|
خواطر تحت أشعة الشمس
محمد أحمد الزعبي
الحوار المتمدن-العدد: 6810 - 2021 / 2 / 9 - 21:28
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
24.11.2019 اعتدت على النهوض المبكر يومياً وذلك لكي ألتهم الدواء الذي ألزمني به أحد الأطباء والذي هو دواء " أرذل العمر " الذي وصلت إليه . وفي إطار عادة يومية أخرى ورثتها عن المرحوم والدي ، أقوم بعد تناول الدواء بتحضير القهوة المرة ، التي عادة مايزورني بعض الأصدقاء رغبة منهم في تناولها معي أو عندي . ومع فنجان القهوة أنتقل إلى التلفاز ، لأتابع ثورات الربيع العربي في طبعتها الجديدة ، في العراق ولبنان والجزائر والسودان ، وأيضاً لأتابع مجريات الثورة المستمرة في بلدي ووطني سورية .وبينما أنا على هذه الحال ، إذ بأشعة الشمس الدافئة تخترق باب غرفتي الزجاجي ، لتستقر في حضني على حين غرة . لقد انقضى إذن ربيع البحتري ، وقدم فصل الخريف ، الأمر الذي أمكن للشجرة التي كانت تحجب ضوء الشمس عني أن تخلع ثوبها الربيعي الأخضر ، وتقف أمامي يابسة عارية ، الأمر الذي استطاعت معه أشعة الشمس ، ودونما استئذان ، أن تدخل إلى غرفتي بل وإلى حيث أجلس بالذات . لقد ألزمتني هذه الأشعة القوية القادمة من بعيد ، أن أغمض عينيّ، وأن أدع خيالي يسرح ويمرح في أمور الماضي والحاضر والمستقبل كما يحلو له . وكان أن توقف هذا الخيال عند عائلتي ( زوجتي وأولادي الثلاثة ) التي باتت اليوم مشتة بين القارات ، وذلك بسبب خروجي على النص بل قل على الفخ الذي نصبته لنا جميعاً اللجنة الطائفية التي تكونت في القاهرة عام 1959 ( اللجنة العسكرية )، والتي استولت بداية على حزب البعث ومن خلاله على الجيش ، وأخيراً على الحكم . والذي غادرت بسببه سفينة البعث بعد اكتشافي المتأخر قليلاً في كونها غارقة في المياه / الوحول الطائفية القذرة إلى شحمة أذنيها ، وكان هذاعملياً ، منذ تاريخ 26 / مارس / 1967 أي قبل حرب الخامس من حزيران 1967 بأكثر من شهرين . ( أنظر قرار القيادة المرفق/ التالي ، الذي وصلني رسمياً عن طريق المرحوم حاكم الفايز ، عضو القيادة القومية عن فرع الحزب في الأردن ) . ( قامت القيادة بمناقشة ماطرحه الرفيق محمد الزعبي ، في جلسة القيادة يوم 26/3/1967 وقررت شجب ماورد بحديثه من أفكار وعبارات تمس مقررات المؤتمر القومي التاسع ، وتوصيات ومقررات المؤتمرين القطريين الثاني الاستثنائي والثالث ، وما ورد من أسس وشعارات وحقائق في البيان الذي طرحته حركة 23 شباط 1966 كما قررت أن تطلب إلى الرفيق محمد الزعبي أن ينقد نفسه نقداً ذاتياً واضحاً وصريحاً ، وأن يعترف بخطئه وبعدم صحة ماتدل عليه بعض الفاظ حديثه المشار إليه ، وأنه قد قال ذلك عن غير قصد منه )
وبطبيعة الحال ، فأنا لم أستجب لطلب القيادة بالإعتذار ،والقيادة بدورها لم تجرؤ على طردي من الحزب خوفا من اتهامها بالطائفية , وهكذا بقيت داخل وخارج اللعبة الحزبية في آن واحد ، وذلك مابين 26.03.1967 ونهايةحرب حزيران 1967 . وبالعودة إلى موضوع عائلتي : بداية لابد من الإعتراف أنني أتحمل مسؤولية كبيرة حيال المصير الذي آلت إليه هذه العائلة ، بسلبياته وإيجابياته ، والذي يتمثل بصورة أساسية بما يلي : 1.شعوري بالسعادة في أن الله قد أبقاني حياً حتى أشاهد أولادي وقد وصلوا إلى برالأمان ، من حيث الدراسة والعمل والزواج وتكوين الأسرة ، وأيضاً حتى أكحل عيني برؤية أحفادي الذين أحبهم ويحبونني ، ولاسيما الصغيرة ( أندرين ) ابنةالأصغر ( أغين ) . 2. مما يؤسف له ، أن أم أولادي ورفيقة دربي الطويل ، قد توفاها الله في مدينة لايبزغ بألمانيا بتاريخ ( 11.08.2011) ، قبل أن ترى حفيدتها الصغيرة والجميلة ( أندرين ) ابنة أغين ، وأنها قد دفنت حيث توفيت ( في ألمانيا ) بسبب استحالة نقلها إلى سورية ، وتنفيذاً لتوصيتها بأن تدفن قريبة من أولادها ، فليرحم الله هذه المرأة الطيبة والمناضلة . 3. إنني وأنا أقف على أبواب العقد التاسع من العمر ، أوصي أولادي ، ولا سيما كبيره (أيهم ) بأن أدفن عندما تحين ساعتي، إلى جانب قبر أمهم التي سبقتني إلى رحاب الله ، وذلك طمعاً وأملاً في زيارة أولادي وأحفادي لقبرينا ، وقراءة الفاتحة لكلينا معاً . 4. شاءت الظروف ، الخارجة عن إرادتنا جميعا ً،وبعد مغادرتنا سورية بصورة نهائية بتاريخ 29.10.1974 أن نتوزع بين قارأ ت آسيا وأوروبا وأمريكا . وإن وصيتي اليوم لأولادي وأحفادي ، المقيمين في ديار الغربة ، بأن يتكيفوا مع ظروفهم الجديدة ،ومع المجتمعات والبلدان التي يعيشون فيها ، تماماً كما لوأنهم قد ولدوا فيها . 5. ولكن دون أن ينسيهم هذا التكيف جذورهم العربية ، وخاصة لغة آبائهم وأجدادهم ، تلك اللغة التي قال فيها رسولنا الكريم ( ص) قبل وفاته مخاطباً بعض من تطاول على بلال الحبشي وصهيب الرومي المسلمين وندد بأعجميتهما : " أيها الناس ، ليست العربية لأحدكم بأب ولا أم ، ولكنها اللسان ، فمن تكلم العربية فهو عربي " . 6. إن فلسطين ليست قضية الفلسطينيين وحدهم ولكنها قضية العرب والمسلمين جميعاً ، وإذا كان دماء شهداء الربيع العربي ، هي أمانة في أعناقنا كعرب وكمسلمين ،ولا سيما ملايين السوريين منهم ، فإن ملايين الفلسطينيين الذين يعيشون بدورهم في الشتات أو في سجون إسرائيل ، هم أيضاً أمانة في أعناق العرب والمسلمين جميعاً ، و بمن فيهم أعناقكم ياأولادي وياأحفادي ، وسيظلون كذلك أمانة في أعناق الجميع إلى أن يعودوا إلى مدنهم وقراهم وبيوتهم في فلسطين ، في ظل حل إنساني وعادل ، يتماهى مع حكمة ( العدل أساس الملك ) ومع قوله تعالى " ولاتستوي الحسنة ولا السيئة ، إدفع بالتي هي أحسن ، فإذا الذي بينك وبينه عداوة وكأنه ولي حميم " ( فصّلت / 34 ) . 7. وقبل أن تنزاح أشعة الشمس عن عيني نحو الغرب ، وأصبح بالتالي قادراً على فتحهما واستخدامهما ،والانتقال من حالة الإدراك الداخلي ، إلى حالة الإحساس الخارجي ، مرت في خاطري تلك المقابلة التي أجراها الصحفي في قناة RT أفشين راتانسي مع بشار الأسد في قصره الرئاسي (!!) بدمشق بتاريخ 11.11.2019 ، والأجوبة الكاذبة والأكثر من عجيبة لبشار على هذه الأسئلة ، حيث أنكر فيها هذا البشار بصورة تامة ومطلقة ودون أن يرف له جفن ، وجود ممارسة التعذيب في سجونه ( ذات الخمس نجوم !!) ، بل وأنكر حتى وجود سجناء سياسيين أصلاً في هذه السجون (!!) ، كما وحمّل المعارضة ( والتي عادة ما يطلق عليها هو إسماً حركيا يتفق فيه مع بوتن وولي الفقيه هو " الإرهابيون !! " ) مسؤولية استخدامه الموثق للأسلحة الكيماوية في الغوطة الشرقية بتاريخ 21 آب 2013 . لقد أعتبر بشار أن اتهامه باستخدامه السلاح الكيماوي في ذلك التاريخ هوأمر مضحك(!!). إن المضحك والمبكي حقّاً ياسيادة " الوريث " هنا ،هو إنكارك الكاذب لهذه الجريمة البشعة التي ارتكبتها أنت وجيشك الطائفي ( العقائدي !!) بحق من يفترض ( بضم الياء )أنك مؤتمن عليهم . لقد انزاحت أشعة الشمس عن عينيّ الآن ، وفتحتهما ، ليريا آخر خاطرة كانت تمر برأسي ، لم أر هذه الخاطرة بعيني ، ولكنني سمعت صوتاً داخلياً يصيح في أذني ، أقسم بالله يابشار أنك كاذب وابن كاذب ، بل إنك والكذب صنوان ، اللهم اشهد .
#محمد_أحمد_الزعبي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
الربيع العربي في موجتيه وفي لاءاته الثلاث
-
العرب والتطبيع مع إسرائيل
-
حكايات ودلالات
-
حدثان كبيران في يوم واحد
-
الأسدان ومحطات بداية النهاية
-
بشار الأسد ومحطات الصعود إلى القاع
-
هضبة الجولان والمتآمرون الثلاثة
-
علم اجتماع المعرفة بين العلم والفلسفة
-
المطرقة والمسمار
-
موضوعات عامة حول ثورة آذار2011 السورية
-
شر البلية مايضحك
-
ثالثة الأثافي
-
الشمال السوري بين المطرقة والسندان
-
الربيع العربي واللاءات الثلاثة
-
كلمة حول عملية نبع السلام
-
إيران وأذرعها العربية
-
بين المنامة وإدلب خواطر حائرة
-
أنقرة وثلاثي خفض التصعيد
-
مجازر الشمال السوري ومسؤوية الجميع
-
فلسطين ومطرقة السفير
المزيد.....
-
خبير عسكري يكشف سر زيارة زيارة نتنياهو لواشنطن
-
ترامب: لدينا مناقشات مخطط لها مع أوكرانيا وروسيا
-
المهاجم الدولي الجزائري أمين غويري يدعم هجوم مرسيليا
-
المكسيك ترفض البيان الأميركي وترامب يقر بتداعيات الرسوم الجم
...
-
تدشين معبد هندوسي ضخم في جنوب أفريقيا
-
سياسي بريطاني سابق يعلن انضمامه إلى المرتزقة الأجانب في أوكر
...
-
تبون: الجزائر تحافظ على توازن علاقاتها مع روسيا وأمريكا
-
رئيس كوبا: الضغط الأمريكي على المكسيك يهدد استقرار أمريكا ال
...
-
قادة الاتحاد الأوروبي يناقشون تعزيز الدفاع والإنفاق العسكري
...
-
توسك يعلق على تصريحات ترامب حول فرض رسوم جمركية على السلع ال
...
المزيد.....
-
الخروج للنهار (كتاب الموتى)
/ شريف الصيفي
-
قراءة في الحال والأداء الوطني خلال العدوان الإسرائيلي وحرب ا
...
/ صلاح محمد عبد العاطي
-
لبنان: أزمة غذاء في ظل الحرب والاستغلال الرأسمالي
/ غسان مكارم
-
إرادة الشعوب ستسقط مشروع الشرق الأوسط الجديد الصهيو- أمريكي-
...
/ محمد حسن خليل
-
المجلد العشرون - دراسات ومقالات- منشورة بين عامي 2023 و 2024
/ غازي الصوراني
-
المجلد الثامن عشر - دراسات ومقالات - منشورة عام 2021
/ غازي الصوراني
-
المجلد السابع عشر - دراسات ومقالات- منشورة عام 2020
/ غازي الصوراني
-
المجلد السادس عشر " دراسات ومقالات" منشورة بين عامي 2015 و
...
/ غازي الصوراني
-
دراسات ومقالات في الفكر والسياسة والاقتصاد والمجتمع - المجلد
...
/ غازي الصوراني
-
تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ
/ غنية ولهي- - - سمية حملاوي
المزيد.....
|