سعد العبيدي
الحوار المتمدن-العدد: 6824 - 2021 / 2 / 25 - 23:14
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
توصف الدول بالقوية أو الضعيفة بالتأسيس على جملة اعتبارات تعود الى الاقتصاد والأمن وكفاءة الجيوش والامكانيات المتاحة وغيرها، وهو وصف في منطقتنا العربية ناقص أو حتى مشوه، إذ أن غالبية دول المنطقة تمتلك جيوشاً وثراء وامكانيات، لكنها لم تصمد إزاء المطالبة بقدر من التغير في الربيع العربي قبل سنوات، ولنتجاوز العرب ونعود الى العراق الذي قيل عنه من قبل أنه دولة قوية، لكنه لم يصمد أمام هجوم الحلفاء سوى أيام، وحزب البعث المعول عليه أحد معايير القوة اختفى أعضاءه في الحرب بلحظات، والجيوش المتعامدة والفدائيون تركوا ساحة المعركة دون أوامر وذهبوا الى بيوتهم وكأنهم في الأصل محتجين على الحرب، والنظام الاقتصادي الذي كان يشاد به خليطاَ بين الاشتراكية واقتصاد السوق قد انهار سريعاً وكشفت عوراته وكذلك الحال في الزراعة والصناعة. حدث كل هذا وبسرعة غير متوقعة لأن الدولة فسرت معنى القوة تفسيراً مادياً، يوم ظنت أن الدبابة والطائرة والمدفع قوة وتطبيق الأمن القسري خوفاً هو القوة، وأهملت التفسير النفسي للقوة يوم تركت الانسان خاوياً من الداخل، سلبت منه المشاعر الوطنية، والولاء للدولة، أفرغت من عقله التعاون والتكافل. لذا وفي اليوم الذي حل فيه اختبار القوة لم يصمد لافتقاره الى القوة النفسية.
ومع هذا فان العراق والى يومنا هذا لم يتعلم الدرس ولم يعر اهتماماً لمعايير القوة النفسية، إذ وبدلاً عن الالتفات الى إعادة بناء الانسان ليكون قوياً ترك على هوى الغير وتحت رحمة الدول الأجنبية والأحزاب الطائفية تسعى الى تشكيله انساناً منحازاً متحاملاً، ضعيف العلاقة مع الوطن. عليه يسهل القول: إذا لم تلتفت الدولة الى معايير القوة النفسية في بناء الانسان سيبقى العراق ضعيفاً وتبقى البلاد مكبلة بالأخطاء.
#سعد_العبيدي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟