|
بيروت مربع الوجود والبقاء والحياة
أحمد الناصري
الحوار المتمدن-العدد: 1622 - 2006 / 7 / 25 - 12:04
المحور:
الارهاب, الحرب والسلام
( لبيروت .. من قلبي سلام لبيروت .. وقبل للناس والبحر والبيوت ) فيروز بيروت يا سيدة وعروس المدن ، وياسيدة النساء الجميلات، بيروت يا بنت السلالات النادرة .. بيروت يا زهرة الحياة البحرية، بيروت جنة أرضية حقيقية أقامها الإنسان في شرق المتوسط العربي، من ماء ورمل وخرافة وثقافة وتاريخ باذخ ومفتوح، بيروت صلة قائمة ومستمرة عبر التاريخ الطويل والمتحقق، بيروت مدينة تقيم بين الماء والسماء، كما تقيم الصلة بين الأرض والسماء أيضاً، بيروت محارة وفنار الشرق الشاهق.. بيروت السواحل والبواخر وسفن الصيد والمخيمات المؤقتة على جلد التاريخ القومي .. بيروت مدينة فيروز والرحابنة ومارسيل خليفة ونضال الأشقر وأنسي الحاج وبول شاؤول وزياد رحباني وطلال سلمان ومهدي عامل حسين مروه وجورج حاوي وسمير قصير ومحمد حسين فضل الله، وكل الأسماء والوجوه الذكية التي حملت معاني ورائحة المدينة عبر الزمن الجميل والمر، كما عبر الزمن البطئ والمتلكأ ، بيروت مدينة الفقراء والبسطاء والحفاة، بيروت مدينة التناقض والضوء والعتمة، وهي مدينة الصّياع والضّياع والسراق والخونة ... وبيروت مربع المقاومة العربية الدائمة، الثقافية والعسكرية والحضارية، والتي تستدعي فوراً ومباشرةً مربع الصراع والرعب والفناء والتدمير الشامل.. بيروت مربع المحرقة والهلكوست الحقيقي البشع. آلاف الطلعات الجوية وآلاف الأطنان من الحديد القاتل والحمم القاتلة ، يقذفها طيران العدو، على البشر والحجر، وقنابله الأمريكية الذكية تطارد الأطفال فقط، لكي لايقاوموا أو يرفضوا في المستقبل. لكن بيروت ليست صخرة هشة ورخيصة، وبيروت ليست المربع الأخير، وليست الحائط الأخير، حيث كل مقاوم يبني دريئته الجديدة، ويطلق بياناته ورصاصاته وأقماره وقصائده، بعد إن يبصق ويدوس على التخاذل، وحيث إن تاريخ المنطقة تعبير عن صراع مرير فرضة العدو الداخلي والخارجي علينا، ولايوجد خيار آخرللإنسان غير أمل البقاء ضد الفناء، وقرار البقاء ضد رعب الإلغاء، للبشر والحجر والقصائد . بيروت المدينة الفارهة، مدينة باذخة بالقصائد والزهوروالجمال، مدينة التاريخ والثقافة والمسرح والشعر الحديث، مدينة التقدم والبحر والملح والأمل ، مدينة المقاومة ، تسحقها الآن الآلة العسكرية الصهيونية والأمريكية ، ويدنسها المارينز من جديد ، بمهمات ( إنسانية ) وتجسيسة لصالح ( الكيان المعادي) . ولكن هل نحج المارينز في ال 83 ؟؟ ليتذكروا الدرس القاسي . هل نجح المارينز في الصومال المحطمة والمقسمة ؟؟ وهل نجح إتفاق 17 آيار المشبوه ؟؟ وهل نجحت الإجتياحات المتواترة لإرضنا لتمريروفرض مشيئة العدو ؟؟ وهل نجح المارينز في الرمادي ؟؟ وماذا عن أخلاق جنود الإحتلال في سجن أبوغريب وغوانتنامو؟؟ إنني أتعمد الربط بين الجرائم الصهيونية والجرائم الأمريكية ضد شعوبنا ، وهوليس ربط تعسفي أو مفتعل، إنهما من أصل وجذر واحد، وإلا كيف نفسر موقف وأصرار الإدراة الأمريكية وعلى لسان بوش ورايس وبولتون، وقد كان قبلهم كيسنجر وشولتز وفيليب حبيب ( الذي دوخه عرفات )، وكل الأسماء القذرة الأخرى، إن ماتقوم به إسرائيل من بشاعات وجرائم ضد الإنسانية، هو دفاع مشروع عن النفس !! لقد سقطت قرية مارون الراس الآن بيد العدو، بصد صمودرائع وطويل بالحسابات العسكرية التقليدية، وبعد إن قاتل المقاومون ببسالة نادرة، وهاهم يستعدون لحرب عصابات طويلة، من المؤكد إنهم أعدو وإستعدوا لها ، أو يمكن الإعداد لها بعد هذه التطورات الميدانية الجديدة ، وهم يعرفون ويملكون الأرض، بينما العدو يمتلك السماء ، ويستطيع أن يدمر ويقتل عن بعد، لكن النتائج تقرر على الأرض في النهاية .إن حرب العصابات، وحرب المقاومة المتحركة، وليس الحرب الجبهوية التقليدية، هي الحل السحري لهزيمة العدوعبر إستنزافه، وللمقاومة اللبنانية بكل أطيافها تجربة عميقة وكبيرة لإنهاك وتحطيم العدو، وهنا تقف الى جانبها كل الفصائل الفلسطينة بخيرتها التاريخية ، وخاصة الجبهة الشعبية، والجبهة الشعبية القيادة العامة وفتح، وجميع الفصائل الفلسطينة واللبنانية الأخرى . الكيان الصهيوني العنصري، خارج على القانون والثقافة، وهو أصلاً خارج على التاريخ السياسي الطبيعي للإنسانية وتكوين الأوطان والدول، رغم الدعم والتغطية الأمريكية، وهو تكوين غير طبيعي، ووجود غير طبيعي، يحاول لوي عنق الواقع والحقائق، بواسطة القوة العسكرية الغاشمة الممزوجة بخرافة دينية ملفقة، وبواسطة عنجهية كاذبة ، تستغل العجز العربي الرسمي، والدونية الرسمية السافلة، التي تتبع وتنصاع للسيد الأمريكي ، وإلا كيف يمكن تفسير وشرح مايجري، في تفاصيل الصراع مع هذا العدو الغاشم ؟؟ الكيان الصهيوني العنصري، يمارس جرائم ضد الإنسانية ، ويمارس محرقة حقيقية ، وإبادة جماعية شاملة ضد الشعب الفلسطيني، وضد الشعب اللبناني، وكل شيء موثق ومسجل ومنقول على الهواء مباشرة، وهذا الكيان ومن يسانده، سوف يعجز عن إنكار ولفلفة هذه الجرائم وتبريرها امام محكمة التاريخ القادمة . بيروت الآن بلا مستشفيات تكفي للجرحى، وبلا ثلاجات تكفي لحفظ جثامين الضحايا ، بيروت بلا مقابر تكفي لموراة الشهداء ، بيروت بلا خبز يكفي للجياع، بيروت بلاماء ولا دواء كافي للناس وللأطفال، بيروت بلا إغاثة عالمية ، بيروت بلا ملاجئ ومدارس تستوعب اللاجئيين ، وبيروت بلا مسارح توقد فيها شمعة الثقافة والنور والحياة، مادامت الشركة والشراكة الأمريكية والصهيونية، تنتج وتصدر السلاح، لتستمر دورة الأرباح المخيفة لصالح أصحاب الشركة،هذا تلخيص مبسط لحكاية الإستغلال والصراع العالمية، وكيف تدور ماكنة الحروب والسيطرة والإستغلال، حتى بواسطة أساليب العبث، والكل يتذكر كيف دارت وإستمرت الحرب العبثية الغبية ، أقصد الحرب العراقية الإيرانية، وكم حصدت من البشر ؟؟ وكيف توقفت أخيراً ؟؟ إذن الشركة البعيدة هي التي تستدعي وتطلق وتنتج الحروب العدوانية ، ومنها هذه الحرب القذرة على لبنان .. ولكن كيف لنا أن نصد هذا العدوان ؟؟ وكيف لنا أن نقاوم ؟؟ فلنفكر بالمقاومة كجسر للحياة. أما حكاية النظام العربي الفاسد، أو المحور الغبي كما أرغب في تسميته، فهي حكاية وقصة غريبة وبائسة في تفاصيلها ، فكيف تتصور معي، نظام عربي بائس من غير حلم أو أمل أوثقافة أو( نباهة) أو إحساس بسيط بما يحيط به ويجري حوله، عدا الهاجس الأمني القاتل وتفاصيل الوجود من أجل البقاء ( الحيواني) الإستهلاكي الفج، ولا شيء آخر، إنه نظام من صخر أصم سقط في الفراغ التاريخي، ولاأريد أن أقول سقط في مكان آخر أكثربشاعة وقرفاً، يقوده ( بنادره ) سفله أجلاف وقساة، بلا عقول أوقلوب إنسانية . هل تسحق وتلغى هذه الأمة والشعوب والمنطقة ببساطة وسهولة، هل ستعود الى الهيمنة التامة والعلنية، وحسب التوقيت والمخطط الجاري؟؟ وهل سينشأ على أنقاضها الشرق الأوسط الجديد؟؟ هنا لابد لي للعودة واللجوء الى المنهج الماركسي التاريخي، والذي يعطي أفقاً خاصاً لتحليل الوضع الراهن من النواحي الإجتماعية والإقتصادية والنفسية والأخلاقية ، حيث إن الماركسية تتابع وتراقب كل الظواهر وتطبيقاتها، وهي تساهم في تكوين الوعي الإجتماعي التاريخي المتطور، وتكوين عناصر الحركة والصراع، والماركسية تقول بالصراع والتناقض الداخلي والخارجي وإنتقاله نحو البناء والتطور، والصراع المتعدد والمتصاعد، ومادام الصراع في حالتنا الراهنة، هو صراع من أجل التحرر الوطني، الذي يحقق إرادة الإنسان والشعوب، وهو ما تفوقت به الماركسية الحقيقية وليس التقليدية والمزيفة، فإننا في حالة تحرر وطني حقيقي، علينا أن نطرح برامجنا الوطنية لمواجهة هذه الإجتياحات المستمرة، برامجنا الفكرية والثقافية والسياسية والعسكرية، لكي ندافع عن مصالح الناس وحقوقهم، بوجه الهيمنة الخارجية والإستبداد الداخلي والجهل والتخلف والطائفية وكل طبقات الخراب المريع .
معركة الجنوب وبيروت ليست المعركة الأخيرة، وليست المعركة الفاصلة، والصراع مستمر حتى يتقلص ويسقط الغيتو العنصري الصهيوني في النهاية، ويبقى اليهود العرب في مكانهم وفي أرضهم ، أما اليهود الأجانب فلهم خيار الرحيل أو البقاء تحت شمسنا الجميلة، لكن وفق الشروط الإنسانية الخاصة لشعوب المنطقة، التي لم تساهم أو تخلق مشكلتهم أصلاً، بل أن نموذج الأندلس ومؤسساته الحضارية المعروفة العربية – الإسلامية، كان نموذجاً باهراً في التعامل مع اليهود، وسط خراب عالمي شامل في ذلك الزمان الغابر، سيظل التاريخ مفتوح على أفق إنساني رحب، يحقق إنسانية الإنسان، بإعتباره القيمة المركزية الحقيقية . القنابل الإستراتيجية تتساقط بكثافة على بيروت والجنوب وكل لبنان، والمحرقة العنصرية تشتد، والسيارات الطائفية والمشبوهة تتفجر في بغداد والمدن العراقية الأخرى، الى جانب قذارات الإحتلال ( إستعارة لكن حقيقية من تعبير بوش في قمة الثمانية )، والمدن الأخرى تعاني من الجوع والإستبداد والتهميش والعزل .. لكننا هنا ولدنا .. وهنا نقاوم ... وهنا نصنع التاريخ ونحيا.. وهنا نموت أيضاً، ثم تنهض بقايانا شجرة للحياة ... ( بيروت يا بيروت دخلك لاتنحني )
ملاحظة: كنت قد أعددت موضوعاً هاماً جداً بالنسبة لي، بعنوان ( يوم عراقي قائض ودموي ) يحكي عن قصة وتجربة إعتقالي الدامي في يوم 21 تموز عام 79 في بغداد بالتفصيل، على يد أزلام السلطة الفاشية في الأمن العام، آثرت تأجيله بسبب الأحداث الدامية في المنطقة، وفي لبنان خاصة ، على أن أعود لنشره في وقت قريب جداً .
أحمد الناصري
#أحمد_الناصري (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
المنطقة تحترق والعالم الرأسمالي يتفرج وينتظر ويخطط للمستقبل
-
مراجعة للماضي القريب - آثار الحقبة الفاشية والحروب والحصار و
...
-
غزة خيمتنا الأخيرة .. غزة خيمتنا الجديدة !!
-
كلمة : ملاحظات أولية بصدد ما يسمى - مشروع المصالحة والحوار ا
...
-
كلمة : المذابح مستمرة ، ودائماً هناك شاهد وكاميرا !!
-
رسالة مفتوحة : الوطن تحت الخطر الداهم ، وفي الدرجة الحرجة .
-
كلمة : مذبحة مدينة حديثة من منظور وطني وقانوني وإنساني
-
كلمة : بلير والنفاق السياسي بين المزرعة الخضراء والبيت الأبي
...
-
عن الحرب والحب . أو كيف نرتق الجرح ؟؟
-
رسائل واستغاثات من الوطن ، وقضية أخرى .
-
حكمت السبتي : صوت مغسول بالماء وممزوج بالحنين والطقوس الجنوب
...
-
كلمة : هل سقط الاحتلال ؟؟
-
تنوية وتصحيح وإعتذار - عن الشهيد منتصر
-
كلمة : الاتجاه الرئيسي للوضع السياسي في بلادنا وتعمق مأزق ال
...
-
بشتآشان : مكان خالد في الذاكرة الوطنية
-
حال المدن العربية البائسة كإنعكاس للوضع العربي المتردي
-
تهنئة وتحية وسلام الى محسن الخفاجي
-
رسالة جوابية الى الأخ والصديق حسقيل قوجمان .. الستالينية باع
...
-
دفاعاً عن حياة وحرية الدكتور أحمد الموسوي
-
في ذكرى تأسيس الحركة الشيوعية العراقية .. بعض التجارب والدرو
...
المزيد.....
-
-لقاء يرمز لالتزام إسبانيا تجاه فلسطين-.. أول اجتماع حكومي د
...
-
كيف أصبحت موزة فناً يُباع بالملايين
-
بيسكوف: لم نبلغ واشنطن مسبقا بإطلاق صاروخ أوريشنيك لكن كان ه
...
-
هل ينجو نتنياهو وغالانت من الاعتقال؟
-
أوليانوف يدعو الوكالة الدولية للطاقة الذرية للتحقق من امتثال
...
-
السيسي يجتمع بقيادات الجيش المصري ويوجه عدة رسائل: لا تغتروا
...
-
-يوم عنيف-.. 47 قتيلا و22 جريحا جراء الغارات إلإسرائيلية على
...
-
نتنياهو: لن أعترف بقرار محكمة لاهاي ضدي
-
مساعدة بايدن: الرعب يدب في أمريكا!
-
نتانياهو: كيف سينجو من العدالة؟
المزيد.....
-
لمحات من تاريخ اتفاقات السلام
/ المنصور جعفر
-
كراسات شيوعية( الحركة العمالية في مواجهة الحربين العالميتين)
...
/ عبدالرؤوف بطيخ
-
علاقات قوى السلطة في روسيا اليوم / النص الكامل
/ رشيد غويلب
-
الانتحاريون ..او كلاب النار ...المتوهمون بجنة لم يحصلوا عليه
...
/ عباس عبود سالم
-
البيئة الفكرية الحاضنة للتطرّف والإرهاب ودور الجامعات في الت
...
/ عبد الحسين شعبان
-
المعلومات التفصيلية ل850 ارهابي من ارهابيي الدول العربية
/ خالد الخالدي
-
إشكالية العلاقة بين الدين والعنف
/ محمد عمارة تقي الدين
-
سيناء حيث أنا . سنوات التيه
/ أشرف العناني
-
الجدلية الاجتماعية لممارسة العنف المسلح والإرهاب بالتطبيق عل
...
/ محمد عبد الشفيع عيسى
-
الأمر بالمعروف و النهي عن المنكرأوالمقولة التي تأدلجت لتصير
...
/ محمد الحنفي
المزيد.....
|