|
المسألة الفرنسية الجزائري ، من المعقد إلى المركب ...
مروان صباح
الحوار المتمدن-العدد: 6821 - 2021 / 2 / 22 - 12:12
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
/ لا شيء بالطبع ولعل من السخافة أن يفكر 🤔--- إي مسؤول فرنسي أو يتردد فى تقديم اعتذار عن ما فعله الجيش والنظام الفرنسي في الحقبة الاستعمارية بالجزائر والجزائرين ، وليس هنا المقام الملائم دراسة 📚--- أو قراءة مقترح الباحث والمؤرخ بنجامان ستورا حول ممارسات الفرنسيون في الجزائر على مدار 132 عاماً ، بل التكليف الرئاسي كان المفارقة الدالة لا تفتقد من مهاترة واضحة وليست مطمئنة ، لأن إذاً كان الاعتذار على سرقة بلد بالكامل ، أو على تلك الابادات الجماعية التى صنعت بحق الشعب الجزائري أو الجرائم التى تُصنف على أنها ممنهجة وعلى مدى أعوام طويلة ، وايضاً التجارب النووية التى صنعت على أرض كانت تحت الاحتلال ، جميعها مازالت موضوع نقاش أو سجال ، بل المدهش بالأمر ، بأن أحفاد من ارتكبوا كل ذلك وغيره ، يستكثرون تقديم اعتذار في مضامينه الجوهرية ، لا يقدم ولا يُأخر ، وبالتالي ولأن الشيء بالشيء يذكر ، كما هو الفعل بالفعل يجبر والود بالود يغفر ، إذنً ، إذا كان المستعمر تذرع سابقاً يذرائع واهية أو بالأحرى الذريعة التى قدمها الجيش الفرنسي لمواطنيه من أجل موافقته باحتلال الجزائر ، هو عدم مواقفة الداي حسين حاكم الجزائر 1818-1830م ، وأخر الداديات العثمانيين قبل الاستعمار والتى سقطت البلاد في عصره ، كان قد رفض 🙅---♂--- الاعتذار لفرنسا على ضرب القنصل في مروحة اليد بثلاثة ضربات ، إذاً السؤال الضمني والبسيط ، كيف يمكن لفرنسا مطالبة الجزائريون 🇩---🇿--- بالاعتذار عن إهانة القنصل الفرنسي ويترددون بتقديم الاعتذار عن حقبة ممتلئة بالجرائم والابادات وسرقة البلد بالكامل ، وايضاً وهو الأهم ، ابادة التاريخ الجزائري الذي عطل الحاضر ويهدد المستقبل .
المسألة الجزائرية لم تتوقف عند رموزها أمثال جملية بوباشا ، التى استطاعت افتضاح النظام الفرنسي في العالم ، بالطبع بعد الكتاب الذي تناول أساليب تعذيبها ، بل شكلت فضيحتها أزمة أخلاقية بين الأوساط الفرنسيين الليبراليين ، بل فتح تعذيب جميلة باب البحث لدى النخبة الفرنسية ، والذي كشف عن الفضيحة النووية ، ( التجارب النووية والكيمياوية والبالستية المشتركة بين الفرنسيين والاسرائليين) على أرض الجزائر تحديداً في الصحراء ، لقد مارسوا أحفاد الثورة الفرنسية تماماً نفس الممارسات التى مارستها الملكية التى اطيح بها ، لم يفرقون بين الملكية الاستعمارية جمهوريتهم ، بالفعل وصل عدد الجنود الفرنسيون في الجزائر 🇩---🇿--- إلى 400 آلف ، وبات الصراع منذ شرارة الثورة التى أطلقها الأمير عبد القادر الجزائري عام 1832م حتى حرب التحرير 1963م مكلفة على الطرفين ، ولأن الجزائريون كانوا قد تعلموا شيء أساسي من ثورة الامير عبد القادر ، خلاصتها ، ممنوع ⛔--- إعطاء الفرنسين فرصة كالتي أعطيت لهم سابقاً ، فعبدالقادر عندما أقام دولته الاولى في الغرب والوسط ، كانت فرنسا 🇫---🇷--- رضخت للاتفاق معه من أجل إعادة بناء قواتها وقوتها العسكرية .
لكن قد تصح المطارحة بأن ما مضى من جرح لم يتم تضميده بشكل صحيح والذي فرخ جرح أخر ، هو أعمق ، الآن تحولت المسألة الفرنسية الجزائرية من العلاقة المعقدة إلى المعقد المركب ، لم تعد القضية قضية الإستعمار أو محتل صاحب تاريخ دموي ، الشيء الوحيد العالق حتى الآن بين الطرفين ، بل العنصرية التى تتصاعد في قلب فرنسا 🇫---🇷--- باتت هي المسألة الاخطر اليوم ، وهنا نستحضر شخصيات من قلب فرنسا ، يصنفون في بلد تُعتبر أم الثورات المعاصرة ، بالمشاهير ولهم قواعد شعبية واسعة وعريضة ، وفي واقع حالهم ، تأثيرهم أكثر بكثير من السياسين أو الطبقة الاقتصادية ، وهؤلاء الأغلبية تولدوا في فرنسا وايضاً تجرعوا الثقافتين الفرنسية والجزائرية معاً ، بل ولأنهم يشتغلون في مجال الفنون ، مالوا للثقافة الغربية أكثر من ثقافة بلدانهم ، لكنهم عانوا ويعانون من العنصرية أمثال المغنية الفرنسية من الأصول الجزائرية أمل بنت ، وعلى الرغم من اكتسابها بالفطرة للنمط الفرنسي ، إلا أنها مازالت تشكو العنصرية بسبب لونها ، أيضاً المغني الجزائري الاشهر ومحبوب الجماهير رشيد طه ، لقد حاربته الوسائل الإعلامية ومؤسسات الإنتاج وبالكاد يجد مؤسسة إنتاجية تنتج له أعمله ، إلى جانب تلك وذاك ، الممثلة الفرنسية الجزائرية أليس بلعيدي ، ذات مرة تلقت إهانة من عناصر الشرطة 👮---♀--- الفرنسية دون أي مبرر ولمجرد لونها الحنطي ، وكانت بلعيدي قد تركت رسالة نصية على وسيلتها الاجتماعية الخاصة ، قالت بالحرف المكتوب ( ايتها الشرطة 👮---♀--- ، أنا اكرهكِ ) ، بالطبع قائمة الاشخاص الذين تعرضوا إلى مواقف عنصرية طويلة ، لكن قبل أن أغّلق هذه القائمة القصيرة ، نتذكر أسمين لهم علاقة بكرة القدم ، كريم بنزيمة نجم المنتخب الفرنسية ، كما هو معروف ، مشواره طويل مع التحريض والمواجهة ، إلى حد وصلوا المحرضين بمطالبة طره من المنتخب الوطني ، وهذه العنصرية ايضاً لم ينفد منها اللاعب الكوني زين الدين زيدان ، الساقان اللتين صنعتا للقومية الفرنسية مجدها الكروي ، لقد تعرض هو الآخر لسلسلة مضايقات عنصرية بسبب أصوله الجزائرية ، بل أكثر من ذلك ، لأنه محافظ على العادات العربية ، أتهم بالإرهاب .
الإنصاف يقتضي التوثيق هنا 👈--- ، بأن المغرب العربي بصفة عامة منطقة مطموع بها منذ زمن بعيد ، الطمع ضارب بالتاريخ ، وكان تاريخياً يأتي التسلسل الغربي إلى الجزائر 🇩---🇿--- عبر ولاية عين تموشنت الأمازيغية وتحديداً مدينة سيفاكس ، سابقاً سيقا ، تُعتبر أول عاصمة للجزائر في عهد الأمازيغيين ، لأنها تتمتع بموقع استراتيجي ، دأب اهلها على التواصل التجاري مع الجانب الآخر عبر البحر الابيض المتوسط ، بل كان الجيش الفرنسي عام 1830م قد بدأ احتلال الجزائر من تلك الولاية واتخذوها عاصمة ومقر للحاكم العسكري ، وقد عرفت تاريخياً الولاية بواقعة شهيرة بين المؤرخين ، حصلت قبل الميلاد ب46 عاماً ، عندما كانت تسمى الجزائر وجزء من تونس 🇹---🇳--- وليبيا باسم نوميديا الشرقية والغريبة ، بدأ النزاع بين الحاكمين على حاكمة قرطاجية ، والذي دفع ملك الشرقية وبعد خسارته الزواج من الاميرة عليسة التحالف مع روما ضدها وضد نوميديا الغربية معاً .
ظل المغرب العربي محض ظل للغرب حتى تأسيس الدولة الإسلامية ، استقرت الجزائر ومعظم المغرب العربي وأصبحت الجغرافيا أثناء المرابطين والموحدين أكثر تماسكاً وعصيةً على الاحتلال والغزو الخارجي ، ثم عادت إلى مواجهة مطامع الاستعمارية بعد القرن التاسع عشر ، لم يكتفي الجيش الفرنسي باحتلال الجزائر 🇩---🇿--- ، بل وجه دعوة إلى أبناء القارة الأوروبية بضرورة التدفق إلى أرضها .
إذنً ، المراجعة الفرنسية لوجودها في الجزائر لا ينبغي أن تحمل المراجعة فقط نوع واحد ☝---، وهو البرودة ، بقدر أن المطلوب من الباحثين والمؤرخين إبراز الموضوعية ، على الرغم منَّ معرفتنا لطرائق الباحثين ، فكلما تعددت تفاسير التاريخ ، تعددت زاويا الإبصار له ، لكن الشيء الذي لا يمكن إنكاره والجميع يجتمع حوله ، هو الابادات التى حصلت والجرائم التى ارتكبت وسرقة البلد على مدار عقد ونيف وليس فقط سنوات ، الذي يستدعى من الفاعل ، ليس فقط تقديم الاعتذار للشعب الجزائري ، بل يحتاج الاعتذار اولاً لنفسه عن مرحلة كان يمارس الوحشية بإسم الإنسانية ، وكما وصل سابقاً المستعمر إلى قناعة تامة بضرورة إعادة الجزائر للجزائرين ، بعد ما جرت العادة الفرنسية بتثقيف الشعب والنخب العسكرية على نهج الانحيازات البشرية ، ايضاً المطلوب إعادة النظر في التربية العامة للفرنسين في المدارس والكنائس من أجل معالجة الفكر العنصري واجتثاثه من جذوره ، لكي تبقى وتستمر فرنسا 🇫---🇷--- بنهج الثورة ، التى كانت منذ البداية رفعت شعار العدالة للجميع . والسلام
#مروان_صباح (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
إدارة بايدن إزدواجية التعامل ...
-
إدارة بايدن ازدواجية التعامل ...
-
من كان السباق في أبتكار الرقص / البشرية أم الطيور ...
-
الثورجيون السابقون واللاحقيًن ، أتباع روبسبيار ...
-
المعنى الحقيقي للسيادة عند رسول الاستقلال ( خوسيه مارتي ) ..
...
-
الحزن العراقي / انعكس ذلك على الشعر والحنجرة .
-
شريكة الحكم والدم / ميانمار الجغرافيا العصية على الإتحاد .
-
الصراع المتواصل بين الديمقراطية الليبرالية والاستقراطية اليم
...
-
تونس الجديدة / صراع بين الاخوة الديمقراطيون على مراكز القوى
...
-
ماذا يريد نتنياهو من الهند ... بعد الشرق الاوسط والمغرب العر
...
-
بعد الشرق الاوسط والمغرب العربي وصولاً لافريقيا ، ماذا يريد
...
-
بين القديم والحديث ، عالم يتغير لا يعترف باللبوث ...
-
اختيارات الرئيس الأمريكي بايدن دلالة على إستراتيجيته الخارجي
...
-
خمسمائة عاماً حتى تمكنت إمبراطورية التاج إقامة دولة اسرائيل
...
-
إذا وجد المخرج الجيد يمكن ايجاد عمل مميز ..
-
بعد يهودية الدولة تخطو الصهيونية بخطى ثابتة إلى المملكة السل
...
-
الربيع الأسود أي زمن هذا ...
-
الجميع يتجسس على الجميع ...
-
التاريخ فن قبل أن يكون علم / المغرب الأقصى والارتباط التاريخ
...
-
فرسان التيار
المزيد.....
-
متحدثة البيت الأبيض: أوقفنا مساعدات بـ50 مليون دولار لغزة اس
...
-
مصدر لـCNN: مبعوث ترامب للشرق الأوسط يلتقي نتنياهو الأربعاء
...
-
عناصر شركات خاصة قطرية ومصرية وأمريكية يفتشون مركبات العائدي
...
-
بعد إبلاغها بقرار سيد البيت الأبيض.. إسرائيل تعلق على عزم تر
...
-
أكسيوس: أمريكا ترسل دفعة من صواريخ باتريوت إلى أوكرانيا
-
ميزات جديدة لآيفون مع تحديث iOS 18.4
-
موقع عبري يكشف شروط إسرائيل لسحب قواتها من الأراضي السورية ب
...
-
مصر.. -زاحف- غريب يثير فزعا بالبلاد ووزيرة البيئة تتدخل
-
تسعى أوروبا الغربية منذ سنوات عديدة إلى العثور على رجال ونسا
...
-
رئيس الوزراء الإسرائيلي: ترامب وجه لي دعوة لزيارة البيت الأب
...
المزيد.....
-
الخروج للنهار (كتاب الموتى)
/ شريف الصيفي
-
قراءة في الحال والأداء الوطني خلال العدوان الإسرائيلي وحرب ا
...
/ صلاح محمد عبد العاطي
-
لبنان: أزمة غذاء في ظل الحرب والاستغلال الرأسمالي
/ غسان مكارم
-
إرادة الشعوب ستسقط مشروع الشرق الأوسط الجديد الصهيو- أمريكي-
...
/ محمد حسن خليل
-
المجلد العشرون - دراسات ومقالات- منشورة بين عامي 2023 و 2024
/ غازي الصوراني
-
المجلد الثامن عشر - دراسات ومقالات - منشورة عام 2021
/ غازي الصوراني
-
المجلد السابع عشر - دراسات ومقالات- منشورة عام 2020
/ غازي الصوراني
-
المجلد السادس عشر " دراسات ومقالات" منشورة بين عامي 2015 و
...
/ غازي الصوراني
-
دراسات ومقالات في الفكر والسياسة والاقتصاد والمجتمع - المجلد
...
/ غازي الصوراني
-
تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ
/ غنية ولهي- - - سمية حملاوي
المزيد.....
|