محمد بن زكري
الحوار المتمدن-العدد: 6814 - 2021 / 2 / 14 - 13:02
المحور:
كتابات ساخرة
بالمخالفة المتعمّدة ، لما فرضه التشريع الإمبراطوري ، إبّان عهد الإمبراطور الروماني كلاوديوس الثاني (268 - 270) ، كان الراهب المسيحي فالنتاين (الذي رُسّم فيما بعد قديسا) ، يقوم - سراً - بعقد زيجات مَن يرغب من العشاق المسيحيين ، وفقا لطقوس " سر الزواج " كواحد من الأسرار السبعة المقدسة في الكاثوليكية ، حيث إن الله " محبة " ، و قد خلق الإنسان رجلا و امرأة و دعاهما إلى شركة " محبة " بينهما في رابطة الزواج ، فليسا هما بعدُ اثنين بل جسدٌ واحد (متى 19 :6) . و عندما أّكتُشِف أمرُ فالنتاين ، أصدر فيه الإمبراطور حُكم الإعدام ، الذي نُفذ عام 269 ؛ فمات فالنتاين ، شهيدا للعشق .
على أن الفضل في جعل يوم 14 فبراير عيدا عالميا للحب ، يعود إلى بابا الكنيسة الكاثوليكية " جلاسيوس الأول " ، الذي أعلن - سنة 496 - جعْل تاريخ الرابع عشر من فبراير يوما للقديس فالنتاين .
و تضميناً .. لعله من الجدير بالذكر ، أن البابا جلاسيوس الأول (Pope Gelasius 1) ، هو البابا 49 للكنيسة الكاثوليكية ، و قد امتدت فترة بابويته من 1 مارس 492 إلى 21 نوفمبر 496 . و هو من أصل أمازيغي ، وُلد في تونس بداية القرن الخامس ، و توفي في روما عام 496 ، و لا زالت كثير من العائلات في تونس تحمل لقب (الجّْلاصي) ، كما لا زالت توجد في ترهونا بليبيا عائلات ممتدة تحمل لقب (الجّْلاصات / و في المفرد : الجّْلاصي) بسكون الجيم المشددة .
و عودةً إلى عيد الحب (الفالنتاين) ، الذي جعلت منه العولمة احتفالية سنوية ، يحْييها ملايين الناس يوم 14 فبراير ، بفيض من مشاعر البهجة و الشغف ، يتبادلون كلمات التعبير عن الحب ، و يتهادون الورود الحمراء ، تخليدا لذكرى القديس فالنتاين .
نتساءل : لماذا لا يكون للمسلمين المستنيرين نوعا ما (المعتدلين) ، الناطقين منهم بالعربية - مستعربين و عربا - عيد خاص بهم للحب ؟! . و إذ نتساءل هنا ، فنحن إنما نقترح الفكرة ..
و طبعا نحن نستثني - من الاقتراح - الإسلاميين المؤدلجين أصولياً ، ذلك أن أولائك الإسلاميين يعتبرون الاحتفال بعيد الحب ، ما هو إلا بدعة كفرية مستحدثة ، لحرف المسلمين عن دينهم القويم ، بإقامة (عيد للفاحشة) و العياذ بالله !
فاستئناسا بالتراث (القومي) العربي الإسلامي ، نقترح على جامعة الدول العربية ، أن تتبني يوما عروبيا للاحتفال بالحب ، يحمل اسم : " عيد المغيرة بن شعبة " !
و للمقتَرح حيثياته التاريخية ، فنحن لا ننطلق من فراغ - حاشا و كلّا - و لا نأتي بشيء من عندياتنا ، افتئاتا على (السلف الصالح) ...
تروي كتب السيَر و التاريخ الإسلامي أنّ أربعة من الصحابة الأجِلّاء ، أي أربعة شهود عدول ، ضَبطوا الصحابيَّ الجليل (المغيرة بن شُعبة) ، و هو مع عشيقته الصحابية الجليلة (أم جميل بنت عمرو) ، في خلوة كاملة ببيته ، يمارسان الحب (الفاحشة) . فقام الصحابة الأربعة برفع الأمر إلى الخليفة (العادل) عمر بن الخطاب ، الذي بادر من فوره إلى استدعاء الصحابي المغيرة بن شعبة ، للتحقيق معه في واقعة إتيان الفاحشة مع الصحابية أم جميل (التي لم يستدعِها عمر للتحقيق !) ، حيث كان المغيرة واليا لعُمر على البصرة ، فعزله و ولّي بدلا منه أبا موسى الأشعري .
و لمّا علم المغيرة بقدوم أبي موسى إلى البصرة ، قال و الله ما جاء أبو موسى زائرا أو تاجرا ، بل جاء أميرا . و إذ دخل أبو موسى على المغيرة ، دفع إليه كتاب عمر ، وفيه : أما بعد ، فإنه قد بلغني أمر عظيم ، فبعثتُ أبا موسى أميرًا ؛ فسلّم إليه ما في يديك ، والعَجَل ..
و بمناسبة عملية التسليم و الاستلام بين الأميرين ، أهدى المغيرة لأبي موسى (وليدة) من وليدات الطائف (من سبيْ اليمامة) ، تُدعى : عقيلة . و قال له : إني قد رضيتها لك . و كانت (فارهة) !
و قد سيقت حكاية المغيرة مع أم جميل ، في سياقات مختلفة ، و بصياغات متعددة ، محصلتها أنّ المغيرة و أبا بكرة (نفيع بن الحارث) كانا متجاورين في البصرة ، يفصل بين داريهما طريق ، في كل منهما كوة (نافذة) تقابل الأخرى .
و حدث ذات يوم ، أن اجتمع لدى أبي بكرة ثلاثة إخوة له من جهة الأم ، هم : نافع بن الحارث ، و شِبْل بن معبد ، و زياد بن عُبيْد (الذي عُرف لاحقا باسم زياد بن أبيه) ، يتحدثون في مشربته ، و إذ بريح هبت ، ففتحت باب الكوة ، فقام أبو بكرة ليغلقه ، فأبصر بالمغيرة ، و قد فتحت الريح - أيضا - باب الكوة في مشربته ، وهو بين رِجْلي امرأة ، قد توسّطها ، فقال لهم : قوموا فانظروا ، ثم اشهدوا .. فقالوا : ومن هذه ؟ فقال هذه أم جميل بنت الأفقم . وكانت أم جميل تغشى الأمراء و الأشراف ، كما جرت عليه حالُ بعض نساء ذلك الزمن (الساخن) .
و بمثول المغيرة و الشهود الأربعة ، أمام الخليفة عمر للنظر في ما نُسب إلى الصحابي المغيرة ، من إتيان (الفاحشة) مع أم جميل ؛ قال المغير دافعا التهمة عن نفسه : يا أمير المؤمنين سلْ هؤلاء الأعبُد ، هل كنتُ مستقبِلَهم (أي يراهم و يرونه وجها لوجه) ، أم مستدبِرَهم (أي مولياً لهم ظهره) ، فإذا كانت الأولى .. كيف لم أستترْ منهم ؟ و إذا كانت الثانية .. فكيف استحلوا لأنفسهم النظر إليّ في بيتي مع امرأتي ؟ و الله ما أتيت إلا زوجتي ، و كانت تشبهها .
ثم يسأل عمر الشاهد الأول ، الصحابي نفيع بن الحارث (أبو بكرة) : كيف رأيتَهما ؟ فيجيب أبو بكرة : مستدبِرهما ، و رأيته عاريا ، يستبطنها (أي يعتلي بطنها) و هي تحته عارية ، و هو يولجُه و يخرجه كالمَيْل في المكحلة ، فسأله عمر : و كيف استثبتَّ رأسها ؟ فأجابه : تحاملتُ حتى رأيتُها .
فيتحول عنه الخليفة ، ليطلب من الصحابي الثاني (شِبْل بن معبد) الإدلاء بشهادته . فيسأله كيف رأيتهما ؟ فيقول شِبْل : مستدبِرُهما ، و رأيت المغيرة يعتلي أم جميل المستلقية تحته على ظهرها ، و مؤخرته تعلو و تهبط ، و خصيتاه تترددان ذهاباً و جيئةً ..
و يضيف الصحابي الثالث (نافع بن الحارث) في شهادته : رأيته بين رجليها ، و سمعت أم جميل ، تنخر تحت المغيرة كالفرس ، و رجلاها حول عنقه كأذنيْ حمار ...
و أخيرا أتي دور الشاهد الرابع (الصحابي زياد بن أبيه) ، الذي تفطّن إلى أن الخليفة عمر ، يبتغي درء الشبهة عن صاحبه المغيرة بن شعبة ، ولا يريد إقامة الحد عليه ، و كان عمر قد خاطب زيادا قبل أن يشهد ، قائلا له : إني لأراك وجها حسناً ، وإني لأرجو الله ألا يفضح على يديك رجلًا من أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم .
فقال زياد في شهادته : رأيته جالسا بين رِجليْ امرأة ، و سمعت حفَزانا شديدا ، و رأيت إستين مكشوفتين ، و رأيت قدميها مخضوبين تخفقان و رجليها كأذني حمار ، لكني لم أعرف المرأة و لم أر المرود في المكحلة . و في رواية أخرى : رأيتهما في لحاف ، و سمعتُ نفَساً عالياً ، ولا أدري ما وراء ذلك .
و كان ذلك هو ما ينتظر عمر أن يسمعه : " عدم ثبوت رؤية المرود في المكحلة " ، ما يعني عدم اكتمال نصاب شهادة إثبات الزنا شرعاً ؛ فصاح الله أكبر ، لقد ظهر الحق . و أسقط تهمة إتيان الفاحشة عن الصحابي المغيرة بن شعبة ، و أمر بإقامة حد القذف على الشهود الثلاثة نفيع و نافع و شِبل . و من ثم أعاد للمغيرة اعتباره ، فعيّنه أميرا للكوفة .
ياااه ! لله درّك ما أعدلك يا أبا عبد الله ! عدلتَ فأمِنتَ فنمتَ يا عمر ! كم أنت إمامٌ عادلٌ أيها (الفارق) أمير المؤمنين !
إذن ، أليس من الطريف .. بل و من قبيل تجديد الخطاب الديني ، بمناسبة عيد الحب العالمي ؛ تبنّي هذا الاقتراح التجديديّ ، بأن يستبدل المسلمون - مستعربين و عربا - اسم القديس فالنتاين ، باسم الصحابي (الجليل) المغيرة بن شُعبة ؛ فيحمل عيد العشاق لدى المحمديين العربفونيين ، اسم : " عيد المغيرة بن شعبة " ، بدلا من عيد الفالنتاين ، و ذلك تخليدا و تقديرا لما تكبده الصحابي الجليل المغيرة من عذابات ، جرّاء ممارسته الحب مع السيدة أم جميل .
و الاقتراح يبدو وجيها ، و يستحق أن يؤخذ بعين الاعتبار ، تكريما لذكرى ملحمة الحب الخالدة ، التي سطرها الصحابي الجليل المغيرة بن شعبة ، مع سيدة الفيوضات العشقية أم جميل بنت عمرو ، بأحرف ملتهبة من ذوب شعلة العشق المقدس .
#محمد_بن_زكري (هاشتاغ)
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟