|
حرب لبنان واستقطاب القوى والمحاور الرجعية في المنطقة
طه معروف
الحوار المتمدن-العدد: 1622 - 2006 / 7 / 25 - 12:04
المحور:
الارهاب, الحرب والسلام
ما يفعله الآن حزب الله ومنظمة حماس الأسلامية بوجه الدولة الأسرائيلية المغتصبة والمحتلة تحت ذريعة مقاومة المحتل والذي أدى ضمن ما ادى إلى إحراق وتدميرالبنية التحتية للبنان ونزوح نصف مليون انسان بالاضافة الى مئات القتلى واعداد كبيرة من الجرحى والمنكوبين ، هي خدمة جلية تقدمها تلك المنظمات لتمهيد الطريق امام الجمهورية الاسلامية الايرانية لتصبح محورا رئيسيا في هذه المنطقة في مواجهة امريكا واسرائيل. وإن هذا الأستقطاب الرجعي بين ايران وهاتان المنظمتان الارهابيتان اللتان تبنتا سياسة القتل والحرب والأرهاب وإغتصاب حقوق الجماهير تحت مسميات مقاومة الأحتلال الكاذبة ،هو مؤشر لتحويل القضية الفلسطينية واللبنانية إلى رهينة بأيدي الأسلاميين وخصوصا ايران بوصفها قلعة للأسلام السياسي بشقيه السني والشيعي مثلما اشار حسن نصرالله ، عندما اعلن بان حربه الرجعية هي حرب من أجل أبناء محمد وعلي . إن عملية إختطاف جنود إسرائليين ليس لها علاقة بتبادل الأسرى المزعومة وانما هي مؤامرة دبرت في مساجد جمهورية ايران الاسلامية لتوريط المنطقة في الحروب والأزمات المعقدة بما تخدم سياساتها الرجعية الداخلية والخارجية ومشروعها لتصدير الارهاب الاسلامي عن طريق أشد المنظمات الأرهابية في المنطقة وإن احداث لبنان الدامية الاخيرة هي نتيجة إستقطاب هذا المحورالاسلامي الرجعي في المنطقة في مقابل محور آخرهو بصدد التبلور؛ المحور المصري السعودي الاردني المتحالف مع امريكا الذي أدان المحور الايراني ودور حزب الله قبل ان يدين الاعتدائات الاسرائيلية على الجماهير اللبنانية والفلسطينية ،وهذا المؤشر يدل على مدى خطورة الاوضاع وتعميق الصراعات الرجعية في المنطقة وان هذا الاستقطاب الرجعي في ظل المد الاسلامي له نتائج كارثية على الجماهير لا تقل في عنهجيتها عن تلك الكوارث التي ألحقت بها ايام حرب خليج الاولى و التي لا تزال تدفع ثمنها. وفي المقابل أعلنت اسرائيل عن حرب طويلة الأمد في المنطقة( كإستجابة) لمحور الأسلاميين بقيادة ايران واستغلت موضوع اختطاف الجنديين كذريعة لاشعال هذه الحرب وباشرت بتدمير لبنان وفق حاجة ومطلب المحور الايراني، لفرض اجواء الحرب والدمار على المنطقة .إن ما يجري الآن في لبنان هو ثمرة لهذه الاستقطاب الاسلامي الرجعي وهي خطوة في مسار توسيع رقعة الحرب و الصراع من افغانستان والعراق الى لبنان في اطار الصراع الامريكي الاسرائيلي مقابل القطب الايراني الاسلامي للقضاء على الاستقرار و اسس الحياة المدنية في المنطقة .إن الاسلاميين اصبحوا قوة بفعل سياسة دولة اسرائيل المحتلة و امريكا تقوم بتغذيتها في المنطقة وان العراق مثال حي على ما نقول عندما قدمته امريكا على طبق من ذهب للاسلاميين ولذلك فان هدف حرب امريكا واسرائيل على لبنان ليس تقويض حزب الله وحماس وباقي الحركات الاسلامية الاخرى او القضاء عليها وانما توريط المنطقة في حالة الحرب الدائمة لتحقيق مصالحهما القذرة على حساب حياة وارواح ملايين الناس العزل الذين تحولوا الى وقودا لماكنة حرب اسرائيل و امريكا والحركات الاسلامية الارهابية وهذا هو المعنى الحقيقي لسياسة الامريكية الاخيرة حول"الشرق الاوسط الجديد" .إن الحديث عن السياسة الامريكية الجديدة في الشرق الاوسط في ظل تواجد قوى الاحتلال في العراق والتلاعب بالقضية الفلسطينية وتعليقها في مصير مجهول ،هو إدعاء امريكية خادعة قديمة في المنطقة وخطوة في اتجاه تقسيم منطقة شرق الاوسط باتجاه ترسيخ سياسة التدمير الامريكية والاسرائيلية مقابل الاسلام السياسي لزعزعة الامن والاستقرار بما تخدم طرفي النزاع لبقاء المنطقة الشرق الاوسطية في الدوامة العنف والارهاب والغليان السياسي. إن المواجهة بين امريكا وايران انتقلت من العراق الى لبنان ويبدو القتال المتصاعد بين طرفا الصراع بلا نهاية حيث تشهد العراق حربا يوميا مستمرة دون مؤشر على وقفها وغياب الافق السياسي امام امريكا في العراق للخروج كقوة منتصرة، دفعته لإختيار لبنان وتحريك اسرائيل للحرب عليها وحزب الله من جانبه( قدم الجميل للاسرائيل) ،عندما اعطى له مبررا هزيلا لضرب لبنان لتحويلها الى انقاض وها هو حزب الله (دولة الميليشيات المسلحة داخل الدولة اللبنانية) يشييد بهذه الحرب ويقتطف ثمراتها ويتحدث باسم الجماهير اللبنانية وهي التي اصببحت رهينة في ايديه ويقودهم بصورة وحشية الى حرب ودمار رغم ارادتها و رغم انها ليست طرفا فيها. على صعيد اخرهناك قلق في المحور السعودي المصري الاردني نتيجة تهميشهم في الساحة الفلسطينية واللبنانية و خروج القضية الفلسطينية من ايديهم للمتاجرة بها كما في السابق حيث نقلت هذه المتاجرة الى ايدي ايران والاسلاميين وتراجع نفوذهم السياسي على المحور الآخر الى حد كبير مما أدى بهم التحرك تحت المظلة الامريكية لمواجهة مد المحور الايراني الاسلامي واصفين اعمال حزب الله بالمحسوبية ايدتهم جامعة الدول العربية ايضا بغية منع تقدمهم وسيطرتهم على الاوضاع السياسية ورفعوا شعارات حول مطامع الدولة الفارسية في المنطقة وايدتهم على الفور امريكا وبريطانيا واسرائيل بهدف زجهم في هذه الحرب والصراع الرجعي لضمان استمرارها و للابقاء على المنطقة نقطة ساخنة وساحة حرب الى امد طويل وفق مصالح الاطراف المتنازعة التي تستخدم قضية لبنان وفلسطين كورقة لتصفية حساباتها السياسية . وفي مثل تلك الضروف التي تمر بها المنطقة تحتاج ايران لهكذا حرب ،حاجة الانسان للهواء ، للأستمرار في صراعها بهدف خداع الجماهير الايرانية وعرقلة نضالها من اجل سقوطها واذا كان مؤتمر- كوادلوب الفرنسية- برعاية امريكا والغرب، في السبعينات من القرن الماضي، وفرالدعم للاسلاميين في ايران لقمع الثورة و القضاء عليها لوقفها في نصف الطريق ،فان الحرب الاسرائيلية الامريكية على العراق و لبنان وفلسطين اعطت لها الدعم لظهور كدولة فاشية اسلامية مهيمنة في المنطقة وكطرف اساسي في تحديد مصير وقضايا الجماهير بطريقتها الاسلامية الخاصة على النمط العراقي بهدف الاستمرار والحفاظ على مكانتها السياسية . إن ضرب جماهير لبنان بهذه الطريقة الوحشية من قبل دولة اسرائيل المحتلة من البر والبحر والجو يؤكد مرة اخرى عداء دولة اسرائيل وامريكا لقضايا جماهير لبنان وفلسطين حيث بات منطق القوة ولغة التهديد واستخدام الآلة العسكرية الوحشية هو السبيل الوحيد في تعاملهم مع الازمات والصراعات التي يشعلونها منذ امد طويل وان الحركات الاسلامية في فلسطين ولبنان وفي المنطقة عموما تتغذى على هذه السياسة، لإغفال وتعبئة الجماهير في صفوفها ،ولولا هذه السياسة الامريكية الاسرائيلية العدوانية لكانت الحركات الاسلامية من اضعف الحركات السياسية في المنطقة ان لم تكن محل سخرية الجماهير بسبب عدائها و تناقضها الصميمي مع تطور ومسيرة التقدم البشرية المتمدنة في المنطقة . طه معروف 23-7-2006
#طه_معروف (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
الأحزاب القومية الكردية في تسعى لإستكمال مستلزمات الحرب الأه
...
-
هل يمنع استمرار الاحتلال نشوب الحرب الاهلية في العراق؟
-
النموذج الامريكي لتحررالمرأة العراقية؟
-
أيان هيرسي علي في ميزان الديمقراطية الغربية
-
مخاطر الأحزاب القومية الكردية على نضال و حقوق جماهير كردستان
...
-
حتمية الخيار العسكري الامريكي ضد ايران
-
من الذي يقرر مصير العراق؟
-
حول دراسة معهد كارينغي الامريكي؛ المطالبة بمحاورة الاسلاميين
-
هل تنحي ابراهيم الجعفري عن الرئاسة هو الحل ؟
-
بصدد التصريحات الديماغوجية للائمة الشيعة في العراق
-
معارك الجثث هي معارك لكسب الجماهير بأبشع الطرق البربرية
-
!هذا ما كان ينقص العراق
-
اوضاع المرأة في ظل افغنة العراق
-
مأزق تشكيل الحكومة العراقية
-
مريوان حلبجيي امام تهديد الاسلاميين في كردستان
-
الاسلام السياسي يعبرالحدود لمواجهة حرية الرأي والتعبير
-
النكسة الثالثة للقضية الفلسطينية :على هامش فوز حماس في الانت
...
-
الطالباني يشترط صلاحيات اوسع للرئاسة
-
بصدد مؤامرة الانتخابات الامريكية الاخيرة في العراق
-
ضحايا الحزب -الشيوعي-العراقي بطلاقات الاسلاميين وبنادق الحزب
...
المزيد.....
-
-لقاء يرمز لالتزام إسبانيا تجاه فلسطين-.. أول اجتماع حكومي د
...
-
كيف أصبحت موزة فناً يُباع بالملايين
-
بيسكوف: لم نبلغ واشنطن مسبقا بإطلاق صاروخ أوريشنيك لكن كان ه
...
-
هل ينجو نتنياهو وغالانت من الاعتقال؟
-
أوليانوف يدعو الوكالة الدولية للطاقة الذرية للتحقق من امتثال
...
-
السيسي يجتمع بقيادات الجيش المصري ويوجه عدة رسائل: لا تغتروا
...
-
-يوم عنيف-.. 47 قتيلا و22 جريحا جراء الغارات إلإسرائيلية على
...
-
نتنياهو: لن أعترف بقرار محكمة لاهاي ضدي
-
مساعدة بايدن: الرعب يدب في أمريكا!
-
نتانياهو: كيف سينجو من العدالة؟
المزيد.....
-
لمحات من تاريخ اتفاقات السلام
/ المنصور جعفر
-
كراسات شيوعية( الحركة العمالية في مواجهة الحربين العالميتين)
...
/ عبدالرؤوف بطيخ
-
علاقات قوى السلطة في روسيا اليوم / النص الكامل
/ رشيد غويلب
-
الانتحاريون ..او كلاب النار ...المتوهمون بجنة لم يحصلوا عليه
...
/ عباس عبود سالم
-
البيئة الفكرية الحاضنة للتطرّف والإرهاب ودور الجامعات في الت
...
/ عبد الحسين شعبان
-
المعلومات التفصيلية ل850 ارهابي من ارهابيي الدول العربية
/ خالد الخالدي
-
إشكالية العلاقة بين الدين والعنف
/ محمد عمارة تقي الدين
-
سيناء حيث أنا . سنوات التيه
/ أشرف العناني
-
الجدلية الاجتماعية لممارسة العنف المسلح والإرهاب بالتطبيق عل
...
/ محمد عبد الشفيع عيسى
-
الأمر بالمعروف و النهي عن المنكرأوالمقولة التي تأدلجت لتصير
...
/ محمد الحنفي
المزيد.....
|