أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - آدم الحسن - الدولة العميقة ( 2 )















المزيد.....


الدولة العميقة ( 2 )


آدم الحسن

الحوار المتمدن-العدد: 6821 - 2021 / 2 / 22 - 15:45
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


بسبب تطرف اصحاب نظرية المؤامرة صارت الدولة العميقة مصطلح يستعمل كثيرا حين يعجز التحليل الموضوعي في الوصول الى نتائج مقنعة بخصوص سياسات و استراتيجيات دول و خصوصا الدول ذات التأثير الواضح على الصعيد الإقليمي أو ذات التأثير الكبير على الصعيد العالمي كالولايات المتحدة الأمريكية .

و كأحد الأمثلة المهمة لتصورات بعض اصحاب نظرية المؤامرة من المهتمين بالشؤون السياسية الاستراتيجية عن الدولة العميقة يمكن تناول تصوراتهم عن الدولة العميقة في امريكا , حيث نجد ان هذه التصورات تقود الى أن للدولة العميقة في امريكا عبارة عن هيكل تنظيمي هرمي و لها قيادة تجلس عند قمة هذا الهرم و تجتمع في غرف مغلقة بعيدا عن الأعلام و الرقابة و يتم داخل هذه الغرف المغلقة اتخاذ القرارات المهمة التي تحدد المسارات العامة للدولة الأمريكية حيث لا يمكن أن يحيد عن مشيئتها كل اركان البنى الفوقية للدولة الأمريكية من الرئيس الأمريكي الى الكونغرس الى مجلس الشيوخ الأمريكي الى القضاء الى كل باقي مكونات الهيكل الفوقي للدولة الأمريكية , وان من خلال قرارات هذا الهيكل التحتي العميق للدولة الأمريكية يتم رسم السياسات العامة للدولة و ما الرئيس الأمريكي الا عبارة عن دمية تم تصنيعها و من ثم تنصيبها من قبل الدولة العميقة في هذا المنصب الحساس , و هذا الرئيس مجبر على الخضوع الكامل لإرادة الدولة العميقة لأنها هي من صنعته و هي من نصبته و كأن الرئيس الأمريكي هو الجهة المكلفة بتنفيذ قرارات تلك الدولة الخفية المتواجدة في العمق و بالتالي فأن تغير الرئيس لا يشكل اي فارق مهمم و ان هذا التغير هو عبارة عن تغير شكلي لا يمس صميم السياسات الخارجية أو الداخلية للدولة الأمريكي , اما الكونغرس و مجلس الشيوخ الأمريكي , في تصور اصحاب نظرية المؤامرة , فهما مجرد هياكل كارتونية يضحكون بهما و من خلالهما على الشعب الأمريكي و على الرأي العام العالمي و كذلك الحال بالنسبة للقضاء الأمريكي فاستقلاليته هي مجرد اكذوبة كبيرة للتمويه على عناصر الدولة العميقة و لتمكين قادة الدولة العميقة من ازاحة من يقف بالضد من تنفيذ قراراتهم ... !!

حين يتم تناول معتقدات المحللين السياسيين اصحاب نظرية المؤامرة بهذا الشكل المتطرف الذي قد يصل عند البعض منهم الى درجة المرض المعتقداتي فهذا لا يعني اطلاقا نكرات وجود دولة عميقة في امريكا .

التطرف الى اي من الجهتين , نحو جهة تضخيم دور الدولة العميقة في امريكا أو نحو جهة نكران وجود دولة عميقة في امريكا و اعتبارها من الأوهام هما امران يقودان الى نتائج بعيدة عن الواقع الأمريكي .

فلا شك أن هنالك دولة عميقة في امريكا لكن السؤال الأهم هو :

متى و كيف تتخذ هذه الدولة العميقة قراراتها و بأي اسلوب يتم تنفيذ تلك القرارات .... ؟

قبل كل شيء , لابد من التأكيد على أن قرارات الدولة العميقة و تأثيراتها لا يمكن أن تكون بالضد من المصالح الوطنية العليا لأمريكا , للدولة الأمريكية أو للامة الأمريكية التي قطعت شوطا طويلا في مسار نشوئها و تطورها , لأن ذلك سيفقد الدولة العميقة أي مقومات للبقاء و سيتهشم هيكلها و يتلاشى تأثيرها ليعاد تشكيل دولة عميقة جديدة وفق متطلبات المصلحة الوطنية العليا للدولة الأمريكية و للأمة الأمريكية .

فالدولة العميقة في امريكا هي الخط الدفاعي الأخير عن المصالح الوطنية العليا لأمريكا .

اما مكونات الدولة العميقة فهي عبارة عن نسيج مجتمعي واسع يتشكل في المجتمع الأمريكي من النخب الذين يمتازون بقدر كافي من المعقولية و الواقعية في افكارهم و في سلوكهم ة المتواجدين في الحزبين الأمريكيين الجمهوري و الديمقراطي و في مؤسسات الدولة المهمة كالقوات المسلحة الأمريكية و الأجهزة الأمنية و المخابراتية و الكونغرس و مجلس الشيوخ و المؤسسات القضائية و المؤسسات المالية الأساسية كالبنك المركزي و في باقي الأركان الأساسية للدولة المؤسساتية الأمريكية .

ان الخطوط الحمر التي عندها يتوجب تحرك الدولة العميقة في امريكا لإعادة السيطرة على الأوضاع و ضبط ايقاع العملية السياسية الدستورية في امريكا هي التالية :

اولا : التجاوز الصارخ على الدستور الأمريكي .

ثانيا : احداث خلل في عملية الفصل بين السلطات الثلاث , التشريعية و التنفيذية و القضائية .

ثالثا : التدخل السافر في عمل المؤسسة القضائية من قبل السلطة التنفيذية .

رابعا : تعرض امريكا لتهديد جدي من الخارج أو من الداخل و الرئيس الأمريكي لا يعرف ماذا يفعل أو كيف يواجه هذا التهديد .

خامسا : عندما يصل سلوك الرئيس الأمريكي الى درجة يمكن وصفها بالخيانة العظمى أو خيانة القسم الذي تعهد بموجبه اداء مهامه وفق الدستور الأمريكي .

حيث تتحرك الدولة العميقة لتمارس فعلها الحاسم حين يتم تجاوز احد هذه الخطوط الحمراء التي تعرض الدولة الأمريكية للخطر و من المؤكد ايضا أن الرأي العام الأمريكي سيتحرك من خلال اهم وسيلة متاحة له و هي الأعلام ليكون عنصرا فاعلا في دعم و تحريك النخب التي بمجموعها تشكل الدولة العميقة لمنع او ردع اي تجاوز على الخطوط الحمر .

و على سبيل المثال لا الحصر بمكن تناول احدى هذه الحالات التي يتطلب فيها تحرك الدولة العميقة :

لنفترض أن شخص ما صعد بطريقة دستورية في انتخابات حرة و نزيهة و تولى منصب رئيس دولة امريكا ثم اتضح بعد فوزه في الانتخابات انه شخص متهور ينفرد باتخاذ القرارات المصيرية و تفرده يشكل خطر كبيرا و حقيقيا على مستقبل امريكا .
عند هذه الحالة ستتحرك الدولة العميقة و تحسم الأمر اذ في حالة عدم تمكن الدولة العميقة من خلال كل نخبها من ردع هذا الرئيس الأمريكي المتهور و منعه من ممارسة تجاوزه على الدستور أو على أي من الخطوط الحمر فلا شك أن النتائج ستكون كارثية على المجتمع الأمريكي و على الدولة الأمريكية و من هذه النتائج هي تعرض الدولة الأمريكية للانهيار و للدخول في حرب اهلية مدمرة ... !!

و من خلال مراجعة الأحداث عبر التاريخ الأمريكي منذ انتهاء الحرب الأهلية الأمريكية و لحد الان يمكن ملاحظة أن الدولة العميقة في امريكا كانت قادرة دائما على ضبط ايقاع الأحداث و اعادة حالة التوازن و الاستقرار للعملية السياسية الأمريكية التي تسير وفق دستور مرن قابل للتعديل بما تتطلبه المصلحة الوطنية العليا لأمريكا .

(( يتبع ))



#آدم_الحسن (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الدولة العميقة ( 1 )
- البداية من القمة ( 24 )
- البداية من القمة ( 23 )
- البداية من القمة ( 22 )
- البداية من القمة ( 21 )
- البداية من القمة ( 20 )
- البداية من القمة ( 19 )
- البداية من القمة ( 18 )
- البداية من القمة ( 17 )
- البداية من القمة ( 16 )
- البداية من القمة ( 15 )
- البداية من القمة ( 14 )
- البداية من القمة ( 13 )
- البداية من القمة ( 12 )
- البداية من القمة ( 11 )
- البداية من القمة ( 10 )
- البداية من القمة ( 9 )
- البداية من القمة ( 8 )
- البداية من القمة ( 7 )
- البداية من القمة ( 6 )


المزيد.....




- الصحة الفلسطينية تكشف موعد إعادة فتح معبر رفح لإجلاء المرضى ...
- إسبانيا: القبض على -عصابة إجرامية- سرقت 10 ملايين يورو من من ...
- العثور على الصندوق الأسود لطائرة الخطوط الجوية الأمريكية الم ...
- ابتكار لفحص الهرمونات بالهاتف المحمول
- لبنان.. شخص يقتحم موكب تشييع قتيل في -حزب الله- ويصدم عددا م ...
- المغرب يعلن رفضه دعم إيران للحوثيين
- رئيسة الوزراء الدنماركية: ما زلنا لا نعرف من أين سنحصل على ا ...
- مصادر أوروبية: سيسمح لـ50 جريحا فلسطينيا بمغادرة غزة في السا ...
- التساقط الكثيف للشعر قد يكون مؤشرا لأمراض مزمنة
- أردوغان: تركيا متمسّكة بالقضاء على جميع التنظيمات الإرهابية ...


المزيد.....

- الخروج للنهار (كتاب الموتى) / شريف الصيفي
- قراءة في الحال والأداء الوطني خلال العدوان الإسرائيلي وحرب ا ... / صلاح محمد عبد العاطي
- لبنان: أزمة غذاء في ظل الحرب والاستغلال الرأسمالي / غسان مكارم
- إرادة الشعوب ستسقط مشروع الشرق الأوسط الجديد الصهيو- أمريكي- ... / محمد حسن خليل
- المجلد العشرون - دراسات ومقالات- منشورة بين عامي 2023 و 2024 / غازي الصوراني
- المجلد الثامن عشر - دراسات ومقالات - منشورة عام 2021 / غازي الصوراني
- المجلد السابع عشر - دراسات ومقالات- منشورة عام 2020 / غازي الصوراني
- المجلد السادس عشر " دراسات ومقالات" منشورة بين عامي 2015 و ... / غازي الصوراني
- دراسات ومقالات في الفكر والسياسة والاقتصاد والمجتمع - المجلد ... / غازي الصوراني
- تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ / غنية ولهي- - - سمية حملاوي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - آدم الحسن - الدولة العميقة ( 2 )