حيدر سالم
الحوار المتمدن-العدد: 6811 - 2021 / 2 / 11 - 11:42
المحور:
الادب والفن
توجد صلاة بالإنابة ، تعطي لشيخ نقودا مقابل أن يقضي صلاتك أو صومك، أو حج بالإنابة على نفس الشاكلة.
منذ ما يقارب السنة بدأتُ أعيش مراهقتي بالإنابة، بدأ الموضوع مع مسلسل sex education ، و هو من إنتاج Netflix,l، المسلسل من جزئين، عن مراهقين في ثانوية ببريطانيا، مدرسة مثل الخيال، كل شيء فيها منظم، الصفوف مثل الوجوه، و المناهج مثل المستقبل، أقارن الآن مع مدرستي، الوجوه أيضا مثل الصفوف ، شاحبة و خائفة وجائعة ، المدرسة بريطانية يحيطها بستان، المدرسة هنا عراقية ( و النعم ) يحيطها صبات كونكريتية على سياجها زجاج مدبب و اسلاك شائكة، الكادر بريطاني مع لابتوب ، الكادر عراقي مع عصا ملفوفة بلاصق أسود.
أعيش الان مراهقتي و كل ما أحبه أن الفتى لا يضطرب حين يرى فتاةً، و لا يفكر بأنه أحبها ، و أحب كل من مرت بجانبه ( مكرودة ) قد تشتري الخبز من ركن الشارع، قدمي ترتجف كلما طالعت وجوههن من شاشة هاتفي ، بريطانيات يدرسن في مكان به حمام.
و للحمام إيقاع خاص بداخلي ، كنا نركض ، يضرب أحدنا الاخر بقوة ،لنشرب الماء من الحنفيات الصدئة، ذات يوم قال لنا أحد أهم اشقياء الإبتدائية ؛ إن خزانات الماء فيها جرذان ميتة، و حفاظات أطفال ممتلئة بالقذارة، و أشياء أخرى كثيرة، لكن شقي آخر نهره و كاد يشج رأسه لعل ذلك بدافع الغيرة من معلومته الاستخباراتية الخطرة، و قال له ( هذا ماء الله ) ، و مجرد أن تسمع كلمة الله إنتهى الصراع ، كل شيء من الله نقي و صالح ، فشربنا.
المدرسة البريطانية بها حمام، دوش ساخن بعد كل مباراة ، منشفة لك، و شامبو ، و الأهم أن لك خزانة بكلمة سرية أو مفتاح بإمكانك أن تضع بها حاجاتك الخاصة ، لانك في مكان بريطاني فهو يخصك و ملكك كبيتك، أنت مالك له و بإمكانك أن تضع اشياءك فيه، و حينما تضعها فأنت تودع جزء منك في المكان، بل تضع كيانك كله ، فهو بإختصار ملكك، أما في مدرستنا العراقية فأنت تدخل بجلاق و تخرج بدفرة على وجهك المضطرب من الجوع و مواجهات القتال مع الأميركان، و الطائفية و المفخخات.
لست وحدي من يعيش مراهقته مع Netflix بل صارحني عدة أصدقاء بهذا.
شكرا Netflix لقد أعدتي لي سنوات مسروقة.
#حيدر_سالم (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟