د. محمد أيوب / 6
-
الكف تناطح المخرز - رواية ، 5
-
الكف تناطح المخرز - رواية ، بقلم : د . محمد أيوب - الفصل الر
...
-
الكف تناطح المخرز - رواية /3
-
1 / 2الكف تناطح المخرز - رواية
-
الطيارون الإسرائيليون واللعبة القذرة
-
المخدرات وسيلة لتدمير المجتمعات النامية
-
حول وثيقة الأسرى
-
هجران
-
الكوابيس تأتي في حزيرا ن 23 / 24 / 25
-
الانتخابات الفلسطينية في الميزان
-
الكوابيس تأتي في حزيران 21 / / 22
-
الكوابيس تأتي في حزيران 19 / 20
-
الكوابيس تأتي في حزيران 17 / 18
-
الكوابيس تأتي في حزيران 15 / 16
-
الكوابيس تأتي في حزيران 13 / 14
-
الكوابيس تأتي في حزيران 11 / 12
المزيد.....
-
الكوفية: حكاية قماش نسجت الهوية الفلسطينية منذ الثورة الكبرى
...
-
رحيل الكوميدي المصري عادل الفار بعد صراع مع المرض
-
-ثقوب-.. الفكرة وحدها لا تكفي لصنع فيلم سينمائي
-
-قصتنا من دون تشفير-.. رحلة رونالدو في فيلم وثائقي
-
مصر.. وفاة الفنان عادل الفار والكشف عن لحظات حياته الأخيرة
-
فيلم -سلمى- يوجه تحية للراحل عبداللطيف عبدالحميد من القاهرة
...
-
جيل -زد- والأدب.. كاتب مغربي يتحدث عن تجربته في تيك توك وفيس
...
-
أدبه ما زال حاضرا.. 51 عاما على رحيل تيسير السبول
-
طالبان تحظر هذه الأعمال الأدبية..وتلاحق صور الكائنات الحية
-
ظاهرة الدروس الخصوصية.. ترسيخ للفوارق الاجتماعية والثقافية ف
...
المزيد.....
-
فوقوا بقى .. الخرافات بالهبل والعبيط
/ سامى لبيب
-
وَيُسَمُّوْنَهَا «كورُونا»، وَيُسَمُّوْنَهُ «كورُونا» (3-4)
...
/ غياث المرزوق
-
التقنية والحداثة من منظور مدرسة فرانكفو رت
/ محمد فشفاشي
-
سَلَامُ ليَـــــالِيك
/ مزوار محمد سعيد
-
سور الأزبكية : مقامة أدبية
/ ماجد هاشم كيلاني
-
مقامات الكيلاني
/ ماجد هاشم كيلاني
-
االمجد للأرانب : إشارات الإغراء بالثقافة العربية والإرهاب
/ سامي عبدالعال
-
تخاريف
/ أيمن زهري
-
البنطلون لأ
/ خالد ابوعليو
-
مشاركة المرأة العراقية في سوق العمل
/ نبيل جعفر عبد الرضا و مروة عبد الرحيم
المزيد.....
|