|
هل يسعى بايدن لترويض نتنياهو؟
نهاد ابو غوش
(Nihad Abughosh)
الحوار المتمدن-العدد: 6814 - 2021 / 2 / 14 - 11:00
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
هل يسعى بايدن لترويض نتانياهو؟ نهاد أبو غوش أكثر من ثلاثة أسابيع مرت على تنصيبه، والرئيس جو بايدن لم يرفع بعد سماعة الهاتف لمحادثة حليفه الأقرب بنيامين نتانياهو، في الوقت الذي وجد فيه سيد البيت الأبيض الجديد وقتا كافيا لمحادثة أكثر من عشرة رؤساء وزعماء لدول صديقة للولايات المتحدة كبريطانيا وكندا، أو أن ثمة إشكالات معها من مخلّفات عهد ترامب مثل الصين وروسيا، فلماذا إذن يبخل بايدن بمكالمة من بضع دقائق مع رئيس الوزراء الإسرائيلي الذي يتلهف لمثل هذه المكالمة أكثر من أي شخص في العالم؟ الصحافة العبرية انشغلت بهذه القضية، وراحت تنبش في تاريخ العلاقة بين الرجلين، وتساءل داني دانون مندوب إسرائيل السابق في الأمم المتحدة علنا وبشكل مثير عن هذا الأمر، حيث عدّد في تغريدة له الدول التي اتصل بايدن بزعمائها، وأكمل التغريدة بنشر هاتف مكتب رئيس الوزراء الإسرائيلي، فأثار موجة من التكهنات والسخرية. التفسير الأولي لهذا الجفاء، المؤقت بالطبع حيث أن بايدن سيتصل بنتانياهو عاجلا أو آجلا، ولكنه يتحاشى تقديم خدمة دعائية لنتانياهو بينما يخوض هذا الأخير منافسات انتخابية ضارية، خلافا لما فعله ترامب الذي أجزل في تقديم الهبات والعطايا، على حساب العرب والفلسطينيين كالعادة، لنتانياهو حتى وهو في غمرة معاركه الانتخابية خلال الدورات الثلاث الماضية، وهي هدايا ساهمت في تحسين فرص "بيبي" الذي تحاصره الاتهامات من كل جانب. لكن، وكما يقول مثلنا العربي الذكي "ليس على رمانة، إنما القلوب مليانة"، فإذا كان ظاهر المسألة فيه شيء من الهزل، ففي باطنها كثير من الجد، دون إغفال أن العلاقات بين الولايات المتحدة وإسرائيل تختلف عن أية علاقات مميزة مع باقي دول العلم، فهي علاقات تحالف عضوي واستراتيجي، لا تخضع لأمزجة القادة وأهوائهم، بل تحكمها مصالح كونية وإقليمية عميقة، وتنظمها مؤسسات سياسية ودبلوماسية واستخبارية واقتصادية، ويكفي أن نشير إلى أن إسرائيل هي أكبر متلق للمساعدات الأميركية بمختلف أشكالها، سواء من حيث حجمها المطلق الذي يصل إلى نحو عشرة مليارات دولار في العام، أو من حيث نصيب الفرد منها. لكن هذه العلاقات المتميزة لا تسمح لأي فرد أو زعيم بأن يتجاوز قواعد اللعبة، مثلما فعل نتنياهو حين حاول التدخل في الشؤون الداخلية الأميركية، وخاطب الكونغرس من وراء ظهر الرئيس الأسبق باراك أوباما، وواصل هجومه على قرار الإدارة في ذلك الوقت بإبرام الاتفاق النووي مع إيران. بل إن جو بايدن نفسه يحتفظ بذكرى سلبية من حين قام في العام 2010 بزيارة لإسرائيل بصفته نائبا للرئيس الأميركي، واستغل نتنياهو الزيارة للإعلان بكل صلف عن طرح عطاء لبناء 1600 وحدة استيطانية في القدس الشرقية، وذلك لكي يوحي بأن الأمر تم بالتفاهم مع بايدن والإدارة الأميركية، ما سبب حرجا كبيرا للمسؤول الأميركي واضطر نتانياهو للاعتذار علنا في وقت لاحق. الأسابيع الفائتة شهدت أيضا مجموعة من المواقف والتصريحات الاستفزازية الإسرائيلية، من بينها تلويح رئيس الأركان الإسرائيلي أفيف كوخافي بعمل عسكري إسرائيلي منفرد ضد إيران، ومواصلة هجوم المسؤولين الإسرائيليين على نية الإدارة الجديدة بعقد اتفاق نووي جديد مع إيران، والمناكفات بين نتانياهو نفسه ووزير الخارجية الأميركي الجديد أنتوني بلينكين بشأن السيادة الإسرائيلية على هضبة الجولان السوري المحتل. ومع معاودة التأكيد على أن الإدارة الجديدة لا يمكن لها أن تمس بمستوى العلاقات الأميركية الإسرائيلية، ولا بمصالح إسرائيل وتفوقها العسكري، ولا حتى بما قدمه الرئيس ترامب وتحديدا الاعتراف بالقدس عاصمة لإسرائيل، ونقل السفارة الأميركية للمدينة المقدسة. إلا أن أولويات الإدارة الأميركية الجديدة سوف تتركز على الجوانب الداخلية وخاصة ترميم ما خربه ترامب خلال ولايته بما يشمل موجات العنصرية والكراهية وأضرار جائحة الكورونا، وفي مجال العلاقات الخارجية فإن إدارة بايدن معنية بتدارك وإصلاح العلاقات مع الصين وروسيا، وكذلك إصلاح الخراب الذي لحق بعلاقة الولايات المتحدة مع بعض جيرانها وحلفائها وبخاصة مع المكسيك وبعض دول الاتحاد الأوروبي. أما بشأن الشرق الأوسط فمن المستبعد أن تلجأ إدارة بايدن إلى إطلاق وعود عريضة كما فعل أوباما في بداية ولايته الأولى وخطابه الشهير في جامعة القاهرة ، فهي إذا شاءت أن تحرز تقدما جديا في ملف الصراع الفلسطيني الإسرائيلي فليس أمامها من سبيل سوى الضغط على إسرائيل، وهو أمر مستبعد بشدة في ضوء الأولويات الأميركية، ودور قوى الضغط المؤيدة لإسرائيل، والفاعلة داخل المجتمع الأميركي بما في ذلك في قيادة الحزب الديمقراطي والإدارة الجديدة. لذلك فإن أقصى ما يمكن أن تفعله الإدارة الجديدة هو إدارة الأزمات ومحاولات استكشاف فرص تجديد المفاوضات، وربما لجم اندفاع نتانياهو لتنفيذ مخططات الضم، وقد أوكلت الإدارة مهمة متابعة هذا الملف للدبلوماسي ذي الأصل العربي هادي عمرو، ومرجعيته الدبلوماسية ويندي شيرمان، ويبدو أن الرئيس ونائبته لن ينشغلا بهذا الملف أكثر من المتابعة العامة. ربما تحاول الإدارة الأميركية الجديدة إذن تذكير نتانياهو بضرورة احترام القواعد والأصول، وترويضه ليتذكر أن في البيت الأبيض الآن رئيسا جديدا اسمه جو بايدن وليس دونالد ترامب، فسياسات الولايات المتحدة الكونية تحددها مصالح الولايات المتحدة التي تنظر لها من منظور عالمي وليس من زاوية مصالح إسرائيل المباشرة والضيقة فقط.
#نهاد_ابو_غوش (هاشتاغ)
Nihad_Abughosh#
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
إسرائيل والعملاق الصيني: علاقات متنامية محفوفة بالحساسيات وا
...
-
العالم وفلسطين ما بعد الكورونا
-
خلفيات معارضة اسرائيل للاتفاق النووي وتهويل الخطر الإيراني
-
حراك المحامين وإحياء المجتمع المدني
-
النضال الكلامي والاستعراضي
-
العلاقات االروسية الاسرائيلية: الخلافات لا تفسد للمصالح قضية
-
مشاركة القدس والمقدسيين عنوان لنزاهة الانتخابات
-
لا بديل عن الانتخابات لتجديد الشرعية
-
العلاقات التركية الاسرائيلية: مصالح عميقة وتوتر فوق السطح
-
كيف نهزم أنفسنا؟
-
انقلاب السحر على نتنياهو
-
صناعة السلاح الإسرائيلي قاطرة للنمو ومدخل للنفوذ
-
لا تتركوا المقدسيين وحدهم!
-
إسرائيل تتغلغل شرق أوروبا لتطيل قرارات الاتحاد الأوروبي ودعم
...
-
القدس في مهب التهويد والتطهير العرقي
-
إسرائيل العنصرية تراود القارة السمراء
-
اسرائيل: يمينا در!
-
شعب فلسطيني موحد أم تجمعات سكانية؟
-
قرار العودة للتنسيق الأمني ومخاطره على المصالحة
-
الجيش الإسرائيلي مركز السياسة والمجتمع في إسرائيل
المزيد.....
-
لوبان لا تستبعد استقالة ماكرون
-
ترامب يوقع أول قانون بعد عودته إلى المنصب
-
10 شهداء في مجزرة ارتكبها الاحتلال الإسرائيلي ببلدة طمون بال
...
-
إسرائيل تعترف باستهداف فلسطينيين في غزة رغم اتفاق وقف إطلاق
...
-
تحول تاريخي في سوريا.. تشكيل إدارة جديدة وإنهاء ستة عقود من
...
-
كيف يستعد الجنود من المتحولين جنسيًا لمواجهة ترامب بإعادة تش
...
-
الصين تحتفل ببداية عام الأفعى وسط طقوس تقليدية وأجواء احتفال
...
-
توجيه إسرائيلي لمعلمي التاريخ بشأن حرب أكتوبر مع مصر
-
الجزائر تسلم الرباط 29 شابا مغربيا كانوا محتجزين لديها
-
تنصيب أحمد الشرع رئيسا انتقاليا لسـوريا
المزيد.....
-
الخروج للنهار (كتاب الموتى)
/ شريف الصيفي
-
قراءة في الحال والأداء الوطني خلال العدوان الإسرائيلي وحرب ا
...
/ صلاح محمد عبد العاطي
-
لبنان: أزمة غذاء في ظل الحرب والاستغلال الرأسمالي
/ غسان مكارم
-
إرادة الشعوب ستسقط مشروع الشرق الأوسط الجديد الصهيو- أمريكي-
...
/ محمد حسن خليل
-
المجلد العشرون - دراسات ومقالات- منشورة بين عامي 2023 و 2024
/ غازي الصوراني
-
المجلد الثامن عشر - دراسات ومقالات - منشورة عام 2021
/ غازي الصوراني
-
المجلد السابع عشر - دراسات ومقالات- منشورة عام 2020
/ غازي الصوراني
-
المجلد السادس عشر " دراسات ومقالات" منشورة بين عامي 2015 و
...
/ غازي الصوراني
-
دراسات ومقالات في الفكر والسياسة والاقتصاد والمجتمع - المجلد
...
/ غازي الصوراني
-
تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ
/ غنية ولهي- - - سمية حملاوي
المزيد.....
|