|
من تجارب النّساء
نادية خلوف
(Nadia Khaloof)
الحوار المتمدن-العدد: 6823 - 2021 / 2 / 24 - 14:16
المحور:
حقوق المراة ومساواتها الكاملة في كافة المجالات
هناك خيارات أمام المرأة منذ بدء الزواج، حيث يظهر الزوجين على حقيقتهما ، ومهما كانت المرأة صغيرة بالسّن يمكنها أن تفهم شريكها، فإن رأت أنّ الحياة مستحيلة عليها أن لا تنتظر مجيء الأطفال ،عليها أن تغادر بسلام علّها تجد فرصة أفضل ، وعليها أن توازن بين معاناتها كمطلقة في مجتمع يقف ضد الضحية ، وكيف سوف تواجهه، وكذلك الرجل إن اكتشف أن الحياة مستحيلة مع زوجته فالموضوع لا يكلّفه سوى حلف اليمين بالطلاق بغض النّظر عن الإجراءات القانونية ، أما بعد مجيء الأولاد فالوضع أصعب . دافعت جداتنا و أمهاتنا عن وجودهن بطريقة الدّفاع السلبي، وهي طريقة مقبولة و تعطي ثمارها، ولا زال الدفاع السلبي قائماً عند النّساء . أتحدّث عن صديقة لي " س" كانت متزوجة من الحاج سعيد ، وقد كنّي بالحاج ليس لأنه طاف حول الكعبة بل كان يتنقل بين تجمعات الغجر حيث الفنانات الغجريات الملقبات بالحجيات ! هنا أود أن أبدي احترامي للغجر، فهم لم يولدوا بتلك الحالة، و إنما الترحال، والظلم جعلهم هكذا، ولا أستبعد أن يصبح السوريون مثلهم إن استمر الوضع هكذا ، وهذه الملاحظة حتى لا يقال أنني أسخر من الغجر، لكن المجتمع يسخر من الضَعيف دائماً . أعود إلى صديقتي و التي قرّرت أن تستمرّ بالعلاقة مع زوجها " الحاج سعيد" . قالت لي يومها: معاناتي الاجتماعية أكبر مما تتصورين، فقد تزوجته برضاي، و كنت قليلة تجربة، وربما كنت مدفوعة بغريزتي، ولا أشعر بالحرج من ذلك فأنا بشر، لكنّ صيته ذاع ، و الجميع يعرف أنّه يخونني حتى أقاربي و أقاربه، و أكثر من ذلك. أصبت بمرض اضررت بعدها للذهاب إلى الطبيب ، فقال لي : هل تعدّدين العلاقات الجنسية؟ كم بكيت في ذلك اليوم ! قرّرت بعدها أن أقاطعه جنسياً فهو أصلاً لا يحتاجني، وليس هذا ما يخجلني. ما يخجلني أن عليّ اتخاذ قرار بالفراق، لكنّني لن أتخذه . لست نذلة ، لكن الجميع يراهن على فشل علاقتنا و الوصول إلى الطّلاق ، و العبث بمصير أولادنا ، ومن ثم إدانتي. أردت التّحدي في بلد ليس فيه قانون، قرّرت الطلاق العاطفي ، والاستمرار في الحياة الزوجية لأسباب كثيرة منها أنّني لن أحقق رغبة الأهل و المجتمع في كسري، الشيء الآخر هو أن حياتي لن تكون أفضل حالاً مع الطلاق لأسباب كثيرة. عندما تقدمين على هكذا قرار عليك بالعزلة كي تختبئي اجتماعياً، لكنني اتخذت قراراً مغايراً ، أقمت علاقات اجتماعية مدفوعة الثمن من قبلي حيث تجتمع النسوة في بيتي ، يشربن القهوة، يثرثرن، وينشرن آخر الأخبار، يلعب أطفالي مع أطفالهنّ، أشعر بأنّني قدّمت غطاء اجتماعياً لأولادي. في يوم من الأيّام سلّم عليّ جارنا القسّ ، قال لي: أنت أصيلة يا ابنتي . أعرف كم من الظّلم تتعرضين له، لكنك اخترت طريق الجلجلة، لم أفهم ما قاله القس لي، فخلال زواجي كنت خارج الزمان و المكان، ولا أعرف شيئاً عن الأديان، لكنّني بكيت عندما قال لي ذلك. قلت له بوركت، و لم أعد أمرّ من أمام بيته كي لا أشعر بالعطف، لأنّني أرفضه- أعني العطف- كنت في تلك الفترة أمجّد نفسي أمام الآخرين، أتحدّث عن مثاليتي كتعويض عن نقصي، لكنّني في مرّات كثيرة فكّرت بالانتحار ، عدلت عن رأيي من أجل أولادي. أولاد صديقتي أصبحوا شباباً يحملون شهادات عالية ، يعملون ، وهي متقاعدة ، وزوجها مات بحادث سيّارة . سألتها منذ أيام كيف حالها، أجابتني: اخترت تلك المسيرة من أجل أن أوصل أولادي إلى برّ الأمان، لم أكن أعرف أن برّ الأمان هو اللجوء، لكنّني أخشى على أولادي لذلك أضع بيني وبينهم مسافة أمان . صمتت لحظة ثم قالت: للأولاد حياتهم، وقد رأوني أذل أمامهم. أخشى لو اقتربت كثيراً منهم أن يمتعضوا من حضوري. سألتها عن وضعها النّفسي، أجابتني : أن مسيرة الحياة هكذا، وسوف تكون في وضع تحدّ للحياة حتى الموت. سألتها عن الرّجال: أجابتني: أن أغلب الرّجال لا يفرّطون بعوائلهم حتى لو كان المجتمع ذكورياً ، فهم يساهمون في رعاية الأطفال ، في أخذ دور الرجل المحب، فقط عديم الضمير هم من يلغي زوجته و أولاده . وهل تعتبرين زوجك منهم؟ أجابتني: هل تصدقين لو قلت لك غفرت له؟ يجب أن أعيش ، فأنا اليوم غير أنا البارحة.
#نادية_خلوف (هاشتاغ)
Nadia_Khaloof#
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
إعادة التّدوير
-
أهميّة وجود الأب في الأسرة
-
لا تتزوّجي إرضاء للمجتمع
-
أنتِ لست سلعة
-
خبريات عن يوم فالنتين
-
انتصار الحبّ
-
أن تحب امرأة تشبهني
-
الحاضنة الاجتماعية
-
نشتعل بومضة برق، ثم ننطفئ
-
الحبّ من النظرة الأولى
-
الكذّابة
-
الحاج الذي أنقذ زواجي
-
رغيف الخبز -يوم كنا عايشين-
-
مطلوب من السّوري أن يتغيّر
-
منقار البطّة
-
ألكسي نافالني
-
هل يجب أن يكون العالم بدون حدود؟
-
رسالة تشارلز ديكنز حول الوباء
-
العزلة الطّوعيّة
-
التباكي على الضّحية
المزيد.....
-
ثلاث سنوات من حكم طالبان ونضال النساء الأفغانيات مستمر
-
أفغانستان: غياب الأمن وتراجع الاقتصاد وتدهور أوضاع النساء...
...
-
الحكومة الجزائرية توضح شروط منحة المرأة الماكثة الجزائر 2024
...
-
إيمان خليف ردّت في الحلبة وستردّ بالقانون
-
اكتشاف بقايا هيكلين عظميين لرجل وامرأة بإيطاليا.. شاهد ما عُ
...
-
أفضل قناة كيدز .. تردد قناة الاطفال طيور الجنة 2024 على نايل
...
-
آرزو بدري تصاب بالشلل بعد إطلاق النار عليها من قبل شرطة الأخ
...
-
-كيف أصبحت حرب غزة، -حرباً على النساء؟- - في جولة الصحف
-
زيادة على منحة المرأة.. منحة المرأة الماكثة وحقيقة رفع قيمة
...
-
توجيه تهمة القتل العمد لضابط شرطة في قتل امرأة أمريكية من أص
...
المزيد.....
-
الساحرات، القابلات والممرضات: تاريخ المعالِجات
/ بربارة أيرينريش
-
المرأة الإفريقية والآسيوية وتحديات العصر الرقمي
/ ابراهيم محمد جبريل
-
بعد عقدين من التغيير.. المرأة أسيرة السلطة ألذكورية
/ حنان سالم
-
قرنٌ على ميلاد النسوية في العراق: وكأننا في أول الطريق
/ بلسم مصطفى
-
مشاركة النساء والفتيات في الشأن العام دراسة إستطلاعية
/ رابطة المرأة العراقية
-
اضطهاد النساء مقاربة نقدية
/ رضا الظاهر
-
تأثير جائحة كورونا في الواقع الاقتصادي والاجتماعي والنفسي لل
...
/ رابطة المرأة العراقية
-
وضع النساء في منطقتنا وآفاق التحرر، المنظور الماركسي ضد المن
...
/ أنس رحيمي
-
الطريق الطويل نحو التحرّر: الأرشفة وصناعة التاريخ ومكانة الم
...
/ سلمى وجيران
-
المخيال النسوي المعادي للاستعمار: نضالات الماضي ومآلات المست
...
/ ألينا ساجد
المزيد.....
|